موجة الاحتجاجات النسائية بالمغرب

أسبوعية المشعل المغربية

2007 / 4 / 13

تتصاعد موجة من الاحتجاجات النسائية بالمغرب، دفاعا عن مطالبهن الرامية إلى توسيع دائرة المشاركة السياسية للنساء في المؤسسات المنتخبة المحلية والوطنية، خاصة بعد التراجعات التي طالت المكاسب النسائية بخصوص تمثيليتهن السياسية، والتي دشنت سنة 2002، خلال الانتخابات الجماعية بانتكاسة كبيرة بالنسبة لتمثيلية النساء في تدبير الشؤون المحلية بالبلاد، وتوالت بعدها سلسلة من الاقصاءات الممنهجة كانت أبرزها تلك المتعلقة بتغييبهن من النقاش داخل المشاورات الحكومية حول المدونة الانتخابية لتمكينهن من الدفاع عن مطالبهن الجوهرية في ضمان تمثيلية سياسية مشرفة توازي الحضور الوازن للمرأة داخل المجتمع المغربي، هذا التعاطي السلبي للحكومة الحالية مع القضايا النسائية بالمغرب وتحديدا بخصوص تمثيليتهن السياسية كان بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس، ودفعت بالفعاليات السياسية النسائية إلى الالتفاف حول قضاياهن بتأسيسهن لإطارات وطنية للدفاع عن مطالبهن التي تعتبرها مشروعة وملزمة للحكومة، في ظل الانفتاح العالمي حول حقوق المرأة، مما حذا بهن إلى المطالبة بضرورة دسترة التمييز الإيجابي (الكوطا) واعتماده كقوة قانونية تضمن التمثيلية السياسية للنساء في المؤسسات المنتخبة المغربية على جميع مستوياتها، معتبرات أن الوضع الحالي المرتبط باللائحة الوطنية، يبقى مجالا مفتوحا على جميع الاحتمالات، خاصة وأنه مرهون بالتوافقات السياسية وليس بالقوانين الملزمة، إلا أن هذا التعصيد النسائي على مستوى إطاره الوطني، تم تجاهله من طرف الطبقة السياسية الحاكمة بالبلاد، بأن اعتبرته مجرد صراخ في الهواء، وطلقات رصاص مزيف لن تؤثر على المشهد السياسي الوطني في شيء، وتعاملت معه على هذا الأساس، ليستمر الاحتجاج في شكل تصاعدي هرمي يتأجج مع كل قرار حكومي أو سياسي يستثني استحضار العنصر النسائي ضمن محتوياته.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
ارتفعت الأصوات النسائية المغربية من جديد ملوحة بمواصلة مشوارها النضالي في إقرار المساواة السياسية المطلوبة داخل المجتمع المغربي بين الرجال والنساء، منددة في الوقت ذاته بالقرار الأخير للمجلس الدستوري للملكة بإقراره عدم دستورية بعض مقتضيات القانون التنظيمي لمجلس النواب، أي المدونة الانتخابية المرفوعة أمام أنظاره من قبل البرلمان المغربي بعد موافقة هذا الأخير على جميع مضامينها، بعد مشاوير مارتونية، كلفت الأغلبية الحكومية نفسا طويلا لأجل إقناع مكوناتها السياسية بالتصويت، طبعا بعد مشاورات وسلسلة من التوافقات أشرف عليها الوزير الأول شخصيا، ويتعلق الأمر برفض البند المتعلق بضرورة توفر المؤسسة الحزبية على نسبة 3 % من الأصوات المعبر عنها خلال انتخابات 2002، لتزكية مرشحيها، في حين لم يتعاطى المجلس الدستوري ـ حسب الأصوات النسائية المحتجة ـ مع عتبة 6 % الوطنية بنفس الحماس الذي دفعه لإقرار عدم دستورية بعض بنود المدونة الانتخابية، خاصة وأن هذه العتبة، اعتبرتها النساء من الحواجز التي ستقف عائقا أمام توسيع دائرة المشاركة السياسية للمرأة في المؤسسات المنتخبة على النحو الذي يمكن جميع الشرائح النسائية من ولوج قبة البرلمان، على اعتبار أنها ستمركز المشاركة النسائية وتحصرها في مستوى سياسي معين، وتساهم بالتالي في توسيع الهوة أمام المشاركة الواسعة والمتنوعة للنساء، كما اعتبرت الأصوات ذاتها أن المجلس الدستوري للمملكة قد تراجع عن جميع المقترحات التي جاء بها المشروع الحكومي بخصوص مدونة الانتخابات، بعد الزوبعة التي أثارتها الأحزاب المتضررة منه، باستثناء المقتضيات التي تدفع في اتجاه الإقصاء الممنهج للنساء، وتروم تقزيم تمثيليتهن التي نزلت ـ حسب تعبير النساءـ بردا وسلاما على المجلس الدستوري واعتمدها كقوانين، دون أدنى اعتبار لمبدأ الفعل الإيجابي في مجال التمثيلية السياسية للنساء، مؤكدات على أن مسلسل التراجع عن المكتسبات النسائية انطلق مع مطلع سنة 2002 مباشرة مع الانتخابات الجماعية، وكذا التهميش الذي طال النساء عبر مناقشات وإقرار قانون الأحزاب السياسية، وتنامى هذا التراجع على مستويات أخرى تتلخص في تغييب النساء عن النقاشات والمشاورات بخصوص الإعداد لمشاريع القوانين الانتخابية، للوقوف معهن على المطالب الجوهرية التي ترينها موازية لطموحات المرأة المغربية، بدليل أن أثار هذا التغييب ظهرت جلية في الخلاصات التي انتهت إليها المشاورات السياسية التي أقرتها الأغلبية الحكومية الحالية بواسطة أغلبيتها البرلمانية، والتي لم تتضمن مأسسة الآليات أو اتخاذ التدابير والإجراءات القانونية الفعلية التي تضمن تمثيلية حقيقية للنساء لتحريرهن من مواثيق الشرف التي تبقى مفتوحة حسب شهية التوافقات السياسية، خاصة وأنها غير ملزمة قانونيا، تنضاف إلى هذا التراجع ـ حسب الأصوات النسائية دائما ـ تطبيق العتبة على اللائحة الوطنية الشيء الذي يتناقض ومبدأ الفعل الإيجابي ويفرغه من محتواه، هذه التراجعات المؤثرة سلبا على مستوى التمثيلية السياسية للنساء اعتبرتها فعاليات نسائية، دليلا على تراجع الفعل الديمقراطي المغربي، ومؤشرا على ـ ناقوس الخطر ـ الذي يمكن أن يسجله هذا التراجع في التعاطي مع القضايا النسائية بالبلاد، خاصة وأن الترتيب الدولي للممارسة الديمقراطية داخل أي بلد تقاس بمدى قدرته على تقوية الحضور النسائي في مراكز القرار السياسية وداخل الهرم المجتمعي المحيط به.
كما أكدت الفعاليات نفسها انه على المسؤولين السياسيين تدارك حجم أخطائهم (الحكومة وعلى رأسها الوزير الأول، الأحزاب السياسية والبرلمانيون) والعمل بصفة استعجالية على تصحيحها بالقدر الذي تستحقه المرأة المغربية، حتى لا تتسع الهوة أكثر، وحتى لا يعيش المغرب خارج الزمن، خاصة وان العالم كله ينظر إلى العمل التمثيلي النسائي بعين مغايرة تماما لما هو سائد في بلاد المغرب.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
زكية المريني
++++++++++++++++
- أقر المجلس الدستوري الإبقاء على عتبة 6 في المائة التي تعتبر عقبة جديدة أمام اللوائح الوطنية المتوافق حولها بخصوص التمثيلية النسائية. كيف تقرئين هذا الإقرار؟
+بما أن المجلس الدستوري قرر رفض عتبة 6 في المائة بالنسبة للوائح المحلية، كان من البديهي رفض عتبة 6 في المائة بالنسبة أيضا للوائح الوطنية.
أعتبر أن هذا الإقرار غير صحيح، يؤكد بالفعل غياب ثقافة الحقوق السياسية للنساء لدى كل الفاعلين.
- ما هي الترتيبات الجديدة التي ستتخذها الحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء – في أفق المناصفة، بعد التجاهل الذي طال مطالبها سواء من قبل المجلس الدستوري أو البرلمان المغربي أو الحكومة الحالية؟
+ الهدف الإستراتيجي للحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء – في أفق المناصفة هو جعل الحقوق السياسية للنساء في المغرب قضية مجتمعية؛ لتحقيق هذا الهدف يجب وضع تصور شامل لتغيير الوضعية الحالية التي تعرف هدر هذا الحق من طرف السياسيين ومختلف المسئولين من جهة، وتشرذم القوى النسائية ودخولها في صراعات ثانوية لا تخدم قضيتها المشتركة في إثبات الذات وانتزاع حقوقها الحيوية. برنامج عملنا المستقبلي سينصب على:
- العمل مع القطاعات النسائية الحزبية عبر تقوية وعيها بدورها في إدماج مقاربة النوع الاجتماعي بشكل أفقي داخل هياكل وبرامج الأحزاب السياسية؛
- العمل مع جمعيات المجتمع المدني من أجل تبني القضية والدفع بها للاشتغال عبر وضع برامج مختلفة من أجل تحقيقها؛
- العمل مع نساء ورجال الإعلام من أجل خلق وعي جماهيري قاعدي يؤمن بمبدأ المساواة في الحقوق السياسية...
- لماذا هذا الصمت المطبق لغالبية الأحزاب المغربية التي ظلت شوطا من الزمن تتبنى القضايا النسائية ضمن برامجها الانتخابية وشعاراتها السياسية؟ وما هو موقف الحركة النسائية تجاه هدا الصمت ؟
+ تبنى القضايا النسائية لا ينتهي عند تحرير الشعارات في أدبيات الحزب ولكن وأساسا في قدرة الحزب على تفعيلها وتحقيقها على أرض الواقع. الحقيقة التي أصبحت جلية اليوم هي كون العرقلة الأولى أمام الحضور السياسي للنساء لا تتمثل على الإطلاق في رفض المواطنين للنساء ولكن في تجاهل المسئولين الحزبيين لقدرات رفيقاتهم في النضال واعتمادهم لمنطق الإقصاء قصد الحفاظ على مناصب....
- هل تفكر الحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء – في أفق المناصفة، في اللجوء إلى الاحتكام الملكي بعد أن صدت في وجهها جميع الأبواب؟
+ من أجل تعديل مدونة الأحوال الشخصية القديمة، ناضلت الحركة النسائية لأكثر من ثلاث عقود. واليوم، صدور قانون الأسرة الجديد يعد مكسبا للشعب المغربي كافة وعلى رأسه، الملك والحكومة المغربية وكل مكونات المجتمع. بناء الديمقراطية الصحة يتطلب مشاركة النساء والرجال في وضع السياسات والبرامج والسهر على تحقيقها وإنجازها وإنجاحها؛ في غياب النساء عن مراكز القرار السياسي، نكون بعيدين كل البعد عن أية ديمقراطية لأن هذه الأخيرة تقاس حاليا في كل دول العالم بنسبة مشاركة النساء في مواقع القرار. فالحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء – في أفق المناصفة سوف تستمر في نضالها عبر واجهات مختلفة لوضع قضية الحقوق السياسية للنساء قضية كل أفراد الشعب المغربي...
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
خديجة الرباح / رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب
++++++++++++++
- أقر المجلس الدستوري الإبقاء على عتبة 6 في المائة التي تعتبر عقبة جديدة أمام اللوائح الوطنية المتوافق حولها بخصوص التمثيلية النسائية.. كيف تقرئين هذا الإقرار؟
+ في الوقت الذي كانت تنتظر فيه الفعاليات النسائية المغربية، إنصافها من قبل المجلس الدستوري للمملكة، من الحيف الذي طال مطالبها في حقها من التمثيلية السياسية التي توازي حجم حضورها داخل المجتمع المغربي، جاء قرار هذا المجلس معاكسا لانتظاراتها لذلك فإن إقرار المجلس الدستوري الإبقاء على عتبة 6 % يعتبر عقبة جديدة أمام اللوائح الوطنية المتوافق حولها لتخصيصها للنساء، و يعتبر قرار مجحفا لأنه سيفرغ الفعل الإيجابي من محتواه و بالتالي سيسجل الخطوة التي مر منها المغرب أثناء الانتخابات التشريعية 2002 في طي النسيان.
- ما هي الترتيبات الجديدة التي ستتخذها الحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء – في أفق المناصفة، بعد التجاهل الذي طال مطالبها سواء من قبل المجلس الدستوري أو البرلمان المغربي أو الحكومة الحالية؟
+ الحركة هي بصدد القيام بمجموعة من الأنشطة التحسيسية في جميع جهات المغرب من أجل جعل قضايا التمثيلية السياسية للنساء قضية مجتمعية بامتياز لوضع الرأي العام الوطني أمام حقيقة ما يجري داخل الكواليس الحكومية والحزبية المغربية وما يحاك من سيناريوهات مجحفة في حق التمثيلية السياسية للنساء، على شكل إقصاء ممنهج، يعري النية غير السليمة التي يتعامل بها المسؤولون السياسيون مع القضايا النسائية بالبلاد، وستنظم الأنشطة عبر إطار الحركة من أجل الثلث، بشراكة مع الجمعيات الآتية : الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب (البيضاء)، جمعية الألفية الثالثة (الراشيدية) جمعية الواد الأخضر (الصويرة) جمعية التضامن والتنمية (وجدة) جمعية مبادرات لحماية حقوق المرأة (فاس) جمعية السيدة الحرة (تطوان) جمعية الواد الأخضر (آسفي) منتدى النساء (العرائش) في لقاءات تحسيسية على المستوى الوطني، تسلط الضوء على الجوانب المظلمة في التعاطي الحكومي والسياسي عموما مع المطالب النسائية وعلى رأسها التمثيلية السياسية.

- لماذا هذا الصمت المطبق لغالبية الأحزاب المغربية التي ظلت شوطا من الزمن تتبنى القضايا النسائية ضمن برامجها الانتخابية وشعاراتها السياسية؟ وما هو موقف الحركة النسائية تجاه هدا الصمت
+ إننا ننطلق من اعتبار أن الصمت صوت آخر، و هو تعبير عن التشبث بإبقاء الوضع على حاله طالما أن هذا الوضع يتلاءم وأجنحتها التي تطير بها داخل الفضاء المغربي، بمعنى آخر أين مواقف الأحزاب السياسية عندما كانت القوانين تناقش على: المستوى الحكومي، وفي البرلمان بغرفتيه، والمجلس الدستوري
وهل هي مقتنعة تماما بأن مسألة التمثيلية السياسية للنساء ليست مجرد أرقام بل مؤشر حقيقي على مدى تقدم الديمقراطية ولا أعتقد أن هذه الأحزاب تعبر فعلا عن مواقف مناضليها بخصوص التمثيلية السياسية للنساء، فهي وكما جاء في سؤالكم لازمت الصمت تجاه المطالب النسائية، وكأن النساء لا مكان لهن في أجندة الأحزاب!!
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
التمثيلية السياسية للنساء
خطوة إلى الأمام – ثلاث خطوات للوراء
++++++++++++++++
بصدور قرار المجلس الدستوري القاضي بعدم دستورية بعض مقتضيات القانون التنظيمي لمجلس النواب، يتم التراجع عن كافة الاقتراحات التي جاء بها المشروع الحكومي، باستثناء المقتضيات التي تقصي النساء و تتجاهل تمثيليتهن،وبذلك يتم تكريس التراجعات، التي طالت مبدأ الفعل الإيجابي في ميدان التمثيلية السياسية للنساء، هاته التراجعات التي انطلقت مباشرة بعد 2002 (الانتخابات الجماعية – قانون الأحزاب السياسية...) لقد تم تكريس إقصاء النساء على مستويات متعددة : ـ عدم إشراك النساء في المشاورات بشأن القوانين الانتخابية والإنصات لمطالبهن، ـ عدم مأسسة آليات و إجراءات تضمن تمثيلية حقيقية للنساء حتى لا تبقين رهينات مواثيق الشرف، - تطبيق عتبة على اللائحة الوطنية مما يتناقض و مبدأ الفعل الإيجابي وإفراغه من محتواه.
إننا في الحركة...في أفق المناصفة نتساءل :- كيف يغفل المجلس الدستوري أن التعددية، إن كانت سياسية وجغرافية...الخ، فهي أيضا وأساسا جنسية؟
- هل سيتدارك المسؤولون السياسيون (الحكومة، و على رأسها الوزير الأول، الأحزاب السياسية،البرلمانيون)، مسؤوليتهم المتمثلة في التراجعات التي تمس التمثيلية السياسية للنساء
والتي ليست إلا تراجعا لأسس تعزيز الديمقراطية ؟
من جهتنا في الحركة... في أفق المناصفة، نعتقد أن مسألة التمثيلية السياسية للنساء،
وما وراء الأرقام، هي أقوى مؤشر على مدى تقدم الديمقراطية، فما هي إذن، الحجج
والمصالح وراء التعنت في التشبث بإبقاء الوضع على ما هو عليه في ميدان التمثيلية السياسية للنساء و الذي لا يعني إلا التراجع؟.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة