عن الكوتا النسائية

فهد المضحكي
fahadalmudahki@hotmail.co.uk

2018 / 11 / 17

منحت مواثيق حقوق الإنسان لكل إنسان الحق في التصويت والترشح في كافة الانتخابات، وهذا الحق أساسي من حقوقهم السياسية، وأهم هذه المواثيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وقد منحت الاتفاقية الدولية للحقوق السياسية للنساء حق الترشح في بلادهن بالاقتراع العام.
وإذا ما أردنا الحديث عن حقوق المرأة السياسية في الدول العربية، فإن ثمة عقبات تحد من وصول المرأة إلى المؤسسات التمثيلية في العملية الديمقراطية!
ومن هنا تأتي أهمية تطبيق نظام «الكوتا» النسائية، وهو كما تقول الكاتبة اللبنانية فاطمة عز الدين: «وسيلة كإجراء مؤقت وضروري في أي قانون انتخابي جديد، وذلك لرفع مستوى تمثيل المرأة وصولاً إلى الهدف الأساسي وهو المساواة بين الرجل والمرأة، خاصة مع استمرار المعوقات المجتمعية والسياسية والثقافية التي تحول دون وصولها».
وبعبارة واضحة، إن «الكوتا» هو تخصيص عدد محدد من مقاعد المجالس البرلمانية والبلدية يتنافس عليها النساء فقط؛ وذلك لضمان وصول المرأة، لكونها نصف المجتمع، إلى مواقع التشريع وصنع القرار، وفي ذلك اعتراف بمبدأ التساوي بين المواطنين.
ونقلاً عن مجلة البيان الإلكترونية، توضح المحامية د. فاطمة السويسي أن هناك إشكاليات كبيرة في التركيبة الذهنية لمجتمعاتنا سواء من قبل الرجل او حتى من قبل المرأة؛ لأن هذه الأخيرة لا تدرك حقوقها بشكل جيد، وعندما لا يعرف الإنسان حقوقه لا يمكنه المطالبة بها او الدفاع عنها.
وبالتالي فإن الكوتا النسائية تضمن للمرأة هذا الحق، وليست إهانة لها كما يصورها البعض، ففي البداية يجب أن تصان حقوقها ضمن القانون عبر الكوتا النسائية بفرض حصة واضحة ونسبة معينة لها، لتتمكن من الحصول على مركزها، لأنها دون هذه الحصة أو الكوتا لن يسمح لها بالحصول على مركزها، لأن -على حد تعبيرها- تعيش في مجتمع ذكوري، وأول من يثبت وجود هذا المجتمع هي المرأة نفسها بوصفها المسؤولة عن تربية الرجل، فالأم عندما تعلم ابنتها أن تخدم أخاها في المنزل، وأن تلبي حاجاته لأنه هو الذكر تكون وضعت في ذهنه أنه هو الرجل الذكر، وأن اخته هي الأنثى.. وبالتالي ما لديه لا يتوافر لديها، حتى إن بعض الرجال يفهمون أن المرأة وجدت من أجل خدمتهم فقط!
وعلى هذا الصعيد، تشير في مقال «الكوتا النسائية ضرورة مطلبية لمواجهة المجتمع الذكوري» إلى أن الإشكالية الكبيرة هي في مجتمعنا الذكوري الذي يصادر دائمًا حقوق المرأة ولا يؤمن بقدراتها وبإمكاناتها في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كافة، ولأننا نعيش في هذا المجتمع الذكوري ليس هناك فرصة أمام المرأة سوى أن يكون القانون إلى جانبها لتستطيع إثبات وجودها.
تؤكد الأبحاث والدراسات أن أكثر من ثمانين دولة تعتمد نظام الكوتا في العالم، ورغم أن كل دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا سبق لها أن وقعت على اتفاقية «سيداو» ووثيقة بكين، إلا أن الحضور النسائي لا يزال خجولاً جدًا في البرلمانات العربية!
إن هذا التهميش لدور المرأة في مجتمعاتنا يعود في رأي CMIRIA أستاذة جامعية في مادة القانون المدني إلى عدة عوامل، منها الأعراف والتقاليد والتربية، ولعل أهمها أن اللعبة السياسية والانتخابية في معظم دول العالم كانت ولا تزال ذكورية في تقاليدها وقوانينها ومصادرها وآلياتها، ما يحد من قدرة المرأة على دخول اللعبة والمناسبة ضمن الآليات والقواعد الذكورية التي تحكمها.
هذا مع العلم أنه بحسب مذكرة عمل بكين التي وقعت عليها الدول العربية، فإنه كان من المفترض أن يكون للمرأة نسبة 30 في المائة على الأقل من المقاعد في برلمانات الدول الموقعة!
أما على أرض الواقع فقد بلغت نسبة دخول المرأة المؤسسات البرلمانية على المستوى العالمي 15.2% وعلى مستوى العالم العربي 6.4% وفقًا لإحصائيات برنامج الأمم المتحدة للتنمية.
وتذكر منى شلبي مدير حقوق المرأة في برنامج الشرق الأوسط في معهد بايكر في جامعة رايس، أن الجزائر والمغرب وتونس تشكل أمثلة لافتة للاهتمام من أجل فهم العلاقة بين تطبيق الكوتا ودور المرأة في اللجان البرلمانية في شكل أفضل، بالمقارنة مع البلدان العربية الأخرى، فللبلدان الثلاث المذكورة تجارب تاريخية متشابهة، وهيكليات حزبية قوية، ونمو لافت في تمثيل المرأة.
ولا ينفصل ذلك عن نضالات النساء في تلك الدول وتحديدًا بعد تبني التعددية السياسية فيها، ناضلت الحركة النسوية من أجل المشاركة في اتخاذ القرار السياسي، وفي صنع القرار على صعيد المؤسسة التشريعية.
خلاصة القول، ثمة معوقات وقيود تحد من وصول المرأة في الدول العربية إلى أهدافها، لا تتمثل في تسلط المجتمع الذكوري فقط، بل في الموروثات القديمة والمعتقدات الدينية الخاطئة.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة