التعصب ضد المرأة - القسم الثاني - الجهود لإلغاء التعصب والتمييز ضد المرأة



سحر مهدي الياسري
2007 / 10 / 23

تطلق الادبيات عنوان الحركة النسائية على الجهود التي تبذل للإلغاء التعصب والتمييز ضد المرأة , وأرتبط هذا العنوان لفترة طويلة بالجهود التي تبذل في البلاد الغربية الى أن تبين أن للعالم الثالث تاريخا خاصا بالحركة النسائية . في حين ارتبطت الحركات النسائية في بدايتها بالجهاد السياسي اتسع نطاقها لكي تهتم أيضا بحقوق المرأة الاقتصادية والاجتماعية . وتبين أيضا أن كثير من الحركات السياسية لم تقتصر مطالبها على حقوق المرأة بل تعدتها الى المطالبة بالتحرير السياسي للبلد والى المشاركة في الثروات الوطنية.
وقد مرت مسيرة الجهود للإلغاء التعصب ضد المرأة بعدة مراحل بدأت محلية ثم تطورت وتفاعلت عبر الحدود الجغرافية لتصبح حركة العالمية , وقد مرت هذه المسيرة بأربع مراحل خلال ما يقرب من قرن من الزمان .
تميزت مرحلة ما قبل السبعينات بتشخيص لقضية المرأة في إطار حاجاتها للرعاية الاجتماعية وبتركيز على دورها كأم وزوجة, وبناء عليه تناولت السياسات الخاصة بالمرأة والبرامج المترجمة لها مجالات الصحة والتغذية بشكل أساسي ثم التعليم وخاصة تعلم الاقتصاد المنزلي , وأنحصر دور المرأة المستفيدة من هذه البرامج والخدمات, وأن ظهرت بعض الحركات النسوية تصدت لمفهوم التمييز والتعصب ضد المرأة وبعض الافكار التنويرية من جانب بعض الرجال. تميزت المرحلة لما بعد السبيعينات بظهور أطار فكري جديد له مفاهيمه لتناول قضايا المرأة أعترف بدورها في عمليات التنمية , وركز هذا الاطار الذي تبنى مفهوم المرأة في التنمية على الدور الانتاجي للمرأة الى جانب الدور الاجتماعي وخاصة دورها كأم . وأشار العاملون في مجال نهوض المرأة الى ان التعصب ضدها ينعكس في استبعادها من سوق العمل المدفوع الاجر . وأشتهرت هذه المرحلة بكتابات Ester Boserup التي نادت بضرورة إدماج المرأة في عمليات التنمية كمشاركات في الانتاج وفي ثمار التنمية , وعقدت الامم المتحدة عدة مؤتمرات في هذه الفترة إتخذت إطار المرأة والتنمية عنوانا لها من أهمها المؤتمر العالمي الاول للمرأة في المكسيك عام 1975 واعلن عقد السبيعينات عقدا للمرأة , وصدرت في هذه المرحلة الاتفاقية الدولية للإلغاء التمييز ضد المرأة , كما أنشئ الصندوق الانمائي للمرأة UNIFEM وكذا مركز تدريب ودراسات المرأة التابعين للامم المتحدة .
وخلال الثمانينيات درات المناقشات حول أثر سياسات التطيف الهيكلي على أوضاع المرأة , ونادت الحركات النسائية بضرورة إشراك المراة في صياغة السياسات الاقتصادية والخطط القومية لتفادي الاثار السلبية التي تنجم عن غيابها عن هذه العمليات , وظهر مفهوم النوع الاجتماعي( الجندر) وفائدة أستخدامه بدلا من مفهوم الجنس , ودرات المناقشات حول كيفية استخدامه في التحليل والقياس .
وتميزت فترة التسعينات بعدة ملامح من أهمها إدخال قضايا المرأة كجزء من القضية الاساسية التي عالجها كل مؤتمر عالمي تم عقده في هذه المرحلة ,وبجانب استمرار استخدام مفهوم النوع الاجتماعي ركزت مؤتمر المرأة الرابع في الصين على تكامل الحقوق الانسانية للمرأة ومشاركتها في اتخاذ القرارات العامة والتصدي لتأنيث الفقر, واتسع استخدام مفهوم النوع الاجتماعي كإطار لتناول قضايا المرأة .
لقد صادف مفهوم النوع الاجتماعي ( الجندر) بدل الجنس عند بداية أستخدامه صعوبة كبيرة في محاولة تفسيره وتبسيطه للناس في كثير من الدول الأ أن إصرار الادبيات الغربية ووثائق الامم المتحدة على استخدامهساعد على نشره بشكل واسع . وتقول بعض الادبيات المحبذة لاستخدام مفهوم النوع الاجتماعي لأنه يشير الى الادوار الاجتماعية المختلفة للرجل والمرأة التي تحدد وفقا لثقافة المجتمع والمسؤوليات والسلوكيات المناسبة لكل من الرجل والمرأة , وهذه الادوار تختلف من مجتمع لآخر ومن زمن لآخر داخل نفس المجتمع, نحن لانولد بهذه الادوار لذا يمكن تغييرها .وبالرغم من أنتشار مفهوم النوع كإطار فكري للتحليل ولقياس التقدم في مركز المرأة الا أن أصواتا كثيرة بدأت تعبر عن أنتقادات للمفهوم واستخداماته وتتلخص العيوب :-
• تستبعد فكرة النوع مفاهيم الصراع والقوة في تفسيرها للظواهر يرجع إطار النوع الاجتماعي قضية المرأة الى الاختلال في ميزان القوة والنفوذبين الجنسين وينادي بإعادة توزيع القوى بينهما من خلال إعادة توزيع الادوار والفرص
• المطالبة بإعادة توزيع الفرص والادوار يتضمن صراعا بين الاطراف المعنية وهذا اثار موقفا عدائيا في كثير من البلدان العربية والاسلامية .
• أستخدم مفهوم النوع الاجتماعي الفجوة بين أوضاع الرجل والمرأة أساسا لقياس نهوض المرأة في حين التساوي مع الرجل في كثير من الاوضاع لايعني نهوضها , فتساوي نسبة تواجد الجنسين في المجالس النيابية قد لايؤدي الى اتخاذ القرارات المناسبة لنهوض المرأة في حال غياب الاجراءات الديمقراطية
• تلازم ظهور مفهوم النوع مع المطالبة بالاعتراف بحقوق المرتبطين بجنسية مثلية أو من يسمون أنفسهم الجنس الثالث مما يثير شكوكا حول إيجابيات المفهوم للحركة النسوية في العالم الاسلامي .