حواء وآدم والإرهاب



سميرة الوردي
2007 / 8 / 8


ذُقْ يا آدم هذه الثمرة، وقد ورد في الكتب المقدسة وفي غيرها من الكتب أن الفاكهة المحرمة ( تفاحة ) ، وفي روايات أُخر تينة، وفي رواية ثالثة إن الثمرة المحرمة هي الحنطة، النتيجة المؤلمة لعصيان أوامر الرب هو طردهما من الجنة، ولو لم يعصيا لما نلنا في دنيانا كل هذه المتاعب والآلام، ولأقتصرت البشرية على هذا الثنائي المنسجم، ولبقيا من سكنة الجنان الى أبد الآبدين.
و يبقى السؤال المحير، نحن جميعا نطالب بحرية المرأة وبسن قوانين تحميها من اضطهاد الرجال وانصافها في التعلم والعمل والخ ، ولكن لنتمعن وبهدوء أليس الأولى لنا أن نطالب بتحرير الرجل ومساعدته لفك هذا الكم المتوارث من عبوديته ونظرته الدونية لمن تشاركه هموم حياته ساعة بساعة ولحظة بلحظة ، المرأة ليست حرة اتجاه نفسها وغير محكومة بأهوائها ونزواتها في الغالب، ولكن معظم الرجال، وقسم منهم يقفون الى جانب المرأة في الدعوة لتحريرها وانطلاقها في ممارسة حياتها، ولكنهم ما زالوا رهينين لنزواتهم ورغباتهم التي تتحكم فيهم وقد تدفعهم الى الإنتقاء وتغيير الزوجة أو الحبيبة، وخاصة في عالمنا الشرقي ، كيف نطالب بحرية المرأة ، والرجل مازال تحت عبودية قوته وجبروته وعلى مر قرون ، وإذا استوجب الأمر استخدم أسلحته للي عنق ضحيته من النساء سواء كانت أما أو اختا أو زوجة. ولذا تقع المرأة ضحية للعنف في كل الأحوال.
أليس من الأجدى تحرير الرجل ومعالجته من هذه الأوبئة المستشرية فيه، ومنحه منظارا آخر ينظر به للمرأة، آنذاك وأنذاك فقط تنال المرأة حريتها .
من أين ينبع الإرهاب ؟
الإرهاب كل عمل عدواني يستخدم كل أشكال العنف ضد الأبرياء وضد مؤسسات عامة . وبالرغم من عدم الإتفاق لحد اليوم على إيجاد صيغة للإرهاب الا أن العقل البشري والحس الإنساني غير عاجزين عن تحديد مفهوم الإرهاب وأشكاله وطرقه .
قد يسأل سائل هل الإرهاب وليد اليوم أو الساعة . أو ابتدأ منذ تفجير المركز التجاري في 11 سبتمبر ؟
الإرهاب له وجود تاريخي على وجه البسيطة وما عمليات الإغتيالات الا وجه بدائي من أوجه الإرهاب تطور ليتخذ شكلا أكثر دموية يغتال كل من يصادفه في طريقه. وهذا ما يجري الآن في العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان وفي دول كثيرة من العالم ولكن تجلياته ، الأكثر قساوة ودموية ظهرت وبانت بعد احتلال بغداد، إذ اتخذ الإرهابيون مقاومة المحتل ذريعة لقتل أعدائهم من مكونات الشعب العراقي الذين ما إن شعروا بالخلاص من الديكتاتورية وبدأوا يحلمون بالديمقراطية حتى برزت أنياب أعداء الشعب كل ينهش بطريقته ،فالعصابات التي أطلقها النظام من سجونها وبقايا الجيش المنحل والحزبيين الموغليين بالدماء ومخربين من الدول المجاورة وأفاقيهم ومنفذي مصالحهم والإحتلال المرعوب والمرعوص من الحرية الحقيقية والديمقراطية الفعلية التي حلم وناضل الشعب العراقي سنين طوال لنيلها، اتفقوا على تدمير الشعب العراقي وتفريقه تحت مسميات شتى .
وأنا أتناول موضوع المرأة والإرهاب قرأت عدة مقالات في هذا الصدد وقد أسعدتني بعض المقالات ومنها مقالة لصحفية سعودية لم تذكر اسمها تبين دور كوادر تدريسية علمية في تغذية الإرهاب وتجميله بدلا من أن ينصرفن في تكريس العلم والمعرفة في عقول وأذهان وعواطف الأجيال الشابة ينحرف بهن الحديث الى وصف الأعمال الإرهابية بالجهاد والتفاخر بتلك الأعمال بما لا يختلف وموقف بعض أصحاب الفتاوي منه، تطابقت بعض وجهات النظر في دور المراة في تنمية وإشاعة الفكرالإرهابي ،وأنا هنا أطرح دور الإسرة والأم في خلق جو التسامح والإلفة عبر منهاج تربوي تحصن به أولادها منذ طفولتهم ولحين استقلالهم في إتخاذ المواقف الحاسمة في حياة الإنسان . لا ينشأ الإرهاب في فراغ ومن فراغ ، فلا بد أن تكون حواضنه كامنة في سلوك الأم والأب اليومي وحتى في سلوك بعض الأقرباء والأصدقاء فكلما سادت أجواء المحبة والتسامح والتحاور والتفاهم في حياة الإنسان كلما ساد السلام وإزدادت الطمأنينة ، ولا تقتصرالمهمة على الأسرة بل للمدارس دورها الأهم في توعية الناشئة وفرز القيم الإنسانية والوطنية وعزلها عما يدعيه وينشره الإرهابيون بين صفوف الشباب ، والواقع الإقتصادي المر الذي تحياه فئات كبيرة من المجتمعات العربية وعدم وجود خطط تنموية تستوعب طاقات الشباب جعلت طريق الأرهابيين ممهد الى بعض النفوس الضعيفة .
إن التعلم و الحرية الحقيقية والقوانين العادلة المساندة للمرأة والمدافعة عن حريتها وحقوقها هي الأساس واللبنة الأولى لنشوء مجتمع خال من التعسف ، لايكفي أن تسن قوانين تنصف المرأة وتمنحها حقوقها ولكن الأهم أن تُفعل هذه القوانين وتصبح من ثيمة الحياة المعاشة وجوهرها ، كم من أم جاهلة دفعت بولدها الى الهاوية .
إن موضوعة الإرهاب موضوع شائك ، وما هو الا إحدى تجليات تراجع منطقتنا عن مفهوم التحضر ودخولها في دوامة العنف الجماعي الذي فرضه تقهقر مجتمعاتنا للخلف وانسحاب الديمقراطية النسبية التي كانت تتمتع بها في منتصف القرن المنصرم . وإختلال واضطراب المفاهيم الدينية وتدخلها المباشر والقاسي في لب الحياة اليومية للمجتمعات ومحاولة هيمنتها ومسخها لكل المفاهيم الحضارية التي بُنيت عبر آلاف السنين في مجتمعات متمدنة وفرض الهيمنة عليها وارجاعها لحالة التصحر والجدب .
إن التاريخ مليء بنساء عظيمات بذلن أنفسهن في سبيل الإرتقاء بالبشرية وإحلال السلام والأمان والدفاع عن الطفولة والإرتقاء بها . ولكن لا يخلو التاريخ من نماذج سيئة لنساء قدن جرائم وليس أولهن ريا وسكينة ولا آخرهن كولدا مائير ، فعسى نساؤنا يكن بانيات سلام ومحبة ومحققات القول الشهير ولكن بمنطق أكثر تحضرا وراء كل مجتمع عظيم نساء عظيمات .