أين ألنِساء ..؟

قاسم حسن محاجنة
kassem-enosh@hotmail.com

2015 / 5 / 28


أين ألنِساء ..؟
كمَنْ يُسافر لتأدية فريضة الحج الإسلامية والناس راجعون من البلاد المُقدسة ، هكذا حصل معي بخصوص موضوع آخر . ولذلك يمكنكم السخرية مني ولا حرج ، كما يقول مثلنا الشعبي الذي يتمنى فيه أحدهم لصديقه (ربما عدوه ) : يطعمك الحجة والناس راجعين ..!! أي اتمنى لك شيئا ليس له قيمة عملية وفعلية ..
لكنني مجازيا (رُبما ) أدّيتُ الحج في غير وقته ، وذلك بمتابعتي مؤخرا للمسلسل السوري "التغريبة الفلسطينية " ، والذي عُرِضَ على الشاشة الصغيرة في سنة 2004 أي قبل أكثر من عقد من الزمان . يعني شاهدته بعد ما نسيتْهُ الناس ..!!
كثير من أحداث المسلسل حدثت مع أقرباء أو معارف لي أو سمعتُ بمثلها ، فعائلتنا تشردت وتقطعت بها السبل ، فقسم منها بقي في حدود دولة اسرائيل ، وقسم أخر عاش في المخيمات وما زال ..!!
لكنني لا أكتُبُ نقدا أو تقريظا للمُسلسل ، لكنني أكتبُ لتحطيم بعض البديهيات ..
من شاهد المسلسل يُلاحظ غياب المرأة اليهودية المُحاربة .. وعلى ذمة المؤرخ بيني موريس فقد لاقت 500 إمرأة يهودية حتفها في ارض المعركة .. فكل من حارب من طرف المنظمات اليهودية هم من الرجال وقسم منهم يرتدي" الكيبا"(قبعة الرأس الصغيرة التي يضعها المتدينون ) ، علما بأن غالبية الذين حاربوا في 48 من اليهود كانوا علمانيين .. فهل السبب في اخفاء المرأة اليهودية المُحاربة من المسلسل هو "لأن الهزيمة ستكون أعظم " ؟؟ لأن للمرأة فيها نصيب ..!!
وثانيا كان "دور " الفتاة الفلسطينية مقصورا على الزغاريد ..!!
فالمرأة اليهودية شاركت في القتال بشكل فعّال حتى حرب حزيران 1967 ، ثم اقتصر دورها بعد ذلك على تقديم الخدمات المكتبية ، والادارية والتكنولوجية (تنصت ومراقبة الحدود الكترونيا ) ، تقديم الخدمات الطبية، الشرطة العسكرية ، التثقيف أو المهمات العسكرية غير القتالية ..!! والفتاة الفلسطينية لا يُسمحُ لها حتى بالزغاريد لأن صوتها عورة .
ويظهر في المسلسل الثوار الفلسطينيون وهم يُعانون من نقص حاد في السلاح ،بينما اليهود يملكون اسلحة متطورة ، وهذا صحيح .. وراجت بديهية تقول بأن الجيش البريطاني سلّم اسلحته لليهود في فلسطين .
لكن ليس كل ما كان بأيدي اليهود هو سلاح الجيش البريطاني .. فقد أنشأ اليهود حينها صناعة اسلحة متطورة ، ومرة اخرى يورد بيني موريس معطيات بالغة الأهمية إذ يقول بأنه بين الفترة الواقعة ما بين 1-10-1947 31-5 1948 انتجت مصانع السلاح التي امتلكها اليهود أو المنظمات العسكرية اليهودية ما يلي :15468 رشاش من ماركة "ستين" ، ما يزيد على ال200 الف قنبلة يدوية ، 125 راجمة عيار 3 انش ، 130الفا من الالغام والقنابل و40 مليون طلقة (رصاصة ) . ومن شبه المؤكد بأن تمثيل النساء في الصناعات العسكرية كبير ، كما هو اليوم .
في حين لم يُنتج العرب جميعا رصاصة واحدة ..
أما العوامل الأخرى التي ساعدت اليهود في فلسطين فهي وحسب تشخيص بيني موريس :
قيادة وسيطرة مركزية ، دافعية عالية لمجتمع متحد وراء هدف مشترك ، قوة عسكرية مدربة ، قوة اقتصادية ومجتمع صناعي ، جهاز تعليمي متطور ، ومجتمع من الشباب المؤهلين للحرب .
ويُمكن للقاريء أن يُلاحظ بأن عوامل قوة اليهود في فلسطين قبل قيام دولة إسرائيل هي نفسها عوامل قوة إسرائيل حاليا .
فقد تحولت اسرائيل مع الزمن الى واحدة من الدول الصناعية المتقدمة ، يرفدها جهاز تعليمي متقدم بالخبراء والخبيرات في كلفة المجالات .
وفي هذا المجتمع تلعبُ المرأة دورا هاما في الصناعة والتعليم ، وخاصة في مجالات الصناعات النانوتكنولوجيا ..
إلّا أن هناك شريحة من المجتمع الإسرائيلي ، تُخفي النساء ايضا ، وهي الشريحة الارثوذكسية المتزمتة والتي تُخفي صحفها وجوه النساء من الصُور .. وكان اخرها حين قامت صحيفتان متزمتتان بإخفاء وجوه الوزيرات في الحكومة الإسرائيلية الجديدة ...!!
ونحن ما زلنا نرى في تنورة قصيرة ترتديها طالبة جامعية ،إنذارا بنهاية العالم .. فكيف بها إذا أرادت أن تقود الدولة ؟؟!!







https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة