محنة المرأة البصرية وصمت سلطة القانون؛؛ بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة



علي الأسدي
2007 / 11 / 25

يعتبر الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام يوما عالميا للتذكير ياهمية النضال ضد العنف والتمييز والقهر تجاه المرأة في كل مكان في العالم. ففي هذا اليوم من عام 1999اتخذت الجمعية العامة للامم المتحدة قرارها بهذا الخصوص، لبدء مرحلة جديدة من الجهود لوقف انتهاك حقوق المرأة الذي يمارس في بلدان كثيرة في العالم.
ان بلادنا قد تقدمت اشواطا في تشريع حقوق المرأة الانسانية- السياسية والاقتصادية والاجتماعية،مقارنة بدول عديدة ما تزال المراة فيها تعاني من التهميش والحرمان. الاان الرجعية المحلية التي لم تستسلم للامر الواقع والاعتراف بحقوق المرأة، قد تمكنت اخيرا من سلب بعض مكاسب المراة التي انتزعتها عبر النضال المشترك مع الرجل خلال القرن الماضي.
وقد ساعدت ظروف الاحتلال منذ اذار/مارس 2003 وصعود القوى الدينية المحافظة لمؤسسات السلطة في القمة، الى بعثرة الامال في تحقيق المزيد من المكاسب لصالح المرأة والارتفاع بها الى مستويات المجتمعات المتحظرة في العالم.
ان المرأة العراقية في كل مكان بما فيها العاصمة تعاني من الامن والاستقرار. وقد تزايدت مظاهر العنف في مختلف انحاء البلاد بسبب عوامل واسباب مختلفة.فالنشاط المليشياتي يشكل احد مصادر العنف والقهر بحق المرأة. كما تصاعدت سطوة العشائر ومعها التسلط الرجولي والعائلي ضد المرأة. ويضاف الى ذلك ما تقوم به قوات الاحتلال من ممارسات وحشية، بانتهاك حرمات البيوت والاعتقال العشوائي للنساء واهانتهن، وتعريضهن للاعتداء الجنسي والاغتصاب الذي ما تزال تكتب عنه الصحف الامريكية والعالمية منذ بداية الاحتلال ولحد الان.
ان الاخبار الواردة من الجنوب عن معاناة البصريين عامة والمرأة بصورة خاصة، تعزز الشعور بالاحباط من موقف القادة السياسيين في بغداد.وقد نقلت وسائل الاعلام عن عصابات تمارس القتل والاعتداء في وضح التهار، ضد النساء من مختلف الاعمار والاديان.تنشط هذه العصابات بأسم الدين لترويع البصريات ممن لم يلتزمن بنمط الملابس اواغطية الرأس الاسلامية كما يدعون.
ومع عدم تبني اي جهة علنية دينية او سياسية،لانشطة هذه الزمر واسلامها الدموي، فلابد للمراجع السياسية والدينية في البلاد من وقفة جادة ضد موجة التلبس بلبوس الدين واقتراف الاعمال الفظيعة باسم الاسلام.
ان الاخبار المسربة لوسائل الاعلام في الاسابيع الاخيرة، افادت ان وراء حملة نشر الحجاب في المدارس الابتدائية في البصرة رجال دين معروفون بارتباطهم ببعض الاحزاب الدينية المتنفذة. وذكر ان رجل دين قد زار احدى هذه المدارس طالبآ من مديرتها فرض الحجاب على كافة التلميذات، اجابت المديرة بان ذلك شان عائلي لا سلطة لها عليه، رد رجل الدين متوعدا :لك يومين لتنفيذ هذا الامر،وساريك ما سيحدث عكس ذلك؛؛
استهداف النساء غير المحجبات قد شمل ازواجهن واطفالهن. ففي خلال الشهرين الاخيرين قتلت باسم الاسلام حوالي اربعين مواطنة بريئة،برفقة بعضهن اطفال لا تزيد اعمارهم عن ستة سنوات. كما قامت هذه العصابات بعدة محاولات لاغتيال القادة العسكريين للوحدات التي ارسلت الى البصرة بامر رئيس الوزراء لاعادة الامن الى البصرة واهاليها المسالمين. ولم يستثنى من هذا النشاط ألارهابي حتى النساء المسيحيات، الذين اضطروا تحت التهديد بالقتل الى ترك البصرة الى مدن اخرى لا تنشط فيها هذة الشرذمة من المجرمين وقطاع الطرق.
تعتبر البصرة من اكثر المدن العراقية تعبيرا عن التعايش بين سكانها من المسلمين والمسيحيين والمندائيين وغيرهم. وان ما يجري حاليا من تمييز وعنف ضد المرأة البصرية، مستهجن وغير مقبول على نطاق المجتمع البصري كله،مهما اختلقت لتبريره من نصوص شرعية يجافيها الدين وثقافات الناس وعاداتهم.
ان كفاح المرأة العراقية ضد التمييز والقهر والتخلف منذ بدايات القرن الماضي، قد اسهم بدرجة ملموسة في تحريرها من التخلف الاجتماعي، ومكنها من فرض قوانين تقدمية لصالح استعادة حقوقها المسلوبة عبر التاريخ. ونجحت في محاولاتها ونضالها الدؤوب في تضييق الهوة بين المرأة العراقية والمرأة في الدول المتحضرة.
لا يمكن لعصابات متخلفة الفكر والسلوك والاخلاق ان تعيد عجلة التاريخ الى الوراء باساليب التخويف والترويع،وان المجتمع البصري ومعه المجتمع العراقي، سيستأصل تلك العصابات الظلامية ويلقيها كالنفايات في مزبلة التاريخ.

ان القادة السياسيين في كل من المجلس الرئاسي والحكومة والمجلس النيابي مطالبين باتخاذ موقف حازم من نشاط تلك العصابات وكشف الجهات المستفيدة والداعمة لها، للتعجيل في القبض على المتورطين في جرائمها ومحاكمتهم علنيا وانزال اقسى العقوبات بحقهم.
كما ان المعارضة المنشغلة بامور ثانوية لاتخدم الشعب بشيئ، مطالبة ايضا برفع اصواتها عاليا لايقاف تلك الحملة الشنيعة ضد العزل من امهاتكم وزوجاتكم واخواتكم،ولمطالبة الحكومة والبرلمان لاجل لعب دورهم لايقاف المذابح الشنيعة الجارية ليلا وفي وضح النهار في البصرة الفيحاء.
لنرفع اصواتنا جميعا من اجل الامن للمرأة البصرية ولكل النساء في العراق والعالم.