كل هذا الخوف: عرض لتجارب اغتصاب فتيات الشوارع

لمياء لطفى
hadylamya@yahoo.com

2007 / 5 / 22

من بين كلماتها تسلل إلى قلبى الكثير من الخوف، استطاعت فقط بالكلمات، أن تأخذنى بعيدا عن مقعدى الآمن -الذى أجلس عليه فى إحدى منظمات المجتمع المدنى التى تعمل مع من يسمونهم أطفال الشوارع- لأعيش ما عاشته منى من رعب، عندما تم اختطافها من مكان نومها فى أحد الحدائق، لينقلونها إلى منزل مهجور فى أحد الزراعات التى لا تعرف مكانها حتى الآن، ويتركونها هناك بلا طعام، تعانى الجوع والبرد والخوف، بل والآثار الجسدية المؤلمة لتناوب الاغتصاب عليها، وتظل فى هذا المكان لمدة أربعة أيام، يأتى اليها من لا تعرفهم ليكملوا ما بدأه رفاقهم من اعتداء جنسى بشع على طفله فى السادسة عشر من عمرها. بالتأكيد عاشت منى فى هذه اللحظات آلاما يمكن وصفها بالبشعه، ولكنها عاشت بالـتأكيد ألما أكثر بشاعة وخوفا أكثر عمقا عندما شعرت بأنها ستصبح أما لطفل هو نتاج ما عانته من خوف ومهانه وذل، ولا يمكننى حتى تخيل شعورها عندما حملته وتوجهت به لهذه الجمعية لتحصل على الحماية والدعم، وتبدأ معهم سلسلة من العذابات لتستطيع فقط استخراج شهادة ميلاد لهذا الطفل، وتواجه من قبل المسئولين عن السجلات المدنية بمطالب تبدو بالنسبة إليها محض خرافة، فقد طلبوا منها اخطار ولادة وعندما سألتهم عما يكون هذا الإخطار أجابوها بأنه إقرار من المستشفى الذى ولدت فيه بتاريخ الولادة ونوع الجنين، ولم تفهم منى التى ولدت على أحد الأرصفة على يد واحدة من زميلاتها فى الشقاء معنى انه يجب عليها الولادة فى مستشفى ليكون هذا الطفل طفلها، وعندما لم تستطيع توفير اخطار الولادة قررت منى التخلى عن طفلها لأحد الملاجىء لينشأ لقيطا مجهول الأب والأم، ورغم أن منى استطاعت ببساطة ان تنقل لى إحساس خوفها وألمها لحظة الخطف والاغتصاب، إلا أنى عجزت حقا عن تخيل ألم أم تضطرها حماية طفلها إلى التخلى عنه وتركه ليتربى بعيدا. ما آلمنى أكثر وما يجب أن يقض مضاجع المسئولين فى هذا البلد أن منى ليست حالة وحيدة فى مصر، آلاف الفتيات اللاتى يتعرضن يوميا للاغتصاب، وآلاف الأطفال الذين يعشون بلا وجود أو هوية أو أمان، وآلاف الأمهات الخائفات والمحرومات من أبسط حقوق الأمومة فى رعاية أطفالهن.
منى وجه من آلاف الوجوه وفى بعض الإحصائيات ملايين الوجوه لأطفال وطفلات تتعامل معهم الداخلية باعتبارهم مجرمين، ونفكر فقط عندما نراهم كيف نحمى أنفسنا وسياراتنا وحدائقنا ومتنزهاتنا منهم، وتفكر الدولة كيف تلقى بتبعة تفاقم ما أسموه بظاهرتهم عن كاهلها إلى كاهل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ويفكر النقاد والمثقفين فى إدانة مخرجة سلطت عليهم الضوء باعتبارها أساءت لسمعة مصر، وكأنهم ليسوا مواطنين مصريين لن نكفى أن نغمض عيوننا عنهم حتى يعود ثوبنا أبيض من غير سوء.

لمياء لطفى



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة