آمال مغني التي من المؤكد أنها سلمت عليكم .. في طريقها للرحيل ..

حمدى عبد العزيز
hamdyazizzz@yahoo.com

2020 / 7 / 6

آمال مغني أو الزميله آمال أو (أم وحيد) .. عرفتها وأنا شاب فرغ لتوه من مرحلة الصبا ، وانخرط في صفوف اليسار المصري
، وبعد أن أصبحت أحدد المترددين علي بيت الصديق والمعلم الرائع الجميل ثروت سرور ، وبحكم مهام وظروف نضالية عديدة بعضها كان علنياً واغلبها كان سرياً حتمته ظروف العمل السياسي السري في عهد السادات ، ولا وقت لسردها الآن .. جمعني العيش والملح والسهر والتعب والفرح والحزن في مدينة دمنهور ، بالدكتور سينوت حنا وثروت سرور وآمال مغني ومجدي شرابيه الذي كان الأصغر بينهم والأقرب لي في العمر حيث كان يكبرني بأكثر قليلاً من عشر سنوات لاغير ..
كثير من السهر العمل لسنوات بدأت من آواخر السبعينيات وحتي أواسط الثمانينيات كان يتم في بيت ثروت سرور الذي كان يعلو عيادة الأسنان الخاصة بالدكتور سينوت في نفس المبني ..
وكثير من عشاءات أو غداءات هذا العمل كنا نتناولها من يد المدام آمال مغني أو الزميلة آمال كما يناديها الدكتور سينوت ، أو (أم وحيد) كما كنا نناديها أنا ومجدي شرابية أو الرفيقة (رضا) كما اختارت هي ان تسمي نفسها أسماً لاتتعامل به سوي في دائرة مكونة ستة رفاق في النضال السياسي ثلاثة منهم أنا ومجدي شرابيه وثروت سرور بحكم ضرورات العمل السياسي السري وقتها ..
اصبحت أنا ومجدى شرابيه بحكم العلاقة التنظيمية والرفاقية التي جمعتنا بثروت سرور وآمال مغني جزءاً من عائلة ثروت سرور ، وأشقاء لم تلدهم آمال مغني لكل من المحاسب وحيد سرور الذي اكتشفنا في مفجأة مدوية لنا أنا ومجدي شرابيه في بداية علاقتنا بثروت سرور الذي كنا نظنه في عمرنا أنه أبنه وليس شقيق آخر غير الكاتب الراحل نجيب سرور ، وأن عمره يقارب عمر مجدي شرابيه ..
، كنا قبلها ننادي ثروت سرور بثروت وبلاألقاب فأصبحنا بعد هذه الواقعة نناديه بالأستاذ ثروت بالرغم من من جثه لنا علي الإستمرار بمنادته بثروت فقط ، وضيقه بهذا اللقب ، وباعتذارنا عن عدم مناداته بهذا اللقب في السابق نظراً لإن من يعرف ثروت سرور في الثمانينيات كان لايجزم أبداً أنه قد غادر الشباب ..
، كنا أشقاء لم تلدنا آمال مغني للطفلة الصغيرة أمل سرور التي ستصبح فيما بعد الكاتبة الصحفية المرموقة بالأهرام ونصف الدنيا ..
وكانت آمال مغني شخصية هادئة رقيقة ودودة مع الجميع مبتسمة دائماً ، ولاتطرق برأسها أبداً في الأرض أمام محدثها فتشعره بالحرج الإنساني ..
.. لكنها كانت بالنسبة لمجدي ، ولي ملجئاً وحضناً وجدانياً ورفيقة نضال من طراز فريد .. لم نكن نخجل أنا ومجدي من تناول أسرارنا العائلية والخاصة معها ، وكثيراً ماشاركتنا همومنا بل وحملت الكثير من همومنا ..
كانت عند القبض علي أحدنا هي من يدبر زيارات المؤازرة والطمأنينة لأمهاتنا وعائلاتنا ..
اتذكر حينما ألقي القبض علي وعلي الزملاء عبد المجيد أحمد ، ومجدي شرابيه ، عبد المعطي فهمي بسبب مظاهرات الخبز في كفر الدوار في الثمانينيات ، وافرج عني بعد تحقيق النيابة مباشرة لأنني قد ألقي القبض علي في دمنهور ، وليس في كفر الدوار ، بعد أن استطاع الأستاذ عطيه على شعلان أعطاه الله طول العمر والراحل الجميل خيري قلج المحاميان القديران اللذان كانا دائمي التطوع للدفاع عننا أمام النيابة أنني كنت في اجتماع مجلس إدارة اللجنة النقابية للعاملين ببنك التسليف في دمنهور والذي كنت أحد أعضائه حينذاك ، كما أنني لست من سكان كفر الدوار ..
أما عبد المجيد أحمد ومجدي شرابيه وعبد المعطي فهمي فلإنهما من سكان كفر الدوار ولم يثبت تواجدهما خارجها في هذا الوقت فقد استمر حبسهم يتجدد لشهور داخل سجن دمنهور ..
ظلت آمال مغني طوال هذه الفترة تنزل كل يوم مصطحبة ثروت سرور وأحياناً أكون ثالثهما أو يكون الدكتور سينوت حنا كذلك لننادي علي الزملاء من خلف سور السجن كي يظهرون لنا ويلوحون لنا بإشارة النصر التي تطمئننا ، وكانت تعد زيارة أسبوعية للزملاء من الطعام والشراب ورسائل الأهل بعد أن استطاع الدكتور سينوت حنا باتصالاته بمدير الأمن أن يرتب ذلك ، وكان بيتها محطة لعائلات الزملاء عندما يحضرون من كفر الدوار إلي دمنهور لزيارتهم المرتبة رسمياً ..
آمال مغني دخلت بيتنا وعرفت أمي عندما ألقي القبض تزامناً مع افتتاح السفارة الإسرائيلية في مصر لأننا كنا نعارض اتفاقية كامب ديفيد وقتها وضبطت وأنا أوزع بيان الأمانة العامة لحزب التجمع في معارضة مسار السلام الذي اختطته مع العدو الصهيوني ، وظلت (أم وحيد) علي علاقة من وقتها بأمي وشقيقاتي البنات وشقيقي الصغير عصام ، وأخذتهم معها في مكتب الطلائع والمكتب النسائي ، وظلت علي زيارتها لهم واستقبالهم في بيتها حتي اقتراب التسعينيات من المجئ في القرن الماضي ..
وكل رفيق أو زميل ألقي القبض عليه في محافظة البحيرة طوال فترة السبعينيات والثمانينيات كانت عائلته تجد آمال مغني تطرق بابهم لتطمأنهم وتشد من أزرهم مع ثروت سرور ، وسينوت حنا ..
وآمال مغني أسست مع صديقه غازي أول مكتب للعمل النسائي الحزبي في البحيرة علي الإطلاق ، وقبل أن يشكل الحزب الحاكم مكاتب المرأة الخاصة به ..
وانطلقت تجلب العضويات النسائية وتحتضن أبنائهم كطلائع لحزب التجمع ، وترتب الأنشطة ، واقامت معرض سنوي تعرض فيه الملابس بشكل لائق وكريم بعد أن تظل طوال العام تجمعها كتبرعات من مختلف المراكز ، ومن خارج مراكز البحيرة إن أمكن لها ذلك ، وكانت تعد معرضاً ناجحاً بمعني الكلمة كان يعرف طريقه الفقراء ومعدومي الحال من أهالي دمنهور ..
هذه هي آمال مغني التي عرفتها والتي رحلت أمس بعد رحلة حياة مشرفة كأي إمرأة مناضلة من أجل مستقبل سعيد لأبناء هذا الوطن ..
بالتأكيد
أنها تنهدت في طيبة ووداعة اعرفها جيداً ، وارتسمت ابتسامتها الهادئة الودودة الحنونة التي يحفظها كل من عرفها ، ملوحة ً لهذه الحياة بالوداع ..
ـــــــــــــــــــــ



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة