ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟ الجزء الرابع

ماريو أنور
marioanwar36@hotmail.com

2005 / 7 / 21

زيف هذه الصورة
استكوالاً لما اوردناه فى الاجزاء السابقة , فهذه الصورة التبخيسية للمرأة , ينبغى للمرأة , إذا شاءت أن تتحرر , أن تقف منها – رغم ترسيخ التربية لها فى ذهنها ورغم ترددها فى أقوال الناس و ممارساتهم – موقفاً نقدياً , بحيث تعى أن هذه السمات المنسوبة إلى (( طبيعة )) المرأة , إنما هى , من جهة , من باب انتقاص المتسلطين المعروف لمن يسودون عليهم , و أنها , حتى إذا ما تحققت على أرض الواقع , لا تأتى نتيجة ل (( طبيعة )) المرأة بل حصيلة للدور الأجتماعى المفروض عليها .
فالصورة هذه هى من باب المزاعم التى يختلقها أبداً المتسلطون ليبرروا تسلطهم على الفئات التى يستغلونها سواء كانت هذه طبقات محرومة أو شعوباً مستعمرة أو نساء أو أحداثاً . و يذكر الفيلسوف و المحلل النفسى إريك فروم إنه , منذ قرن , فى جنوب الولايات المتحدة , كان ينظر إلى النساء و الزنوج نظرة متشابهة , بحيث كانت , بحيث كانت تشبه هذه الفئة و تلك بالأولاد , و يعتبر أفراد هذه و تلك انفعاليين و ساذجين و غير واقعيين و غير جديرين بالثقة من حيث قدرتهم على تحمل المسؤوليات .
ولكن أدهى ما فى الأمر أن الفئة المستضعفة تتبنى فى كثير من الأحوال , فى غالبيتها , نظرة المتسلطين إليها , فتبخس ذاتها كما يبخسونها , مما يسمح لهم بترسيخ تسلطهم و تخليده , و كأنهم اتخذوا من معنويات الذين يسودونهم حلفاء لهم و شركاء . فمثلاً يروج المستعمرين للفكرة القائلة بأن الشعب الذى يستعمرونه غير جدير بأن يحكم نفسه . فيتبنى المستعرون هذه النظرة إليهم و يرتضون القصور صورة لهم و يتصرفون بموجبه , مما يخلد حكم المستعمر لهم . هذا أيضاً ما نراه فى مواقف العديد من النساء : فإنهن يفضلن مثلاً أن يرأسهن رجل لا امرأة فى عملهن لأنهن يتبنين نظرة الرجال إليهن بأنهن غير أهل للقيادة.
لقد أجرتالباحثة النفسية الأجتماعية آن – ماري روشبلاف – سبنلى دراسة ميدانية عن صورة الذكورة و الأنوثة الشائعة فى المجتمع الشرقى.
استندت فى دراستها هذه إلى عينتين من طلاب الجامعات . ففوجئت بأن الصورة التى استخلصتها , رغم كونها صادرة عن نساء و رجال على حد سواء , كانت ترفع قيمة الرجل فى حين أنها كانت تبخس المرأة : فقد نسبت للمرأة ثمانية عيوب و خصلتين حميدتين , فى حين أنها نسبت للرجل أحد عشرة خصلة حميدة و عيباً و احداً . و عندما دققت الباحثة فى الأمر بانكبائها على دراسة أجوبة النساء على حدة و كذلك أجوبة الرجال , وجدت أن النساء يقسين بالحكم على أنفسهن أكثر مما يقسو عليهن الرجال أنفسهم , بشأن تحديد العيوب . هكذا تبين أنه , رغم تطور المجتمع الشرقى , فالمرأة . لا تزال فيه تنظر إلى نفسها بموجب نظرة الرجل إليها , و إنها لا تنتظر من نفسها ما تنتظره من الرجل.
و هذا الموقف عينه تثبته دراسة ميدانية أجريت فى إحدى الجامعات . فقد طرح على طلابها السؤال التالى : لو أنك تعرف إنك لن تنجب سوى ولد واحد , فهل تفضل أن يكون صبياً أو بنتاً ؟ فأجاب 91% من الرجال أنهم يفضلون صبياً , و لكن 66% من النساء أعطين الجواب نفسه.
نفس التجربة أجراها الباحث غولدبرغ و هى مذكورة فى كتاب الأخصائى النفسى المصرى الدكتور عبد الستار إبراهيم : الانسان و علم النفس . يقول هذا الكاتب:
(( المرأة تنظر إلى نفسها على أنها أقل ذكاء من الرجل , ربما كتحقيق للتوقعات الاجتماعية التى تراها كذلك . ففى إحدى التجارب سأل أحد الباحثين مجموعة من الطالبات الجامعيات بأن يبدين رأيهن فى عدد من المقالات من حيث المحتوى و الأسلوب و القيمة العلمية , و قد راعى أن يكتب أسماء مستعارة من الذكور على أنهن كتبوا هذه المقالات .و طلب من مجموعة أخرى متكافئة من الطلاب أن يقيموا نفس هذه المقالات و لكن بعد وضع أسماء مستعارة من الكتاب النساء . بعبارة أخرى فإن المقالات التى عرضت للتقييم فى المجموعتين كانت واحدة إلا أن الأختلاف كان فى جنس الكاتب. و قد بينت النتائج أن الطالبات أعطين تقييمات إيجابية للمقالات المكتوبة من الذكور أكثر من المقالات المكتوبة من النساء . بعبارة أخرى , فإن المرأة قد تعلمت أن ترى الشىء الذى تفعله إمرأة مثلها أقل أهمية مما يفعله الرجل محققة بذلك التوقعات الاجتماعية السائدة عنها بأنها أقل أهمية و شأناً من الرجل )).
أنها حصيلة الدور الاجتماعى المفروض على المرأة ............ الجزء القادم ..........



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة