وأد البنات

صبحي عبد العليم صبحي
Sobheezen@gmail.com

2019 / 4 / 12

من بين سطور التاريخ نقرأ عن " وأد البنات " بوصفه هي عادة عربية في المقام الاول ، لم تأتي بها اليهودية فلم يذكر شيء من هذا القبيل في التوراة ، وكذلك يخلو الانجيل من الأوامر والسنن التي تحث علي دفن البنات احياء . كذلك يخبرنا الواقع العربي أن عادة دفن الأنثى حية لم تنتهي بعد ، بل انها اخذت شكلا اخرا من الصياغة – كالعادات العربية الكبرى- يجعل منها فرضا دينيا ، ولا يفهم من هذا أن الوأد يتم بصورته التي عرفت في القرنين السادس والسابع الميلادي ، ولكنه يتم بصورة معاصرة ( أكثر لياقة بالعصر ) . من خلال حجب المرأة عن الاجتماع الانساني ووضعها في طور محدود للغاية حدده الذكر المسيطر بطبيعة الحال ، فالمجتمعات البدائية تنظر الي المرأة ككائن من طراز ثاني اقل اكتمالا باعتبارها احدي ممتلكات الرجل الخاصة ، ويتجلي هذا في الخطاب الموجه للمرأة والذي لا تحظي فيه المرأة بنصيب وافر كونه خطابا موجها اليها ، ولكنه يوَجَه للرجل الذي تقع المرأة في حوزته تحت أي صياغة كانت ( زوج ، أخ ، أب ، عم، خال .. ) . وينجم عن هذا ان ينحصر نمط النظر الي أي وثيقة بين الرجل والمرأة ، لا سيما عقد الزواج ، باعتبارها وثيقة اذعان لا أكثر، إذعان هذا الجسد لفراش هذا الرجل، ولا يمكن للمرأة المناضلة للخروج عنه ، والا كانت تهوي العهر وتوصم بالزنا . و هذا النمط للزواج المنحصر في الوظيفة البيولوجية لكلا من الرجل والمرأة والذي يجعل من انتمائهما الي الدائرة الحيوانية أكثر من انتمائهما الي الدائرة الانسانية - التي تجعل من وثيقة الزواج وثيقة مشاركة بين طرفين يحملان من المشاعر ما هي أكبر من ان تنحصر في الدور البيولوجي وحده – يحايثه نظرة المجتمع الي المرأة المطلقة والارملة باعتبارها فرسية سهلة للفراش ، كونها اداة أو متعا لا يحوزه مالك ، بل مشاعا مباحة لكل مار .
لذا تنطلق الاحكام علي المرأة في هذه المجتمعات من النظر اليها بوصفها اداة لا يحق لها التذمر والاعتراض ، أو النظرة الاقل حدة باعتبارها كائنا من طراز ثاني لا يمكن ان يكون لها ما للطراز الاول وهو الرجل بطبيعة الحال . وتوضع حاجة المرأة الي الرجل تحت المجهر ، ويتم تكبيرها الي ذلك الحد الذي لا تُري فيه المرأة إلا ملحقا للرجل ، ويخرج البناء الفكري والتكوين العقلي للمرأة من السياق الاجتماعي بطبيعة الحال ، والذي يعمل علي صناعتها وتكوينها باعتبارها ملحقا للرجل . ويتمخض عن نظرة المجتمع الي الفتاة التي لم تتزوج بعد باعتبارها كائنا ناقص في حاجة الي الاكتمال بوجود رجل تكون تابعة له ، نظرة الفتاة عن الحياة التي تتمثل في وجود ذلك السيد الذي سيتحقق وجودها من خلاله ، ويتمثل نجاحها ونجاتها في وجود هذا السيد ، سواء من البيئة المحيطة – التي تؤثر فيها تأثيرا بالغا بطبيعة الحال – أو من نظرتها الي ذاتها . واستناد بعض المدافعين عن "وأد البنات " من خلال اقصائها و انحصار دورها في الدور البيولوجي الي ان هذا من طبيعة النساء كون احلامها تتمثل في سيد تخضع له ، دون الانتباه الي الدور الرئيسي للمجتمع في تنشئة الفرد وبناءه ، والذي يعمل علي بنائها كأداة في يد الرجل ، الا ان هذا قد يضعف كثيرا من خلال محاولات المعرفة وبناء الوعي ، لذا نجد ان المجتمعات التي تتسم بالمعرفة والوعي والتقدم تخلو من هذه النظرة التي تنظر الي المرأة بوصفها خارج نطاق الحرية والبشرية .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة