عضل النساء

محمد ابداح
mohamadibdah1970@yahoo.com

2014 / 8 / 22

عضل النساء

يعتبر عضل المرأة، من أسوأ مظاهر امتهان المرأة في عصرنا الحالي، حيث يعد سلب المرأة حقوقها وانتهاك إنسانيتها، لدى البعض حق من صور الولاية الشرعية على الفتاة، وأما العضل فهو قيام ولي الفتاة، أباً أو أخاً وغيره، برفض تزويجها لأي ممن يتقدمون لخطبتها، رغم ثبوت كفاءتهم الشرعية، والتي سبق التطرق لبيانها.
ويعد العضل أحد أهم أسباب ارتفاع نسبة العنوسة ومحاولات الإنتحار بين النساء، وهي عادة جاهلية ممتدة إلى اليوم، ولها صور متعددة كرفض زواج المرأة من رجل لا يعاب عليه في دينه أو خلقه، أو بسبب طمع ولّيها في مالها، أو راتبها في بعض الأحيان، أو في خدمتها المجانية له، أو بسبب حجزها لابن عمها حتى يكبر ويصبح بعلاً، أو بسبب عدم اعتبار العريس من ذوي الحسب والنسب، أو أنه من خارج قبيلتها، إضافة إلى عدم تزويج الأخت الصغرى في حال تقدم شخص لها قبل أختها الكبرى، ما يسبب عنوسة كلا الأختين!،قال الله تعالى: ( وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ-;- بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) النساء/32، ولقد وصّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى النساء، والأحاديث النبوية التي توصي بالنساء وباحترامهم وإكرامهن وعدم إهانتهن كثيرة ومتعددة ، بل إنه عليه الصلاة والسلام هو مقررالقاعدة الشرعية القائمة على العدل والإنصاف : ( إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ).
لقد حارب الإسلام الظلم الواقع على المرأة زمن الجاهلية، وصان كرامتها ورفع قدرها، رغم أنف أبعلُ بعل في الجاهلية، قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)- البقرة: 228، وقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم من رزقه الله البنات فأحسن إليهن أجرا عظيما، قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة)، وحين وضع الشرع ولياً للمرأة في أمر زواجها، فلي انتقاصاً وإنما حفاظا عليها ورعاية لحقها، وتقديراً لحيائها وكرامتها، وأمر الأولياء بتقوى الله في النساء والحرص على مصالحهن واختيار الأزواج الصالحين لهن، قال رسول عليه الصلاة والسلام: ( إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنه في الأرض و فساد كبير).
وعلى ما يبدو فثمة بعض الأولياء ممن يغالون في سوء استغلال حق الولاية على النساء، مرتكبين بذلك ظلماً عظيماً ، قال تعالى : ( فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف)- البقرة: 232 ، ولنا بقصة الصحابي معقل بن يسار رضي الله عنه، والذي زوج أخته رجلا من المسلمين فطلقها فلما انقضت عدتها جاء يخطبها فرفض معقل بن يسار قائلاً له أكرمتك وزوجتك فطلقتها، والله لا ترجع إليها أبدا، وكانت المرأة تريده فنزل قول الله تعالى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف)، فلما سمعها معقل بن يسار دعا الرجل فزوجه، ومن صور العضل أن يجبرها وليها على الزواج ممن لا ترغب فيه ، أو ممن يكبرها جدا ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت).
وفي صورة أخرى من صورة عرف العضل الجاهلي القاتل هو قيام الزوج بترك زوجته معلقة، فلا يعيش معها ولا هو بمطلقها، وهو إسلوب ضغط، كي يجعلها تتنازل عن كافة حقوقها ، من ما يسمى بالإفتداء او المخالعة، حيث تحصل الزوجة على الطلاق ( حريتها) مقابل تنازلها عن حقوقها، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله في خيرا كثيرا، وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا. وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا) - النساء: 19-21.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة