الإنتحار... البطوله الحقيقيه في هذا البلد



فاطمه الهلال
2007 / 8 / 25

من قال لكم ان من يختار حياة الأموات على موت الأحياء انسان جبان لم يستطع تحمل ظروف الحياة القاسيه ومجرم بحق نفسه واختار طريقه تتسم بالوحشيه بحق الذات بالعكس انه اختار ان ينتحر لأنه أحس بأن حياته لاشيء لايلبس ولا يذهب ولا يأتي ولايسافرلوحده ولا يتعلم ولايحب ولا يكره ولايذهب للطبيب بدون ولي أمر ولا يتزوج من يريد الا ان يوافق هبل واللاة وعُزى العائله أو ان يصبح مع من يحبه مطارداً من الجميع حتى يصبح الحب خطيئه وذنب يجب ان يعيش في الظلام حتى ينتج كائنات غريبه متوحشه تبتز باسم الحب وتدمر كل شعور جميل.
هم يصفونه يقلة الإيمان والعقل وأنا أصفه بكمال العقل وزهداً في حياة الأحياء الميتين التي لايضر مع تركها شيء في الأرض ولا في السماء أنهم لايفكرون بالسبب الحقيقي للأنتحار فقط يقولون بأن الشخص ابتعد عن الإسلام فحاق عليه عذاب رب العالمين يصرخون ليل نهار في المساجد ومن خلال الدروس الدينيه إنكم أيها الناس مقصرون في دينكم لذلك تفكرون بالإنتحار ألجئو الى الصلاه أكثر مما تصلون وصوموا وأكثروا الصيام تطوعاً وقطعوا مصارينكم من الجوع وأكثروا الدعاء لطلب العفو والمغفره حتى يظن الإنسان بأنه مقصر في الدين أو الأخلاق مما يعطيه إيحاء بأن حل مشكلته تكمن في مضاعفة التدين أو الشعور بالذنب الذي يحتاج الى تكفير وبدلاً من أن تحل مشكلة هذا الشخص تخلق لديه مشاكل أخرى تتمثل في رغبته في التكفير عن ذنوبه المزعومه ويظل يبحث عن وسيله لذلك وربما يجد ضالته في العنف والتطرف, أن هذه الدعوات البريئه في ظاهرها والمريضه في باطنها تستغل مرض الناس ومشاكلهم النفسيه لخدمة ايديولوجيات معينه انما هي في حقيقة الأمر تضر من حيث يُعتقد أنها تنفع.
أتكلم هنا عن المرأه السعوديه ولا يقول القائلين بأن المرأه السعوديه جندي حديدي شجاع لا يفكر بالأنتحار لأن مايحدث يجعلهن يفكرن بالأنتحار وحتى لو انتحرت المرأه السعوديه تفكر ان تنتحر مره واثنتين وثلاث لأن السبب موجود ولم يختفي هو العنف والتسلط والتحكم بحياة المرأه باسم الولايه عليها أنهم يرثونها واحداً تلو الأخر ويزعمون بأنهم نبذوا عادات الجاهليه. إن عملية التخطيط للإنتحار تبدأ بفكره وماتلبث هذه الفكره أن تتحول الى فعل إذا اشتدت الحاله بالإنسان فتصبح تلك الأفكار جاده نوعاً ما.
تعطي الحياة العامه في السعوديه معايير اجتماعيه خاصه بالرجل وأخرى خاصه بالمرأه مما يخلق حياه مختلفه وغالباً الطرف الخاسر والمضطهد هو المرأه.
تعاني المرأه بسبب أب ظالم لايرى من زوجته أو أبنته سوى مخلوق تابع فعلى الزوجه الخضوع والطاعه وعلى الإبنه أن لاتخالف الأوامر حتى تنعم ببعض العطايا في امبراطورية الوالد المعظم
تعاني المرأه من أخ متسلط مهووس جنسياً ويفسر تصرفات أخته كما يرى نفسه المريضه.
تعاني المرأه من التمييز بينها وبين زميلها في العمل على أساس جنسها ويتم محاربتها من قبل الزملاء الرجال لأنهم يظنون أنها لابد أن تجلس بالبيت لتطبخ وتكنس وتهتم بأمور الوالد أو الأخوه أوالأولاد أو الزوج ولا تزاحمهم على الوظائف المحدوده فهم الرجال وهم الأولى بالعمل, أما بملء فراغ المكان بالدخان أو التطفل على أمور لاتعنيهم أو التحرش بالموظفه المسكينه.

ز.ي صديقه من أيام الدراسه بالجامعه طالبه مهتمه بدراستها لايعرف التواكل طريقاً إليها أذكر أننا كنا أيام أختيار طالبات البحث نشاركها في العمل لأنها تؤدي واجبها بدون تهاون أو كسل تخرّجنا من الجامعه منذ سنه وكان معدلها الجامعي يفوق معدلي حلمنا بالسفر معاً لإكمال الدراسه طلبت من والدها أن تكمل دراستها فوافق وشجعها على ذلك ولكن أصحاب الفكر الجاهلي ظلوا ينخرون كالسوس في دماغ الوالد
بنت شلون تخليها تسافر لوحدها...
البنات اللي سافروا برا أخلاقهم مو زينه...
خليها بالبلد أحسن لها....
منذ يومين كنت أتكلم معها عبر المسنجر وكانت حالتها النفسيه سيئه وكانت تفكر بالأنتحار..
لم أستغرب نهائياً... أخبرتها نحن النساء نعاني من نفس المشاكل هنا,هذه ليست مشكلتك وحدك صدقيني.
فأجابت:المشكله أنه يسمع كلام أخي الصغير وتفاجأت منذ بضع أيام بصراخه في وجهي يطلب مني أن انسى موضوع اكمال الدراسه في الخارج (وهو يقصد خارج السعوديه حتى لو كانت أي دوله عربيه أخرى) وأبحثي عن أي عمل وكفى -وكأن الأعمال موجوده ونحن من يرفضها- ولاتزعجيني مره أخرى بهذا الموضوع.
سألتني أليس من حقي الإنتحار؟!
فقلت لها نعم من حقك فعلاً.. أنا أعرف مشاعرك وأحسها
قالت: هل احسست يوماً بأنك لا شيء لايسمحون لنا بإكمال دراستك ولا حياتك وفق ماترينه مناسباً لك وكأنك مخلوق ناقص لايعيش إلا تحت وصاية أحدهم, ولا تعملين ولا تسافرين للعمل أو الدراسه أو السياحه إلا بإذن منهم. لقد بلغ عمري سبع وعشرون سنه فهل ستسمح لهم الحياه بالأستمرار معي مدى الدهر أم سيرثني أخي بعد ذلك.
لا أملك جواباً لأن كل ماقالته صحيح.
ولكنني أختلف معها فقط بأن لا أحد يستحق أن ننهي حياتنا لأجله من لايريدنا نحن أيضاً مستعدين للرحيل من أرض الأموات هذه وكفى لنحيى حياه حقييه لامقدس فيها إلا الإنسان وعلمه وثقافته.