كيف نغير النظرة إلى المرأة من النظرة إليها بصفتها جسد إلى النظرة إليها بصفتها إنسان؟



غازي الجبوري
2007 / 7 / 21

كثيرا ما نقرأ ونسمع ما تشكو منه العديد من النساء بمرارة كبيرة من خلال وسائل الإعلام المختلفة من نظرة الرجل السلبية إلى المرأة بصفتها جسد أنثى فحسب وليس بصفتها إنسان كما ينظر إلى أبناء جنسه من الرجال وهذه النظرة يعتبرنها نظرة دونية لا تليق بها ولا تستحقها بفضل العطاء اللامحدود الذي تقدمه لنظيرها الرجل لما تحتله من موقع في قلبه وما تلعبه من دور في حياته وخاصة الأم والزوجة . وهذه الظاهرة كما نعتقد ظاهرة حقيقية ولكن وجودها ليس حكرا على المجتمعين العربي والإسلامي بل إننا نجدها في جميع المجتمعات وفي مقدمتها المجتمعات التي تدعي احترامها لحقوق وحريات المرأة وحققت مساواتها مع الرجل ودليلنا على ذلك ما نشاهده من توظيف لجسد المرأة في الكثير من مجالات الحياة وخاصة في المجتمعات التي تؤمن بمقولة ميكافيلي "الغاية تبرر الوسيلة"لتحقيق اكبر قدر من الأرباح على حساب العديد من المباديء والقيم النبيلة والمقدسة كالإعلانات والأعمال الدرامية والغنائية عدا ماتتناقله وكالات الأخبار من عنف واضطهاد ضدها. إن السبب الحقيقي الذي يقف وراء ذلك هو طبيعة التكوين العضوي والنفسي للإنسان وطبيعة ظروفه الحياتية . فجسد المرأة كما نعلم يشكل مركز جذب جمالي وعاطفي للرجل ما يجعله معلقا به بجميع حواسه بما في ذلك الحاسة السادسة . وهذا شيء معروف ولا يستطيع احد أن يتجاهله أو ينكره . لذلك فان تغيير هذه النظرة ليس بالأمر الهين بل انه من الصعوبة بمكان لدرجة إننا نشعر بالعجز التام أمام هذه القضية لأسباب عدة أولها أن الجنس المطلوب منه تغيير نظرته وهو الرجل لا يشعر بالضرر الذي يصيب المرأة من جراء هذه النظرة إلا إذا كانت إحدى قريباته وثانيها كون "الرجل" الجنس الأقوى المهيمن على الجنس الأضعف "المرأة" فإنه يعتقد أن ذلك يبيح له استخدام هذه الميزة بتعسف وفق ما تتطلبه مصالحه . أما السبب الثالث فانه يعود إلى المرأة نفسها عندما توظف جسدها بدوافع نفسية أو نفعية منها ماهو خارج إرادتها وأخرى طبقا لرغباتها . لذلك نرى أن على المرأة لكونها المتضرر الأول من النظرة إليها بصفتها جسد أنثى وصاحبة المصلحة الحقيقية في النظرة إليها بصفتها إنسان أن تعمل كل مافي وسعها من اجل تحقيق هذا الغرض بدعم ومساندة الخيرين من الرجال من خلال الظهور بمظهر الإنسان وليس بمظهر جسد أنثى أمام الآخرين وهذا يتحقق بارتداء الملابس اللائقة وإتباع السلوك اللائق الذي يضفي الصفة الإنسانية المجردة عليها ويخفي الصفة الجسدية. ولكن أن تظهر بالملابس المثيرة في الأماكن العامة وفي وسائل الإعلام وتقيم علاقات غير شرعية مع الرجال لأسباب مادية أو عاطفية أو نفسية مستغلة الاختلاط في الدراسة والعمل والخروج من البيت والسفر بشكل منفرد وتطالب بعد كل ذلك بتغيير النظرة إليها فهذا ما نعتقد أن فيه الكثير من التناقض برغم ما تدعيه النساء المطالبات بالتغيير من إن هذه الحالات قليلة أو نادرة ولا يمكن اعتبارها ظاهرة لأن الحقائق التي تنشرها وسائل الإعلام ونعيشها يوميا تؤكد ماذهبنا اليه ولم يعد هناك ما يوقفها إلا في حالة واحدة وهي اتفاق جميع نساء العالم على التخلي عن هذه الممارسات والالتزام التام بذلك وهذا بطبيعة الحال ضرب من المستحيل اللهم إلا إذا حدثت معجزة وليس ذلك على الله ببعيد .
وهذا لا يلغي حقها المشروع في النظرة الفردية الانتقائية وليست الشاملة أي أن ينظر الرجال إلى المرأة حسب مدى التزامها بما اشرنا إليه من ضوابط . فالمرأة التي تظهر بمظهر الإنسان يجب على الرجال الأخيار والكرام والشرفاء النظر إليها بهذه الصفة . وفي المقابل فان على المرأة التي تظهر بصفة جسد أنثى أن لا تطلب أن ينظر إليها الرجل غير هذه النظرة لأنها تستحقها . وهذا ما نعتقد انه الرأي السديد والعادل والذي ينسجم مع الشرع الإلهي لان الله سبحانه وتعالى عندما كرم الإنسان أوجب عليه الالتزام بضوابط محددة لكي يحافظ على كرامته ويحتفظ بها وهذه الضوابط في الحقيقة ليست إلا وسائل وقاية له من الأضرار التي قد تلحق به عند عدم الالتزام بها لان في تركها فقدان للكرامة وخاصة بالنسبة للمرأة حيث تتحول من إنسان مجرد إلى جسد أنثى وبالتالي تتغير النظرة إليها تبعا لذلك.