هذه أنا (الحلقة الثالثة)

ماجدة منصور

2014 / 5 / 26

هذه أنا (الحلقة الثالثة)
أنا و المأذونة كاترين باتريك
توجهت من إستنبول الى مدينة بيرن في سويسرا و من ثم إتجهت الى جنيف.
كان لي صديقة منذ طفولتي و كانت قد تزوجت و ذهبت للعيش مع زوجها في مدينة سيدني الاسترالية و كنا نتواصل بإستمرار.
ذات يومإ إقترحت علي أن أنتقل للعيش في استراليا و لكني وعدتها بزيارة في بادئ الأمر و هكذا كان.
أتت لإستقبالي برفقة زوجها و كانت حامل في الشهر الثالث و قد كان حملها صعبا للغاية وكانت مهددة بالإجهاض في أي لجظة.
كانت تستلقي على ظهرها معظم ساعات النهار و كنت دائما أرافقها لزيارة الطبيب.
وجدت نفسي مسؤولة عن صديقتي و أخذت أقوم بدور الممرضة لها و كان هذا يسعدني جدا ، و قررت بأنني لن أتركها الى أن تضع حملها .
أخذت اقود لها سيارتها وأطبخ لها ما تحب و تشتهي و كان زوجها في غاية السعادة لوجودي الى جانب زوجته.
عشقت استراليا من كل قلبي و أذهلني النظام الدقيق في كل شيئ و عزمت على العيش فيها.
تقدمت بطلب لوزارة الهجرة من أجل الإقامة و العمل في تلك القارة الضخمة و كلفت أحد المحاميين بمتابعة الإجراءات.
وضعت صديقتي حملها و ولدت بنت رائعة أسمتها ( شام).
ثم أبديت لها رغبتي في العيش بمنزل مستقل و هكذا كان.
بعد سنة و نصف سمحت لي الدولة بالإقامة على أراضيها و منحوني إقامة دائمة.
و بعد فترة قصيرة تقدمت بطلب للحصول على الجنسية الإسترالية أنا و إبنتي و أثناء ذلك كانت إبنتي قد دخلت المدرسة الإبتدائية وكنت أنا أذهب الى مدرسة لتعلم اللغة الإنكليزبة.
بعد سنة كنت قادرة على التحدث بالإنكليزية بشكل مقبول.
وقتها صممت على العمل و أخذت أبحث عن فرصة .
ذات صباح كلمتني صديقتي و قالت لي أن زوجها قد أخبرها بأن دائرة الهجرة الإسترالية تبحث عن موظفين يجيدون العربية للعمل فيها.
تقدمت بطلب للعمل هناك و خضعت لمقابلة و كان الشخص الذي أجرى المقابلة معي من أصول لبنانية.
كنت أتوقع الرفض فأنا قد تم رفضي من عدة مؤسسات و ذلك لإنعدام الخبرة لدي في كل المجالات و خاصة لأن اللغة الإنكليزية لدي..لم تكن على ما يرام.
وافقت دائرة الهجرة على العمل لديها تحت شرط فقد قالوا لي أنني تحت التجربة لمدة ثلاثة شهور فإما أن يتم تعييني و إما أن يرفضوني.
كدت أن أطير من الفرح و خاصة أن الراتب الذي سأستلمه..و انا تحت الإختبار..كان مجزيا.
إبتدأت حياتي تنتظم وكنت لا أضيع دقيقة واحدة من وقتي..كنت أكتشف إستراليا برفقة إبنتي..و أتعرف عليها و على أهلها..على عاداتها و تقاليدها..على حدائقها و مسارحها..على شواطئها و براريها..كنت أتعرف على كل شيئ فيها.
أدهشني تنوع المجتمع فيها فهي تحتوي على جميع الجنسيات و من جميع أنحاء الكرة الأرضية.
ما كان يزعجني هو المكالمات الهاتفية التي كانت تأتي من أهل المرحوم زوجي..كانت تلك المكالمات عدائية جدا فقد كانوا ينذرونني و يهددونني..
هؤلاء القوم لا يفهمون إلا بلغة التهديد و الوعيد لأنها اللغة الوحيدة التي يجيدونها.
لم أكن أبالي أبدا..فليضربوا رؤوسهم العفنة في اقرب جدار.
كنت أحضن إبنتي و كنت أحس بأنني ملكة العالم..فليذهبوا الى الجحيم فإن هذيانهم و تهديداتهم لا و لن تؤثر بي لأني فعلا أريد الحياة.
أريد الحياة لي و لإبنتي فهذه الحياة من حقي ..أريد أن أحيا بسلام و أمان.. أريد أ أرى إبنتي و هي تكبر في أحضاني و أمام عيني..لا أريدها أن تعاني مثلما عانيت.
فليذهب الجميع الى جهنم فأنا لا أحتاجهم و لا أحتاج هلوساتهم و جنونهم..لقد رفست كل قوانينهم و عاداتهم المقيتة بفردة حذائي.
أحسست بأني إنسانة حرة تحيا الحياة بكل ألوانها و بأنني مسؤولة عن نفسي و عن إبنتي..أحسست بأني أليق بالحياة و بالحرية و الكرامة و الإحترام.
أنا الآن في قلب الحياة و في عين النور.
لا يقدر النور..من لم يحيا في ظلام الشرق الأتعس.
ذات يوم دخل الى مكتبي رجلا استراليا ..شديد الأناقة.. وكان لديه مشكلة.
مشكلته تكمن أنه يريد أن يستخرج إذنا بالعمل لأحد مستخدميه..لأنه قرر تعيين أحد الرجال..و هو مصري الجنسية كمدير تنفيذي لشركته التي تعمل في مجال الإستيراد و التصدير.
هذا الرجل إسمه ج.س.
الى اللقاء في الحلقة الرابعة.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة