نسوية في مواجهة الذكورية والأنثوية

فراس عوض
firasawad4@gmail.com

2019 / 7 / 12

ليس هناك أفظع من أنثى تستهزئ وتسخر من انثى ومن حقوق المرأة نكاية بها و لنيل إعجاب الذكور، حتى على حساب قضية تضطهدها شخصيا وتميز ضدها، فتقع في شرك نقاش وذهنية خالية من عذابات النساء! هؤلاء أشد خطرا على المرأة من أي ذكر في مجتمع ذكوري، وأثرهن ومساهمتهن في انتاج الثقافة الذكورية او التمييزية الاضطهادية أكبر بكثير من اي ذكر يحمل ذات التوجه، فرق كبير بين ان تناقشي فكرة لقناعتك الداخلية، وبين أن تناقشيها لتحظي باعجاب من حولك، وهذا الفرق بين نقاش النخبوي ونقاش الشعبوي، فالعقلية الجمعية الانثوية بحد ذاتها ترفض الظلم والتسلط والقهر، حتى لو أظهرت العكس، وان ما يجمع النساء من اجل حريتهن وكبريائهن يجب ان يكون اكثر مما يفرقهن ويزيد معاناتهن ويكسر آمالهن.

صحيح انني دائما يتم اتهامي انني مناصر للمراة ومتحيز لها، ولكنني في واقع الأمر، اتحيز للمساواة بين عناصر المجتمع باكمله، حتى لو آمن بفكرتي مواطن واحد، وفي الحقيقة، من يظن انني احيانا عندما اكتب عن قضايا المراة لأحظى باعجابهن، فابشرك انك مخطئ، فمعظم نساء مجتمعنا يميلون مع الذكور، ويضهدون حتى الرجل الذي يطالب بحقوقهن، وعادة ما اختلف معهن، حتى ممن يدرسن او يعملن في مجالات تتعلق بحقوق المراة، فالكثير منهن تتسربل الى لا وعيهن الثقافة الذكورية او غالبا يجاملن في قناعاتهن، القضية بالنسبة لي، هي قضية مجتمع وتقدم وحداثة مجتمع وقضية انسانية، وتاريخيا، فإن المجتمعات التي تقدمت وازدهرت، هي المجتمعات التي ارست العدالة وتساوى افرادها في الحقوق والواجبات ونعمت بالحرية والحياة، وتآخى ذكورها وإناثها، وعم السلام بينهم. بل ان الجندر والمساواة من اهم مؤشرات التنمية التي يقاس من خلالها تقدم و تطور وتحضر اي مجتمع.
لا يكفي ان تكون ناشطا دون الدفاع عن حقوق كافة الفئات من اجل مواطنة واحدة للجميع ومجتمع تسوده قيم العدالة والحرية والمساواة، وفي الحقيقة، لو اردت نيل رضى النساء، لما اقحمت نفسي بهذه الأمور ، فمعظم النساء ذكوريات، و معظم مجتمعنا تسوقه المصالح لا المبادئ، والنساء معظمهن يسيروا كما المجتمع مع مصالحهن، حتى بوجود افكار تحد من مساواتهن، فلا تفترض ان تعجب بك امراة لانك تناصر حقوقها، فالعكس صحيح، والامر لا علاقة له بالجنس، فهناك رجل يؤمن بالمساواة ورجل لا يؤمن بها، والنساء كذلك، بل ان مخاسري من هذه المناصرة تفوق اي مكتسبات أخرى، بل لا يوجد أي منافع على المستوى الشخصي، بل أن عملي كله لا علاقة له بالمراة ، والرجل النسوي معاناته قد تكون اكبر من إمرأة يضهدها مجتمع ذكري، ويواجه مجتمع ذكوري حوله يفوق طاقته، ويتهم بابشع الإتهامات كالدياثة وقلة الرجولة.. الخ من ألفاظ ومسميات لا اخلاقية، ويخسر الكثير ويتم نبذه في أحيان كثيرة.
فلسفة المساواة و الحقوق المدنية ايديولوجيا كأي ايديولوجيا، هناك من يؤمن بها وبثقافة حقوق الإنسان وهناك من يحاربها ويعتبرها غزو فكري وحرب على الاسلام و و.. الخ، ولكن، في الحقيقة، لم تحصل المراة في دولنا على حق واحد، حتى لو على مستوى حق التصويت والترشح للانتخاب تاريخيا قبل خمسون عاما، الا من خلال ضغط ونضالات الحركات النسوية والمؤمنين بثقافة حقوق الإنسان، وقيس على ذلك بقية الحقوق، حتى حق قيادة المراة للسيارة في السعودية أسوة بالرجل!!
تاريخيا، لم تخرج ايديولوجيا ذاتية من مجتمعنا تطالب بحق للمراة بشيء أسوة بالرجل، كالحق بالعمل والتعليم والصحة والحقوق الاقتصادية كحق التملك والبيع والشراء والحقوق السياسية كالتصويت والترشح وتبوؤ المواقع.. الخ، بل دائما يتم اتهام حركات حقوق الانسان والحركات النسوية انها غزو فكري وثقافي والخ من مسميات، و في الواقع، لا يوجد من يطالب بحق المرأة في شيء سواهم!! ، وما هذه الاتهامات سوى صراعات سياسية، تخوضها الاطراف اليمينية الأخرى سواء الدينية او المحافظة من اجل مصالحها السياسية على حساب حقوق الانسان وحقوق المراة، وعلى حساب الإنسانية ككل، وصراع على السلطة ومن اجل الهيمنة وتسجيل الحضور السياسي، حتى لو كان على حساب انتهاك الحقوق، من حيث يدرون او لا يدرون، فمن الطبيعي أن تجد المرأة وجسدها دائما محورا للصراع والإمضاءات والإمضاءات المضادة وتسجيل الحضور والخطاب السياسي.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة