لم يستطع امتلاكها

اميرة محمود اوقاسي
amira.oukaci@yahoo.com

2015 / 10 / 23

ساعة اللقاء بينها وبين الحبيب لم تكن هينة علي قلبها، كانت سلوي في دوار عاطفي انهك قواها، تحس بألم في معدتها، لا تستطيع ان تأكل شيء الي ان يحين موعد لقائها به.
لماذا يجب ان يكون الحب مثل الاعصار العاصف بحياتنا لا نعرف خلاله السكينة، ام الحب ليس كذلك، نحن من اسقطنا هاته الصفات علي الحب، اغلب ظني ان الفروقات الاجتماعية والتي خلقتها الفروقات المادية وهيمنة الرجل علي المراة هي من خلقت شيئا يدعونه الحب في زمن اللاحب !
مشاعر تغلفها كل ميزات مصارعة القوي، انه ليس حبا انه ميزان قوي وكل مرة تميل الكفة لصالح طرف دون الاخر
لا يكون الحب بين فردين غير متساويين
لقد دق الجرس لينتشل سلوي من سيل الافكار التي يجتاح عقلها، تقوم لتفتح الباب وتري عينيه الحنونتين التي تضمانها وتجعلانها لا تود سوي العيش قربه طوال عمرها
اخذها الي بيته حيث سبق لها وان زارته في مرات قليلة، لم يذهبا فقط الي بيته بل احيانا الي السينما او الاوبرا او المكتبة او الحدائق العامة لان سلوي تعشق الطبيعة
انها تعرف كل ركن في بيته وكل ركن في بيته يعرفها، انها تحب هذا المكان ولا تحبه، لها فيه ذكريات مناوراته لكي يقنعها بأن تسلم له جسدها والتي باءت بالفشل، وعدها ان لا يفعل شيء دون رضاها والتزم بوعده
ارادت ان تكون في هذا البيت كزوجة، كشريكة حياة، وليست كعشيقة
كان العشاء رائعا، انه ماهر جدا في الطبخ، تمتعت سلوي بكل لقمة فيه
جلسا ليرتشفا فناجين الشاي معا وهما يتبادلان اطراف الحديث، حكي لها عن عمله ومشاريعه وكيف انه اشتاق لها في فترة غيابه الاخيرة
تقدم الليل ومعه شهوته، هذه المرة يبدوا انه يريدها بكل اصرار، اما سلوي فقد اشتاقت له كثيرا، لقد طال غيابه عنها في الاونة الاخيرة، والشوق شوق اجساد كذلك
التقطت قبلاته واكثر من ذلك، كان يريد اكتشاف والتهام كل جسدها، اراد التوغل اكثر من المعتاد، اراد كل شيء
استسلمت له سلوي وتركته ينهل من العذراء ما يشبعه لمئة سنة قادمة
بعد ساعة كان ينام علي صدرها وقد انتظم نفسه، نظرت اليه سلوي في حنان وهي تحدث نفسها: " اه كم يمكن لوصال جسدي ان يقربك من شخص، انه يخلق من الالفة ما لايخلقه اي شيء اخر
هذا هو الحب وليس كما صوره الكثير من الكتاب والفنانين، ألم ولوعة الفراق، وكأنهم مازوخيين لا يتغذي حبهم سوي بالعذاب، لقد شُوهت طبيعتهم، كم احنو علي هذا الجسد، كم يجعلني هذا الوصال انسي اياما من العذاب والألم، كم دمعة يمسحها، كم من حرمان يلغيه كما ينظف الماء القاذورات
هذا فيما يخصني، اما هو،،،،،،،،،،،
بالنسبة له انا مجرد انثي تظل كالثمرة الشهية مادمت معلقة في غصن بعيد اما وقد اصبحت في يده فهو لن يريدني بعد ذلك
انا لا اسيء الظن به، اعرفه مند فترة طويلة لم يشر لي اطلاقا انه يود ان يبني علاقة دائمة المدي معي، لا يريدني زوجة حتما بل يريدني حبيبة، ياتي يراني متي يشاء ويذهب متي يشاء بدون التزام او ارتباط، اذا كنت اري السعادة في عيشه الدائم معي فهو يري السعادة في القرب حينا والابتعاد حينا وان اكون ملجأ له بين الفينة والاخري لكن ان يستيقظ امام وجهي لبقية العمر فهذا ما لن يستطيع تحمل تبعاته
بما انني الليلة سلمت له جسدي فهو سيستيقظ ليمدني بتلك النظرة التي اعرفها التي ستقول لي ان البئر قد نضُب ولا يملك عطاء يقدمه لي بعد الان
انه يظن الان انه امتلكني، لكن ان يمتلكني فهذا يستوجب ان اكون انا تابعة له، لكن لطالما كنت مستقلة بنفسي، هذا ما كان يثير حنق الرجال علي، انني اجيد الاكتفاء الذاتي وان اسعد نفسي بنفسي، لم اكن مثل الفتيات التي الفنهن ينتظرن علاء الدين ومصباحه السحري، دائما ينتظرن رجل ليصنع سعادتهن، انا اصنع سعادتي بنفسي وعندما اريد انا اختيار شخص ليشاركها معي فاني سوف افعل ليس لاني احتاج اليه حاجة المدمن للمورفين ولكن لاني اود مشاركته ذلك
ليس لان صورتي عن نفسي منخفضة واريد ان يحسنها في نظري لكي اشبع نقائضي الروحية واصبح له وفية كالعبد الممتن،
لا
ان صورتي عن نفسي جيدة وراضية عن نفسي وانا قادرة علي العطاء واسعاد من حولي
انا التي اصنع الاحداث وليست الاحداث التي تصنعني
ان يمتلكني يستوجب ان اكون من دون ذات سوي الذات الوفية له كالكلب الذي لا يملك دورا سوي انه كلب سيده، لماذا يريد البشر من البشر ان يكونوا اوفياء لهم كوفاء الكلاب لاسياداها؟
يالها من انانية ونرجسية مفرطة
لي ذوات كثيرة، انا حبيبة وصديقة وام وابنة ورفيقة وكاتبة ومدرسة وتلميذة ومحاربة وصانعة سلام، انا فنانة وطالبة في معهد الفنون، انا كل شيء، لدي مخزونا لا ينفذ داخلي
لذا فهو لا يستطيع امتلاكي وهو يعي ذلك لذلك يحب ان يطاردني فالرجال يحبون المطاردة ولا يحبون الفريسة
انا اعلم ذلك فيه ورغم ذلك احببته، وانا اعلم انه يجرحني واعلم اني سوف احب بعده، ان جراحي تزيدني ابهة، انا احببته بالرغم من كل صغائره اما هو فلن يستطيع ان يحبني اطلاقا، انه فقير، يريد مني ان احتاج اليه كما تحتاج الشعوب العربية لطاغيتها، ولأنني لا احتاجه مثله فهو لن يستطيع ان يقدم قلبه لي
قلبه؟ قلبه الفقير الذي قتله الكبرياء والغرور، انه قلب جريح لن يتعافي ابدا
اما انا فلقد رايت بما فيه الكفاية
سحبت سلوي جسدها من تحت جسده ببطء دون ان توقظه
لبست ملابسها علي عجل، جهزت حقيبتها وخرجت من بيته تاركة اياه يغط في سبات عميق
نزلت لبهو العمارة وطلبت تاكسي يوصلها لبيتها، ستبعث له من هناك رسالة وداع تفهمه بان كل شيء قد انتهي وسوف يفهم ذلك حتما لانه سيقرا السطور وما يوجد بين السطور كذلك



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة