مذكرات بارميطة رقم46

لوتس رحيل

2014 / 10 / 1

وتعب كلها الحياة...والحياة كفاح..صبر وجهاد..وامل وانتظار...وامل يدغدغ مشاعري من جديد...واحلام تنعشني...اشعر بغبطة.براحة...مضى وقت طويل دون ان اشعر باحساس لديد مثل هدا الاحساس...رباه...مد فتحت عيني اليوم وانا احاول كبح زمام رغبة في الغناء...يازهرة في خيالي...اه يا فؤاد..وابتسامة عريضة..وانظر في المراة طويلا..اتامل ملامح وجهي...ويبدو لي اني جميلة..نعم انا جميلة...واعجب بنفسي..لاتكوني مغرورة يا زهرة...لست مغرورة اليس لدي الحق ان اتامل مفاتن جسدي وانا اخد حماما...وجسدي الجميل..وحرمان لمدة طويلة...وامل في تجديد.. في تعويض ما راح...وبطن ماجدة التي تزداد انتفاخا تزيدني املا وتشبثا واصرارا..وعنادا في انتظار يوم ما..خبر ما..مفاجاة ما...وفرحة احمد العارمة...واحلام فدوى في الاعتزال هي الاخرى...وحبها لعدنان....رباه سينقلب كل شيء اجل وقريبا جدا...فلكل بداية نهاية...ورحلتنا في القطار والقطار محطات واستراحات...والرحلة على وشك النهاية ونحن على مقربة الوصول الى محطتنا الاخيرة...وانظر الى تلك الطاولة..شيء ما يجدبني اليها وانا هده الليلة في كامل هدوئي..كامل اناقتي..ابدو جميلة جدا..هدا ما قاله احمد وفدوى ايضا وهي تسخر كعادتها وتغمز بعينيها لاحمد:
احمد الا ترى ان زهرة قد بالغت في زينتها اليوم؟
ويضحك احمد هو الاخر لكلام فدوى:
اليست عروس يا فدوى ربما لعبت ثانية دور عروس في حلمها البارحة...
وتتعالى ضحكاتهما وهما يسخران مني او هكدا يخيل الي لتردف فدوى:
ربما هي على موعد مع العريس...
ويترك احمد ما بيده وهو يقترب مني يمعن في النظر:
تبدين رائعة ايتها الزهرة اليانعة ربما حان وقت قطفك فهل انت مستعدة؟
واتساءل في دهشة:
مادا قلت يا احمد؟قطفي؟اهو درس جديد من دروسك الاحمدية؟
لكن احمد يقاطعني قائلا في حنان:
ستنتهي دروسي الاحمدية لك قريبا يا زهرة...
واشعر ان احمد يخفي شيئا...ان فدوى هي الاخرى تخفي شيئا...واجد نفسي انظر مجددا الى تلك الطاولة...انه يجلس هناك...يرمقني..انه نحيل...طويل..وسيم..يضع نظارات..ولحية,اجل لديه لحية..تضفي عليه وقارا وجمالا...وقلبي يخفق ولا ادري لم...واحاول ان انقب ثانية في قمامة داكرتي...هدا الوجه يدكرني بماض...وشبه كبير بينهما...شيء ما يجدبني الى النظر اليه مجددا....وهو يحدق في من بعيد...يكاد ياكلني بنظراته تحت النظارة..انه اسمر..او ربما لفحات شمس ...ففدوى تقول انه ربما قضى وقتا طويلا تحت لهيب الشمس والحرارة او استجمام وراحة...انه نحيل يا فدوى....
ايعجبك داك الشخص يا زهرة؟
ولم احر جوابا...وكاني اعرفه مند امد بعيد فقلبي ينبض بسرعة فائقة وتحمر وجنتاي...واحمد الدي دهب اليه مصافحا اياه يتبادلان حديثا وكانهما يعرفان بعضهما البعض...احمد الدي ينظر الي بين الفينة والاخرى وهو يتابع حديثه مع الشخص النحيل...
واتساءل ترى من يكون ؟وعما يتحدثان؟فانا لا اصدق ان يكون داك الشخص شادا او من طالبي اللدة ...فانا لم اره قبل الان في هدا المستنقع...
وفدوى هي الاخرى التي تراقب صمتي ويبدو انها قرات افكاري ومخاوفي تضحك دون توقف وهي تشير الى طاولة النحيل قائلة:
لا تسيء الظن يا زهرة...ربما هو صديق قديم...الا يدكرك هدا الشخص باحد ما؟
واجيبها في حيرة:
اه يا فدوى شيء ما يجدبني اليه..واحاول ان اتذكر وكاني رايته في مكان ما ؟انا متاكدة اني قابلته اجل احساسي لا يخطئ ابدا يا فدوى...او هناك شبه بينهما...لكن هده اللحية تبدو غريبة..واحاول ان اتخيله دون لحية ..لكن الصورة تتلاشى ...وضباب...
ودهبت فدوى هي الاخرى لتتركني قلقة حائرة اجل لحقت باحمد وقام النحيل لمصافحتها ليجلس الجميع يتحدثون وينظرون صوبي وهم مستغرقون في ضحك متواصل...مما اغضبني لكني حاولت التجلد...وقلبي يخفق بشدة ولا اجرؤ على اللحاق بهما فضلت ان اقاوم ربما صديق لهما من يدري ؟ربما زبون قديم من رواد المستنقع؟واسئلة كثيرة كالسهام ولا اجد لها جوابا...وهده الراحة الغريبة التي اشعر بها وانا انظر اليه...ترى ما سببها؟ولم يخفق قلبي؟وما قصة هدا النحيل الطويل الاسمر دو اللحية؟..لحية تتخللها شعيرات رمادية...وشعره القصير الدي ينبئ بصلعة مستقبلية...ومادور هده النظارة؟فهي ليست نظارة شمس..نظارة طبية سميكة....وخيوط افكاري المتناقضة ترهقني...ولا اجد بدا من متابعة عملي وطلبات زبائن لاتنتهي...ربما هدا النحيل معجب بجمالي...وضحكت لهدا التخمين..لتعود فدوى مجددا وهي تسالني عن سبب ابتسامتي الحائرة لاعلمها بتخميناتي الغبية والسادجة...
وتقاطعني فجاة في حنان:
زهرة سافتقدك يا زهرة...
وافزعني قولها لارد عليها بسرعة:
مادا تقولين يا فدوى؟اتفكرين في الدهاب صحبة هدا النحيل؟وعدنان؟مادنب عدنان المتيم الولهان الدي يعد العدة والترتيبات والتجهيزات حتى يعقد قرانه عليك...
قاطعتني فدوى في غضب:
ومادخل عدنان في الامر يا زهرة؟ما بك؟
وتضحك بسخرية لتردف:
سافتقدك يا زهرة ..ستدهبين انت....
مادا؟انا؟الى اين سادهب يا فدوى؟اترى تعلمين شيئا وتخفينه عني؟ايفكر المدير في طردي؟
وضحكت ثانية وهي تنظر الي:
اه يا زهرة سافتقد سداجتك يا زهرة وتلقائيتك..وما دخل المدير فيما اقول...
واشارت الى النحيل وهي تقول:
ستدهبين رفقة داك النحيل....
مادا؟وضحكت في حيرة فانا لا افهم شيئا...لكن احمد الدي عاد مجددا, اقترب مني وهو يفتتح درسه الاحمدي لهده الليلة مؤكدا انه اخر درس احمدي سيلقيه علي وهو يتمنى ان اكون قد استفدت شيئا من دروسه السابقة :
اعلمي يا زهرة ايتها العزيزة ان هدا الشخص النحيل معجب بك ويحبك كثيرا ومستعد لفعل اي شيء من اجلك فما رايك؟
رايي فيمادا يا احمد؟
وتدخلت فدوى بسخريتها:
زهرة هدا الرجل النحيل يريدك لنفسه وقد تفاوضنا معه انا واحمد وهو مستعد لاي ثمن تطلبينه انه ينفق بسخاء..ما رايك في ليلة حمراء بين احضانه؟
وقاطعتها بغضب:
مادا تقولين ايتها الحاجة؟اتريدين مني ان ابيعه جسدي؟ينفق بسخاء؟وانت يا احمد؟ارضيت ببيعي؟كنت تعقد معه الصفقة صحبة فدوى؟الست صديقتكما؟الا تعلمان اني شريفة واحب فؤاد ولا احد له الحق في لمسي سواه؟انا مخلصة لفؤاد....
واستغرقت فدوى واحمد في ضحك متواصل...
وانا اشتد غيظا وغضبا وكدت اتفوه بكلمات نابية في حقهما فقد احسست باهانة وجرح كبير لكبريائي..لم اتوقع يوما ما ان يفكر احمد وفدوى في بيع جسدي مقابل حصة من الارباح فاحمد يؤكد ان النحيل طلب منه اقناعي بقبول دعوته وهو مستعد لدفع اي مبلغ اريد كما انه مستعد لدفع اي مبلغ يريده احمد وحتى فدوى فمهمتهما اقناعي بقضاء اخر الليل معه وربما اياما اخرى ايضا...وانا لااصدق ما يقول احمد....
وفكرت في الدهاب الى الطاولة حيث يجلس النحيل واصفعه حتى القنه درسا في الاخلاق لكني لم اقو على مغادرة مكاني وكان لا يزال يرمقني وهو يحييني بين الفينة والاخرى ويومئ براسه بالتحية مبتسما او يشير بيده...وثارت ثائرتي واحمد وفدوى لايزالان يضحكان ويسخران مني...وانهمرت دموعي مما جعل فدوى تقترب مني متاسفة:
اه زهرة لم الدموع؟الا يعجبك النحيل؟انه يريدك فمادا دهاك يا زهرة؟
واقترب احمد هو الاخر يقول لي:
زهرة كوني قوية يا زهرة...سيبتسم لك الحظ...والنحيل رجل وسيم..ودو مركز...مستعد لاخراجك من هدا المستنقع من هدا الوحل...لم تبكين ادن؟لم لا تفرحين؟فهناك مفاجاة كبرى في انتظارك..فلا تستعجلي...ساشتاق اليك كثيرا يا زهرة...
وانخرطت في بكاء عنيف...لا ادري ما سببه...وحزن يجتاحني...واحاسيس متضاربة...وما زاد الطين بلة...غناء في الحلبة...نغمات عود.....واشعر بالانهيار...ففدوى التي كانت تهمس في ادن دلك المغني الشاب الواعد....لتتصاعد النغمات....يا زهرة في خيالي...رباه..لم اعد اتحمل...فؤاد...اين انت ايها الحبيب؟ اين انت زوجي ....ودموعي الصامتة تبلل ملابسي...تمتزج ببقايا كحل في عيني...وارتمي في حضن فدوى...منهارة..واتساءل لم فدوى همست في ادن المغني الشاب ؟اهي من اسرت له ان يؤدي تلك الاغنية؟ولم الان بالضبط؟اتريدني ان اضع حدا للماضي وافكر في هدا النحيل؟ومن يكون هدا النحيل يا الهي؟؟؟شيء غامض..وظلام...ليتني افهم ما يجري..وكاني في حلم...والذكريات..فنغمات العود ايقظت في نفسي دكريات غابرة...وانظر مجددا نحو الطاولة انه هناك لا يزال يرمقني في بسمة ..في حنان..وفجاة ينهض من مكانه متجها نحوي في خطوات ثابتة...وقلبي يخفق بشدة..اكاد اختنق..لم اعد اقوى على التنفس...وفدوى واحمد يتابعان ما يجري وهما يتبادلان النظرات ويتغامزان....رباه انه امامي لايفصل بيننا سوى هذا الكونطوار...وينظر الي نظرة طويلة من تحت نظارته ولا يكلمني...وقلبي يزداد اخفاقا..لا اجرؤ على النظر اليه..ودموعي فيضانات..رباه ...ملامحه تذكرني بشيء ما...وجه ما..وضباب كثيف...وانظر الى عنقه...وصدره فقميصه مفتوح....وتلك السلسلة الدهبية...تذكرني بشيء هي الاخرى...وشعيرات صدره...وتزداد شدة الطنين في راسي...واحاول ان استجمع خيوط افكاري...شبه كبير...رغم اللحية..رغم هده النظارة..شبه واضح....وفجاة يخرج قلما وورقة ليخطط شيئا ما وهو يضع الورقة في يدي دون ان ينطق ببنت شفة...ثم يخرج بخطواته الثابتة ونظراتي تلاحقه لم اقو على الكلام وهو يدير ظهره حتى غاب عن الانظار....وفدوى واحمد يقتربان مني..ويشجعاني على قراءة ما خططته يده في الورقة...وهما يبتسمان في حنان...ويداي ترتجفان...وانا انظر مشدوهة الى الورقة...بين اناملي...احاول القراءة دون جدوى ..لا اقوى على التركيز...
"انتظرك خارجا"
هدا ما كتبه وانا لا افهم وفدوى واحمد يطلعان على الورقة وهما يضحكان من جديد ...
يا لغبائك يا زهرة..ما هده الحيرة...لم لا تقرئين جيدا...
واعاد لي احمد الورقة من جديد وهو يشير الى اسفلها لانظر حيث يشير لاجد كلمة لم انتبه اليها من قبل وانا اقرؤ ما كتبه النحيل فقد كنت مضطربة جدا وجحظت عيناي واصبت بالذهول وعيناي تقعان على الكلمة......
"فؤاد"



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة