مقتطفات من التاريخ الذكورى

سلوى فاروق رمضان
salwa.faroukramadan@Gmail.com

2020 / 4 / 11

العُلماء معظمهم من الرجال ،الكُتّاب معظمهم مِن الرجال ،المفكرين والفلاسفة مُعظمهم رجال حتى الطبخ الّذى هو مِهنة النِساء الأولى الرجال يسبقون فيها النساء . أين النساء ؟ نبدأ بالفلسفة ،أين النساء من سقراط وأرسطو وأفلاطون وقبلهم أول فيلسوف طاليس ؟ إذا بحثنا فى الأمر سنرى الفيلسوفة ارستوكلى وهى من معاصرين الفيلسوف أرسطو فى القرن السادس قبل الميلاد ، وهى من ضمن معلمات فيثاغورس ، المعلمة الثانية لفيثاغورس هى أخته الفيسلوفة ثيموستوكلى وهى من عَلّمت فيثاغورس المبادئ الأخلاقية ، ولعل تأثير النساء الفيلسوفيات على فيثاغورس جعلته يفتح مدرسته للرجال والنساء على حد سواء .نرى أيضا الفيلسوفة ديوتيما وهى معلمة سقراط ، ولكن أيهما أعتنى بهم الباحثين والمؤرخين ! تهميش آخر طال النساء مثلا كلنا نعلم أهمية طلعت حرب فى تأسيس بنك مصر سنه 1920م ، الحقيقة كما قال عضو إتحاد المؤرخين العرب أن هدى شعراوى هى التى شجّعت طلعت حرب على إنشائه ، بل أن طلعت حرب نفسه كان متردد فقالت له هدى شعراوى إن أموال عائلتها كفيلة أن تُنجح هذا المشروع . من هو مؤسّس الرواية العربية ؟ إن الإجابة المحفوظة لنا هو محمد حسنين هيكل .بروايته زينب الصادرة سنه 1914، ولكن كشف حلمى النمنم فى دراسته زينب فواز الرائدة المجهولة أن لهذه الرائدة لها رواية إسمها ( حسن العواقب ) أو غادة الزاهرة ) صدرت سنة 1899، والأدهى من ذلك على حد قول حلمى النمنم ظلت الدراسة قيد النشر أربع سنوات لأن مسئول النشر تحرج من نشر كتاب يخرج عن السائد . فى سنة 1924 صدر لمى زيادة الأديبة كتاب (بين الجزر والمد ) قدّم له سلامة موسى ومن ضمن ما قاله ( وإنه من أوضح البراهين على صحة نهضتنا أن نجد آنسة مسيحية مثل مى تدافع عن العرب واللغة العربية كما يرى القارئ فى إحدى مقالات هذا الكتاب) وبعد رحيل مى زيادة سنة 1941 يقول نفس المفكر (إنها لم تكن جريئة ولكنها كانت تمالئ المسلمين وكانت تخشى أن تنتقدهم لكى لا ينتقدوها ) (كلنا يتحدث غير ما نكتب وكلنا أحرار فى أحاديثنا جامدون فى كتابتنا ،ولكن مى كانت آنسة وقد فاتتها فرصة الزواج وكانت مسيحية فكانت لهذا السبب تخشى أقلام المعارضين لها بأكثر مما نخشى نحن )هذا الكلام بعد رحيلها المأسآوى بعدة أيام . فما المشهور عن مى جنونها وعشق الرجال لها ؟ أين هذا من أعمالها وأسهامتها (دراستها عن وردة اليازجى الشاعرة وعائشة التيمورية وباحثة البادية .) كتاب لعباس محمود العقّاد صدر سنة 1937 وهو (شعراء مصر وبيئاتهم فى الجيل الماضى )خصص فيه فصل عن عائشة التيمورية يقول فيه عنها (اننا لم نقرأ لمن نشأ بعد السيدة عائشة نُظما يضارع نُظمها ولا شاعرية تقرب شاعريتها وان كان التعليم فى عصرنا أوفى ومواد العلوم والثقافة النسوية أكثر وأغنى وكأن تعليم المرأة عامة أقرب الى بيئة الزمن وأهله . إنما المسألة هُنا أن الإستعداد للشعر نادر . وأنه بين النساء أندر ، فالمرأة قد تحسن كتابة القصص وقد تحسن التمثيل وقد تحسن الرقص الفنى فى ضروب الفنون الجميلة لكنها لا تحسن الشعر ، ولم يشتمل تاريخ الدُنيا كُلّه بعد على شاعرة عظيمة لإن الأنوثة من حيث هى أنوثة ليست معبّرة عن عواطفها ولا هى غلّابة تستَولى على الشخصية الأُخرى الّتى تقابلها بل هى أدنى إلي كتمان العاطفة وإخفائها وأدنى إلى تسليم وجودِها لمن يَستَولِى عليه من زوج أو حبيب ) وعلى حد تعبير شعبان يوسف مؤرخ الفن (يبدو أن العقاد راح يؤكد على شاعرية عائشة التيمورية ليجعل منها الإستثناء لقاعدة أن المرأة لا تصلح لتكون شاعرة على الاطلاق ) أخيرا ، هذه النماذج مجرد غيض من فيض ، فقط لنتأكد جميعاً أن المرأة راعية الحضارة كالرجل أو أكثر ولكنها فقط مهمشة ، لو إهتم الباحثون والمُؤرِخون بالعبقريات الّتى ظهرت من النساء كما إهتموا بالرجال ، لو جدناهن متساويات فى صنع الحضارة أو قدّمن أكثر من الرجال .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة