لن يكفي يوماً واحداً لنحتفل به

عواطف عبداللطيف

2015 / 3 / 15

مع تباشير الربيع ،ودفئه وجماله، ورونقه،في آذار الخير والعطاء يحتفل العالم بعيد المرأة العالمي.
بسم الله الرحمن الرحيم
"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" ( الروم 21)
المرأة التي أنصفتها الأديان خلقها الله لتشارك الرجل وتزيد حياته جمالاً ولتمنحه الأبناء متحملة آلالام الحمل والمخاض والولادة فهي أسمى من كل بلاغات الأقوال و الأمثال لأنها الرمز لأستمرار الحياة معه فهي ليست نصف المجتمع بل المجتمع كله ,,هذه الإنسانة التي تجمع بين العقل والمشّاعر وبين الرقة والقوة كانت وما زالت سنده في مسيرة الحياة. فلا يمكن له نسيانها لأنها تسكن العقل والقلب والروح فالحياة بدونها كالبستان بدون شجر وكالبحر بدون ماء,,هي الجمال والرقة بكل معانيهما وأشكالهما.. فمع المرأة يكون للحياة معنى وللمجتمع رونق.
يمر عيد المراة هذه العام والمرأة العربية في وضع لا تحسد عليه ومعاناتها تتعاظم لتصبح كارثة إجتماعية,, فالمرأة في فلسطين وسوريا والعراق تعاني من ظلم الأحتلال وجبروت الإرهاب الذي أستفحل في كل مرافق الحياة , وقسوة النزوح,وهيمنة المجتمع الذكوري , ودكتاتورية النخب السياسية الحاكمة والتطرف الديني والأ نهيار التام للبنى التحتية ومرافق البلاد وتعاظم الفساد,,لتعيش العوز والمهانة الإنسانية، فأصبح العنف ضد المرأة والسعي لاستغلالها واستخدامها لأغراض غير صحيحة ظاهرة متأصلة في المجتمع،ومهما عملت المنظمات والجمعيات التي تعتني بها ورفعت الشعارات إلا إنها من الصعب توفير ما تحتاجه لتمنحها الأمان الذي إفتقدته تحت ظل ظروف الإرهاب والإحتلال..
المرأة.. كتاب قيم,,كل صفحة من صفحاته لون ,,ضمت مشاعر وأحاسيس وصفات,,حب ,,تضحية وإيثار,,رقة وحنان,,ألم وفرح ,,نقاء ووفاء,,ثقة وإباء,,عزة وكرامة ,,صبر وشموخ,,نقشت بدم الروح ودمع العين ووجع القلب .. قدمت التضحيات، علمت ، كبرت، سهرت ,,لترسم لنا طريق الكرامة و الشموخ، وتضعنا على طريق العلم لتحصد ثماره مستقبلا مشرفا لنا وبيتاً آمن الجدران لعوائلنا.
أكتب اليوم لأبارك لها في عيدها وفي داخلي شيء يتمزق,,فالأيام تمر وهناك من يتجرعن الألم بصبر ومن يلتحفن العراء ويتوسّدن البكاء!! يبسهن البرد,, يمسكن بطونهن لإطعام الصغار بصمت ,,تركن بيوتهن وذكرياتهن خلفهن وقلوبهن تئن ,, فقد تعرضت المرأة العراقية لأبشع جريمة انسانية وأخلاقية وما تزال الضحية الأكبر جراء ما حدث ويحدث.. ورغم ذلك بقيت مرفوعه الرأس كبيرة المقام وهي تتجرع الوجع و تتطلع لمستقبل أكثر اشراقا وسلاما ومحبة لكل الأهل والاحبة.
المرأة,, هي روح المجتمع، وبدونها يصبح المجتمع أحادي القطب لذا فإن تطور المرأة يعتبر الخطوة الأولى في المسار الصحيح للقضاء على آفات التخلف والمقياس لتقدم المجتمعات البشرية ,, وهي العنصر الأهم والأخطر والأشمل في تربية الأجيال وتنشئتها ولسمو مكانتها في المجتمع لها الأولوية في أن تتحتل الصفوف الأمامية التي تستحقها بكل فخر والعمل على ترسيخ حقوقها وإعطائها الفرصه لاثبات وجودها.
ففي عيد المرأة تحية إجلال وتقدير للزيتونات والنخلات الشامخات اللواتي عاصرن النكسات وكابدن شظف العيش وهن يحملن معاول الصبر ويعاركن هموم الحياة بكل صلابة ,, فمهما تعمقنا في الكتابة لن نفلح في كتابة لحظة مما يقدمنه من عطاءآت في ميادين الصمود والكفاح والإباء والعزة والكرامة ,,وسيبقى ما حصل لهن ويحصل نقطة سوداء في جبين منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المرأة والمجتمع الدولي الذي يتفرج على كل ما يطالها من إنتهاكات إنسانية .
فيا أيتها العذبة روحاً، العطرة مكانةَ ,,الكبيرة مقاماً ,,إلى المشعل الذي ينير دروب العطاء و لا ينطفيء,,إلى والقلب الذي يحتضن الحياة بحنان ويزرع الدفء لتتبرعم الأغصان ,, كل آذار وأنت ِ سيدتي بألف خير .
وعلى الجميع أن يحتفل بها في كل يوم لأنها العنوان الجميل لهذه الحياة وشمعته المضيئة .

عواطف عبداللطيف



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة