معركة الاستمتاع

فوزي بن يونس بن حديد
abuadam-ajim4135@hotmail.com

2013 / 1 / 4

معركة الاستمتاع
فوزي بن يونس بن حديد
لا أخفيكم أن أي رجل في الدنيا يرى فتاة جميلة، تهتز نفسه وتهيج شهوته ويتمنى أن يصل إليها ويتلذذ بجمالها، لأن الرجل سرعان ما تهيج شهوته وتتحرك غرائزه عكس المرأة التي تبدو للوهلة الأولى أنها متماسكة وهادئة ولا تبادر لإثارة الرجل إلا من كانت لا تبالي بشرفها وكرامتها وعزتها، وإذا كان الرجل في حالة سكر أو مهووسا بالجنس فإنه لا يرى من الحياة إلا إشباعا لغريزته إما بالمال أو بالقوة أو ما يعرف بالاغتصاب.
والمرأة في عالم اليوم تتعرض لانتهاكات خطيرة واعتداءات بالجملة، بين تحرش واغتصاب وانتهاك وعنف لا حدود له، لأنها أنثى ضعيفة لا يدافع عنها أخوها الرجل، بل هو الذي يسعى إلى القيام بهذه الأفعال المشينة، لذلك لا ننظر للموضوع من زاوية واحدة بل لا بد من النظر إليه من زوايا عدة حتى نفهمه ونعطيه حقه.
فالفتاة الهندية التي تحدث عنها الإعلام بإسهاب تعرضت لوحشية الاغتصاب من قبل عصابة من الرجال، فلا هم احترموا جنسها ولا إنسانيتها بل مثلوا بجسدها وضربوها على بطنها، كيف تعرّى هؤلاء الوحوش وبدت سوءاتهم لبعضهم البعض في دناءة وقبح لا يفعله حتى الحيوان الذي يستر نفسه عندما يريد الوطء، وما فعله هؤلاء الجبناء من أشباه الرجال إنما يعبر عن سطوة الشهوة التي تأسر الرجل أحيانا بوعي أو بدونه، فإذا طغت شهوته ولم يضبطها ضابط فاعلم أنه سيرتكب جريمة في حق الإنسانية جمعاء، وشهوة الفرج من أقوى الشهوات وأفظعها لأنها تمس الإنسان في جسده مباشرة ومن هنا تبدأ معركة الاستمتاع.
وما دام العالم يموج في بحر من الشهوات فلا عجب أن نرى ونسمع حالات أخرى أشد قسوة ربما من تلك الحادثة التي ذكرت، ومادام ليس هناك رادع قوي لمثل هذه الجرائم في العالم فإن المجرمين لا يتورعون عن تكرار مثل هذه الجريمة، فلا جنائية دولية ولا قضاء ولا دول ولا سياسات يمكن أن ترجع كرامة إنسان إذا أهينت، والمرأة وهي تصارع الرجل من أجل إثبات ذاتها أنها إنسانة وليست وسيلة للاستمتاع تجد نفسها فجأة في بحر من الظلمات إما أن تستسلم وإما أن تعلن الحرب فتكسر شوكتها، وفي كلتا الحالتين خاسرة لأنها لا تجد من يزيل عنها غمامة الكآبة ولا من ينافح عن إنسانيتها.
ولا نعتقد أن انتهاك جسد المرأة يكون على هذا المنوال وهذا الحال فقط فهناك طرق أخرى يستخدمها ذوو النفوذ والمال في عالمنا اليوم، فيمكن لأثرياء العالم أن يشتروا جميلات العالم بأموالهم ويبيتون ليالي وأياما يستمتعون بهنّ في انتهاك صارخ لجسد المرأة التي هي الأخرى لم تبال بجسدها وجعلته سلعة معروضة للذي يدفع الكثير من الأموال، ونساء أخريات اتخذن البغاء منهجا للحصول على الأموال والعيش في الرذيلة والفحش طوال حياتهن حتى صرن منبوذات من بنات جنسها، فكل من ثارت شهوته لجأ إليهن يبتغي متعته ولذته ولا تدور في رأسه فكرة الشرف والكرامة.
ما أقسى الإنسان حينما يتجنى على أخيه الإنسان، وما أغبى الإنسان حينما تقوده الشهوات، لأنه يتردى لمرتبة الحيوان ويستمتع دون نظام ولا انتظام وبكل تهور واندفاع وليس هناك قانون يردعه ويضبطه ولا منظمة عالمية ولا محلية تدافع عن النساء وإن كانت موجودة فهي وهمية وتقودها مجموعة من الرجال غارقة أيديهم وأرجلهم في الأوحال، وربما يديرون البغاء من وراء ستار، ظاهره دفاع عن شرف المرأة وباطنه قمة في الرذيلة والمتعة.
ولو يحكم العالم اليوم نظام كنظام الإسلام، الذي أعطى كل شهوة حقها، ونظم الحياة بأسلوب بديع صالح لكل مكان وزمان يحفظ حق المرأة من كل شر وبلاء، ولا يعرضها للازدراء والاحتقار والاغتصاب، ومكنها من العيش بسلام لما كانت هناك نفس تتعرض للإجرام، ولهذا أمر الإسلام الرجال بغض البصر لأن العينين قد تكونان طريقا للتفكير في اقتراف الجرم فهما تحركان مكامن الشهوة عند الرجل وكذلك المرأة أمرها بغض بصرها لئلا تقع عيناها على حرام، ولكن كما قلت فإن اشتعال الشهوة عند الرجل أسرع من اشتعالها عند النساء وما يضبط السلوك هو التفكير في حلول تساهم في الحد من العنف ضد المرأة أينما كانت وهذا لن يتحقق إلا إذا ساد العالم نظام يحفظ حقوق الإنسان.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة