بن غربية .. لا تلعب بالنار

فوزي بن يونس بن حديد
abuadam-ajim4135@hotmail.com

2016 / 5 / 22

ما يطالب به النائب في البرلمان التونسي مهدي بن غربية من توحيد الميراث بين الرجل والمرأة هو لعب بالنار، لأنه يمسّ آية قرآنية صريحة لا تقبل التأويل أو التجاوز، والمجتمع التونسي مجتمع مسلم لا يقبل المساومة على كتاب الله سبحانه وتعالى، وعندما يقول المولى تبارك وتعالى: " للذكر مثل حظ الأنثيين" فإن ذلك قرار إلهي عالم بسرائر الناس وخفاياهم وعلانيتهم وجهرهم، فلا مجال لأي كان من البشر أن يقترح أو أن يغيّر شيئا من كتاب الله لا سيما الثوابت التي اتفق عليها العالم الإسلامي أجمع بأنها لا تقبل التّأويل ولا التّغيير ولا التّحوير، ولأن هناك مثل بن غربية يتنطّع على كتاب الله فإن الله تبارك وتعالى قد حسم أمر الميراث بنفسه وحدّد لكل فرد نصيبه حسب قربه أو بعده من الميت.
وإذا فتحنا المجال لتغيير ما جاء في القرآن ثابتا سيأتي يوما مثل بن غربية ليقول لنا كلاما آخر مخالفا لما نعتقده كأن يقول ليس هناك إله أو إن القرآن كلام بشر قابل للتدقيق والنقد البنّاء، هذه الخزعبلات التي ينطق بها من كان في قلبه مرض لا ينبغي التساهل معها أو الانسياق وراءها لأن تجرف الإنسان نحو الهاوية وتشكّك في مصداقية كتاب الله ونهج الله القويم، ولا أدري إن كان بن غربية قد اطلع على سهم الأنثى في الميراث وكيف اهتم الإسلام بها ولم يضيع حقها سواء كانت أما أو زوجة أو أختا أو عمّة أو خالة أو على أي صفة كانت فلها الحقوق الكاملة وربما أكثر من الرجل أحيانا في بعض المسائل الميراثية.
فالمرأة ترث أحيانا النصف إذا كانت وحدها في رتبتها ولا يحجبها الحفيد إن وجد بل تأخذ حقها كاملا وفق الشرع وإذا كانت الوارثة الوحيدة فلها النصف فرضا والباقي يرد لها باعتبارها البنت الوارثة الوحيدة وإذا كانت لها أخت في المرتبة نفسها فتأخذ البنتان الثلثين بنص الآية الكريمة، وأحيانا ترث الربع أو الثمن حسبما وجد معها من الأبناء إن كانت زوجة، وترث الثلث أو السدس إن كانت أما مع اختلاف المسائل بين الفقهاء، وبالتالي حفظ لها الشرع حقها في كل الأحوال فلا مجال للتشكيك في أن الشرع قد بخس حقها نحو الأسفل أو انتقص نصيبها، فحاشا لله ذلك فهو قد كرمها أيما تكريم، والعزف على أوتار المساواة في الميراث إنما لعب بأوتار التشكيك في آيات الله البينات.
نقول لبن غربية لا تلعب بالنار حينما تتحدث عن مواضيع حددها الشرع الحنيف وجعلها من الثوابت التي لا تتغير ولا تتبدل مع الأزمان، ونقول له كفّ عن مهاتراتك وفلسفتك العقيمة التي لا تولّد إلا تفكّكا في المجتمع التونسي الذي عرف عنه أنه مجتمع مسلم أصيل لا يعارض مشيئة الله في الحياة، ونقول له لا تحاول أن تمرّر مشروعك الفاشل الذي لا يلقى إلا صدّا منيعا من الشعب التونسي بكافة أطيافه لأنه ينطوي على خدعة يهوديّة لبث الشقاق في مجتمع درج على وحدة صفّه ومقاومته لأي غزو ثقافي حتى إذا أتى من الداخل وهو الأخطر حسب ما يبدو لي، ونحذّره من هذه الخطوة التي قد يقدم عليها لأنها إهانة صريحة للشعب التونسي المسلم الذي يحترم ثوابته وقيمه وأخلاقه ويدافع عنها وينافح عنها بكل قوة وعزم وإصرار.
إذا كنت تلعب بالدّين فإن الدّين أقوى من أيّ لعبة خفيّة أريد بها باطل، وإن كنت تبحث عن الشهرة فلا تجعل الدّين وسيلة للوصول إلى غايتك وابحث عن مطيّة أخرى تدخل بها باب الشهرة.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة