تحرير المرأة من العنف ، رهن بتحرير البشرية من علاقات الانتاج الراسمالية



سعاد خيري
2007 / 11 / 26

منذ قرون من الظلم والاستغلال الذي تعانيه المرأة وجميع القوى المنتجة على اختلاف علاقات الانتاج القائمة على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج واستغلال القوى المنتجة وفي مقدمتها المراة المنتجة للقوى المنتجة،البشرية. فاذا كان استعباد المرأة بهدف انتاج المزيد من القوى المنتجة وتغريبهم عنها في المراحل السابقة، فان استعباد المرأة في المراحل المتقدمة بهدف تخفيض القوى المنتجة الفائضة عن حاجة السوق الراسمالية وتخفيض اعبائها. وتطورت وسائل الظلم والاستغلال مع تطور علاقات الانتاج القائمة على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج ، من مرحلة الى اخرى كما تطور وعي القوى المنتجة على الصعيد الوطني والعالمي من خلال تجارب الشعوب وثوراتها على تلك العلاقات ونتائجها وتطورت وسائل واساليب كفاحها . ولاسيما مع نشوء وتطور علاقات الانتاج الراسمالية. وساهمت المرأة في جميع تلك النضالات والثورات وكان دورها بارزا بل وقياديا في بعضها. وبرزت المنظمات العمالية المهنية والسياسية وتطورت اسلحتها الفكرية ووسائل واساليب كفاحها واستطاعت ان تنهض بالدور الطليعي في توعية وتعبئة البشرية وتحقيق انتصارات كان ابرزها ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى التي احدثت اول خرق في المسيرة التاريخية للبشرية لعلاقات الانتاج القائمة على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج دون ان تستطيع حمايته لاسباب ذاتية وموضوعية. كما نشأت وتطورت المنظمات النسوية الوطنية والعالمية بدعم المنظمات العمالية الوطنية والعالمية ولاسيما من اهم منجزات الطبقة العاملة الروسية والعالمية : الاتحاد السوفيتي . وحققت انجازات كبرى في مجال التشريعات الوطنية والدولية لحماية حقوقها ومساواتها ونجحت في تطبيق الكثير منها عمليا في البلدان الاشتراكية وبعضها حتى في البلدان الراسمالية المتطورة. وتطور كفاح المرأة من اجل حقوقها في البلدان التابعة ووعت ارتباط نضالها من اجل تحررها الاجتماعي بتحرر بلادها من التبعية. وتعاظم دور المرأة في حركات التحرر الوطني ولعبت في بعضها الدور القيادي مثل انديرا غاندي، في الهند، والدكتورة نزيهة الدليمي في العراق وغيرهن الكثيرات.
و شكل انهيار المنظومة الاشتراكية خطوة جبارة الى الوراء في مسيرة البشرية. فقد ادى ذلك الانهيار ليس الى عودة هيمنة علاقات الانتاج الراسمالية على العالم فقط، بل وتطور كل وسائل واساليب استغلالها واستعبادها للبشرية بهدف الحيلولة دون تكرر تجربة ثورة اكتوبر والاستفادة من نجاحاتها ومعالجة اخفاقاتها ، فضلا عن تعمق وتفاقم كل تناقضات علاقات الانتاج الراسمالية وازماتها. الامر الذي وجد تعبيره في تعميق وتفاقم استغلال شغيلة العالم ونسائه، ومصادرة حقوقهم التي قدموا الكثير من التضحيات من اجل تحقيقها وصيانتها. وتسخير كل المنجزات العلمية التكنولوجية للايغال في استغلال الطبقة العاملة ورمي الملايين من النساء والرجال في احضان البطالة والى ابتكار وسائل اكثر فعالية في تركيع البشرية واخضاعها.
و اصبحت علاقات الانتاج الراسمالية مصدر للظلم والاستغلال ليس للشغيلة بنسائهم ورجالهم فقط، بل ولعموم البشرية. وليس مصدر للحروب، فقط بل ولاقتراف افضع جرائم تشويه عقول وسايكولوجية البشر وتحويلهم الى اخطر اسلحة الابادة. من خلال تشديد سياسة الافقار والتجويع لتطوير الاتجار بالضمير الانساني وتطوير شركات الاتجار بالبشر تفوق في جرائمها وارباحها تجارة العبيد تحت اسم "شركات الامن" . وهكذا لم تعد العولمة الراسمالية تجد مجالا لاستمرار هيمنتها على البشرية في التقدم الحضاري والتكنولوجي وانما بالعودة لاساليب الاستغلال والاستعباد في الانظمة السابقة ، وتطويرها. فالعولمة الراسمالية اليوم لاتكتفي بما تعانيه المرأة على الصعيد العالمي والوطني من كل اشكال الاستغلال والظلم والابادة التي تعانيها شعوبها بل نجد تفاقم لجرائم فاقت في وحشيتها جرائم كل اشكال علاقات الانتاج السابقة. واذ اتخذت الامبريالية الامريكية القطب الاكبر للعولمة الراسمالية من العراق نموذجا مرعبا لشعوب العالم من المصير الذي يهدد كل من لا يخضع لهيمنتها فقد فاقت معناة المرأة العراقية معاناة المرأة في جميع انحاء العالم وعلى مر العصور . فلم تكتف ادواة قوات الاحتلال بما فيهم جنودها باغتصاب الاف النسوة العراقيات في السجون والمعتقلات، واختطاف الالاف وقتلهم اوقطع رؤسهم وتقطيع اوصالهم ورجمهم بل وعرض كل هذه الجرائم على شاشات التلفزيون.
وبمناسبة اليوم العالمي لانقاذ المراة من العنف امتلآت صحف العالم بعرض اشكال متنوعة من العنف الذي تواجهه المرأة في جميع بلدان العالم بما فيها البلدان الراسمالية المتطورة وقطبها الاكبر الولايات المتحدة الامريكية ، ونهضت الالاف من المنظمات النسوية والانسانية ودعاة حقوق الانسان بمختلف النشاطات لادانة العنف ضد المرأة وادانة الادوات التي تمارسه وفي مقدمتهم الرجل دون ان تذكرالنساء اللواتي كثيرا ما يستخدمهم اقطاب علاقات الانتاج الراسمالية وادواتهم لقهر المرأة والمجتمع كتاتشر وامثالها وادرات السجون النسوية وصولا الى بعض افراد العوائل المغرر بهن. والمطالبة بادنة الحكومات على عدم معاقبتها للمجرمين من منفذين ومروجين وداعين من منظرين ورجال دين من اصحاب الفتاوى بقتل النساء، والمطالبة بسن قوانين جديدة لردع كل الممارسين للعنف ضد المرأة . وجرت كل هذه الفعاليات الكفاحية الرائعة بدون ان تثير غضب قادة العولمة الراسمالية وجميع الانظمة الحكم التابعة في جميع انحاء العالم. لان هذه النضالات الرائعة كانت تفتقر الى ربطها بالنضال ضد علاقات الانتاج الراسمالية التي تقوم عليها العولمة الراسمالية واستعبادها لعموم البشرية ولاسيما الشغيلة والمرأة، والمنظمة والممولة والموجهة والحامية لكل تلك الادوات. بل ودعمها لتوهم البشرية بانها نصيرة المرأة كما روجت الامبريالية الامريكية لاحتلالها للعراق بتحرير المرأة العراقية وضمان مساهمتها في صنع القرار من خلال منحها حصة في عضوية البرلمان والحكومة التي شرعت الاحتلال و الدستور الذي يرسخ عبودية المرأة العراقية فضلا عن التغاضي عن كل الجرائم التي تمارس ضد المرأة .
فتحرير المرأة من جميع اشكال العنف مرتبط بتحرير البشرية من علاقات الانتاج الراسمالية واعلى مراحل تطورها العولمة الراسمالية وكل ادواتها من انظمة سياسية ودولية وقوانين محلية ودولية ومنظمات ارهابية ومراكز فكرية وايديولوجية دينية وعلمانية و..الخ وكل وسائلها من حروب وتمزيق وحدة الشعوب والبشرية ولاسيما طليعتها: منظمات الشغيلة و المرأة. كما يرتبط بوحدة البشرية ولاسيما وحدة طلائعها "شغيلة العالم ونسائه" .