ملهاة التمثيل السياسي النسوي

عدوية السوالمة
s.ad20@yahoo.com

2016 / 9 / 4

لا ندري الى أي مدى كانت المحاولات النسوية المؤطرة مؤسساتيا جادة في طرح فكرة تطوير الوعي النسائي . أم أن الأمر لم يتعدى مجهودات تنموية هشة ركزت على دعم مشاريع نسوية تتعلق غالبا بتكريس دور بدائي للمرأة , ومعالجات متخبطة للتمكين السياسي بعيدا عن تبني آليات عمل مؤثرة تبدأ بدراسات تتعلق بالكشف عن التصورات حول دور المرأة لدى المرأة ذاتها اولا , وانتهاء بوضع استراتيجية تعالج وتزرع مفاهيم عملية تتناسب وتتماشى مع البنى الحديثة لمجتمعات المعرفة بعيدا عن محورة وبلورة رغبات مجتمع ذكوري محبط ومهمش دوليا , بهدف اعطاء فرصة لعنصر بشري المفروض أنه شريك في عملية التنمية ويمثل احصائيا أكثر من النصف في غالبية المجتمعات العربية .
لو تجاوزنا فكرة عدم الثقة المكتسبة لدى النساء والتي يجب العمل على ابطالها بداية من التنشئة الاسرية مرورا بالمناهج المدرسية الداعمة لصورة المرأة في المجتمع العرفاني نجد نا ايضا أمام سطوة ذكورية صلابتها مرهونة بحالة عدم ثقة نسوية تجعل من فكرة استقلال القرار غير ممكنة بفعل التدخل بشكليه المعلن والغير معلن في هذه المؤسسات من حيث الدعم ومن حيث اختيار التمثيل النسائي فيها وهو ما يجب أن نعيه جيدا ونتمعن في انعكاساته على وضع المرأة البائس اصلا .
ما تم طرحه في المسلسل السوري ( ضيعة ضايعة ) _في حلقة تتعلق برغبة رجالات الضيعة بمشاركة نسائهم في مؤتمر نسوي والتي انتهت بذهاب الرجال عوضا عن زوجاتهم بعد نضال حققوه لدعم مشاركة النساء _ نراه يخرج من قالبه الدرامي الكومدي ليتحقق على ارض الواقع في الانتخابات البلدية بصيغة زوجة فلان . واحيانا كان في تجارب أخرى تعبير عن رغبة انثوية في الالغاء من خلال طرح صورة مزهرية بدل صورة المرشحة . ربما تجربة التمثيل النسوي في الحياة السياسية العراقية قد شكلت ضربة لجهود مثل هذه المؤسسات ان أحسنا الظن بأدائهم . فالممارسات الغير لائقة بحق صور بعض المرشحات أطاحت بعزيمة من تشجعت لدخول المعترك السياسي . بكل الاحوال التراجع الحاصل وان كان وراءه اسباب عديدة الا أن الامر ما هو الا مؤشر لهشاشة مخرجات المؤسسات النسوية التي يجب مراجعة أداء القائمين والقائمات عليها .
ما لايجب التعجب بشأنه هو تساؤل يطرح نفسه حول : ان كان التمثيل النسائي خاضع للعرف الذكوري في مجتمعنا فهل من الصعب ان يبرز الترشيح بهذه الصيغة الالغائية ؟ .
علينا ان لا نبدي رغبة عدم التعبير او الاعتراض العلني والفاعل او اتخاذ موقف مؤثر لدعم دخول حقيقي للمرأة في المعترك السياسي بدل الصمت الذي مارسناه دائما في تجارب الاقصاء والالغاء والابطال .
كنت أعتقد أن اغفال ذكر اسم المرأة أو استبداله بكلمة كريمة فلان على بطاقات الاعراس يقتصر فقط على البيئات المهمشة اجتماعيا وثقافيا ومع الزمن وبفعل الاختلاط والعادة يمكن لهذه الاوساط أن تتجاوز مفهوم عورة الاسم , الا أن ما يحصل أن مفهوم العورة بدل أن يتناقص بدأ يأخذ بالاتساع وهو ما لايجب الوقوف أمامه مكتوفي الايدي وبالتالي لابد من مراجعة حقيقية لطبيعة عمل المؤسسات النسوية بكل أشكالها لتقييم مخرجاتها ودعم الضعف الحاصل لتصويب مسارها .
للآن لم نلاحظ تشكيل أي ضغط بناء لتبني تشريعات تدعم حقوق المرأة كما حدث في التجربة التونسية ولم نلحظ تقدم على مستوى رفع أداء النساء في التجربة السياسية . ما نراه مجرد حالات فردية وتجارب غير مدعومة بالصورة المناسبة .
الدعم للمشاركة في الحياة السياسية يسبقه اعداد نفسي اقتصادي اجتماعي ثقافي غير مرهون برغبة او عدم رغبة الرجل .مرهون بالاحساس الداخلي بأنه حق يجب أن أتمتع به وأدافع عنه .مرهون بقناعة مجتمعية بضرورة أخذ النساء فرصة قيادة المجتمع بعد تقديم الاعداد المناسب لهن .لعل حالة الدمار التي وصلت لها مجتمعاتنا تأخذ بالانحسار ان قدمت النساء رؤية مخالفة لرؤية الرجل في معالجة الاشكاليات المجتمعية والتي باتت مزمنة , ولعل تبنى استراتيجيات عمل جديدة كل الجدة بفعل اختلاف طرق التفكير لدى النساء عنها لدى الرجال تؤتي ثمارها في مجتمعاتنا المجردة من فعل اتخاذ القرار .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة