المجتمع الشرقي وثقافة الحب

اميرة محمود اوقاسي
amira.oukaci@yahoo.com

2014 / 6 / 22

المجتمع الشرقي لا يعرف كيف يحب وليس لديه ثقافة الحب ؟

هناك أنواع عديدة من الحب العائلي والصداقة والألفة والمودة، نحن نجهلها كلها ولم نتعلمها ولا ندرك كيف نطبقها، و لست هنا بصدد التعميم انما أتحدث عن السلوكات الأكثر شيوعا في مجتمعنا الشرقي
اخص هنا في موضوعي الحب بين رجل وامرأة، لماذا لا نعرف كيف نحب؟
الإجابة في رأي بسيطة
تعود الي التربية التي نتلقاها مند نعومة اظفارنا
اغلبنا تربينا تربية تخلو من الحب في ابسط أشكاله وخاصة الحب بين الوالدين
من منا رأي ابوه يعانق امه في وضح النهار (ولا أتكلم عن بعض الحالات القليلة التي يجيد فيها الوالدين فن الحب)؟
من منا راي إشارات الحب بين والديه: قبلة، حضن، قبض اليدين، وما يشبه ذلك؟
او علي اقل نظرات حب بين والديه؟
لقد تعودنا علي ان نراهم في وضح النهار يعاملون بعضهم بكل جفاف وبرودة مثلما هي اغلب معاملاتنا وكل اشارات الحب الجسدية تحدث في غرفة النوم بين اربع جدران و في الليل فقط، وما تعودت أعيننا علي رؤيته رسب في أذهاننا وعقلنا الباطني بان الحب عيب او لا يليق بكبار السن او ربما لا يوجد حب بين المتزوجين
اذكر ان اخي الصغير عندما كان في طفولته كان يظن ان ابي ابن امي مثلما نحن كلنا أبناؤها لان في عقله الصغير لم يستوعب فكرة الزواج لكن بسبب نقطة ثانية وهامة جدا لم يري فرقا بين معاملتنا مع امنا ومع ابي، فهو يتنظر امي ان تقدم له الغذاء والعشاء وينصرف الي علمه لا يقبلها ولا يخصها بكلام حلو، مستحيل ابدا ان يحمل مهام البيت معها او يساعدها بشيء وفي عقل اخي الصغير قارن بين سلوكه وسلوك اخيه فراي انه متطابق فاستنتج ان ابي ابن امي كذلك
هذه ملحوظة صغيرة تشير الي التربية العقيمة الخشنة التي تربيناها، قليل جدا ان نجد زوج يعبر عن حبه لزوجته امام ابنائه سواء باللمسات او بالكلام الجميل اما المراة فحدث ولا حرج وقد تدفعها طبيعتها الرومانسية ان تتمني لو زوجها يسمك يدها ويحنو عليها لكنها تعرف ان الحب تابو لا يمارس سوي سرا في غرفة النوم في الليل وذلك في أحسن الحالات فتقمع رغبتها وتكبتها
اما الزوج فهو يا إما يدرك ان الزواج فقط مجرد واجهة امام المجتمع واهله ولم يحب زوجته يوما، او ممكن اشتهاها فترة الخطوبة وماتت شهوته بعد الزواج ولم يعد يرغبها وعاد لعشيقاته التي يخصهن بكلمات الحب وكل اشارات الحب الجسدية والبهيمية ان شئتم او ربما لا يخون زوجته لكنه سيظل يعاملها بجفاف لانه لا يعرف ثقافة الحب
الأطفال اللذين يكبرون في هذا الجو يترسخ لديهم فكرة ان الزواج مقبرة الحب مثلما يروج له ويصبحون بدورهم أزواجا فاشلين، ربما سيحبون في فترة الشباب و تتقد مشاعرهم وتشتعل، ثم لا يلبثون بعد الزواج ان تفتر مشارعهم ويبحثون عن اللذات في اماكن اخري لأنهم لم يفهموا ابدا ما هو الحب
الحب ليس مشاعر ملتهبة وتأوهات وعذاب وشوق ليالي هذا مفهوم خاطئ تروج له الأغاني والأفلام الرخيصة التي لا هم لها سوى الربح التجاري والمادي فقط
الحب مسؤولية والتزام ومشاركة أفكار ومشاريع ونظال حياة
الحب هرم يجمع بين الروح والجسد والعقل ولا يقوم فقط علي الجسد، قوام ممشوقة او صدر ناهد ووجه جميل
وسنظل فاشلين في الحب بسبب تربيتنا وغالبا ما نفشل في تجاوز موروثنا الثقافي البيئي الذي يكبل تصرفاتنا وتلزمنا ارادة من حديد لتجاوزه
لذلك لمن يقرا كلماتي أناشده ان يراجع نفسه وان كان له أطفال فليربيهم تربية حسنة ويلتفت لشريك حياته وليتعلم ان يحبه
لم يفت الاون ابدا ان نصلح من انفسنا



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة