المرأة العربية والتنمية

فهد المضحكي
fahadalmudahki@hotmail.co.uk

2018 / 8 / 4

عاشت المرأة في الدول العربية لعقود طويلة من التهميش والاقصاء ولكن مع دعوات التحرر والانفتاح وانطلاقًا من نضال ومشاركة المرأة في الدفاع عن استقلال اوطانها والوقوف ضد تيارات الاحتلال المعادية ومناهضتها، باتت المرأة شريكة حقيقية في كافة مناحي الحياة، حتى في مجالات اقتصرت على الرجال فترات ليست قصيرة.

ومن هذا المنطلق - كتبت د. رانيا يحى في مجلة الهلال ديسمبر 2017 – شعرت المرأة في العصر الحديث بأهمية تواجدها على الساحة ككيان انساني يجب التخلص من تهميشه أو اقصائه وخاصة في ظل اتفاقيات دولية ومنظمات كبرى تسعى لتحرير المرأة عامة من كافة القيود والعمل على دعمها قانونيًا واجتماعيًا وثقافيًا واقتصاديًا، حيث تعاني المرأة في العالم اجمع من التمييز ولكن قطعًا تتباين النسب في المجتمعات والدول الأكثر ديمقراطية مقابل دول فقيرة نامية لا تهتم بقضايا حقوق الانسان.

وتبين يحيى في مقال «المرأة العربية والتنمية» معاناة المرأة في البلدان العربية من النظرة الرجعية التي تعكس عادات وتقاليد بالية تُهمش المرأة وتقصي مشاركتها مع الرجل، وعادة ما تتكئ اوجه التمييز حول التفسيرات الدينية الخاطئة واجتهادات المشايخ المتزمتة بحجة تبعية المرأة وفرض القوامة من الرجل!!.

ومن هنا كان ولا يزال الموروث الثقافي الخاطئ يلعب دورًا هدامًا لوسائل التقدم والتنمية، وهو ما يتطلب من المرأة والقوى المستنيرة العمل لإزالة كل ما يقيد المرأة ويحد من تقدمها ونهضتها وتطلعاتها في المساواة.

وعلى الرغم من كل العقبات والقيود التي تفرض هيمنتها على المرأة - والرجل معاً - في ظل الانظمة السياسية التي لم تكن من اولوياتها التحول الديمقراطي وما يضمن من حريات وحقوق وتعددية فإن هناك – كما تشير يحيى – دول عربية بذلت وتبذل جهوداً حثيثة من اجل رعاية المرأة ودمجها في المجتمع والعمل على تمكينها في كافة المجالات الحياتية وخاصة بعد تبني أهداف التنمية المستدامة السبعة عشرة، والتي لا ولن تتحقق الا بالاهتمام بالمرأة صحيًا وتعليميًا وثقافيًا، بالإضافة للوعي والتنمية في كافة المجالات، فهي من أهم الأطراف المساهمة لتحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الحقيقي.

ومن بين الدول العربية التي تتعافى فيها المرأة حاليًا من الامراض التي استعصت لفترات طويلة وكانت تلازمها فتخلق لها التحديات وتعيق طموحها وتقدمها المملكة العربية السعودية.

نعم، اليوم تعمل السعودية على تحسين احوال المرأة والمضي قدمًا نحو تقدمها واعلاء شأنها وهذا ما نجده في قرارات العاهل السعودي المتعلقة ليس بالسماح للمرأة السعودية قيادة السيارة فحسب وانما بالانفتاح – النسبي – نحو التغيير لاعتبارها شريكًا مهمًا وأساسيًا في إدارة المجتمع وهو ما يتعارض مع النظرة الدينية الرجعية التي تنتقص من قدرات المرأة ومن مهاراتها ومن مساواتها مع الرجل!.

وحتى يتعزز الانفتاح على أكثر من صعيد لابد من التصدي لدعاة التشدد، وتكريس التعددية وتقبل الآخر وتجريم كل من يوظف الدين لغايات سياسية.

ورغم أهمية أن تتولى المرأة السعودية المناصب القيادية التي تليق بمكانتها أسوة بالرجل وهو ما يتفق مع مبادئ العدالة والمساواة فان الخطوة نحو الانفتاح والديمقراطية تُعد البوابة الحقيقية للتغيير الذي يؤكد على الحقوق والواجبات وحقوق المواطنة والمتساوية والحقوق السياسية.

ومع ذلك تظل أهمية تلك الخطوة وتلك القرارات التي اقدمت عليها السعودية محط تقدير خاصة عندما أصدر الأمر الملكي في أواخر عام 2014 والذي ينص على مشاركة المرأة بكامل حقوق العضوية في مجلس الشورى السعودي، وأن تشغل نسبة 20% من مقاعد العضوية كحد ادنى، وبالفعل شاركت المرأة السعودية بعد ثلاثين عضوًا يضمهم المجلس، وإلى جانب ذلك الإقرار بمشاركة المرأة في الترشح والانتخاب لعضوية المجالس البلدية.

خطوات جادة تخطوها المملكة نحو المشاركة والتمكين السياسي للمرأة السعودية.

وكما تقول الباحثة حان الاوان لتتعامل المرأة السعودية كغيرها من نساء المنطقة العربية ولا سيما المدافع عن الحقوق وتقدم أوطانها، ثمة نماذج وامثلة على دور المرأة في المساندة والاستقرار. فالدول تتعانق من اجل التقدم والتنمية، وأيضًا تتسابق لتحقيق مكتسبات اكبر للمرأة في الدول العربية في وهج من العطاء العائد والمستفيد منه المرأة في هذه الدول أولاً، ثم دولنا التي أصبحت محط أنظار المنظمات التي تستهدف استنباط إحصاءات ونسب تتعلق بأحوال المرأة لوضعها ضمن المقاييس والمؤشرات الدولية والعالمية، وان كان هناك من لم يتمنَ النهوض بالمرأة لانه في واقع الامر انعكاس ملموس لنهضة البلدان العربية التي يحول تقدمها الا بشراكة حقيقية وتمثيل مشرف للمرأة لان المرأة كما يقول سقراط مصدر كل شيء.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة