نسائيات : حي الميدان والمرأة السورية ( محلة باب مصلّى ) - دمشق

مريم نجمه

2014 / 12 / 13

نسائيات : حي الميدان والمراة السورية ( محلة باب مصلى ) – دمشق – أعرف بلادك ؟
مقدمة
1 - حي الميدان
لم تحظى مدينة مثل مدينة دمشق من إهتمام ودراسة ووصف وتغني وحب كما حظيت عاصمتنا ومدينتنا دمشق وغوطتها وأحياؤها على مر التاريخ ..
حي الميدان الحي الكبير والقديم من أحياء دمشق , يقع خارج السور على مسافة كيلو مترين ونصف تقريباً على الطريق المؤدي إلى جنوب سوريا , والأردن و فلسطين والحجاز .
-----

تتسابق الدراسات الحديثة حول هذا الحي التاريخي الشهير- حي الميدان - بوطنيته وحركته الإقتصادية والإجتماعية , خاصة بعد المعلومات التي اكتشفت في سجلات المحاكم الشرعية في مدينة دمشق وحماه وحلب وغيرها من المدن السورية , والتي ساعدت في إغناء وتدوين أحداث التاريخ والتطور الإقتصادي والإجتماعي والسكاني بشكل أعمق وأصدق ,, معتمدين على سجلات الوثائق الرسميه التي فتحت أمام الباحثين والمؤرخين مجالاً رحباً من المعلومات القيمة والتخصص في مفرداتها .. وقد لفت انتباهي أثناء قراءة بعض الكتب الجديدة فيما يتعلق بالمرأة السورية ونشاطها ومكانتها وثقتها بنفسها , وهذا ما دفعني لكي أنقل بعض فقرات من الكتاب نعتز بها ونضيفها للدور النسائي الريادي الذي لعبته المرأة السورية – الريفية - والمدينية , في عصور سابقة وما زالت تحفر مسيرتها بعنفوان وكرامة وبطولة ..
****
حيّ الميدان – باب مصلّى
شهد هذا الحي تطوراً كبيراً في العصر العثماني ( التركي ) من عام 1516 – 1916 – خاصة ارتباطه برحلة الحج إلى الأماكن المقدسة في مكة والمدينة , والتي كان يجري تنظيمها تاريخياً في دمشق ..
وتأثير عهد المماليك فيه أيضاً
كما كان هذا الحي في القرنين السابع عشر والثامن عشر مسرحاً لنزاعات حادّة – أظهر الدكتورعبد الكريم رافق أهميتها في كتابه * –
حيث كان حي الميدان موقع إقامة وحدات الإنكشارية المحلية ,
في حين كان لوحدات الإنكشارية الأمبراطورية مواقع محصنة في المدينة داخل السور .
– أهمية وتاثير العائلات الكبيرة التي سكنت فيه
- تأثير تواجد العسكر والدور الذي لعبوه في الحي
– الحياة الاقتصادية الناشطة القائمة على تجارة القمح بالدرجة الأولى , القادمة من سهل حوران الخصيب .
-----


..... الكشف الجديد بالنسبة للمعلومات التاريخية و ( توثيق المحكمة الشرعية ) وما فتحت من أبواب وأفاق لدراسة واقع البلاد من نواحي كثيرة , أضاءت لنا نوافذ للإندهاش والتوسع في معرفة حقائق كانت مطموسة وغائبة عن التدوين والتاريخ لأمد قريب .
المرأة السورية الريفية إمرأة قديرة قوية الشخصية . تملك مساحة من الحرية أكثر من المرأة المدينية , نظراً لطبيعة البيئة والمحيط , والعلاقات الإجتماعية المنفتحة , والعمل في الزراعة أو الرعي والحرف اليدوية الفردية التي تقوم بها وتزاولها في بيتها ..
المرأة السورية لو أعطيت الحرية كاملة ضمن نظاااااااااام إقتصادي تحرري عادل ستقوم بالمعجزات . المرأة السورية إمرأة قوية ذي شخصية متزنة وحرة ومنفتحة وأقتصادية ومدبرة وقديرة بإدارة أمور بيتها وعائلتها وعملها بذكاء ورقي وتنظيم وفرح وحب , كل هذا الدور مطموس في التاريخ لتبقى جارية ومُستغلة ومُهانة ومُتهمة ومُحتقرة ومُسلط السوط عليها وعلى تحررها وإبعاد دورها الريادي في إدارة البلاد والتغيير المطلوب حالياً .
__
يسرّني اليوم ان أنقل معلومات جديدة للقراء نعتز بنقلها ونفتخر , بإضاءة على كتاب الدكتور رافق عبد الكريم - بجديد وضع المرأة في تلك الفترة من القرن الماضي , رغم ظلامياتها وظلمها كيف استطاعت أن تشق موقعاً ودوراً حراً في المجتمع الذي عاشت فيه وتثبت شخصيتها رغم أمّيتها وعدم دخولها المدارس والجامعات والجيش كاخيها الرجل , في تلك الحقبة التاريخية الإستبدادية البعيدة عن الإنفتاح والتطور والإختلاط التي كان فيها المرأة لا يزال البيت موقعها , والعمل داخله , وليس الوظيفة والمؤسسات كما اليوم ,, لم تكن تعرِف المرأة خارج البيت وأسرتها الكثير بعيدة عن السفر والمدارس والتعرف على العالم والمظاهر الخارجية -
لقد لفت نظري هذه المعلومات الجديدة التي قرأتها عن نساء وطني في فترة رجعية تحت إحتلال تركي عثماني مزمن وهذا ما سرني ان أنقله لقرائي ليرى ما يدعم اّرائنا في تحرر المراة وإعطائها كامل حريتها ودورها لتبدع ويتقدم الوطن بمشاركتها دون حواجز وتشريعات ومعوقات رجعية .


الحي التاريخي الشعبي الوطني
كان لي فرح وفرصة التعرف على هذا الحي التاريخي الوطني حيث درّست في مدارسه المتوسطة والثانوية – كمتوسطة الميدان المحدثة وغيرها , بين عامي 1968 – 1970 , ولي ذكريات لا تنسى مع الطالبات والمديرة والزميلات المدرّسات , وأسواقه الغنية بالخيرات .. وشعبه الطيب .

نقرأ في صفحة : البنية الإجتماعية والإقتصادية - لمحلة باب المصلّى الميدان بدمشق , ما يلي :
( ... ويندرج في إطار الإندماج الإجتماعي مشاركة المرأة في محلة باب مصلّى في بعض مظاهر الحياة العامة , وبخاصة سوق العقارات , على قدمِ المساواة مع الرجل , وبدرجة فاقت مشاركة مثيلتها داخل دمشق .
وربما يُعزى هذا إلى الأصول الريفية لعدد كبير من سكان المحلة , وإلى إنتقال دور المرأة الفعّال في الريف إليها , فقد برزت المرأة في محلة باب مصلّى في شراء العقارات الكاملة . وهذا أمر له دلالته بأكثر من شراء المرأة حصة في عقار أو أكثر , لأن هذا يكون في الغالب ناتجاً عن إرث أو عن تصفية حقوق مع الأقرباء , واشتملت العقارات الكاملة التي تعاطت النساء شراءها أو بيعها على العقارات السكنية والتجارية داخل المحلة .
وشاركت النساء كذلك في شراء وبيع " الكدك " والخلو بالنسبة للدكاكين . ونظراً لتملّك المرأة العقارات الكاملة عرفت هذه العقارات بإسمها , وذكر ذلك حين تحديد جهات عقار ما كان يقال : " يحدّه قِبلة بيت رحمة بنت إدريس , وغرباً قسيمة بيد الحُرمة فاطمة بنت أبو الحسن الهواري " .
ويلفت الإنتباه في شراء النساء العقارات الكاملة أو بيعهم لها أن معظمهن كنّ من أصول غير محلية , كما يظهر ذلك مثلاً في إسم الحرمة عاتكة بنت حسين الفلاح , التي اشترت جميع الدكان بالقرب من جامع المصلّى , وإسم الحُرمة فاطمة بنت أحمد اّغا الترك , التي اشترت بمالها جميع كدك وخلو الدكان بالشارع السلطاني , وإسم الحرمة زينب بنت عمر النحوي المغربي , التي اشترت لنفسها جميع الدار بزقاق المخللاتي , وإسم المرأة عبدة بنت محمد الطرابلسية التي اشترت جميع الدار بالقبة الحمراء.
وتدل هذه الأمثلة على فعالية المرأة في سوق العقارات في محلة باب المصلى , وعلى رغبة النسوة المهاجرات إليها بالتملك والإستقرار فيها , لان ذلك يشكل المجال الأكثر ضمانة لتوظيف ما تمتلكه من مال الى جانب عقد الديون .
وعلى غرار الرجل , ظهرت المرأة بنفسها في محكمة الميدان الشرعية , بدون وكيل يمثلها في قضايا البيع والشراء التي ساهمت فيها , وزيادة على ذلك قامت المرأة بدور الوكيل عن الرجل في شراء العقارات وبيعها ليس بصفتها وصية على قاصر بل كوكيلة معتمدة رسمياً ,,,
ونلمح في دور المرأة هذا في محلة باب المصلى , تراثاً ريفيًا عريقاً , لعبت فيه المرأة دورًا مستقلاً , معتمدة على نفسها في العمل والمعيشة والدفاع عن حقوقها , في حين أن المرأة في المدينة كانت أكثر انزواءً وأقل ظهوراً وممارسة لحقوقها بنفسها .
ويمكن القول ختاماً , أن البنية الإجتماعية والإقتصادية لمحلة باب المصلى في الفترة التي درسناها , لا بد وأن تتضح مدلولاتها بشكل أكبر , بإجراء بحوث مشابهة لمحلاّت أخرى , داخل دمشق وظاهرها . وتفيد مثل هذه الدراسات في توضيح الخلفية الإجتماعية والإقتصادية لمختلف فئات السكان , وفي تفهم مواقفهم السياسية والدينية واتجاهاتهم الثقافية ) ...لنا في البحث الممتع بقية ..يتبع .....

---------------
بعض المصادر : دراسات إقتصادية واجتماعية في تاريخ بلاد الشام : الدكتور عبد الكريم رافق – استاذي في جامعة دمشق – تحية تقدير وشكر للأستاذ عبد الكريم رافق الجار وصديق العائلة على إصداراته الجديدة القيّمة .
مريم نجمه / هولندة



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة