دور الثقافة في تثبيت حقوق المرأة ديمقراطياً في الدستور العراقي الجديد

فينوس فائق
venusfaiq@gmail.com

2005 / 8 / 8

نص هذه المحاضرة ألقيت في اليوم الثالث من مؤتمرات الدستور التي أقيمت في العاصمة البريطانية لندن ضمن محور المجتمع المدني ، أقيم المؤتمر برعاية لجنة دعم الديمقراطية في العراق في الفترة ما بين 24 و 28 و لغاية 30 تموز 2005 ..
مقدمة:
ماهي وظيفة الديمقراطية؟ ماذا يعني أن يكون النظام تعددي برلماني فيدرالي قائم على أساس إحترام حقوق الإنسان و إحترام حرية الرأي و الرأي الآخر؟ ماذا يعني أن تتم صياغة الدستور الدائم في ظل نظام ديمقراطي؟ وهل للثقافة دور تلعبه ضمن المسيرة الديمقراطية؟ هل ستلعب الثقافة دورها في توعية النفوس و فتح آفاق جديدة على حياة جديدة في العراق الجديد ، هل سيكون للثقافة دورها في تثبيت حقوق المرأة في الدستور العراقي الجديد بشكل ديمقراطي؟
من غير الممكن أن يصاغ الدستور من قبل السياسيين فقط أو من قبل رجال الدين فقط ، بدون بدون مشاركة أهم شريحة في المجتمع و هي شريحة المثقفين من كل المجالات .. السياسيون و رجالات الدين هم بطبيعة الحال جزء من الشريحة المثقفة ، و هم بحكم إتجاهاتهم و إنتماءاتهم الفكرية و الدينية يعتبرون محدودي التفكير في القضايا التي تخص عموم الشعب مثل قضية صياغة الدستور التي تعني كل الشرائح و الطبقات في المجتمع و بشكل خاص حقوق المرأة بين سطور الدستور بحيث يحفظ حقوقها و كرامتها في بلدها كمواطن له حقوق و واجبات ، فرجال الدين و السياسيون ينظرون إلى مستقبل البلد من منظار حزبي أو ديني ضييق ، لكن بمشاركة و مساهمة كل الشرائح المثقفة و على كل المستويات و من كل المجالات يمكننا أن نحقق قدراً لابأس به من العدالة في صياغة الدستور و أن نعطي كل طبقات و شرائح المجتمع حقه العادل و خصوصاً المرأة التي هي النصف المهم في المجتمع ، لذا يجب أن يساهم المثقف بأكبر قدر من عملية صياغة الدستور لكي يكون دستوراً يليق بمجتمع راقي في القرن الحادي و العشرين و مقبل على الديمقراطية و يطبقها بحذافيرها ، و أهم ما يجب أن يقول المثقف فيه كلمته هي مسألة حقوق المرأة ضمن بنود الدستور..

لمحة سريعة حول وضع المرأة أثناء حكم النظام البعثي المخلوع:
كلنا يعرف أن المجتمع العراقي تعرض و خلال حكم النظام البعثي الشوفيني و قائده الدكتاتور صدام إلى مختلف أنواع الظلم و القهر و التعذيب النفسي و الإجتماعي و إلى ممارسات غير إنسانية و غير أخلاقية أثرت بشكل مباشر على الفرد العراقي و أدت إلى إنهيار البنى الأخلاقية في المجتمع من كل النواحي النفسية و الإقتصادية و السياسية و الثقافية و الإجتماعية..ألخ ، و قد زج النظام العراقي الشوفيني العراقيين و المجتمع العراقي في ويلات حربين ضروستين ، الحرب العراقية الإيرانية و حرب الخليج ، مما أنهك بنيان المجتمع العراقي و ترك آثاره السلبية و المؤلمة في جسد و عقل الفرد العراقي و أضرت بكل نواحي حياته و إستقراره في بلده و دمرت كل قواه الإنسانية و الإبداعية ، و قد تحملت نتيجة لذلك المرأة العراقية الجزء الأعظم من نتائج تلك الحربين القاهرتين بإعتبارها المتضرر الأول و الخاسر الأكبر من كل تلك الويلات ، و بسبب أنه و طوال التأريخ يكون الرجل هو المقرر الوحيد و المسؤول الأول من إشعال فتيل الحروب و تنال المرأة النصيب الأكبر من الضرر النفسي و المادي و المعنوي و الإنساني و القهر و الألم ، فعلى سبيل المثال أدت الحربين إلى ترمل أعداد كبيرة من النسوة العراقيات ، مما جعل النظام العفلقي يبتكر قانوناً ظالماً أضاف به معاناتاً جديدة فوق معاناتها ، فكان أن أصدر قانوناً يجيز بموجبه الرجال و خصوصاً العسكريين الزواج بالأرامل ، فإعتبر ذلك القانون و لحد الآن إهانة كبيرة لكيان المرأة في المجتمع و حرباً نفسية ضد إنسانيتها ، و أدى أيضاً بالفرد العراقي إلى المزيد من الإنطواء و الإحباط النفسي و العقلي من تلك الممارسات التي كان النظام الفاشي يقوم بها ضد أبناء الشعب العراقي و بالأخص يهين بها نصف المجتمع التي هي المرأة.
لذا فإذا كان المثقف الرجل قد عانى أنواع القهر و الظلم و التهميش و الإهانات و الإرهاب الفكري مرة واحدة في ظل النظام الدكتاتوري المقبور ، فالمرأة قد عانت ظلماً و قهراً مزدوجين ، مرة لأنها كانت تعادي السلطة كأي مواطن غيور على بلده ، و مرة لأنها إمرأة ذاقت و ماتزال الصعاب و الكبت و القهر على يد المجتمع الذكوري و النظام القبلي المتخلف و التفكير الديني المتخلف البعيد عن كل ما يمت بصلة إلى التحضر و التمدن و التقدم ، و محاولة حرمانها من أبسط حقوقها كإنسانة و كمواطنة و كأنثى ، خصوصاً في مجتمع ذكوري يقوم على مبدأ القوي و الضعيف و وضع الرجل في خانة القوي و تصوير المرأة دائماً في وضع الضعيف.. من هنا أرى أن من واجب المثقفين أن يأخذوا هذه المسألة بعين الإعتبار و يولوها إهتماماً كبيراً بل يجب أن توضع مسألة حقوق المرأة و حضورها الفعال على مستوى الحكم و الممارسة السياسية في مقدمة القضايا الملحة في أجندة القائمين على صياغة الدستور ، فإذا كان النظام السابق لم يولي أي إهتمام ليس للمرأة فقط و إنما وضع المثقف و الطبقة الواعية في الهامش من الأمور المصيرية التي تخص مستقبل البلد ، منها مسألة صياغة الدستور ، ف من واجب المثقفين في كل الأزمنة و العصور أن يقوموا بواجبهم الإنساني تجاه مجتمعهم و بلدهم و ذلك بوضع الحق في خانة الحقيقة و الباطل في خانة الباطل ، و من المهام التي تقع على عاتقهم اليوم و خصوصاً في هذه الأيام التي ننشغل فيها بصياغة الدستور الدائم للبلاد هي مسألة حقوق المرأة من خلال القوانين و البنود التي تخص وضعها في المجتمع و تثبيت حقوقها في الدستور العراقي الجديد بشكل ديمقراطي حضاري..
ذاقت المرأة الأهوال في كوردستان كما ذاقتها المرأة في الوسط و الجنوب ، و إن كانت المرأة الكوردستانية سبقت في تجربتها مع الديمقراطية ، غير أننا يجب أن لا ننسى أن ما جرى على المرأة الكوردستانية لم يسبق له مثيل و يختلف عن ما جرى المرأة في باقي أجزاء العراق ،لكن لم يفرق الطاغية بين كوردستان أو الوسط أو الجنوب ، على العكس فقوانينه المتعسفة كانت تسري على الكل على حد سسواء ، فكنا نرى أن المرأة كانت محرومة من تولي مناصب بارزة و سياسية و إستبعدت من مراكز القرار ، و حتى أن الكثير من الوظائف كانت تقتصر على الرجل و منعت المرأة بشكل مباشر أو غير مباشر من مزاولتها ، كمهنة القضاء مثلاً ، و حتى أن قانون غسل العار تم سنه من قبل النظام العراقي الفاشي بعد الحرب العراقية الإيرانية ضد المرأة ، و هناك قانون آخر يخص الفيليين الذي أيضاً أصدره النظام بحق الفيليين الفاريين بحيث يجري تطليق زوجاتهم بالإكراه وفق ذلك القانون ، و يعتبر هذا إجحاف بطبيعة الحال بحقوق المرأة و إهانة لإنسانيتها . أشار الدستور العراقي في الكثير من الفترات إلى حقوق المرأة لكنها كانت دائماً تبقى حبر على ورق و لم يتم تفعيل تلك القوانين و تلك الحقوق بشكل فعلي لصالح المرأة.
للمرأة حقوق ثابتة في المواثيق و الإتفاقيات الدولية كافة شأنها شأن الرجل في كافة ميادين الحياة ، و هذه الحقوق حصلت عليها المرأة بكفاحها المضني عبر التأريخ ، و المرأة في غالبية البلدان المتطورة في العالم تجاوزت الكثير من المراحل و باتت تمارس هذه الحقوق بشكل فعلي في كافة الميادين دون تميز ميدان عن ميدان ، في حين أن المرأة في الشرق و في بلد مثل العراق لم تصل بعد إلى مرحلة نيل الحقوق لكي تتمكن من ممارستها ، و إنما لا تزال تراوح في مكانها ، و تصارع الصعاب و العراقيل التي تلبس ثوب التقاليد الإجتماعية تارة أو تلبس ثوب الدين تارة أخرى ، كل ذلك من أجل سلب أكثر قدر من الحقوق من المرأة بدل أن تمنحها أكثر قدر من الحقوق التي تستحقها كإنسانة تعيش إلى جانب الرجل على وجه الأرض منذ الخليقة و تقوم الحياة الإنسانية على أساس وجودها بجانب الرجل ، و تلك الحقوق هي حقوق طبيعية و هي لا تطالب بما هو مبتكر أو لا تتصارع مع الرجل من أجل الفوز في مباراة الحياة و الوقوف موقف الضد أو فتح جبهة منه دون وجه حق ، و إنما تتصارع مع العقلية الإجتماعية التي تسيطر على النظام الإجتماعي و التي تسمى بعقلية المجتمع الذكوري أو.
من هنا فإن حقوق المرأة تختلف من مجتمع إلى آخر على أساس إختلاف الأديان و أنواع الحكم من علمانية إلى دينية..إلخ مع ذلك فإن تأريخ البشرية يشهد أنواع الإضطهاد الذي تعرضت و تتعرض له المرأة على يد الأنظمة الدينية و الإجتماعية و السياسية كل على حدة ، و رغم كل التطورات الحاصلة في مختلف مجالات الحياة في العراق فإن المرأة بقيت تراوح مكانها ، فهي شاركت في العملية السياسية لكن بشكل غير منتظم و تبوءت المناصب و المراكز السياسية لكن بشكل مؤقت و كان دورها محدوداً و داخل إطار محدود كصورة فقط و بقيت بعيدة دائماً من مركز القرار و مُنعت من الإستفادة من طاقاتها و إمكاناتها و مؤهلاتها. و على هذا الأساس يجب أن ينطلق المثقفون اليوم ليلعبوا دورهم التأريخي في تثبيت الحقوق الطبيعية للمرأة بشكل ديمقراطي في الدستور العراقي الدائم ، بحيث يضمن لها حياة كريمة و محترمة في ظل الدستور الذي هو يعكس الوجه الحضاري للحكومة العراقية الجديدة..

الإستفادة من تجربة المرأة الكوردستانية مع العملية الديمقراطية:

أستهل هذا الجزء من البحث بتجربة المجتمع الكوردستاني مع العملية الديمقراطية ، فبعد أقل من سنتان من التحرير و الخلاص إستطاع الكورد أن يؤسس برلمانه في عملية إنتخاب فريدة من نوعها في تأريخ كوردستان كلها ، فتأسس البرلمان الكوردستاني في الرابع من حزيران من عام 1992 ، و تألف البرلمان الكوردستاني من 105 أعضاء ، حصلت المرأة الكوردستانية في أول تجربة ديمقراطية و أول برلمان كوردستاني على 7 مقاعد ، أربعة من الكتلة الخضراء و إثنتان من الكتلة الصفراء. و بهذا سبقت المرأة الكوردستان تجربتها مع الديمقراطية و تأسيس البرلمان و منح المرأة نصيباً لا بأس به في التمثيل البرلماني و الممارسة السياسية ، تلك التجربة التي تعتبر مشروعاً نحو تغيير المجتمع بشكل كبير ، فكان أن تقدمت النسوة الكوردستانيات بعد ذلك بمشروع قرار يطالبن فيه بتغيير قوانين الأحوال الشخصية في تموز/ 1992 ، يحمل 3340 توقيع ، و الذي كان نتيجة لتحرك كافة المنظامات النسوية في تلك الفترة و إصدارها ذلك المشروع و تقديمه إلى البرلمان ، منطلقين من ضرورة إشعال ثورة إجتماعية ترافق إنفتاح الأفق الديمقراطية في المجتمع الكوردستاني و الإستفادة من التجربة السياسية الديمقراطية بعد زوال الكابوس البعثي الجاثم على صدور الكورد لعقود طويلة.
لقد رافقت الإنتفاضة عملية تغيير إجتماعي نحو الديمقراطية و إنفتاح الأبواب على مصراعيها أمام الممارسة الديمقراطية في كل المجالات و خصوصاً أمام المرأة الكوردستانية لتناال المزيد من الحقوق التي تضمن لها حياةً كريمة و محترمة ، و تحركت المنظمات النسوية بجدية أكثر نحو العمل الجدي في إتجاه نيل حقوقهن ، غير أن الإقتتال الأخوي تسبب في ركود تلك الحركة لفترة مؤقتة ، لتستعيد عافيتها قبل عدد من السنوات من الآن ، فكان أن إزدهرت العقلية الثقافية و الوعي الإجتماعي عند المرأة الكوردستانية و تطورت مداركها نحو التحرك مجدداً و ذلك بتأسيس منظمات المجتمع المدني المتمثلة بالمنظمات النسوية و المراكز التي تأخذ على عاتقها قضية الدفاع عن حقوق المرأة و برزت حركة ثقافية و صحفية واسعة تساند الكادر النسوي و ظهرت في مدينة السليمانية على سبيل المثال أعداد من المجلات و الجرائد و المطبواعت الدورية التي تختص بالدراسات التي تتناول قضية المرأة في المجتمع الكوردستاني و العراقي ..و من القوانين التي بذلت المرأة الكوردستانية جهداً كبيراً من أجل تغييرها أذكر من أهمها القانونين 59 و 62 لأهميتهما:
1- القانون رقم 59 الذي صدر عن حكومة الإقليم بتاريخ 12-04-2000 و الذي ألغى تطبيق المادتين 130 و 132 من قانون العقوبات المرقم 111 لسنة 1969 من قبل المحكمة ، و الذي كان ينص على تخفيف عقوبة المتهم بجريمة غسل العار، بحيث أصبح وفق القانون الجديد : لا يعتبر عذراً مخففاً قتل النساء أو إيذاءهن بذريعة غسل العار..
2- القانون رقم 62 الذي صدر عن حكومة إقليم كوردستان بتاريخ 29-04-2000 و الذي يتناول مسألة أمور كثيرة منها تعدد الزوجات بحيث حدد مسألة الزواج بأكثر من واحدة و ذلك بشرط أن يكون هناك سبب مقنع كعدم الإنجاب أو المرض فقط. ونفقة الزوجة غير القادرة على العمل و ثم ما يخص مسألة الميراث بحيث يحق للذكر أن يتنازل امام محكمة الاحوال الشخصية عند تقسيم القسام الشرعي، بما يشاء من حصته في التركة لاخته مراعاة لظروفها العائلية والاقتصادية..
فقد جاء تعديل و تغيير هذه القوانين و غيرها من القوانين الأخرى بضغط كبير من المنظمات النسوية في كوردستان.
فلو أعود إلى أوضاع كوردستان و حتى إصدار قرار 986 الخاص بالنفط مقابل الغذاء ، فحتى صدور ذلك القرار كانت كوردستان تخضع إلى حصار إقتصادي كبير أنهك كاهل الفرد الكوردي ، و ترك آثاره أيضاً على تحرك المنظمات النسوية بحيث كانت تفتقر إلى الإمكانات و القوى التي تساعد على تفعيل قراراتها و تساعدها على وقوفها على أرجلها لتواجه عقلية المجتمع و تواصل مسيرتها ، لأن المجتمع أساساً كان يعاني من مشاكل إقتصادية و عدم إستقرار سياسي و إجتماعي ، لكن صدور قرار 986 ساعد على إزدهار تلك المنظمات و ساعدتها على إستعادة عافيتها و خصوصاً السنتين الأخيرتين من تحرير العراق حيث ساعدت على خلق واقع جديد يسمح بتحرك تلك المنظمات ، و ذلك بمساعدة المنظمات الدولية و المنظمات التابعة للأمم المتحدة التي مدت يد العون و المساعدة لتلك المنظمات النسوية بوضع برامج تدريبية و توعية إجتماعية و تنظيم الدورات الخاصة بالنساء ، و خصوصاً من قبل تلك الدول التي تساند التجربة الديمقراطية في العراق ، منها على سبيل المثال كوريا الجنوبية التي نظمت لحد الآن حسب علمي مئات الدورات التدريبية للنسوة في العراق و كوردستان..
لم يبخل صدام حسين على الأحزاب التقدمية و العلمانية في الوسط و الجنوب بأي وسيلة من وسائل القهر و قلعهم من الجذور و مسحهم من الساحة السياسية في العراق بهدف شل حركة تطور و تقدم المجتمع العراقي ، و نتيجة لتلك الممارسات الشوفينينة و المرحلة الدموية من التأريخ السياسي في العراق كان أن ساعد بعد ذلك على نشوء الحركات و الأحزاب الدينية و المذهبية ، و من المعروف أنه و مع صعود الأحزاب الدينية و المذهبية سلم الحكم و وصولهم إلى السلطة ، فإن أول شيء يقدمون عليه هو منع النسوة من الظهور على مسرح الحياة الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية و إبعادها من مراكز القرار و منعها من تولي مناصب في الحكومة و تحديد وجودها داخل البيت فقط و كبتها حتى الموت. فرأينا مثلاً عندما تولى السيد عبدالعزيز الحكيم منصب الرئيس أثناء فترة عضويته في مجلس الحكم الإنتقالي ، رأينا كيف أنه أول قرار أصدره كان أنه ألغى كل قوانين الأحوال الشخصية و دعى إلى ضرورة العودة إلى الشريعة كل حسب مذهبه في أمورهم..

نظام الكوتا المتمثل في نسبة الخمسة و عشرين للتمثيل النسوي في البرلمان العراقي:

يعرف الكل أن قانون الأحوال الشخصية العراقي في 1959 يعتبر خليط من قوانين كثير من الدول المتطورة في العالم منها القانون الفرنسي مثلاً و تحتل الشريعة أيضاً في تلك القوانين جزءاً لا بأس به بحيث يتساوى كل أفراد المجتمع أمام القانون بغض النظر إلى الإنتماء القومي أو الديني أو المذهبي ، و بإمكانهم اللجوء إلى المحاكم و القانون في أمورهم الحياتية ، لكن الحكم وفق شريعة الدين و كل حسب مذهبه يلغي مهمة القانون الذي هو أساساً جاء به الإنسان من أجل تنظيم الحياة الإجتماعية و يسقط مفعوله بحيث يذهب الناس إلى رجل الدين الخاص بمذهبه الذي ربما يجهل حتى الكتابة و القراءة في الكثير من الأحيان ليحكم في أمور أبناء المجتمع ، و في هذه الحالة النصيب الأكبر من الظلم يقع بطبيعة الحال على المرأة ، و بهذا تكون مأساة الإنسان العراقي.
لكن عندما جاء بريمر بعد ذلك أي بعد القرار الذي أصدر السيد عبد العزيز الحكيم بإلغاء قانون الأحوال الشخصية ، كان أنه أول شيء طالب بإعادته إلى وضعه الطبيعي هي تلك القوانين و كان ذلك طبعاً بالإتفاق مع المنظمات النسوية و بضغط منهن و بمساندة من الجبهة العلمانية داخل مجلس الحكم الإنتقالي المتمثلة في اليكيتي و البارتي و الحزب الشيوعي و حزب السيد عللاوي و الباججي و الجادرجي و آخرون. فكان أن تم إصدار قرار الـ (كوتا) الذي منحت المرأة بمقتضاه نصيب 25 بالمئة من التمثيل البرلماني ، (مع أنني بين قوسين كنت و ما أزال ضد تحديد نسبة للتمثيل النسوي في البرلمان و أطالب بأن تكون النسبة مفتوحة أمامها مثلما هي مفتوحة امام الرجل) إلا أنه يعتبر بشكل أو بآخر قانوناً يخدم في هذه المرحلة وضع المرأة في العراق ، و يفتح أمامها آفاقاً واسعة أمام التقدم نحو التمثيل البرلماني و يساعدها على أن تثق بنفسها سياسياً و تشارك في العملية الديمقراطية و السياسية في بلدها. حسب علمي أن الكثير من الدول في العالم المتطور أيضاً تتبع نظام (الكوتا) مثل السويد ، و لا ضرر من أن تفكر المرأة في المستقبل في إلغاء تلك النسبة و تطالب بأن تكون النسبة مفتوحة أمامها .
لكن هنا يجب أن نشير إلى مسألة مهمة هي كفاءة النسوة و أهليتهن للمنصب و وعيهن للهام الملقاة على عاتقهن و إدراكهن لحقيقة أن يستغلن وجودهن تحت قبة البرلمان من أجل نيل المزيد من الحقوق و ليس فقد و إهدار المزيد من الحقوق ، الشيء الذي يحدث بسبب أن بعض النسوة الموجودات تحت قبة البرلمان للأسف في الوقت الحالي غير كفوءات ، اللائي يفكرن و يعملن و يتكلمن بلسان رجال الدين و يفكرن بعقل الرجل و يخاطبن أفراد المجتمع و النسوة الذين يمثلنهن بعقلية و نهج الأحزاب المذهبية و يعكسن وجهة نظر تلك الأحزاب و مباديء تلك المذاهب و يطبقنه للأسف ، و هذا له مردوده السلبي على مستقبل المرأة في العراق و يهدد مجتمعاً بأسره بالإنهيار مرة أخرى و يؤدي به إلى الظلام و سقوط المرأة في هاوية الجهل و القهر و الظلمات من جديد.


الدين الإسلامي كمصدر وحيد للتشريع:

في تقديري أنه من غير الممكن و المقبول أن يتم إعتماد الدين وحده كمصدر وحيد للتشريع ، مثلما لا يمكن أن يتم الإعتماد على القوانين كمصدر وحيد في صياغة الدستور ، إذ لابد من عقد توازن بحيث يكون الدين أحد مصادر التشريع إلى جانب قوانين الأحوال المدنية و المواثيق الإتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان و حقوق المرأة في العالم، فلو تحدثنا عن وضع المرأة في ظل النظام الإجتماعي الذكوري في مجتمع العراق و في ظل تسلط الفكر الديني المتسلط فنصل إلى نتيجة أن المرأة ستبقى أسيرة عادات و تقاليد قبلية مرفوضة في هذا العصر الحافل بالتطورات العلمية و سنبقى في المؤخرة من عجلة التقدم في العالم ، فحتى لو رضيت المرأة في وسط و جنوب العراق بأن يكون الدين المصدر الوحيد للتشريع و هذا الأمر أستبعده في كل الأحوال ، لكن حتى ولو حدث و أن رضيت ، فإن المرأة في كوردستان لن ترضى بذلك ، لأنها على الأقل لن تنسى أنها أبيدت و أنفلت بإسم الدين و الآيات القرآنية و دفنت في القبور الجماعية بإسم الدين ، و الدين براء بطبيعة الحال من ممارسات الطغاة و غطرسة الحكام الفاشيين من أمثال صدام ، و غالبية شعب كوردستان هم مسلمون و الدين له قدسيته العالية في كل الأحوال .
هذا و من جانب آخر يجب أن لا ننسى أن المجتمع الكوردستاني قد مر بتجربة تفعيل حقيقية لكل مباديء الديمقراطية و تطبيقها بنسبة عالية على أرض الواقع ، الأمر الذي أدى بأن تتحول مسألة حقوق الإنسان و حقوق المرأة إلى مسائل تناقش و يتم التحاور بها بكل حرية في كل مجالات الحياة في المجتمع الكوردستاني ، و تم إعتماده كمواد في مناهج الدراسة في المدارس ، بحيث أن جيلاً قد تربى على تلك المباديء الجديدة التي جاءت بها الديمقراطية و جيلاً آخر يتربى عليها في الوقت الحالي ، لذلك أرى من المحال أن تتخلى المرأة الكوردستانية هكذا بسهولة عن تلك الإنجازات العظيمة التي حققتها في تلك الفترة ، حيث شهد المجتمع الكوردستاني تحولاً عظيماً من حيث تولي المرأة مراكز عليا في الحكم و قرب مراكز القرار ، عدا عن أنني لن أبالغ لو قلت أن نصف إقتصاد كوردستان يدار من قبل كوادر نسوية كفوءة و واعية ، و تشارك المرأة الكوردستانية في أهم و أعظم عملية إعمار في كوردستان و هي تعتبر إعمار كوردستان مهمتها الأولى و الأهم ، فلا أعتقد بأنها ستتخلى بهذه السهولة عن مهامها التي تقوم بها في المجتمع في كل المجالات ، لأن المجتمع الكوردستاني قد آمن أن لا حياة تقوم بدون مشاركة المرأة. و قد لعبت المنظمات النسوية دوراً تأريخياً في تحقيق ذلك المقام للمرأة في المجتمع الكوردستاني و ذلك بنضالاتها المتواصلة و الدؤوبة في سبيل تحقيق مستوى راقي للمرأة الكوردية تصل إلى مستوى النساء في الدول المتقدمة في العالم.
فهناك في السليمانية على سبيل المثال العشرات من المنظمات التي تأخذ على عاتقها مهمة الدفاع عن حقوق المرأة ، و هناك إلى جانب تلك المنظمات العشرات من المراكز المتخصصة في مجال الدفاع عن النسوة اللائي يتعرضن إلى الأذى في المجتمع ، إلى أن أصبحت مسألة تفتح العقول و العلمانية و حقوق الإنسان و حقوق المرأة من الأمور العادية التي تناقش بكل حرية في كل المحافل ، فلا أظن أن ترضى المرأة الكوردستانية أن تتخلى عن تلك الإنجازات و المكاسب العظيمة بسهولة و تستسلم لمسودة دستور تهضم حتى ولو كان جزء بسيط جداً من حقوقها ، لأن زمن الدكتاتوريات قد ولى دون رجعة.
لذلك فإن المثقف مطالب بأهم دور له في هذه المرحلة المهمة و هذا أهم واجب تناط به هو أن يبذل جهده من أجل رفض أن يكون الدين المصدر الوحيد و إنما أن يكون أحد مصادر التشريع ، فالدين له مقامه و قدسيته بطبيعة الحال في حياة الإنسان خصوصاً في بلد غالبية سكانه مسلمون. و أن يكون للمنظمات و المؤسسات التي تدافع عن حقوق المرأة في باقي أجزاء العراق و منظمات المجتمع المدني بأن يكون لها دورها الفعال في المطالبة بكافة حقوق المرأة و تثبيتها بشكل فعلي ضمن بنود الدستور العراقي الجديد ، و أن يتم الإستفادة من تجربة النساء الكوردستانيات مع الممارسة الديمقراطية..
قرأت في أحد القنواةالخبرية هذا الخبر:
قالت مصادر عراقية وثيقة الاطلاع ان مسودة الدستور العراقي الجديد الذي يفترض ان يطرح للاستفتاء خلال العام الحالي يعطي دوراً اكبر للاستناد علي الشريعة الاسلامية في صياغة الدستور.
وأوضحت المصادر القريبة من مداولات الصياغة ان المسودة تقيد حقوق المرأة فيما يتعلق بالميراث والطلاق. من جانبها قالت صحيفة نيويورك تايمز عن نص لمسودة الدستور حصلت عليه انه يضيّق حقوق النساء بشكل كبير وذلك بفرض الشريعة في شؤون الزواج والطلاق والميراث. ونصت مسودة الدستور في أحد بنوده علي ضمان حقوق المرأة بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية ونص البند الرابع علي ان المحكمة هي التي تفصل في الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وميراث استناداً الي احكام الشريعة الاسلامية ولا ينص علي بند معمول به حالياً علي ان تتمثل النساء بنسبة 25 في المئة في البرلمان.
علاوة على ذلك تقول بعض المصادر الخبرية مقربة من لجنة صياغة الدستور أن هناك محاولات لإلغاء معظم القوانين الأحوال الشخصية ، و تحديدياً ما يخص مسألة الزواج و الطلاق و ما إلى ذلك ، و يطالبون بأن يتم حسم تلك الأمور كل حسب مذهبه ، و بذلك يفقد القانون مكانته في مجتمع منهك مقبل على الديمقراطية مثل المجتمع العراقي ، و يسد الطرق أمام بناء المجتمع المدني القائم على أساس القانون و إحترام حقوق كل أفراد المجتمع ، و المتضرر الوحيد من كل هذه المحاولات غير العادلة هي المرأة ، و بالتالي فإن الأذى يلحق بنصف المجتمع مما يترك آثاره السلبية على المجتمع ككل.
فمن هنا يجب ضمان المشاركة النسوية الفعالة في صياغة الدستور بالمستوى الذي تطمح إليه المرأة في بلد عانى من كل الويلات و كل أنواع القهر على كل المستويات و في كل الميادين ، حتى نضمن أن لا يتكرر التأريخ و تقع المرأة من جديد تحت ظل قهر و ظلم إجتماعي جديد و في زمن المفروض به حافل بكل أنواع الديمقراطيات ، فلابد أن يكتب الدستور بأقلام نسوية إلى جانب أقلام ذكورية و إلا يجب أن نقرأ السلام ، فالمهمة لا تقتصر على المناداة بالحقوق و المطالبة بها ، لتكتب ناقصة بأقلام رجولية و تبقى حبر على ورق أبد الدهر ، فالخطوة الأولى يجب أن تبدأ تفعيل دور المرأة و نسبة المشاركة النسوية في صياغة الدستور ، قبل أن يكتب و يقع الفأس في الرأس و ينتهي بنا المطاف إلى عباءة و حجاب و تعدد زوجات و نساء يقتلن بذريعة غسل العار بين الطرقات ... و ألخ...
لكن اليوم يختلف عن الأمس ، اليوم المرأة تتحرر ، أو هكذا تريد ، و اليوم نعيش في عالم حافل بالإنجازات العلمية و التكنلوجيا الرقمية التي شاركت المرأة في البلدان المتطورة في صنع ذلك الإنجاز العظيم الذي يخدم البشرية على مدار الساعة و تلبي حاجاته اليومية بسهولة و تيسر أموره الحياتية دون تميز بين رجل أو إمرأة ، فكيف نرضى أن يكون هناك بلد يعوم على بحر من النفط و تحرر من أعتى نظام دكتاتوري شهدته البشرية و تخلص من كل أنواع القهر أو هكذا يجب من المفروض أن يكون ، و ماتزال المرأة تخطوا خطوة للأمام و تعود خطوات إلى الوراء بحرمانها من أبسط حقوقها الإنسانية و التي هي المشاركة في صنع الحياة في مجتمعها من خلال مشاركتها في الحكومة و تبوءها مناصب حكومية تليق بمكانتها في المجتمع أسوة بأخيها الرجل..

ممن يجب أن نستفيد؟

إن سكوت المرأة على ما يجري بحقها له الكثير من التفسيرات ، منها عدم كفائتهن للمنصب الذي وصلن إليه و عدم تقدير المهام التي يجب عليهن القيام بها على أكمل وجه ، أو جهلهن بما هو مناط على عاتقهن من وظائف و مهام و في هذه الحالة تعتبر إستهانة بدور المرأة الحقيقي في تلك المناصب ، أم أنهن مدفوعات من جهات تستفيد من وضع النساء في الواجهة من أجل تحقيق غاية أخرى منها الغايات التي تسعى وراءها العقلية الدينية المتخلفة التي تدعي المناداة بتعاليم الدين الإسلامي الذي هو بريء من كل مايجري بإسمه. و كل هذا يقلل من نصيب المرأة في التمثيل الحكومي بشكل حقيقي و بالتالي يقلل أو يلغي فرصتها في أن تشارك في بناء مجتمع جديد قائم على العدالة و المساواة و الحكم بالعدل ، إن كانت هي بنفسها تسكت عن حق لها و هو المشاركة السياسية و التمثيل الشعب في البرلمان ، فكيف أرضى لنفسي أن يمثلني رجل في البرلمان في حين أنني أشكل معه نصف المجتمع و على الأقل يجب أن أحضى بنصف التمثيل الحكومي و المناصب الوزارية و الحكومية..
و أكرر فإن الشيء الوحيد الذي يضمن كل ذلك و يضمن الحضور الحقيقي للمرأة في الحكومة و مشاركتها السياسية على كل المستويات هو و قبل كل شيء مشاركتها الحقيقية و بنسبة عادلة في صياغة الدستور و كتابته بقلمين نسوي و رجولي.
• و عليه لابد من المطالبة الجدية بعدم الإسراع في كتابة الدستور لكي يكون هناك الوقت الكافي لدراسة المسألة من كل النواحي ، فالدستور يكتب مرة واحدة و لا أظن أن عملية تغيير أو تعديل بنود في الدستور عملية سهلة في المستقبل ، هي بطبيعة الحال عملية ممكنة لكنها غير سهلة ، و من أجل تفادي الوقوع في إشكالية التعديلات و تغيير القوانين ، يجب التمهل في كتابة الدستور ، حتى يتوزع الحق بين كل شرائح و طبقات المجتمع بعدالة.
و لن يتم ذلك إلا بمساندة المنظمات النسوية و ممارسة الضغط على الحكومة و فرض المشاركة النسوية في صياغة الدستور .. و من أجل تحقيق نظام سياسي و إجتماعي عادل يراعي كافة الحقوق الجنسية لكلا الجنسين والحقوق القومية و الفكرية و كل الإنتماءات التي يؤمن بها كلا الجنسين على حد سواء يجب التأكيد على عدم إعتماد الشريعة الإسلامة كمصدر وحيد للتشريع و أخذه كمصدر وحيد يعتمد في صياغة الدصتور و إنما التأكيد على المطالبة بإعتماد مصادر أخرى لصياغة الدستور و تشريع القوانين ، لكي نضمن مجتمعاً يتمتع بكل أنواع الحريات و على رأسها حقوق المرأة بغض النظر عن كل الإنتماءات الأخرى التي تشمل كلا الجنسين من فكر و دين و قومية ...وألخ...
فمن غير الممكن أن نتمكن من الممارسة الحقيقية للديمقراطية في ظل غياب حقوق المرأة ، من غير الممنك أن نمارس الديمقراطية في أي مجال من مجالات الحياة إذا كان نصف المجتمع يعاني من القهر و الظلم و لا يتمتع بكل حقوقه الإنسانية الطبيعية التي يجب أن يتمتع بها ، من غير الممكن ممارسة كل مباديء الديمقراطية و تطبيقها في الواقع على أسس سليمة و حضارية ترقى إلى مصاف الدول المتحضرة و المتقدمة في العالم إن كانت المرأة ما تزال تراوح في دائرة الكفاح ضد التقاليد الإجتماعية البالية و القيود الدينية التي تحد من حرية المرأة داخل مجتمع يرفع شعار الديمقراطية التعددية و الفيدرالية ..
فالدستور هو بمثابة وثيقة الحياة لأي مجتمع أو هو دليل ثقة المجتمع بالحكومة التي تدير شؤون البلاد ، فإذا كان هذا الدستور يفتقر إلى الحقوق الحقيقية لنصف كامل للمجتمع ، فذلك يعني إنعدام ثقة نصف المجتمع بأكمله في الحكومة التي من المفروض بها تمثل كل شرائح و طبقات المتمع برجاله و نساءه على حد سواء.. إذا فالدستور هو دليل الثقة بين أبناء البلد و الحكومة و هو ميزان الثقة بين الرجل و المرأة منذ الآن ، لذلك كان على المرأة أن تبدأ مشوارها مع صياغة الدستور و تثبيت حقوقها فيه بالشكل الصحيح و بالشكل الذي يليق بمكانتها في المجتمع على أساس العدل و المساواة و على أساس أنها النصف الحيوي و الفعال في المجتمع و من دونه لا تقوم حكومة عادلة و ديمقراطية..
على هذا الأساس و من خلال متابعتي المتواصلة لكل نشاطات المنظمات النسوية و كل ما يكتب في مجال حقوق المرأة بين طيات الدستور العراقي الجديد و المقترحات المطروحة و المطاليب التي يتم التأكيد عليها فإن أهم ما يجب على المرأة أن تركز عليها و أن تثبتها في أجندتها حين كتابة الدستور العراقي الجديد هو :

• العمل من أجل إحباط المخطط الذي تقدم به رجال الدين الشيعة الذين و حسب بعض المصادر الخبرية الأخيرة إذ طالبوا في الآونة الأخيرة بأن يجري العمل بنظام النسبة المئوية التي هي 25% للتمثيل النسوي في البرلمان لدورتين برلمانيتيين فقط و إسقاط النسبة مع الدورة الثالثة ، بحيث يؤتى بأكبر عدد من حملة الفكر الديني المتشدد إلى أروقة البرلمان و الذين يمثلون جزء واحد فقط من مجموع الممجتمع و هم حملة نفس الفكر الديني المتشدد ليمثلوا كل شرائح المجتمع و يحكموا وفق تعاليم لم تعد تنسجم مع روح التطور و التقدم و العلمانية التي نعيشها ، و بذلك يعدو المجتمع إلى عهد نوع جديد من الدكتاتورية لكن تحت غطاء الدين .
حيث أن مبدأ التمثيل النسوي في البرلمان العراقي وفق نظام الحصة المئوية هو مناسب في المرحلة الراهنة من التأريخ السياسي في العراق ، و لا مانع من أن ترفع المرأة صوتها في المستقبل من أجل إلغاء تلك النسبة بحيث تصبح النسبة مفتوحة أمامها أسوة بأخيها الرجل.
• المطالبة بترشيح النسوة الكفوئات و صاحبات التجارب الناجحة في مجال الممارسة السياسية و إبعاد كل من أوتي بها فقط كصورة في إطار أو لتكون مهمتها أن تحضر في الواجهة و أن يكون حضورها مزيفاً و لا يرقى إلى مستوى المنصب الذي تشغله ، أو أولئك اللاي أوتي بهن فقط ليكونوا الأداة التي يتم بها تثبيت مباديء الدين ليقول العالم أنالمرأة هي التي رضيت.
• ضرورة إلغاء فكرة أن يكون الدين المصدر الوحيد للتشريع ، لأن الكثير من الظلم وقع على المرأة بسبب بعض الدينية المتترطفة ، كمسألة توزيع الميراث ، تعدد الزوجات ، وجوب أن تكون العصمة في يد الرجل ، و زواج المتعة التي حللها الدين و فيه إهدار لكرامة المرأة بشكل واضح .. و ما إلى ذلك من أمور أخرى..
• محاولة تثبيت وضع الدستور في قالب علماني مدني يحفظ حقوق كل فرد في المجتمع دون تمييز على أساس الجنس أو المذهب أو الدين و أن يمنح المرأة أكبر قدر من الحقوق التي تليق بها ، بحيث يعتمد بشكل أساسي على بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و كل القوانين و البنود في المواثيق و الإتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المرأة.
• فرض القانون و الحكم المدني في المناطق التي تحكمها السلطة الدينية و خصوصاً في ما يتعلق بحقوق المرأة في تلك المناطق.
فعلى أساس نظرية أن مستوى رقي المجتمعات تقاس بمستوى رقي مكانة المرأة في ذلك المجتمع يجب علينا النظر إلى كل الأمور و التي من أهمها بل على رأسها تفعيل دور المرأة إجتماعياً و ثقافياً و إقتصادياً و سياسياً في المجتمع. و التأكيد على العودة إلى كل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان و القوانين الخاصة بحقوق المرأة و مراعاة منح المرأة حقوقها من أبسطها إلى أكبرها ، و عدم تكرار الماضي المؤلم و ذلك بإلغاء كل القوانين التي تعتبر بمثابة القيد في عنق المرأة و تسلبها حقوقها الإنسانية في أطر قانونية تم تأكيدها في الدستور ، و رفض كل مخلفات الماضي و الموروث العشائري و الديني و الظلم الذي يقع على المرأة من جراء إعتماد تلك العقلية المتخلفة و تبني نظرياتها التي تكبل المرأة بجملة من القيود البالية و الأفكار الدينية الدخيلة على الدين الإسلامي الحنيف التي هي إجتهاد شخصي و ممارسة قهرية في حق المرأة أكثر مما هو مبدأ من مباديء الدين الإسلامي أو اي مذهب من المذاهب السماوية ، و رفض مطاليب الأصوات التي تطبيق قوانين الأحوال الشخصية و حق الميراث كل حسب مذهبه ، و أن يتم إستبدالها بقوانين حضارية أكثر تطوراً و تراعي بقدر أكثر حقوق المرأة بشكل بتناسب مع روح العصر و التطور الذي يشهده العالم في الوقت الحالي.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة