طفولة مشوهة

احمد فراج
ahmedfarraj770@gmail.com

2017 / 2 / 14

#كم_افسدوا_طفولتنا_وكم_نجسوا_برائتنا

بينما يفترض على مرحلة الطفولة ان تكون مليئة بلأحاسيس الصادقة والقلوب البيضاء والنقاوة والعفوية المطلقة.
كانت طفولتنا مختلفة تماما عن ذلك، طفولتنا المرعبة المليئة بالخوف والحقد والغل.
استغلوا خوفنا وبرائتنا لزراعة افكارهم العنصرية في رؤوسنا.
تلك الافكار التي لم انساها يوما ومازالت تراودني بين الفينة والاخرى، واشطات غضبا عندما اتذكر الاسلوب القذر الذي خدعونا فيه.
علمونا الكره والحقد لشعوب لم نلتقيها قط، علمونا ان هناك شعوبا تعمل ليل نهار للتخلص منا وابادتنا.
جسدوهم لنا انهم وحوش، حتى صرنا نراهم في كوابيسنا.
بدل ان يعلمونا الحب علمونا الكره، وبدل ان يزرعوا الطمأنينة والسرور في قلوبنا زرعو الخوف ، بدل ان يصنعوا منا دعاة سلام صنعوا منا جنود حرب.

اليكم مثال عن ماكنا نتعلمه في المدارس عن اليهود، هذي العبارات والتعاليم واكثر كانت ومازالت تدرس في بلداننا العربية، ولايوجد احد الا وقد سمع بمثل واحدة او اكثر من هذه العبارات.
)*ملاحظة: هذي العبارات لاتقتصر على الحديث عن الصهاينة فحسب ولكن لشمل عموم اليهود، او هذا مايستلقيه المستمع منها)

-أن أسوء الأمم خُلقا وأشرَّها معاملة أمّةُ اليهود تلك الأمة الغضبية الملعونة ، أمّةٌ ممقوتة لدى الناس لفظاظة قلوبهم وشدّة حقدهم وحسدهم ولعِظم بغيهم وطغيانهم.
ولا اعلم لما قد تقترن صفات مثل هذي في احد البشر فقط لانهم يتبعون معتقدا معينا.

-لا يرقبون في أحد إلا ولا ذمة ، ولا يعرفون ميثاقاً ولا عهدا.

-اما هذي فهي تتردد كثيرا وتأثيرها شديد على قلوب الاطفال، حيث انهم كانو يعلموننا ان اليهود يضعون (كعكة) امام اطفالهم ثم يخفونها عنهم ويقولون لهم (محمد سرقها)!!
انا او غيري لا نستطيع ان نعلم واقعا ما اذا كان اليهود يعلمون اطفالهم ذلك ام لا، ولكن استخدام مثل هكذا اسلوب لتحريض الاطفال على كره اليهود يمكن وصفه بغسيل دماغ.

-لايكتفون بتحريضنا لكره ومعادة اليهود ولكنهم يوعدوننا بمستقبل ننتصر فيه عليهم ونقتلهم، والكل يعرف حديث الشجرة التي تقول: "يا مسلم هذا يهودي خلفي تعال فاقتله"
مامدى هذا الحقد المدمر الذي لم يسع قلوبهم الظلمة حتى نقلوه الى الجمادات والحيوانات والاشجار!!!!

-اما الأخيرة فهي الطامة الكبرى التي عندما سمعتها اول مرة اقشعر منها بدني وأقلقت نومي لاسابيع، اتذكر وكأنه الامس عندما سمعتها من تلك المربية الفاضلة "معلمة الاجيال وصناع المستقبل" عندما كنت لا ازال في الصف الخامس. ولم تكن تلك المرة الاخيرة التي سمعتها فيها، ولكن اذكر انها ترددت عشرات المرات خلال دراستي.
المقولة الخبيثة هي: (عندما تجلس مع يهودي فان جل مايفكر فيه حينها هو كيفية قتلك).
لايمكن وصف التأثير الذي تحرزه مثل هذي المقولة في قلب الطفل، ولا اجد شرا ابلغ من تحميل طفل هذا المقدار من الحقد والغل على بشر عادي مجرد لاختلاف بالمعتقد.

-ناهيك عن المسرحيات المدرسية والرسومات الكرتونية التي تصور اليهود بابشع الصور وتظهرهم على انهم مخلوقات مختلفة عن جميع البشر ، حياتهم مسخرة للتآمر وحياكة المكآد ضدنا. وحتى اليوم لم تمحى تلك الصور والمشاهد من ذاكرتي.الم يقولوا ان العلم في الصغر كالنقش على الحجر، يا ليتهم نحتوه علما ومعرفة.

وقتها لم اكن قد التقيت باي يهودي في حياتي، ومع ذلك فقد قتلت منهم الآلاف، ارتكبت فيهم الجرائم، ذبحت نسائهم وشردت اطفالهم، كل هذا في مخيلتي، ولو أولي الامر لي حينها لما توانيت في تنفيذ هذه الخيالات.
مازالت هذي التصورات عن اليهود في ذهني راسخة حتى عمر ال18، عندما التقيت بأول يهودي يمني في حياتي، اصابتني الصدمة لم يكن كما خيلوه لي، لم يكن ذا انف كبير وعيون حمراء تقطر دما، كان شخصا عاديا مثل اي بشر عرفته.
مع اني لم اتكلم معه كثيرا الا ان ذلك اللقاء كان قد كسر الصورة النمطية لشكل الرجل اليهودي التي بنوها في ذهني.

في احدى المرات ارسل لي احد الاصدقاء اغنية لفنانيين يمنيين يهود، دهشت مما رأيت، لم اتخيل ابدا ان اليهود يغنون ويرقصون، كيف لا وانا الذي كنت اظنهم يعملون ليل نهار لمحاربتنا، في ذلك المقطع وجدت بشرا عاديين، لافرق بيني وبينهم، لم يكونوا استثنائيين لكن فقط عاديين.

اخيرا كانت المانيا، التي تعرفت فيها على جميع اجناس البشر، الابيض والاحمر والبني والاسود. على شعوب مختلفة من ذوي انتمائات عرقية ودينية شتى، من بينهم كانو اليهود، الذين لم الحظ فيهم اي شيء مختلف عن باقي البشر، الا اني وجدتهم الطف معاملة واصدق حديثا او هكذا ظننت. فانا الذي اكاد كل ماتحدثت الى شخص يهودي، ان استسمحه واعتذر منه عما كنت قد ظننت فيهم.

تجربتي هذي جعلت مني شخصا محبا لايملك اي ضغينة او كره لاحد، ولم تعد تراودني تخيلات اقتل فيها او اؤذي احدا.
ولكن اسفي على طفولة جرحها الحقد والخوف.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة