ولا زالوا يسألون عن حرية المرأة وما تكون !!

فؤاده العراقيه
fkma_sh@yahoo.com

2016 / 1 / 16

لن يستطع الرجل الشرقي لغاية يومنا الحاضر من الخلاص نهائياً من جذوره الشرقية إلا ما ندر منهم والبعض يحاول التستر بكلمات مزوّقة تطالب بحرية المرأة ولكن مهما حاول فلابد وان يظهر اثر تلك الجذور التي عششت في دماغه في كلمة او موقف يكشف للعيان تلك الجذور الممتدة بعيداً في اعماقه وان لم يفطن لها وهذا موجود ويتضح حتى مع بعض الرجال الذين قطعوا شوطا كبيرا ونهلوا من المعرفة والثقافة الشيء الكثير فما بال الجاهلين منهم ,لا الومهم طبعا بعد أن امتدت هذه الجذور وغُرست بعقلهم اللاواعي على مدى قرون وامتد معها شعورهم بالزهو في اعماقهم بعد ان نفخ بهم المجتمع منذ طفولتهم وجعلوا منهم آلهة تشعر بالسمو بتلك الحقوق التي أخذوها ومنها حقهم في الزواج من اربعة وشهادتهم مقابل اثنتان وحقهم في الميراث الذي يقابله النصف للمرأة ووووو الكثير من الحقوق , فاعتقدوا بهذه الحقوق بأنهم الجنس الاسمى وبأنهم اصل التكوين وللقصص وللحكايات وللموروث أثر سلبي تركت اثراً عميقاً في نفوسهم وبقيت على مر الزمان عالقة في عقولهم وقلبت موازين عقلهم بقصة الخلق حين أنجب آدم من ضلعه حواء رغم أننا نعلم علم اليقين بأن المرأة هي من تلد الحياة وهي من تتحمل آلام المخاض بمفردها وتتحمل معها آلام اجتمعت عليها لقرون من مجتمع متسلط بحكّامه على الرجال وجعلوا الرجال تتسلط عليها ليضربوا عصفورين بحجر واحد فيضعفوا المرأة ويجعلوا للرجل متنفسا بها فصار حمل المرأة اضعاف مضاعفة عن حمل الرجل ولا تزال تتحمل مع آلامها عنفوان الرجل عليها وطغيانه .
فلا الوم هؤلاء ولكني الوم القسم الآخر منهم الذين يظهرون للمجتمع بوجه ويبيتون وجها مغايرا عن ما يظهرون وما يتفوهون من كلمات وشعارات رنانة تدعو إلى حرية المرأة وتطالب بمساواتها ويصل الحال بهم احيانا إلى تأليف الكتب في هذه القضية التي اصبحت اليوم تجارة , هؤلاء لا يشغلهم في دنياهم سوى مصالحهم التي يحصلون عليها بوجوههم المرائية .
وهناك قسم آخر كانت هذه مقدمة للرد على اسئلتهم وهؤلاء المغيبون لا يزالون متشبثين بأفكار أكلتها العثة وهم مع شديد الأسف كثيرون , الحقيقة اخجل من كلامي ومن مواضيع مكررة واعتبرها متأخرة عن ما يدور اليوم من احداث مأساوية وكذلك هي متخلفة عن ما يحدث من تطور سريع في بقية البلدان ولكن لابد احيانا من التكرار في مواضيع تعتبر اساس وركيزة للانطلاق وللإنعتاق من افكار تسمم العقل وتعرقل تطوره .
فقضية المرأة قضية سياسية واجتماعية بالدرجة الأساس وأساسياتها تكمن في ما تحدثه من اثر كبير في نهوض أي مجتمع وفي نهوض أي اسرة فعندما نحرر المرأة فنحن سنحرر مجتمع بأكمله .
هؤلاء الرجال الذين قصدتهم في حديثي يستفسرون عن ماهية مشكلة النساء اللواتي يطالبنّ بحقوقهنّ وبمساواتهن اليوم ويستفهمون عن نوع تلك المطالب وعن اسبابها و ممن يطالبن بها ؟ و ما هي حقوقهن بالتحديد ؟
لم يفهم هؤلاء الرجال حقوق النساء لغاية هذا اليوم كونهم اعتقدوا بأنفسهم أو توهموا بأنهم قد امتلكوا الحياة وبأن حق الإنسان قد انحصر بهم دونها حيث اعتقدوا واهمين بأن النساء لا تدري ما هي مطالبها بل هو نوع من انواع الترف حين تعلو اصواتهنّ في بعض البلدان مناديات بالحقوق ومطالبات بمساواتهنّ و ما الإكثار من مؤتمراتهنّ النسوية باسم تلك المطالب سوى ترف وأموال مهدورة على لا شيء فهم لا يرون سوى رؤوسهنّ المكشوفة وملابسهنّ الفاضحة ويستغربون بالكيفية التي بها خرجوا إلى الشارع وكل حقوقهنّ مصانة ومأخوذة مسبقا وهم لا يعرفون عن حقوقها شيء سوى وفرة الطعام واللباس والنوم والنظافة والتعليم المحدود , أي تقرأ وتكتب ,ثم وأخيرا القبول و الرفض للمتقدم بالزواج منهنّ , طبعا هذا في احسن الحالات حيث لا تزال الغالبية منهنّ لا يحق لها الاختيار , بمعنى حقوقهنّ مضمونة للبقاء على قيد الحياة فقط .
ويستفسرون : لِما هذه الدوّامة وانعقاد المؤتمرات للمطالبة بحقوق طالما هي موجودة . وهل للنساء حقوق غير هذه الحقوق ؟!!
هذا سؤالهم وهذا تفكيرهم وهذه كل الحقوق التي يجب ان تطالب بها النساء وبهذه العقول قد لا نستغرب كيف آل مصير امتنا الى اسفل السافلين .
ولكن ايضا هناك نقطة انكى من ما ذُكر اعلاه ففي نفس الوقت يكون لهذه الحقوق ’’ الطعام والشراب والخ .... مسئول عن توفيرها , وهو الوصي او الولي , فإن توفي هذا الوصي أو انتقل إلى حالة أخرى (التخلي عن ألمسؤولية أو شدة ألمرض أو الجنون) سيليه ألأخ أو ألزوج أو ألعم وأخيرا الخال كونه يعود للأم .
هكذا يجب ان تكون النساء تحت وصاية دائمة ليلغوا انسانيتها وكرامتها ويمسحون كيانها بفرض هذه الوصاية فهي من وجهة نظرهم فاقدة لأهلية نفسها وغير قادرة على ان تكون إنسان تعني بشؤونها وتتحمل مسؤولية نفسها .

كذلك يرون بأن العمل حق ثانوي و ليس حق أساسي لها لأن الهدف من وجودها تكوين أسرة فقط , والعمل وجلب اللقمة هي من مسؤولية الرجل فقط غير مدركين بأن تقسيم الأدوار يجعل من الإنسان مشوه يسير على قدم واحدة فيكون ضعيف وغير قادر سوى على ما خصصوه له من اعمال في الوقت الذي به صار الإنسان قادرا على الخلق والإبداع ورجالنا لا تزال تسال عن السبب في مطالبة النساء بالتحرر ويستفسروا بالتحرر مِن مَن ؟ هل يطالبن بالتحرر من (السجون - العبودية - الإحتلال) اكيد لا فهنّ برأيهم غير مسجونات ولا ينقصهنّ شيء طالما تتوفر لهنّ اللقمة والكسوة والرجل مسئول عنهنّ وانتهىت الحياة على هذا المنوال الضيق والقاتل لكل ابداع .
أما في قضايا الاعتداءات والاغتصابات حيث يدور تفكيرهم حول نقطة ثابتة وهي لو كانت المرأة محترمة احتراما كاملا فلا يجرؤ أحد أن يمد يده عليها فلكونها لا ترتدي الحجاب فهي أكيد ستكون عرضة للاغتصاب !!, فالحجاب ليس مجرد قطعة قماش يوضع على الرأس ولكن هو حماية لها ,والأدهى من تفكيرهم هذا هو ان يكون الحجاب حماية من الرجال انفسهم !!.
واسأل هنا كيف صار رجالكم حيوانات تقودها غرائزها طالما هم يتّبعون تعاليم الدين الذي يهذب النفوس ؟ ولِما لا تهذبون هؤلاء لتجعلوهم في حالة سيطرة على غرائزهم وينظرون للمرأة على انها انسان وليست فريسة ولها حقوق بعدم التعرض لها ؟.

أما القتل حيث قالوا فيه فيما لو كانت المرأة في بيتها معززة مكرمة و جاءتها عصابة الذبح فيكون لها الحق في الاعتراض !!, هذا بعد ان تُقتل يعطوها الحق فكما يفكرون بأن المجتمع مليء بالمجرمين فيدورون بنفس الدائرة حيث المجرمين هم انفسهم الرجال فنادرا ما نسمع عن امرأة تقتل لكون غريزتها غلبت عليها فانقضت على رجل وقتلته فهذا يكون مضحك كونه غير موجود , فعليه ولأجل ان لا تقتل المرأة برأيهم فيجب ان تمكث في بيتها معززة مكرمة , هكذا يجدون الحلول على حساب الضحية حيث يضعوا اللوم عليها ويتركوا لوم الجاني او عقابه او تهذيبه وهكذا هو حدود تفكيرهم عندما يستفهمون عن معنى التحرر دون ان يدركوا معناً لحقوق الإنسان وكيف تكون.
الدائرة تدور وتلف وترجع بنا إلى اصل المشكلة وهي الرجل المتخلف المغرور الذي أعتبر نفسه وصيا وراعيا على النساء وبأمر من السماء , فهو من يقتل وهو من يغتصب وهو من يستغل جهد المرأة وهو من يطغي ويتحكم بمصيرها بمعينة القانون والقانون نفسه هيمن عليه وعليها ليهيمن بالتالي على المجتمع بأكمله ويتمكن منه ويستمر في سلبه والخاسر الوحيد هنا سيكون النساء والرجال على حد سواء ومن يكسب هو الحاكم.
المرأة تطالب فقط بمساواتها وبحقوقها الاجتماعية المساوية لأخيها ولزوجها , مساواتها الاجتماعية والاقتصادية وليست الاقتصادية فقط كما يحدث اليوم .
مقالي هذا ليس ضد الرجال كما يتصور البعض ولكنه ضد طغيان المتخلفين منهم خلفهم ,فيا رجال ادعوكم لتتصالحوا وتصحو من غفوتكم وتضعوا ايديكم بأيدي النساء لتشكلوا قوة واحدة ضد من سلبكم عقولكم ولا يزال يسلب منكم حقوقكم .

دمتم بوعيكم سالمين



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة