تونس : و تدفع ضريبة الدم في سبيل توفير لقمة العيش : وفاة 12 عاملة بالقطاع الفلاحي في حادث مرور

سفيان بوزيد
bouzidsoufien@gmail.com

2019 / 4 / 27

جد صباح اليوم السبت 27 افريل 2019 على الساعة 5:30 حادث مرور على الطريق الوطنية رقم 13 على مقربة من مفترق الوطنية رقم 3، منطقة الشارع سبالة أولاد عسكر، تمثل في اصطدام شاحنتي نقل خفيفتين إحداهما معدة لنقل الدواجن والثانية تقلّ عاملات وعملة فلاحيين
. وتعود أسباب الحادث حسب المعاينات الأولية إلى انفلاق عجلة لإحدى الشاحنتين وفقدان سائقها السيطرة عليها مما أدى إلى اصطدامها بالشاحنة الثانية.
أسفر الحادث عن تسجيل 12 حالة وفاة على عين المكان وإصابة 20 شخصا بإصابات مختلفة.
ووفق بلاغ اصدرته الداخلية فقد تدخلت وحدات الحماية المدنيّة ومصالح الصحّة العموميّة بالجهة وتولت نقل الجرحى إلى مستشفيات السبالة وسيدي بوزيد.
القهر المسلط على الطبقة العاملة من النساء في القطاع الفلاحي تشتد من يوم الى اخر ، فالحديث اليوم لم يعد على اجورهن المتدنية او غياب التغطية الاجتماعية ، بل اصبحت قضيّة نقل العاملات الى مراكز عملهن في الحقول على وسائل نقل غير مرخصة لها و غير قانونية رغم الامكانيات المتوفرة للدولة لمراقبة نقل العاملات و خلاص اجورهن ، فانها غائبة تماما عن حماية هذه الشريحة الهامة في القطاع الفلاحي.
الكادحات في القطاع الفلاحي يعملن 8 ساعات متواصلات ، لا مباليات لا ببرد الشتاء و لا بامطاره و لا بلحيف الصيف او وهج حرارته ، و يعملن ايضا بنصف اجر الرجل بين 10 و 15 دينارا ، و يتم استغلال العاملات الفلاحيات من قبل "سمسار" ينقلهن بسيارته الى الضيعات .
وتشهد الدراسة التي قامت بها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ان الفقر والتهميش والأمية تأنثوا بشكل واسع فالأميات ترتفع نسبتهنّ أكثر من الرجال واذا ما تمكنت المرأة من تحصيل مستوى تعليم ثانوي او اكثر فهنّ يتفوقن على أزواجهن كما ينجح 45٪ من أبناء النساء المتعلمات في بلوغ التعليم الثانوي والعالي.
وبخصوص العمل في القطاع الفلاحي تشتغل 61٪ من النساء كعاملات عرضيات موسميات في حين يشتغل 28٪ منهنّ بصفة قارة. وتوكل للنساء مهمة الجني (78٪) ومقاومة الأعشاب الضارة (69.5٪) والبذور (64.5٪) ومهمة حمل المنتوج (36.2٪) ونقل المحصول (17٪) وتولّي أعمال الحرث (10٪). وتعيش عاملات الفلاحة ضغطا كبيرا في أيام العمل بسبب نشاطها الفلاحي وقيامها بالأشغال المنزلية وتربية اطفالها الامر الذي يدفعها لتخصيص ساعتين فحسب لحاجياتها الفيزيولوجية ولاستغلال القليل من الوقت للزيارات العائلية وأداء الصلوات.
جحيم التنقل إلى العمل
تتعرض النساء الريفيات للعديد من الصعوبات والمخاطر للحصول على العمل بسبب هشاشة اوضاعهن وعدم هيكلة القطاع. وتشير حوالي 90٪ من المستجوبات إلى أنهن اخترن العمل اراديا وان دافعهنّ هو صعوبة الظروف المعيشية والمشاكل المالية لهنّ ولأسرهنّ. وبالإضافة إلى التمييز على اساس الجنس في العمل الفلاحي تواجه عاملات القطاع الفلاحي في الريف صعوبة في ظروف التنقل فتضظر أغلبهنّ الى التنقل على مسافات تتراوح بين 5 و20 كلم للوصول الى العمل عبر شاحنات او بواسطة مجرورات او شاحنات ثقيلة. كما يعمد العديد من سماسرة نقل العاملات بسكب الماء في السيارة كي تضطرّ العاملات للبقاء في وضعية الوقوف في الشاحنة وهو ما يسهل له عملية نقل عدد أكبر منهنّ كما ان بعض اصحاب السيارات لا يتولون استخلاص معاليم تامين الجولان ما يعني تعريض العاملات الى مخاطر حقيقية.
وفق احصائيات وزارة التكوين المهني و التشغيل تعمل قرابة 450 الف امراة في المستغلات الفلاحية الصغرى ، كما تحدد مجلة الشغل العمل بالمؤسسات الفلاحية 2700 ساعة عمل في السنة و تقر بحق العمال في راحة اسبوعية و ساعات اضافية و الحقيقة المرةّ ان هذه المجلةّ كما يقال المثل التونسي "بلّها و اشرب ماءها" على اعتبار انّ هذه المجلة لا تطبقّ و اغلب العاملات يجهلن حقوقهن علاوة على غياب الدولة الكامل عن هذه هذه الشريحة فمثلا تمتد ساعات العمل للكادحات من الخامسة صباحا الى الخامسة مساءا ، كما انهن يعملن طيلة ايام الاسبوع على اعتبار ان العمل الموسمي في الجني او البذر او غيره يتأثر بتوقف العمل كما انهن لا يتقاضين مقابلا للساعات الاضافية كما ان 99 % من نساء الريف يعملن في القطاع الفلاحي لاكثر من 9 ساعات و ليس لهن اي ادوات حماية اثناء استعمالهن للمبيدات الحشرية او بعض الادوية و هو ما يمثل خطرا محدقا بصحتهنّ تفيد دراسة للوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية على المنتجات تم انجازها سنة 2003 حول تأثيرات المبيدات الحشرية على الصحة أن هذه المبيدات تحتوي على مواد فاعلة تستعمل في العديد من القطاعات كالفلاحة و الصحة وغيرها.

وأكدت الدراسة أنه ينجر عن هذه المبيدات واستعمالها غير الواعي وغير المراقب تداعيات خطيرة على صحة الانسان، وعلى التوازن البيولوجي وأيضا على البيئة حيث يتواصل وجود بعض المبيدات الزراعية لفترة طويلة بعد الاستعمال ويتحول من محيط إلى آخر إما بطريقة سلبية كالتبخر والاستنشاق أو بطريقة فاعلة بيولوجية كالغذاء وغيره على غرار مادة " ددت " التي يبقى أثرها لسنوات من منع استعمالها في التربة وفي المواد الزراعية وحتى في جسم الانسان.
ومن بين المخاطر التي تظهر على صحة الانسان وخاصة لدى المستعملين المباشرين للمبيدات مثل الفلاح والعامل الفلاحي والبائع و الصناعي وأيضا لدى المستهلك، حالات التسمم و الإصابات الموضعية وإصابات على مستوى الجهاز التنفسي و التسمم العصبي على مستوى القلب والشرايين والغدد الصماء
في ظلّ تكرّر حوادث الطرقات وتعدّد المخاطر التي تتعرّض لها النّساء الفلاّحات نتيجة ظروف العمل غير اللائقة والماسة بكرامتهن، والتي تصل حد الموت الناتج عن اعتماد وسائل نقل غير محمية، ولا تخضع لأي ضمانات قانونية، والتي يتبع أصحابها المسالك الفلاحية للتهرب من المراقبة. وفي ظل سياسة التشغيل الهش وضرب شروط العمل اللائق الذي ينعكس سلبا على الفلاحات كحلقة أضعف في القطاع الفلاحي غير المهيكل تعالت مطالب المجتمع المدني وحتى الهياكل المعنية كالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري الذي عبر عن استيائه من تمادي السلطات المعنية في تجاهل ملف النقل الفلاحي وعدم اكتراثها بما يخلفه من فواجع ومآسي.
لا بدّ الإسراع بسن التشريعات القانونية ووضع الآليات الكفيلة بحماية النساء الريفيات من مخاطر النقل غير الآمن وحفظ حياتهن وتوفير أشكال التغطية الاجتماعية لهن بما يضمن كرامتهن ويكافئ تضحياتهن ومساهمتهن الفعالة في تحقيق أمننا الغذائي ودفع التنمية الاقتصادية .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة