عن المرأة والإسلام السياسي



الاء الجبوري
2007 / 11 / 27

كنا نسمع عن تجربة ألإسلام السياسي والدول ذات الحكم ألأسلامي ويتكون انطباع مرعب لدينا وكنا نخشى من يوم يأتي على العراق يكون الحكم فيه اسلاميا... كان هذا الرأي نتيجة ما كنا نراه ونسمعه من تجربة الحكم ألأسلامي في الجمهورية ألأيرانية الأسلامية ومعاناة المرأة في ظلها من فرض الحجاب على المرأة المسلمة وغير المسلمة في إيران أو عقوبة الجلد لمن ترفض او تخل في تطبيقه وما الى ذلك من سلب حقوقها ,وكذلك نظام الحكم الملكي في المملكة العربية السعودية والذي يعتقد بوصايته وقيادته للعالم الاسلامي لنرى تلك الهيئة الشهيرة هيئة ألأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتطبيق هذه النظرية من وجهة نظرمجموعة وليس الشعب الذي انتقدها في الدراما والصحافة السعودية... واخيرا تجربة طالبان الظلامية المتخلفة في افغانستان .
كنا ننظر لهذه الممارسات بأستهجان وننعتهم بالتزمت والجهل والعنف والتطرف في تطبيق ألأسلام وخاصة في مجال التعامل مع المرأة وانهم يقدمون صورة سيئة عن ألأسلام وعنهم كجهة سياسية لم تكسب غير استعداء العالم لها , كنا نتعوذ ان يتكرر هذا النموذج في العراق ولكن وللأسف بعد سقوط النظام السابق وجدنا النماذج التي ذكرتها في كل شارع ومدينة في العراق بأستثناء أقليم كردستان العراق ,اما الحجاب او الجلد وهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حالتان لم تأت بها دكتاتورية القائد الضرورة واحادية الحزب الواحد(مع ان النظام اضفى في سنواته الأخيره صفة الاسلام على نفسه من خلال ما سماها بالحملة الايمانية) ولكن جاء بها ألأسلام السياسي في العراق الذي ينقسم الى طرفين او ندين في كل شيء كالخلاف على الماضي البعيد أو أمور لاتنفع والجدال فيها لايخدم المجتمع اوينشر الفضيلة أويؤسس للمدينة الفاضلة التي يتطلعون اليها في ادبياتهم , طرفان ندان انكبوا على تأليف الكتب في هذه الحدود الضيقة ليتحول حبرها على ارض الواقع الى أحقاد وخوف من الآخر ودماء بلا ثمن , واغلبهم في مثل هذه ألأمور يختلفون........... ويختلفون........... ولكن في شيء واحد يتفقون ........... ويتفقون وتصبح الثنائية واحد ......والتضاد تناظر ....... والتنافر تقارب ,انها المرأة ........والمرأة العراقية كجزء من هذا المجتمع تعاني من الآثار السلبية للطائفية التي اينعت واثمرت في ظل ألأسلام السياسي في العراق ,ولكن هذه المعاناة تتضاعف عندما تعيش المرأة العراقية وهي مطاردة وخائفة اذا لم ترتد الحجاب الذي يحدد نوعه في اغلب ألأحيان الى درجة فرض الحجاب الذي يشير الى الطائفة وفرضه بالترغيب والترهيب في مجتمع تتلاطم فيه امواج الدماء تحت مسميات مختلفة لتبرير القتل ,تعيش المرأة العراقية وفي كل شارع ومدينة يطاردها شبح هيئة ألأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(وهي هيئات مدججة بالاسلحة)وقد اتفق كلا الطرفين الندين على تنفيذها ضد المرأة العراقية فصار خروجها بالجلباب ألأسلامي من ضرورات الخروج في اغلب ألأحيان بل ويمتد ألأمر الى منع طلاء ألأظافر وارتداء الخواتم وفي بعض المناطق حاولوا فرض النقاب , والكثير الكثير من الممارسات التعسفية اغربها فرض ارتداء الجوارب السميكة على النساء البصريات رغم ارتدائهن الجلباب ألأسلامي وفي حال ارتدت جوارب خفيفة فأنها ستتعرض للجلد ، وكأن الاسلام لاتظهر ملامحه الا في حجاب المرأة وهذا بحد ذاته اختزال خطير للاسلام الحقيقي .

رغم تنافر ألأحزاب ألأسلامية في البصرة الى حد استخدام العنف وتبادل ألأتهامات فيما يخص المصالح السياسية وألأقتصادية إلا أنهم يتفقون على جوارب البصريات .......... اعتقد ان لهم حكمة في ذلك يبدو ان عقولنا ليست بمستوى استيعابها...! ولكن كيف توصل الندان ألأسلاميان الى ان هذه لاترتدي الجواريب السميكة وتلك اظافرها ملونة وألأخرى حجابها باطل لإنها لاترتدي الجلباب ألأسلامي ....... لاأجد تفسيرا لهذه العيون ألأسلامية الثاقبة إلا النظرة ألأولى مسموحة والتي قد تطول ليصلوا الى هذه النتائج . هكذا يقيم اغلب ألأسلاميين في العراق المرأة العر اقية على ارض الواقع وهو عكس مانسمع في خطبهم ولقاءاتهم الصحفية والتلفزيونية ........... هكذا تختصرهذه المرأة الصابرة....... المكابدة ......... المتحدية , فهي زوجة الشهيد التي في اغلب ألأحيان كرست شبابها لأولادها وزوجة ألأسير التي بقيت تنتظر عودة الغائب وقد أحنت ظهرها على اطفالها ............ المرأة العراقية هي التي شغلت المستشفيات والمدارس والمصانع عندما كان الرجال على الجبهات في حروب خاضها النظام وهي المرأة التي تحملت وطأة الحصاروخففت من أعبائه عن كاهل الرجل ........... وكذلك هذا الظرف العصيب الذي يعيشه كل أفراد المجتمع العراقي ويضاعف ثقله على المرأة العراقية ... لقد نسي ألأسلاميون في العراق هذه الصور ووضعوا مقاييس غريبة للمرأة ولاتخدمهم هم ايضا على المدى القريب والبعيد , خصوصا ان نسبة النساء العراقيات تصل الى 63% من المجتمع العراقي والوصول الى السلطة سيكون في يوما ما من خلال هذه النسبة العالية وهذا ينطبق على كل من يريد العمل السياسي في العراق .

تساؤل يطرح نفسه : اليس ألأهم ان يكون ألأسلاميون عونا لمليون ارملة عراقية ...؟ اذ ترمل مئة إمراة يوميا حسب إحصاءات ألأمم المتحدة ,ارامل خلفهن مامتوسطه اربعة ملايين يتيم , اليست الفضيلة في مساعدة زوجة المعوق التي في احيان كثيرة هي المعيل للأسرة أم ان الفضيلة في فرض النقاب على المرأة في بعض المدن وليس الفضيلة في اعانة امهات وزوجات الآف المعتقلين في السجون العراقية وألأمريكية...؟! , أنظروا الى هذا الجانب فهو اهم واكثر نفعا لكل ألأطراف ....... فجراح العراقيين لايضمده متر من القماش لحجاب الشعر .......... وطلاء ألأظافر ألأحمر لن يحقن دماء العراقيين ........... والنقاب لن يخيف ألأرهاب ومن وراءه ليترك بلدنا......... والجوارب السميكة لن تؤسس لعراق ديمقراطي اكثر إستقرارا وأمنا , وألأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يطبقونه على المرأة فقط لن يوصلهم الى المدينة الفاضلة المستنسخة عن تجارب ألأخرين .......... أنتم ونحن لسنا في السعودية او في ايران...... ولا نريدكم ان تختلفوا في كل شيء وتتفقوا فقط على ممارساتكم تجاه المرأة كما كانت طالبان , نريد العراق بلداً للكل تصان فيه حرية وكرامة الفرد و وهذا الشيء كفيل أيضاً باحترام الدين الاسلامي اما الممارسات التي يقوم بها الأسلام السياسي فهي لاتخدم بقدر ما تضر وعلى المديين القريب والبعيد ...وأخيراً فإن فهمكم لمسألة القوامة التي تنطلقون منها في ممارساتكم تجاه المرأة فهم مرتبك ... فالقوامة التي جاء بها القرآن الكريم أكثر صعوبة من أن تفهم حسب تفسيركم لها.

* اعلامية وناشطة في مجال المجتمع المدني