التعصّب الديني والمذهبي وأثره في تغييب درو المرأة

خيري حمدان
khairi.hamdan@gmail.com

2016 / 4 / 25

التعصّب الديني والمذهبي وأثره في تغييب درو المرأة

شهدت المنطقة انتعاشًا كبيرًا ومفجعًا في مجال التعصّب الديني وطغيان المذهبية في العديد من فئات المجتمع، ما أدّى لتبعات سلبية على دور وأداء المرأة في كافّة المجالات وتراجع مكانتها الرئيسية والرائدة في تقدّم المجتمع، إضافة لتهميش دورها في تربية الأجيال، الأمر الذي سيؤدّي إلى مزيد من التعقيدات الاجتماعية والتخلّف الاقتصادي والسياسي والثقافي.

المرأة - طاعة وحرمة وتحريم
صوت المرأة حرمة، وجهها حرمة، حضورها محرّم، وغيابها مفضّل، ورأيها مرفوض، وجسدها مصدرًا للمتعة لذا يجب تغليفه باللون الأسود القاتم! حقوقها - طاعة الأب ثمّ الزوج فالإبن.
أصبحت هذه المبادئ والمسلّمات مألوفة في المجتمعات العربية الحديثة، خاصّة بعد غلبة التنظيمات المتطرّفة وسيطرتها على مساحات كبيرة في الدول العربية، وفرضها سياسة التكفير والتنكيل بكلّ من يخالفها الرأي باعتباره فاجرًا وخارجًا عن الإسلام حتّى وإن صرّح بغير ذلك.
هذه الدلالات خطرة للغاية، وستترك أثرًا مدمّرًا في سلوكيات مجتمعاتنا الاستهلاكية غير القادرة على الإنتاج أو الاعتماد على الذات وعدم القدرة على تحديد آفاق المستقبل.

الكساد الاقتصادي وتوقّف عجلة الاقتصاد
إذا أمعنّا النظر في المركّب الاجتماعي للدول المتطوّرة لوجدنا المرأة قد حصلت على مراكز قيادية هامّة، آخرها ترشّح نساء ذات حظوظ وافرة لنيل منصب السكرتارية العامّة للأمم المتحدة، إضافة لمناصب رئاسة الوزراء، مرورًا برئاسة صندوق النقد الدولي كأهم شخصية للعام 2016، ورائدات الفضاء والرياضيات والمفكّرات وخبيرات علوم اللغة والفلسفة والإلكترونيات والتقنيات وكافّة المجالات الحيوية في الحياة الاقتصادية والسياسية، الأمر الذي أدّى لتطوّر المجتمعات المعنية وتحقيق النموّ الاقتصادي دون الاعتماد فقط على النفط والغاز والخيرات الطبيعية، التي تعود إلينا على شكل منتجات صناعية استهلاكية تدرّ على الدول الصناعية بأرباح هائلة، في الوقت الذي يعتمد فيه اقتصاد العالم العربي على الاستهلاك وتغييب اليد العاملة والعقل المبدع بسبب الجنس، وتفضيل تغليف المرأة وتشيئتها بحجّة الخوف من العار والحرام والتحريم وواجب الطاعة.

هناك ضرورة لإعادة النظر في المفاهيم المعاصرة المتعلقة بأداء ودور المرأة وتحريرها من الغلال والقيود التي فرضتها الفحولة المشرقية، لأنّ المرأة أثبتت جدارتها في العالم المتحضّر على كافّة المجالات، فهي الطبيبة الناجحة والوزيرة صاحبة القرار الحكيم النافذ، وهي الحبيبة والزوجة والأخت والأم والمربية.

التعصّب الديني والتوجهات المذهبية هي بمثابة آفة اجتماعية ذات أبعاد سيّئة ستترك أثرًا مفجعًا في المجتمعات التي تنتشر فيها، وستخلّف أجيالا متعصّبة مريضة غير ناضجة، وغير قادرة على إيجاد مكانتها في المجتمعات المعاصرة.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة