بطل المدينة 1

مارينا سوريال
marinaisme25@gmail.com

2019 / 4 / 7

سحب قدميه المنهكتين يصارع جسده مثل البطريق كى يكمل طريقه ..كان يعلم ان ذلك الطريق طويل ولكن لابد له ان يفعلها تلك المرة ..كم مرة حاول ولم يفلح.كم مرة لم يساعده جسده وخذله وسقط ووجد نفسه صباحا محاطا بهم ..فى غرفته وفراشه الوثير..كان كأى احدا اخر احب تلك الراحة ..احب بيته الواسع الملاصق لبيت الحكم والذى يطل على النهر الكبير..احب وجوه مخدوميه الابيض والزنجى والخلاسى ..احبهم جميعا بلا تمييز ..جميعهم يذكروه بخطأ..كان ايضا يعلم ان صغر سنه لم يساعده فى ان يقول لهم لا ولكن الان لم تعد لتلك الكلمة فائدة ..بعد سنوات طويلة مرت كان عليه فيها ان يصرخ وسط الجموع ويذكر لهم الحقيقة التى يعرفها ويعرفها من هم فى ذلك البيت المجاور ..ولكن هناك الف عباءه سوداء وبيضاء تمنعه ..الف وجه صارم على استعداد تنفيذ حكمه فى اى لحظه ..لكنه لايريد الموت عاقبه ...اخطا ولكن كان صغيرا ..وماذا عمن كانوا كبارا ورأوا ما حدث باعينهم وصمتوا ..وقالوا لصاحب البيت الذى سكن هنيأ لك لقد جئت فى موعدك الذى قدر لك ؟...
الان سيترك لهم تلك المدينة ويبحث له عن اخرى ...لا تزال كوابيسه تضج من تلك العباءه البيضاء التى امسكت به واحتضنت وجعلته اعمى لبضع ساعات كان فيها بطل المشهد ...ثم اوضع ذلك البيت وترك للنسيان منع عليه الخروج و رؤية الناس ...كان لديه مخدومين مناطين به وفقط ..هم عالمه من حكاياتهم يعلم ما يدور فى الخارج ..علم بما حل بالمدينة فى السنوات الماضية ...حزن ان تلك المنازل القديمة التى احبها قد حطمت الان ولم يعد لها وجود ولا اصحابها ...ماذا كل هذا خطئى ولكن كنت صغيرا الا تفهمون؟لن يسامحنى احدا منكم ويخرجنى من هنا ؟.....الن تغفروا ابدا.....
عاد وحمل قدميه على النهوض ..ها هوذا امام النهر ..راى القوارب تقترب منه ...توجس من الاسود العجوز الذى يقوده لكنه طمانه ببشاشة وجه ..قفز فى قاربه يرجوه الحركة ..كانت عيناه تجوبان الظلام ايعقل الا يشعر به تلك المرة ولا حارسا منهم !!...
هاهو يقترب من مفترق سيرحل من بعدها باتجاه مدينة اخرى ..سينسى من كان ..كان صوت صرخات البهجة التى خرجت من افواه الجموع تلك الليلة لاتزال تحاصر اذنه طوال الطريق وهو يحاول كبحها حتى وصل لتلك الاشارة التى انتظرها هاهو يقف الان وامام الطريق فقط عليه عبور ذلك الجمل الشامخ وحينها فقط سينظر لهم للمرة الاخيرة وينسى حال مدينة الرماد الى الابد ..قيل له وهو صغير ان اخر ملوكها قد قام باحراقها ولكن على يديه هو قدم لهم جديد ولكنه ترك اسم المدينة على حالها مثلما لكتها السنه الناس حتى لا ينسى احدا ما حدث فى الماضى ..ضحك ساخرا وهو يتذكر ويتكىء على قدمه المتورمه لتكمل طريقها ..ينسوا وهل تذكر احدا منهم شىء من قبل !!.....
هرب قبل ان يصدق ،قبل ان تتخلله الكذبه بعد ان ضاق بها ذرعا..وحولته الى حبيس القفص ..لايستطيع اخراج يده الى الخارج ولا ملامسه نور الشمس ..الى الان لا يعرف كيف نجح فى اقناعهم بالهرب!....



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة