ماذا حققت المرأة التونسية بعد الثورة

فوزي بن يونس بن حديد
abuadam-ajim4135@hotmail.com

2012 / 11 / 14

ظلت المرأة التونسية بين فكي الأسد بعد الثورة التي أزالت نظاما هو من أعتى الأنظمة العربية التي حاربت الحريات ومزقت حقوق الإنسان، فلا هي حققت ما كانت تصبو إليه بعد أن رفعت شعارات أثناء الثورة وبعدها ولا هي أبقت على رصيدها الذي تحقق طوال السنوات الماضية من حكم بورقيبة وبن علي.
كيف تعيش المرأة التونسية الآن بعد أن كشف القناع وبعد أن ترصدت الحركات الإسلامية خطواتها، ولئن كانت حركة النهضة صريحة منذ البداية بأنها لن تقف حجر عثرة أمام المرأة، ولن تحدّ من حريتها الشخصية فلها أن ترتدي الحجاب ولها أن تنزعه ولها أن تلبس من اللباس ما يستر عورتها، المهم أن يكون لائقا نسبيا، ولم تحرم المرأة من العمل جنبا إلى جنب مع الرجل كما كانت في العهد السابق ولكن الفرق الوحيد أنه منحها الحرية في اللباس أثناء العمل ولم يقيدها بلباس معين كما كان يفعل نظام بن علي الذي تشدد إلى حد الغلو.
فلئن كانت النهضة بهذا المستوى من الوعي والنضج السياسي الذي لا يختلف عليه اثنان، فإن الخوف كل الخوف أن تمسك زمام الأمور في تونس فئة أخرى تملك فكرا متشددا من الدرجة الأولى، ونرى مجتمعا مختلفا كالمجتمع في السعودية أو في أفغانستان، وأعني بهذه الفئة السلفية الذين بدأوا يتحركون بشيء من الريبة وزرعوا الخوف في أوساط النساء، هؤلاء لا يرون المرأة عنصرا فعالا في المجتمع، هؤلاء يقولون إن المرأة لا عمل لها بجانب الرجل في مؤسسة واحدة، هؤلاء يقولون إن المرأة مكانها البيت ولا شيء غير ذلك بدليل قوله تعالى:"وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية"، فهم لن يسمحوا للمرأة بالعمل إلا في أضيق الحدود كالعمل طبيبة مختصة لحالات النساء أو معلمة للبنات وماعدا ذلك فهي لن تكون عاملة في أي مجال.
هذا الفكر التخلفي السخيف سيسود تونس مع الأسف الشديد وربما في مصر وليبيا وفي سوريا من بعدهما إذا سقط النظام هناك، ولن يمنح المرأة أدنى حرية بل وسيتدخل في شؤونها الخاصة ويفرض عليها لباسا يلف جسدها كما لو أنها بضاعة تباع وتشترى رغم أن الإسلام قد سمح لها بكشف وجهها وكفيها بإجماع العلماء، فلم السفه والتعدي على مبادئ الإسلام ولم الغلو في الدين فهؤلاء فعلا هم الذي يقرؤون القرآن ولا يجاوز حناجرهم، يهتمون بالشكل وأرواحهم خاوية على عروشها.
احذروا هذا النوع من السياسة فإنه بلاء، ولكن البلاء الأعظم أن نجد من النساء من جندت نفسها لتقوم بأعمال سخيفة تأنف الحرة أن تقوم بها، كأن تقوم بقص شعر فتاة في الشارع وأمام الملأ وعيبها أنها لم تغطيه كما تفعل هي، فعوض أن تجادلها بالحسنى قامت كالبلهاء بإرعاب الفتاة ولا تعلم أنها ارتكبت إثما عظيما والرسول صلى الله عليه وسلم نهى نهيا شديدا عن إرهاب الناس مهما كانت توجهاتهم ومنطلقاتهم ومعتقداتهم.
المرأة في تونس اليوم هي حائرة في الطريق وفي العمل،فهي لا تعرف كيف تسير هل على الشكل القديم كما كانت في عهد بن علي أم تغير وجهها خوفا من انتقام السلفيين والسلفيات الذين تجندهم السعودية بالمال والعتاد من أجل بث الفكر المنحرف وترجع تونس إلى الوراء بعد أن تقدمت نسبيا إلى الأمام، أيتها المرأة لا تتأثري بسرعة بهذه الأفكار وفكري بروية واتزان واعلمي أنك مستهدفة من قبل هذه الشبكات الهلامية المنتشرة في تونس كانتشار النار في الهشيم، كانوا رمادا في عهد بن علي والآن بعد أن تحطبوا أصبحوا نارا يأكلون الأخضر واليابس بأنيابهم الحادة التي لا ترحم أي إنسان فما بالك بالجسد الناعم فهو مستهدف أكثر من أي وقت مضى.
خوفي على تونس أن تتقهقر للوراء وتؤسس للفكر الرجعي من جديد الذي يضع السلطة في أيدي أناس منحرفين ظاهريين لا يتمتعون بالحسّ الإسلامي الرفيع، واعلموا أن فكر النهضة فكر رشيد إلا أن المشكلة تكمن في عدم تعمقها السياسي، لأنها حديثة عهد بهذا الشأن والله يوفق الجميع.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة