المرأة العراقية بين الغياب والتهميش ..!!!



جواد كاظم اسماعيل
2007 / 11 / 25

عندما نتحدث عن المرأة العراقية فإننا نتحدث عن كائن حي مشارك في صنع الحياة الكريمة ، فقبل قرنين ونصف من الزمان كانت المرأة (الأسطورة)
فدعة التي شغلت الناس بسرعة البديهة وباستباق القول قبلما ينطق به صاحبه، ومنهن من شاركن الرجال في حصار الشعيبة الشهير ضد الإنكليز حيث كن يهزجن ويشجعن الرجال على الإقدام وعدم التهاون والتخاذل

فالمراة قديما لم تهمش أو تُغيب على الرغم من الواقع المتخلف الذي كان يعيشه المجتمع آنذاك, ولكنها في العقود الأخيرة أهملت تماما ونُظر إليها كمخلوق خلق لمتعة الرجل لا غير وليس كركن من أركان صناعة الحياة والتاريخ وحتى وان اسند لها دور ما في العقود الماضية فهو فقط للدعاية الإعلامية لا غير وقد تحملت المرأة العراقية الكثير من المصاعب والمحن والهموم نتيجة الظروف التي مر بها البلد منذ تأسيس الدولة الحديثة للعراق في عشرينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا حتى أنها تحملت المسؤوليتين في أن واحد مسؤولية الرجل ومسؤوليتها كون الرجل كان مشغولا بحروب داخلية وخارجية وهي كثيرة وقد ضربت هذه الأنسانة الخرافية أروع الأمثلة في بناء الأسرة والصبر والتحدي والكفاح من أجل التواصل مع الحياة وهنا أستطيع أن أقول جازما بأنها كانت المتفردة والمتميزة عن قريناتها من شقيقاتها العربيات في مجال صبرها وصمودها وكذلك معاناتها والأوزار العديدة التي وقعت على رأسها فهي تحملت الفاقة والخوف والرعب وفقدان الزوج والابن وفقدان العزيز رغم ذلك كانت هي الثكلى والمربية والمنتجة وهي الصبورة الصبوحة المضحية وهي وهي وهي.. لكن كل ذلك لم ينظر له الرجل بعين التقدير وعين الأنصاف بل بخس حقها معتبرا أن ما قامت به هو جزء من واجباتها فكانت هذه هي نظرة المجتمع لها أما الحكام فكانوا ينظرون لها كأداة لتحقيق أهدافهم من خلال مشاريعهم التعبوية التي زُجت بها المرأة قسرا ونتيجة لهذه السياسات والنظرة الدونية بقت المرأة مغيبة ومهمشة ومقصية عن دورها الإنساني رغم بعض المحاولات من بعض النسوة لتحديد هوية المرأة لكن كل هذه المحاولات والتحركات كانت محاولات خجولة و لا تتعدى قاعة اجتماع أو مؤتمر يُعقد هنا أو هناك وإذا أردنا أن نكون منصفين في تحديد أسباب تراجع وتهميش دور المرأة لابد أن نذكر بأن المجتمع كان هو المصدر الأساس في تسليط سيفه عليها وتحجيمه إياها متذرعا بأن المرأة لا تصلح إلاّ للمنزل فقط وهو محلها الأول والأخير والحكومات المتعاقبة كان لها الدور الثاني في تغييب المرأة عن ميادين الحياة المتشعبة كونها لم تسن قوانين تصون فيها كرامة المرأة وحقوقها ويأتي كذلك الدور الثالث في ذلك هو المرأة ذاتها كونها استسلمت لمجتمعها ولحكوماتها وخنعت لكل هذه التوجهات التي عطلت فيها كل قوى الإنتاج وعلى مختلف الصعد لذلك نجدها اليوم بعد التغير الذي شهدته البلاد تسعى جاهدة لرسم صورة جديدة لها تختلف عن الصورة القديمة المؤطرة فيها اجتماعيا وثقافيا وسياسيا تبعا للمنظور الاجتماعي والديني الذي يشهده المجتمع العراقي فهي تحاول اليوم أن تجد لها صوتا ووجودا باعتبارها جزءا من حركة المجتمع وهي نصف المجتمع أن لم نقل ( كل كياته) لكننا نجد هذا الصوت خجولا وضعيفا جراء ضيق اليد وقلة الحيلة فهي مازالت تخرج من معطف الرجل حتى وأن كان لها وجود في البرلمان أو في مؤسسات الدولة الأخرى كونها رشحت من قبل أحزاب كبيرة ومعروفة فهي غير قادرة على التحرر من بودقة السلطة الرجولية , ولكي يكون للمرأة دورٌ حقيقيٌ في العهد الجديد لابد ان تتوفر لها الحرية ولعل شعورها بالأمن والأمان في مجتمع يقترن تحوله الديموقراطي بأصوات القتل والتفخيخ والعبوات الناسفة بالأضافة الى وجود ثقافة يؤمن بها المجتمع بأن المرأة حالها حال الرجل في البناء والحياه والرأي والطاقة والعطاء وأن تغييبها وتهميشها ينبغي أن يعالج بنصوص دستورية وأن كانت هي جزء من هذا الغياب لابد أن تكون هناك نظرة جدية وصادقة من أجل تعويضها ومنحها دورها الأنساني الشامل الذي تستحقه . أن أستمرار غيابها لايمكن أن يخلق لنا حياة سياسية وأجتماعية مستقرة بل سيصيب الجميع الوهن والفشل ومن المؤكد جراء هذا التعمد على تغييبها ستكون عملية بناء المجتمع الجديد عرجاء لانها تسير على رجل واحدة وليس على اثنتين سليمتين .