قضية اسراء غريب لن تكون الأخيره ان لم تتغير القوانين والمفاهيم

محمود الشيخ
nahnoudsawad1949@gmail.com

2019 / 9 / 1


قضية اسراء غريب لن تكون الأخيره في مجتمع لا زالت ثقافته ممتده منذ مئات السنين،مجمتع غير مثقف حتى المتعلم فيه امي،ان قرأ يقرأ ما معدله (11) سطرا او (6) دقائق في السنه في حين الإسرائيلي يقرأ (40) كتاب في السنه،في العالم العربي يطبع (2500) كتاب في السنه في حين يطبع (40000) كتاب في اسرائيل،فكيف لنا ان نتغير وتتغير مفاهيمنا وثقافتنا،المرأه في الثقافة العربيه هي فقط لتفريغ الشهوه من جهه،وللولاده من جهة اخرى،هكذا يعتبرها الرجل.
تكذب قوانا السياسيه عندما تتحدث عن حقوق المرأه،هناك مئة دليل ودليل وكذلك السلطه وتصريحاتهم ليست اكثر من فقاعات هوائيه،وان كانت غير ذلك فالينصبوا المشانق لقتلة اسراء غريب حتى يتعلم غيرهم كيف يتعامل مع اخته وابنتته وزوجته،فلو قامت بهذا الإجراء من اول جريمة قتل لما تجرأ احد على قتل ابنته او اخته بحجة الشرف الذى لا يملكه.
اليست جريمه ان تنتظر وزارة التربية والتعليم موافقة من لا يعرفون في الثقافة ولا في التعليم شيئا على تعليم مختلط من الصف الأول الى الرابع،بحجة عدم الإصطدام مع المجتمع المحلي،ويعتبر هذا الموقف تشجيعا لهرلاء المتخلفين على مواقفهم المستند الى ذكوريتهم الغريبه عن روح التطور العالمي،اذن السلطه بمختلف مكوناتها مسؤولة عما يجري في البلاد،فتغير الثقافه التى تسيء للمجتمع وتحمل في ثناياها سلوك اجرامي،مسؤولية التربية والتعليم في المدارس والجامعات علينا ان نحدث ثغرة تتيح المجال للتغير،الثقافه لا تزول بإنقلاب لكنها تزول بالتدريج وبتنفيذ قواني رادعه
فأي متفحص لوضع المرأه في العالم العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص على حقائق مؤلمه تفيد ان المرأه ومكانتها لا زالت سجينة الموروث الثقافي في الوقت الذى يشكو عالمنا العربي من كبت الحريات من جهه واستبداد السلطة من جهة اخرى ومنها الإستبداد الذكوري على اعتبار ان السلطه في مجتمعنا هي سلطة ذكوريه ،لذا يضرب في مجتمعنا المثل في الدكتاتوريه وشكل الإحتلال الإسرائيلي اداة لسحق ليس الحقوق السياسيه فحسب بل الحقوق المجتمعيه للرجل والمرأه معا.
ان وضع المرأه هذا دفع المهتمين بوضعها لدراسة وبحث اسبابه،اذ يدور جدل واسع بين اوساط المثقفين والمفكرين والأحزاب والقوى السياسيه على اختلاف اطيافها حول وضع المرأه ومكانتها في المجتمع استناد الى ارتفاع صوتها واستمرارا لمطالبتها ومؤسساتها النسويه،لحقوق المرأه ومساواتها بالرجل،باعتبار انها النصف الثاني للمجتمع.
وبما ان المجتمع الفلسطيني هو جزء من المجتمع العربي وثقافته ينسحب عليها ما ينسحب على المجتمع العربي وان اختلفت العبارات الا ان جوهرها واحد،هو تعطيل دور المرأه واعتبارها ملك الرجل،لأن الثقافة السائده هي ثقافة ذكوريه وهذا مرتبط بفكرة انهن الأقل قوه والأقل ثقافة والأقل مكانة يضاف الى ذلك الإستخفاف بقدراتها واعتبارها كائن ضعيف لا تملك القوة التى يملكها الرجل .
في الوقت الذى فرق المجتمع بين الرجل والمرأه فالرجل قيادي في حين المرأه تابعه،ولذلك يطبق الرجل المفاهيم التى زرعت في عقله من قبل والديه وهي انه صاحب السلطة حتى لو كان الأصغر سنا من اخواته ولذلك يمارس رجولته في المنزل بتشجيع من والديه اما وابا..
وبطبيعة الحال يقوم الأب والأم بإعداد ابنهم منذ نعومة اظفاره للقيام بهذا الدور المسؤول عن اخواته وعليهن الإنصياع لرأيه ولذلك يمارس دور صاحب السلطه التى هي نتاج لثقافه مجتمعيه،واستمرار صمود هذه الثقافه ناتج عن عدة اسباب منها التخلف الفكري لمجتمعاتنا العربيه خاصه اذا ادركنا ان معدل قراءة الإنسان العربي في السنه تبلغ فقط 11 سطرا،او (6) دقائق، فكيف له ان يتطور ويتقدم فكرا وممارسة في الوقت الذى منذ ان غادر المقعد الدراسي في المدرسه لا يحمل قلما او يفتح كتابا بل ان عقله سيتعرض للصدأ بعد ذلك،وبطبيعة الحال ارى انه حتى المتعلم في كثير من مواقفه ان لم تكن جميعها تشابه موقف الأمي الذى لا يقرأ ولا يكتب،صحيح ان التعليم ازداد وتوسع في مجتمعاتنا العربيه وفي مجتمعنا الفلسطيني الا انه لم يرافقه تغير في المفاهيم المجتمعيه،خاصه اذا ادركنا ان الوعي المجتمعي هو نتاج طبيعي للوعي الأبوي وللثقافة الأبويه،القائمه على العادات والتقاليد المكتسبه منذ مئات السنين ولذلك لا يمكن لمجتمع ذكوري ان يتنازل عن سلطة الرجل ولذلك تستمر هذه الثقافه في ثباتها وستزيد من ضررها للمرأه وتحد من امكانية تطور مكانتها رغم بصيص الأمل القائم في التغير لكنه سيطول حتما.
وهنا لا يمكن اعفاء الحركات الإسلاميه من مسؤوليتها في تثبيت هذه المفاهيم وتلك الثقافه وهي تعتبر نفسها ظل الله على الأرض،فهم يدعون ليل نهار على نسخ الماضي على الحاضر والمستقبل ويعتقدون انه يمكن ذلك ويستشهدون بأدلة قرأنيه واحاديث نبويه لترسيخ تلك الثقافه من جهه ونسخ الماضي على الحاضر من جهة اخرى،ومنها ما جاء في كتابه العزيز(الرجال قوامون على النساء) اي تحميل الرجال مسؤولية النساء،ثم قال الرسول الأكرم (يا معشر النساء اني رأيتكن اكثر اهل النارفقلن ولما يا رسول الله قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير وناقصات عقل ودين،فسألت واحده وما نقصان عقلنا وديننا فقال اليس شهادة المرأه نصف شهادة الرجل قلن بلى،قال فذلك من نقصان عقلها،ثم قال اليس اذا حاضت المرأه لم تصل ولم تصم،قلن بلى فقال فذلك من نقصان دينها)
من هنا تلجأ الحركات الإسلاميه لتدعيم رأيها ومواقفها من المرأه وبذلك يصطدمون مع التحديثات والتطورات التى تفرض نفسها على المجتمع وثقافته ولأنهم لا يؤمنون لا بالحريات ولا بحقوق المرأه ولا ايضا بإختلاف الراي بل ينادون بديمقراطية اسلامية التى حسب طرحهم تلعب دورا كبيرا في التكفير ومنع الإجتهاد وحق الغير في الإختلاف ومن الغريب انهم يسعون للعودة الى القرون الوسطى وما كان يقال في الماضي يمكن ان يقال اليوم،وبالتأكيد فإن هذه الثقافه تهمش دور المرأه وتحاول جرها من شعرها الى الوراء ومن الأمثله على ذلك فقد رفع عددا من اعضاء الإخوان المسلمين في مصر قضية على زوج الدكتوره ( نوال سعداوي ) لإلزامه في طلاقها كونها تجرأت على مناقشة وضع المرأه واتهمت ما يستشهد به هؤلاء لإستمرار عبوديتها الى الأبد.
وبدون شك ان هذه الثقافه السائده في مجتمعاتنا تصطدم بالحريات الديمقراطيه وتلغي دور المرأه ودورها حتى الهامشي منه.
من هنا يقع المجتمع العربي والفلسطيني منه على رأس المجتمعات التى تنتهك حقوق المرأه وتدعي ان الدين منحها كامل حقوقها ويباهون المجتمعات الأخرى بثقافتنا التى تمنح على حد زعمهن المرأه حقوقها.
وعلينا ان ندرك ان العنف المستخدم ضد المرأه في المجتمع الفلسطيني والعربي هو جزء من هذه الثقافه وابرز الأسباب التى كبلت المرأه وتركتها حبيسة العادات والتقاليد الإجتماعيه الموروثه هي نفس الثقافه المعتمده لدى العرب منذ مئات السنين،ومن المؤكد ان المرأه حتى تأخذ دورها ومكانتها بحاجة الى الحرية كإحتياجها للماء والهواء والغذاءواثبتت التجارب انه كلما انتزعت المرأه حقها زاد ذلك من قدرتها وارتقى دورها واخذ تأثيرها في التعمق والإزدياد.
ومجمل القول ان الثقافة الذكوريه في مجتمعنا لعبت الدور الأساس في تخلف المرأه عن احتلالها لدورها الطبيعي واعتقد بل اجزم ان الأحزاب والقوى السياسيه ومختلف الإتجاهات الفكريه ترفع شعار اعطاء المرأه حقوقها،وتطالب بمساواتها بالرجل في حين ان دورها في سلطة اتخاذ
القرار في هذه التنظيمات احيانا غير موجوده وان وجدت فهي متدنيه من باب العتب ربما،وبذلك فان هذه القوى ذكورية القياده ودورها نسبي في عملية انتزاع المرأه لحقوقها وربما يشكلون عقبة كأداء في طريق انتزاعها وهنا انا لا اتهم بل ليجري كل من يعترض على هذا القول دراسه عن نسبة وجود المراه في الهيئات القياديه لهذا التنظيمات وما هي نسبتها بالنسبه للرجل،ومن يقتفي دورها في المؤسساات الحزبيه يصل الى مجموعة من القناعات وعلى رأسها ان شعار تلك القوى بخصوص منح المرأه حقوقها هو مجرد شعار لإكتساب ود المرأه لا اكثر ولا اقل،وربما هي جزء من ممارسة الموضه،فمثلا مشاركة المرأه في البلديات والمجالس المحليه جاء بناء على طلب خارجي وليس قناعة فلسطينيه بضرورته.
وخلاصة القول ان مجتمعا لا ينظر الى نصفه الأخر سيبقى مجتمعا متخلفا،وهنا يطرح واقع المرأه في المجتمع الفلسطيني سؤالا هاما ما هي الدعائم التى تمكن المرأه من انتزاع حقوقها واخذ مكانتها وعدم استسلامها للثقافة الذكوريه المستبده،وما هي نسبة تقصيرالمؤسسات النسويه لإحتلالها دور يساهم في رفع الظلم عن المرأه،لقد اصبح من الضروره ان تغلق المؤسسات النسويه دور البرستيج الذى تقوم به، وتعلن على الملآ انها لن تسمح منذ هذه اللحظه بالتعدي على المرأه،ولما لا تتخذ المؤسسات النسويه دور الحاكم عند حلول جريمة قتل في احدى النساء.
القضاء لم ينصفهن والسلطة لم تستحدث قولنين رادعه ضد من يقوم بتعنيبف المرأه او قتلها بحجج واهين دفاعا عن الشرف والقاتل لا يمتلك ذرة شرف،الشرف ان تحافظ على اختك وامك وزوجتك لا ان تقتلها وتقوم بدورفظيع في اجرامك،ان قضية اسراء لن تكون الأخيره مثلما كانت قضايا قتل اخرى ليست اخيره،فإن لم تقوم المرأه وتحديدا المؤسسات النسويه بتنظيم تظاهرات واعتصامات دائمه ليل نهار امام مقر الرئيس ومقر الأحزاب والقوى السياسيه وامام القضاء لإجبراهم على سن قوانين تردع الجناه وتحمي المرأه وإلا لن تكون جريمة قتل اسراء هي الأخيره.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة