المرأة والعلمانية - (1) الحجاب

داليا الريس
d.elraies@gmail.com

2018 / 5 / 15

بالغ الأصوليين في مهاجمة العلمانية وتشويهها بربطها بمصطلحات ذات سمعة سيئة في ذهن المجتمع الشرقي والعربي : العري – الفجور – العهر ..... الخ.
الأصل في ذلك هو وضع المرأة في عقل الأصوليين فهم لا يعتبرونها كائن مستقل حر في اختياراته وقراراته ولكنها كائن يتبع ولي الأمر سواء أب او أخ او زوج ، فهي لا تملك جسدها فهو يمثل شرف الأسرة ، وتعمق هذا المفهوم في ثقافة المجتمع فأصبح الرجل يعير بالمرأة فتحسب تصرفاتها عليه.

فالعلمانية ترى المرأة كالرجل تتساوى معه في الحقوق ، حرة تماماً في إختياراتها بإعتبارها كائن مستقل مسؤول عن اختياراته وقراراته.
وحرية إختيار الملبس حق من حقوق الإنسان ببساطة ..
أما فيما يخص الحجاب فلم يكن هناك مناداة وإصرار على فرضه حتى سبعينات القرن الماضي وقد رأينا الكثير والكثير من صور زوجات وبنات كبار مشايخ وقراء مصر بدون إرتداء الحجاب ، فما الذي حدث؟
يعد قيام الثورة الإسلامية في إيران وفرض الحجاب بالقوة على الإيرانيات كرمز للدولة الإسلامية ، شكل ذلك حافز قوي لأنصار الإسلام السياسي والأصولين الذين فرضوا الحجاب عن طريق تأويل سورة النور واعتماد مراجع بعينها لاثبات فرضيته، لم يتم نشره بالدعوة والإقناع كما هو معلن ولكن عن طريق الاساءة لغير المحجبات واستخدام مصطلحات - سافرات ، متبرجات وتطور الالفاظ بعد ذلك لساقطات وعاهرات ، تخويف غير المحجبات من عذاب الاخرة وتوزيع منشورات بغرض الإرهاب النفسي ، توجيه الشباب للزواج من المحجبات فقط وربط الحجاب بالعفة ، محاصرة غير المحجبات والضغط عليهن و استخدامه للتمييز الديني.

لن أتطرق للأراء الفقهية المختلفة التي تتحدث عن فرضيته او عدمها ولكن لماذا الحجاب ؟ لماذا هذه الإستماتة في الدفاع عن وجوده؟ لماذا لا نرى نفس الإستماتة في الدفاع عن العبادات المختلفة – لو إعتبرناه عبادة –
فيما يلي تفنيد بعض الادعاءات التي يستخدمها الأصوليون لنشر دعواهم فيما يخص الحجاب

أولاً: الحجاب رمز للعفة والطهارة
وهكذا تعلمنا السطحية في الحكم على البشر فمتى كان المظهر دلالة على نقاء الجوهر ، عندما توقفنا عن الحكم بالمعاملات والتصرفات واستبدلنا ذلك بالمظاهر اصبح من السهل خداع الناس فانتشرت الجرائم متخفية برموز العفة والطهارة واختلط الامر على الناس .

ثانياً: الحجاب سترة للمراة يحميها من الناهشين والمتحرشين
المتحرش والناهش يجب أن تردعه القوانين ، وكثرة ترديد هذه المقولة هو ماجعل المراة مباحة وعرضة للتحرش بالشكل الذي نراه الأن *.
أكدت إحصائية «المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية» المصري، أن 62.6% من ضحايا التحرش والاعتداء الجنسي في مصر لا يتجاوز عمرهم الـ20 عاماً، ونصفهن من الأطفال ما دون الـ15عاماً. وذكر المركز أن نسبة الآنسات في قائمة الضحايا بلغت نحو 75%، ونحو 40% منهن من غير المتعلمات، أما الجناة فغالبيتهم لم يسبق لهم الزواج.
طبقاً لاستطلاع الرأي الذي نشرته هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة عن التحرش الجنسيّ، فإن 99.3% من السيدات المصريات تعرضن للتحرش بصورة أو بأخرى. 96.5% منهن قلن إن التحرّش كان جسدياً، و95.5% منهن تعرّضن للتحرّش اللفظي.
فغير المحجبة هي بالتأكيد مستباحة ، فإذا كانت محجبة وتعرضت للتحرش فيقال أن حجابها لم يكن كما ينبغي ، ولان المعايير المطلوبة مختلف عليها ، تقع المرأة ضحية تحويلها لحلوى مقابل الذباب أو جوهرة مقابل اللصوص أو اي محاولة اخرى تراها مجرد شئ بعيداً عن كونها إنسانة صاحبة قرار .

ثالثاً الحجاب شكل إجتماعي يميز المراة المسلمة
وهذا في رأيي أخطر ماحدث ، ربط الحجاب بالتمييز العنصري وبكونه شكل إجتماعي فأصبحت من تخلع الحجاب توصم بأسخف الصفات لأنها خرجت عن دائرة الشكل الإجتماعي الذي تم ربطه بالحجاب فأصبح الحجاب ليس فرض ديني ولا عبادة تتقرب من خلالها المراة لله ولكن مجرد زي إجتماعي تلتزم به المراة حتى لا توصف بقلة الاخلاق .
هذا الربط هو السوط المسلط على كل من تفكر في خلعه مما اضطر الفتيات التي فطرت على أن ترى نفسها جميلة لا لسبب سوى انها تحب ان ترى نفسها كذلك – إلى التحول للمسخ الذي نراه ، فنرى الملابس شديدة الضيق مع خصلة من الشعر ظاهرة و التفنن في وضع الزينة و ادوات التجميل ويكون هذا شبه مقبول إجتماعياً طالما يوجد حجاب ، في حين ان الفتاة التي لا ترتديه تكون محط انظار الناس ينتقدوها في اي ملابس ترتديها وأي تصرف تتصرفه .

رابعاً : الحجاب فرض
وإذا فرضنا، اذن فلتترك امره لمن فرضه فأنت لست مندوب عن الله في الأرض ، وكيف سيحاسب الله من اجبر على اداء هذا الفرض.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة