حواء..لو يعرفها آدم..سيكولوجيا!

قاسم حسين صالح
qassimsalihy@yahoo.com

2016 / 3 / 14

هل يمكن ان يستغني ادم عن حواء؟.لو كان ذلك بالامكان لفعلها جدنا آدم.كانت الحياة قبلها لا طعم فيها ولا معنى لها.وكان يحس بالوحشة من دون انيس..وكان هذا الانيس هي حواء لا غيرها.ورغم انها (أغرته) او بالاحرى حرّضته على أكل التفاحة وخسر الجنة،فان هذا كان لحكمة عظيمة:ان يكتشف انه ربح بديلا رائعا لهذه الخسارة..هو حواء..وان الجنة في الحياة الدنيا هي المرأة..ولكن فقط لو يفهمها ادم!.

وما يحدث اننا نحن الرجال،معظمنا او بعضنا،لم نستطع ان نكتشف الجنة في حواء..لم نعرف كيف نوقظ فيها رغبتنا..وان ايقظناها فلموسم قطف الثمار فقط!.لم ننشر حولها البهجة لتتورد الزهور بوجنتيها،ويتدفق ماء الحياة زلالا صافيا في عينيها،وتنمو ضفائرها ليغدو شعرها غابة نخيل تفوح بالعطر والمسك..اليس المسك والعنبر من روائح الجنة!.

والمرأة..وطن وتضحية وعطاء ومعاناة،وتحديدا..العراقية لأنها الوحيدة بين نساء العالم التي تعرّضت على مدى (36) سنة الى فواجع وحروب سرقت الفرحة من عيونها وافقدتها الزوج والاب والابن والاخ،وحفر الزمن تجاعيده بوجهها على عجل،وعانت وما تزال من الاضطهاد والخوف من المجهول وتوقع الشرّ،والتعرض الى التشريد في الخيام خوفا على ازواجهن وابنائهن وبناتهن من القتل والسبي والبيع،فضلا عن تراكمات الهمّ المتزايد يوميا باعداد الارامل والشابات بعمر الزهور،أشاع القلق والاكتئاب والعزلة وحالات انتحار بين الشابات.
ربما كنّا نحن المختصين بالصحة النفسية اقرب الناس اليها،لأننا ندرس ميدانيا واقع المرأة ونشخّص علميا اسباب وانواع ومصادر العنف الذي تتعرض له،ونقترح الآساليب والمعالجات العلمية.وما اطلعنا عليه في عيد حواء العراقية،كان معظمه كلمات ودعوات مكتوبة بلغة ادبية..جميلة وانسانية..لكنها ليست علمية.خذوا على سبيل المثال ان اكثرها تحدثت عن العنف الأسري،واجادت في وصفه..غير ان الوصف لا يجدي نفعا..فأية ظاهرة اجتماعية هي مثل اية حالة مرضية..تتطلب مرحلتين..تشخيص الأسباب،وتحديد العلاج من قبل طبيب مختص..وعلم النفس هو (طبيب) هذه الظاهرة.. بلا انحياز.. واليكم الدليل.

الغالبية المطلقة مما كتب عراقيا،حدد العنف بنوع واحد هو العنف الجسدي،فيما ينبّه علم النفس الى ان العنف النفسي يكون في حالات اشد تأثيرا في المرأة من ضربها.وحددت اشكاله بمحاربة الضحی-;---;--ة معنوی-;---;--ا وًمحاولة إی-;---;--ذائها وإذلالها نفسی-;---;--ا بًإی-;---;--جاد المعنّف لنفسه الأعذار كأن تكون تحت مسمى الدی-;---;--ن أو السلطة أو غی-;---;--رها..وفرض الحجاب،الطرد،الهجر،الجفاء،التحقی-;---;--ر..وكذلك إذلالها وإشعارها بالدونی-;---;--ة،واتهامها بالجنون أو التهدی-;---;--د،وجميعها تؤدي الى قتل الطاقات العقلية والاصابة بامراض نفسية كالاكتئاب والانكفاء على الذات.

وتنفرد الدراسات السيكولوجية بأنها شخصّت دوافع العنف الأسري بثلاثة اصناف: ذاتية تكمن في شخصية الانسان،ناتجة عن:

أ:عقدة نفسية ناجمة عن سوء معاملة وعنف في الطفولة تدفعه الى التعويض،

ب:نمذجة الطفل سلوكه على سلوك أب يستخدم العنف،

ج:الغيرة العصابية والشك المرضي (البرانويا).

واقتصادية..بتفريغ الأب لشحنات الخيبة والفقر،ودوافع اجتماعية..بامتثال الرجل لتقاليد تفرض عليه التصرف بقوة وعنف،والا نظر له بأنه ضعيف.

ليس هذا فقط،بل ان علم النفس لفت الانتباه الى ان ليس كل الرجال يمارسون العنف ضد المرأة،بل هنالك نوع معين تتصف شخصيته بخصائص حدد اهمها بالآتي:
سرعة الغضب والشك،تعكر المزاج،شدة الامتعاض،الحساسی-;---;--ة،الشعور بخی-;---;--بة الأمل،الخوف وعدم الإحساس بالأمان،انخفاض تقدی-;---;--ر الذات،الشعور بعقلی-;---;--ة الخاسر،عدم القدرة على تحمّل المسؤولية،الغيرة العصابية،تعاطي المخدرات وإدمان الخمر،حب التملك،النظرة الدونية للمرأة،وممارسة الجنس باعتباره نوعا من العدوان.

وما نريد لفت الانتباه اليه هو: ان حجم هذه الظاهرة الاجتماعية والاخلاقية الخطيرة أخذ يكبر في مجتمعنا..فحالات الطلاق تضاعفت،وحالات جرائم القتل غسلا للعار ازدادت..ومع ان الجهات الحكومية الممثلة ومنظمات المجتمع المدني مهتمة بقضايا العنف ضد المرأة،فان اجراءات الحدّ منها ستكون ناقصة وغير مضمونة الديمومة ما لم يكن لعلماء النفس والاجتماع الدور الرئيس فيها.

ان الاحتفال بعيد المراة هو اعتراف من العالم بدورها وحضورها في الحياة والمجتمع.فالحياة بدون المرأة..بيت مظلم..بستان بلا ورود..بلا عصافير..باختصار..الحياة بدونها وحشة..فمن منّا يطيق الوحشة؟!.

سيدتي..آنستي..تهنئة من القلب بعيد ربيع آذارك..ولك منّا باقة ورد،مع ان فيك عطر كلّ ورودها!.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة