المرأة في عراق ما بعد الاحتلال



توما حميد
2007 / 6 / 20

واقع المرأة الراهن في العراق
اوضاع النساء في عراق اليوم هو افضل مؤشر على همجية اليمين الحاكم عالميا وعلى درجة التقهقر والقمع الذي بامكان هذا اليمين فرضه على البشرية اذا ماغابت المقاومة. من الصعب تخيل وضع اكثر عداءا للنساء في هذا العصر اكثر من وضعها الحالي في العراق. ومن الصعب تخيل اجواء اكثر ذكورية من الجو الذي تعيش فيه النساء في هذا البلد. في السعي من اجل ضمان مصالح الرأسمال العالمي ومن اجل النفوذ والسيطرة يتسابق قطبا الرجعية العالميان، امريكا والاسلام السياسي في بث الرجعية والارهاب والذكورية والعداء للمرأة.
لقد حول العراق الى ساحة حرب بين الاسلام السياسي والحكومات الغربية وعملائها. كلا القطبين زجا بقوات كبيرة الى هذا البلد. سلمت السلطة بيد قوى شديدة العداء للنساء، كما وقعت مناطق اخرى في ايدي قوى معادية للاحتلال اكثر تخلفا وقمعا تجاة المرأة. كما هو الحال مع كل الحروب البرجوازية كانت النساء اولى الضحايا. ان الشيئ الوحيد التي اتفقت عليه كل الاطراف التي خلقت الوضع المأساوي الحالي في العراق هو استخدام المراة كاداة للدفع بسياستهم والعداء لها و قمعها واخضاعها. كلا القطبين لاينظران الى المراة كانسان مستقل ولكن كام اواخت اوبنت او زوجة الارهابي او الشيعي او السني او المسيحي او الكافر او الملحد و الخ.
تمكن هذان القطبان من خلق مجازر وماسي وفوضى ودمار فظيع وفرض تراجع اجتماعي وانحلال هائل على جماهير العراق. وتسابقت كل الاطراف من اجل اسلمة المجتمع واحياء النزعة القومية والقبلية والمشاعر الثارية والبدائية الاخرى. لقد وظفت اخر الابداعات التكنولوجية لتحميق الانسان واعادة الاعتبار لاكثر الافكار والقيم والتقاليد الرجعية والمتخلفة المعادية للنساء.
في خضون اربعة سنوات من هذا الوضع تم الغاء انجازات قرون من النضال في سبيل حقوق النساء وكل الحقوق والحريات الفردية والمدنية. لقد عاشت النساء اربعة سنوات من الظلم والجرائم الوحشية بمستويات غير مسبوقة. لقد حولن الى سجينات حقيقيات تمتهن كرامتهن في كل لحظة. الحقوق التافهة التي تمتعت بها المرأة تحت النظام البعثي اعتبرت تقدمية اكثر من اللازم في ظل الاحتلال والعصابات الاسلامية السنية والشيعية. لقد اصبحت حياتهن في خطر دائم. ان ويلات ودمار الحرب الارهابية والطائفية، والسيارات المفخخة والقاء القبض العشوائي والجريمة المنظمة وإنعدام الخدمات من كهرباء وماء وخدمات صحية ومدراس وتفشي الفساد الإداري تلاحق الانسان في العراق في كل لحظة. ولكن معاناة النساء هي اكثر بكثير حيث هناك خطر اضافي على النساء بالاضافة الى الخطر الماحق الذي يهدد الجميع في المجتمع كما هناك قمع اضافي على النساء. تتعرض النساء للارهاب والاغتيال و للخطف والقتل والاغتصاب والمتاجرة بهن وحرمانهن من ابسط الحقوق والحريات. تستخدم المراة كوسيلة للضغط السياسي على المخالفين من قبل قوات الاحتلال والعصابات الاسلامية. الاف النساء تعرضن للاغتصاب في العراق على ايدي قوات الاحتلال والمجاميع الطائفية وعصابات الجريمة المنظمة من دون ان يقدم المجرمون الى العدالة ودون ان تكن النساء قادرات على التحدث عن مصائبهن. اما الحديث عن وضع المرأة داخل العائلة والجرائم التي قد تتعرض لها فهو نوع من الترف. ففي اكثر الدول المتقدمة التي سنت قوانين تمنع التميز ضد المرأة تتعرض واحدة من كل ثلات او اربع نساء الى العنف العائلي فكيف الحال بوضع المراة داخل العائلة في مجتمع مثل المجتمع العراقي.
لقد سنوا دستورا يستند على الشريعة الاسلامية التي تمثل اخلاقيات الجزيرة العربية قبل 1500 سنة والتي تعتبر اكثر الايدولوجيات المعاصرة معاداة للمراة. تنص الماة الثانية من هذا الدستور على ان الاسلام دين الدولة الرسمي، وهو المصدر الأساسي للتشريع، ولا يجوز سنّ قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه (ثوابته المجمع عليها) .؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ان سن هذا الدستور يعني حرمان المراة من الحقوق والحريات التي تضمنها المواثيق الدولية والقضاء على كل منجزات البشرية بخصوص حقوق المرأة ومساواتها بالرجل. كما يدعو هذا الدستور الى تفتيت الجماهير ونضالها وتحويل المجتمع بشكل رسمي الى امارات اسلامية تحكمها المليشيات الاسلامية طبقا للمذاهب المختلفة. انه يعني فرض العبودية و الدونية المتاصلة في الاسلام على المرأة وقنونة هذه العبودية. ويعني اخضاع حقوق المرأة والقوانين التي تنطم الاسرة للمؤسسات والاعراف الدينية والعشائرية. كما يلغي هذا الدستور الاسلامي اي فرصة لتطور القانون والحقوق والحريات مع تطور المجتمع ويجعل النضال في هذا الاتجاه شبه مستحيل.
تحت هذا الدستور تعامل المرأة كانسان ناقص العقل وكمواطنة من الدرجة الثانية يحل ضربها وتحرم من التساوي مع الرجل في قضايا الزواج والطلاق ورعاية الاطفال وادارة العائلة، ويضع مصيرها و قرار التعلم والعمل وتخطيط مستقبلها في يد الرجل وفي الكثير من الاحيان ستحول المرأة الى اداة لانجاب الاطفال وخدمة الرجل داخل البيت وامتاعه. يحرمها من حق السفر و اختيار الملبس ومكان الاقامة وشريك الحياة ومن المشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية للمجتمع. كما سيشجع هذا الدستور تعدد الزوجات وتزويج الاطفال وبيع الجسد تحت مايسمى بزاوج الصيغة ويشجع مايسمى بالقتل الشرف والعنف العائلي و الجاب الاجباري وختان الاناث وغيرها من الممارسات البشعة. سوف يعطي حق للعصابات الاسلامية والشرطة للتدخل في حياة النساء والاعتداء عليهن بحجة عدم رعايتهن للاداب و الاخلاق الاسلامية.
ان بناء دولة دينية في العراق لايبقي معنى للحريات السياسية والمدنية والفردية وخصوصا حقوق المرأة. لايوجد حق او حرية من حريات المراة لايتعارض مع الاسلام. ان كل حقوق المرأة المعروفة جائت مع بناء المجتمع المدني العلماني المستند على فصل الدين على الدولة.
ان فرض الشريعة والثقافة الاسلامية على المجتمع العراقي يعني ترسيخ مشروع دائمي للقتل والقمع والتنكيل ومصارة ابسط حقوق الانسان وخاصة حقوق النساء ومعاداة كل ماهو عصري وتقدمي.
لماذا فرض هذا الوضع المأساوي على النساء؟
ان ما وصل اليه وضع النساء في العراق ليس وليد صدفة او نتيجة لاوضاع شاذة بل هو وضع المراة في دولة خاضعة للامبريالية في عصر النظام العالمي الجديد الذي يشهد صراعا ضاريا بين قطبي الرجعية العالميين، امريكا والاسلام السياسي.
ان اللامساواة بين المرأة والرجل هو ركن اساسي من اركان الرأسمالية المعاصرة. ان المكانة الدونية للمراة من الناحية الاقتصادية هو عاملا مهما في زيادة الربح و في تراكم الرأسمال خاصة في عصر الرأسمالية الاحتكارية وهذا يتطلب قمع المرأة واخضائعها وسلبها حقوقها. ان قمع المرأة هو جزء من قمع الطبقة العاملة.
في كل انحاء العالم هناك هجمة شرسة على الطبقة العاملة باسم الاصلاحات وزيادة الانتاجية وتمكين الاقتصاد الوطني من التنافس. تتمثل هذه الهجمة في خلق مرونة في قوة العمل اثناء التشغيل والطرد عن طريق القضاء على كل اشكال تنظيم الطبقة العاملة بما فيها النقابات ووضع العامل كفرد امام الرأسمال وتحت رحمة اليات السوق الحرة وفي خلق صراع داخل الطبقة العاملة وابقاء اقسام من الطبقة العاملة اكثر حرمانا مما يمكن من الحفاظ على المستوى المتدني لمعيشة مجمل الطبقة العاملة. يعتبر ابقاء المرأة في وضع دوني جزء اساسي من هذه الهجمة. كما ان تقسيم الطبقة العاملة على اساس الجنس ضروري من اجل تفتيت وحدتها وخلق الصراع والمنافسة في اوساطها. اذ يعد التميز الجنسي ضد المراة في الدرجة الثانية بعد التميز الطبقي اهمية بالنسبة للطبقة الحاكمة من اجل تراكم الرأسمال. ولذلك تحافظ الطبقة العاملة على اكثر الافكار و التقاليد والمعتقدات الرجولية رجعية في المجتمع. حتى في الدول المتقدمة التي تحضر قوانينها التميز على اساس الجنس هناك فاصل كبير بين المراة والرجل في الكثير من الميادين. ان الاعتقاد بان الفجوة بين الجنسين تتجه نحو التقلص بشكل تدريجي ودون ضغط الحركات التقدمية هو اعتقاد ساذج. ان التميز ضد المراة حتى في الدول المتقدمة يتضح من حجم مشاركتها في تولي المناصب السياسية والقضائية والادارية. في اكثر الدول المتقدمة تحت النظام الرأسمالي لايتعدى مساواة المرأة بالرجل المساواة امام القانون الذي هو بعيدا جدا عن المساواة الكاملة.
في الدول المتخلفة التي تتجسد فيها علاقات الانتاج الامبريالية بافضل اشكالها والتي لم يفصل فيها الدين والقومية والقبلية عن الدولة حيث للدين والتقاليد القومية والقبلية الرجعية دور كبير في حياة المجتمع يكون اضطهاد المراة ومكانتها الدونية صارخا يصل احيانا الى حد العبودية. ان المرأة غير متساوية حتى امام القانون. تضع القوانين المراة في مكانة دونية بالنسبة للرجل وتعطي امتيازات للرجل في الزواج ورعاية الاطفال. المراة التي تصل الى منصب هي من اجل اضفاء شرعية على حكم رجولي وهي كشخص ماجور ليس له ربط بالمجتمع وقضاياه. عراق اليوم هو احد امثلة على واقع المرأة في الدول الخاضعة للسيطرة الامبريالية.
لقد تم خلق الوضع الحالي في العراق و فرض الدستور الاسلامي عليه بمباركة امريكا وحلفائها الدوليين. و قامت امريكا بكل ما في وسعها من اجل الابقاء على القوانين البعثية الخاصة بقمع الطبقة العاملة من اجل الحفاظ على مستويات عالية للربح. كما لم يكن لها اي مشكلة مع فرض الدستور الاسلامي على المجتمع كجزء من عملية قمع الطبقة العاملة وخاصة نصفها النسوي.
هذا لايعني ان مصلحة امريكا تتوافق مع كل ما يتم اليوم في العراق من سيادة الفوضى وتوقف عملية الانتاج واعاقة فرص الاستثمار واستغلال الطبقة العاملة. منع المرأة من الذهاب الى العمل ليس في صالح الرسمال العالمي وقد لاتستوجب هذه المصالح تعرض المرأة الى العنف المنزلي ولكن من اجل قمع الطبقة العاملة تلجأ الرأسمالية العالمية الى ايدلوجيات رجعية معينة وهذه الايدولوجيات هي منظومات فكرية متكاملة تحتوي على امور ليست كلها في صالح الرسمال العالمي. وفي العراق ليس لامريكا كممثلة الرأسمال العالمي سيطرة على كل الامور الناتجة عن تقوية الاسلام والاسلام السياسي. ان من مصلحتها استقرار الوضع وبدأ عملية الانتاج وذهاب العمال بما فيهم النساء الى اعمالهم ولكن نفس تلك السياسات التي تسعى الى ضمان عامل مقموع وعمل رخيص تؤي الى اوضاع مثل الوضع في العراق. من جهة اخرى ان النضال البرجوازي من اجل الحقوق والحريات تتلخص في النضال ضد مسائل محددة ضمن هذه المنظومات الفكرية التي تعادي الانسان والمرأة.

ما هو الحل؟
ان المساواة الحقيقية للمراة ممكنة فقط في المجتمع الاشتراكي. ليس المقصود بالمجتمع الاشتراكي الانظمة التي حكمت القطب الشرقي او نوع النظام الموجود في كوبا او فنزويلا التي لاتتعدى كونها انظمة رأسمالية الدولة. تحت الاشتراكية سيكون المجال مفتوحا امام المراة للمشاركة اسوة بالرجل في الحياة الافتصاية والادارية والسياسية والثقافية للمجتمع.
لاوجود للمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في الميدان القانوني و السياسي والاجتماعي والثقافي دون المساواة في الميدان الاقتصادي الذي يعتبر مستحيلا تحت النظام الرأسمالي. لذا لاوجود للمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة دون اسقاط النظام الرأسمالي والغاء الملكية الخاصة و العمل المأجور الذي ينتج الوضع الدوني للمرأة والفقر وكل الامراض الاجتماعية الناتجة عنها. كما لن يتم القضاء على الاخلاقيات البرجوازية الرجعية تجاه المرأة بدون القضاء على كل النظام الرأسمالي. لذا فان حرية المرأة الكاملة مرتبطة بحرية الطبقة العاملة وتحقيق المجتمع الاشتراكي. وهذا يعني ان النضال من اجل حقوق المرأة لايمكن فصله عن النضال الطبقي ضد الرأسمالية. يعتبر بناء حركة نسائية اشتراكية عمالية تكون وظيفتها زج النساء في العمل السياسي و جعل النساء المقموعات والمستغلات تعي بان نضالهن وخلاصهن مرتبط بنضال وخلاص الطبقة العاملة جزء مهم من نضال الاشتراكية العمالية. وهذه ليست وظيفة النساء فقط بل وظيفة الرجال الشيوعيين ايضا. ان منظمة النساء الاشتراكية يجب ان تكون وسيلة من اجل خلق ربط بين النساء في المجتمع والطبقة العاملة وحركتها وحزبها الاشتراكي العمالي.

الا ان للحركة الاشتراكية العمالية وجناحها النسوي مطاليب انية وتناضل من اجل تحسين وضع المرأة في ظل المجتمع البرجوازي. ولكن في نفس الوقت يجب ان تفصل صفوفها عن صفوف الحركات الاصلاحية للاحزاب البرجوازية الرجعية التي لايتعدى عملها ايهام النساء واخضاعهن الى النظام و ادخال رتوشات على وضع النساء المزري. ان الحقوق والحريات التي حققت لحد الان حتى في اكثر الدول المتقدمة جائت تحت ضغط الاشتراكية العمالية والماركسية باعتبارها اكثر الايدولوجيات راديكالية في خصوص مساواة المرأة بالرجل.
في الدول المتخلفة وخاصة تلك المبتلية بالاسلام التي تمكن الرأسمال العالمي من منع فصل الدين عن الدولة فيها و فرض دكتاتورية بعد اخرى عليها يعد للنضال الاصلاحي اهمية كبيرة. ان المساواة امام القانون و القضاء على الامتيازات التي يعطيها القانون للرجل في الحياة هي جزء مهم من النضال الاصلاحي. ويمكن تحقيق مساواة المرأة بالرجل امام القانون في ظل نظام علماني. ان العلمانية هي الخطوة الاولى نحو بناء مجتمع حر ومتساوي.
ان الدولة الدينية بدون استثناء تعني ارهاب وقتل وتعذيب الانسان وخاصة النساء. ان ارساء دولة اسلامية تتناقض مع ابسط حقوق الانسان، ولكن المرأة بشكل خاص هي اولى ضحايا النظام الاسلامي. ان الدين وخاصة الاسلام هو مجموعة من القوانين والشعائر التي لا تتماشى مع حياة الانسان المعاصر و تتجاوز على معايير المجتمع المدني المعاصر بما فيها مساواة المرأة.لاوجود لاي نوع من المساواة واي معنى لحقوق المرأة في ظل دولة اسلامية. ان التميز و العنف ضد المرأة هي اهم اركان الاسلام وهي صفة متجذرة في حركات الاسلام السياسي. في الحقيقة ان ابتزاز النساء وقمهم هي وسيلة لاثبات السيطرة على المجتمع . وهكذا فان حرية المراة ومساواتها بحاجة الى علمنة المجتمع وجعل الدين مسالة شخصية. ان بناء مجتمع علماني هو اول خطوة من اجل تحقيق مساواة الرجل والمرأة.
لذا فان النضال الاني للحركة النسوية الاشتراكية في العراق هو ارساء مجتمع علماني يضع حدا لتدخل الدين في حياة الجماهير وفي شؤون الدولة والنظام التعليمي ويجعله مسالة شخصية ويتخذ اجراءات من اجل ازالة التميز ضد المرأة و يقر مساواتها مع الرجل وحمايتها ضد تجاوزات القيم الذكورية. نظام يقر مفهوم المواطنة وحقوق المواطنة العلمانية وعالمية حقوق الانسان بما فيها حقوق المرأة. نظام يضمن تدخل المرأة في كل تفاصيل حياة المجتمع. نظام يساوي الحقوق والمكانة القانونية للمرأة والرجل فيما يتعلق برعاية الاطفال وادارة العائلة والطلاق والميراث واختيار مكان السكن، والعمل المنزلي وقوانين الرعاية الاجتماعية. ويضمن حق المرأة في العمل المهني و السفر و اختيار الملبس وفي استمرار التحصيل العلمي ومساواتها مع الرجل في هذه الميادين. ويضمن استقلال المرأة في العلاقات الشخصية والعاطفية والجنسية. وضمان مساواة المراة مع الرجل فيما يتعلق بفرص العمل وفي جميع الحقوق المتعلقة بالعمل المهني ودخولها العمل السياسي والثقافي. ويمنع كل اشكال سوء المعاملة ضد المرأة، تعدد الزوجات و زواج المتعة ويحميها من الاغتصاب الجنسي داخل العائلة أو خارجها.
كما قلنا يعتبر الدستور الاسلامي المفروض على العراق اسوأ القوانين التي يمكن فرضها على النساء في هذا البلد. يعتبر هذا الدستور إنتهاكا صارخاً لكافة الحقوق السياسية والمدنية والفردية للمجتمع وخاصة النساء. ان هذا الدستور يقنون قتل وتعذيب ورجم واغتصاب وجلد المرأة وسكب الاسيد على وجهها واهانتها بشكل يومي. تحت هذا الدستور ستجبر النساء على لبس الحجاب والبرقع. ستهاجم النساء بحجة عدم التقيد باللباس والاداب الاسلامية. لذا يعتبر النضال من اجل الغاء هذا الدستور اولوية بالنسبة للحركة النسوية.
كما يجب النضال ضد الاسلام و الثقافة الاسلامية و فرض التراجع عليها. يجب تحرير الرجال من التحجر والجهل الثقافي الذي يفرضه الاسلام عليهم باعتباره ثقافة اكثر اقسام الطبقة الحاكمة رجعية والمدعومة من الغرب وحصيلة لحكمها والتي تصب في خدمة الرأسمال والاستغلال السافر للطبقة العاملة بما فيها النساء. الاسلام ليس بثقافة الجماهير بل هي ثقافة مفروضة عليها بالقوة والقمع. والاكثر من ذلك نتيجة كونه يمثل ايدولوجية المجتمع الطبقي للمرحلة الاقطاعية لايتماشى الاسلام مع طبيعة الانسان والحياة المعاصرة. لذلك تجد الجمهورية الاسلامية بعد 28 سنة من حكمها بحاجة الى مهاجمة النساء من اجل فرض القوانين واداب والتقاليد الاسلامية ويزداد ابتعاد الانسان عن تلك الاداب والتقاليد في كل يوم. ان ثقافة تهين نصف المجتمع وتدعو الى عدم المساواة والعنف والعنصرية والتخلف ومعاداة الانسان لايمكن ان تكون تقافة الانسان نفسه. يجب النضال ضد كل القيم والتقاليد والاعراف الذكورية الاخرى المعادية للمرأة والتي تنافي استقلال المرأة بوصفها مواطنة متساوية الحقوق في المجتمع وتحررها في علاقاتها الجنسية. النضال ضد الاسلام والثقافة الاسلامية والذكورية هي مهمة الطبقة العاملة والشيوعيين قبل الجميع
ان النضال من اجل اقامة نظام علماني ومن اجل حقوق النساء في العراق هو نضال ضد الاحتلال و الاسلام السياسي والقوى القومية الرجعية. بدون انهاء الاحتلال وتقصير ايدي قوى الاسلام السياسي وقوى القومية والعشائرية الرجعية لن يكون هناك مخرج من الوضع الحالي ولن يكون هناك ادنى اعتبار لحقوق المرأة. يجب انهاء الاحتلال وحكومته الطائفية والقومية. يجب ازالة الاسلام السياسي والقوى القومية والعشائرية من الحكم وفرض التراجع عليها و تقصير ايديها وتحديد نفوذها على المجتمع. يجب ازالة الاسلام السياسي بشكل خاص وفلع جذوره من المجتمع لانه حراكة معادية للحرية والمساواة والعلمانية وحقوق الطفل واحترام حقوق الانسان وخاصة حقوق النساء وعالميتها.
من جهة اخرى لقد وصل الاسلام السياسي الى هذه الدرجة من القوة في الشرق الاوسط بمساعدة الغرب. كما ان سياسات الغرب وامريكا بشكل خاص في الشرق الاوسط وخاصة في العراق وفلسطين قد قوت الاسلام السياسي ومكنته من الظهور بمظهر الضحية والمدافع عن حقوق الجماهير. لقد تمكن من استغلال قضية الجماهير العادلة. لذا يجب النضال ضد كل سياسات امريكا والحكومات الغربية في الشرق الاوسط وفضح دعمها والخدمة التي تقدمها للاسلام السياسي.
يجب النضال ضد مفاهيم التعددية الثقافية والنسبية الثقافية وصراع الحضارات. ان هذه السياسات الرجعية التي تقدس الثقافة مهما كانت رجعية وحقوق البدائية تحت اسم حقوق الاقليات الاثنية والدينية وتضعها فوق حقوق الانسان العالمية والمساواة والحرية تبرر تسليم مصير المجتمع الى حركات مغرقة في الرجعية. ان هذه السياسات الرجعية هي التي تبرر فرض الشريعة الاسلامية وكل ما تتضمنه من قمع ضد المرأة على مجتمع مثل المجتمع العراقي. اذ يتوجب على الانسان في العراق وخاصة النساء ان يقبلوا بكل هذه الهمجية والحرمان والقمع بما فيها الفصل الجنسي والرجم والحجاب الاجباري لان الاسلام هو "جزء من ثقافة" الناس في العراق والمنطقة حسب تلك السياسات.

ان بناء مجتمع علماني والقضاء على النظرة الاسلامية المعادية للمرأة تحتاج الى تدخل الجماهير المباشر، وخاصة الشرائح التقدمية والاشتراكية. يجب توحيد الجماهير و كل القوى التحررية في المجتمع العراقي وتمكينها من التدخل في انهاء المأساة الحالية وبناء مجتمع علماني.

يعتبر نضال الطبقة العاملة في العراق بقيادة اتحاداتها الاشتراكية الراديكالية ونضال الجماهير النسوية ومنظماتها التحررية وخاصة منظمة حرية المرأة في العراق الجزء الاساسي من النضال نحو بناء مجتمع علماني. ولكن حشد كل الجماهير و القوى التقدمية والعلمانية التي تتطلع الى بناء نظام علماني مبني على اساس مبدا حق المواطنة المتساوية لجميع السكان بغض النظر عن الدين والقومية والعرق والجنس امر ضروري من اجل النجاح في مواجهة الاحتلال والقوى الاسلامية والقومية والعشائرية الرجعية. هناك حاجة الى منظمة تجمع كل تلك القوى تحت مظلتها. كما يجب ان تكون تلك القوة مسلحة لكي تتمكن من الدفاع عن الجماهير وردع ارهاب الاحتلال والقوى الاخرى المعاية له.
هذا النضال يحتاج الى دعم القوى التقدمية والعلمانية في العالم. بامكان مؤتمر حرية العراق ان يكون الاداة من اجل تحقيق هذا الهدف.