كتابات حول الحدث المهزلة : محاكمة فتاة القطيف السعودية



غسان المغربي
2007 / 11 / 28

"فتاة القطيف"

فتاة القطيف: أتأزم يوماً بعد آخر والحُكْم يحدد مستقبلي

الحياة
27/11/2007


نظرتها تذهب إلى البعيد، إلى المجهول. صبية خجولة، صامتة وفي داخلها جرح عميق، لا يمكن أن يخفى على من ينظر إلى وجهها. صورة سبعة رجال يخطفونها من الشارع

نظرتها تذهب إلى البعيد، إلى المجهول. صبية خجولة، صامتة وفي داخلها جرح عميق، لا يمكن أن يخفى على من ينظر إلى وجهها.

صورة سبعة رجال يخطفونها من الشارع إلى مزرعة بعيدة، ليغتصبوها ويصورها، هي المحفورة في تفكيرها. وسمعتها التي باتت على المحك هي هاجسها، وبخاصة علاقتها بزوج المستقبل الذي يقف إلى جانبها وقفة الرجل الحقيقي. تعتبر وقفته جميلاً لن تنساه «لكن أخاف على مصيري إذا تركني بعد انتهاء القضية» تقول بصوت يخنقه الأسى. يسمونها «فتاة القطيف المغتصبة»، لكنها تحمل اسماً بات يرمز إليه بالأحرف الأولى منه فقط. لكنها فتاة مثل كل فتيات العالم، تحولت إلى ضحية إثر فعل طائش، بعد أن افترسها سبعة شبان. وتبقى الفتاة غير معروفة، بسبب الخوف من العار الذي يصيب من تتعرض لموقف مشابه. كثيرات يصمتن، لكن وضعها كان مختلفاً، فقد فضح الجناة أنفسهم وأباحوا التعرض لسمعتها، حتى انهم تباهوا بأنهم خلصوا عريسها منها، لأنها كما قالوا له دون خجل «فتاة سيئة السمعة». هي باختصار، صبية في العشرين من عمرها، مخطوبة وتنتظر اكتمال فرحتها. تسرد بكثير من اللوعة تفاصيل تلك الليلة في شهر صفر الماضي، التي غيرت مسار حياتها. وجهها الشاحب الذي يفترض به أن ينبض بحمرة الشباب، أحاله الصفار صورة لما يدور في فكرها من هواجس. يصبح كلامها همساً عندما تدخل في تفاصيل ما جرى تلك الليلة المشؤومة من محطات مخيفة يقشعر لها بدنها، فتقول: «كنت أترجاهم، ولكن من دون فائدة»، ومنها محطات تصيب السامع بالغثيان لمجرد التفكير بفعلتهم. وتقول: «تناوبوا علي اغتصابي، وقد ساعدني على معرفة عددهم أن أضواء السيارة كانت موجهة إلى الغرفة الخشبية التي اقتادوني إليها، ولم يكتفوا باغتصابي مرة واحدة، بل قام كل واحد منهم بذلك مرتين». كما لا تنسى كيف صفعها أحدهم بجواله على وجهها قبل أن يكمل جريمته بتصويرها «وهددوني بفضحي وإيصال الصور لزوجي».

تخبر الحادثة لـ»الحياة» بصوت يرتفع، لتظهر رغبة قوية في تحصيل حقها وشرفها المسلوب من جانب شبان لا يعرفون الرحمة، وبخاصة أنهم أهانوها وعذبوها جسدياً ونفسياً، فلم يكتفوا بالأذى الذي لحق بسمعتها. لا تستطع الصبية أن تنفي ما تكبدته من عناء نفسي بعد عودتها إلى منزل أهلها «دخلت المستشفى في اليوم التالي للحادثة، فأنا أعاني أصلاً من فقر الدم الحاد ومن الربو، وقد أنهكت جسدياً ونفسياً مما استدعى نقلي إلى المستشفى». صحيح أن قصتها لاكتها ألسن الناس كثيراً، لكنها باختصار قضية مجتمع، فهناك مثلها انتهك عرضها وصمتت، لأن في الصمت ستراً لها. هي أيضاً أخفت الأمر بداية، لكن الشبان السبعة أخذوا جهازي الجوال اللذين كانا معها وبدأوا مرحلة من التهديد بإرسال الرسائل إلى الأرقام الموجودة على جهازها، ومن بينها رقم خطيبها وشقيقاتها، كما تقول.

كانت نفسيتها تتأزم يوماً تلو الآخر، وتوضح «جربت الانتحار مرتين لأنني لا أعرف ماذا أفعل، أهلي لا يعرفون ما بي وكنت أمضي كل الوقت نائمة وأبكي». لا يغادرها الخوف منذ تلك الليلة، حتى أنها تخاف الخروج من المنزل «أخاف وأتخيل أشخاصاً يقفون في الظلام ويريد أحدهم قتلي». ولأنها لم تخضع لأي علاج نفسي مفترض في مثل حالتها فإنها ما زالت تعاني الخوف والهواجس.

عندما واجهت المتهمين للمرة الأولى في التحقيقات، كان لقاؤها معهم مربكاً لها «أنا من النوع القاسي، وعلى الرغم مما حدث بكيت، لأنني رأيتهم مكبلين، لكن في نفسي كان هناك حقد، وانهرت عندما رأيتهم». تنتظر الفتاة بقلق وتوتر يوم العاشر من شهر شوال الجاري، وهو اليوم الذي حددته المحكمة الكبرى في محافظة القطيف للنطق بالحكم في قضية الشبان السبعة. وتستطرد «لكن أنا الآن واثقة من نفسي أكثر، وبخاصة مع وجود زوجي إلى جانبي، وأنا أريد حقي». لا تعرف ماذا تتمنى للشبان المتهمين، لكنها تقول: «أشعر أنه يجب أن لا يكون هؤلاء الأشخاص موجودون أصلاً» وتضيف «أتمنى لهم الإعدام». ويبقى الحكم هو المقياس لشعورها بإمكانية إكمال حياتها «إذا كنت سأحصل على حقي سأكون راضية وأكمل حياتي بشكل طبيعي». وإذا كان الحكم مجحفاً بحقها «قد ألجأ لجهات أعلى».


ما حدث مع "قتاة القطيف" حسب التعبير الذي بدأ يصبح مصطلحا في الإعلام، لا يشكل نموذجا للعنف ضد المراة، فهو واقع يطال المجتمع، فخبر فتاة القطيف حسب "ذمة" الروايات يدخل فيه عنصر آخر تم اغتصابه أيضا، فهناك "رجل" تم الاعتداء عليه، وهذه الثنائية في الاغتصاب تفضح "قيما" اجتماعية لا يدخل الجنس فيها فقط، بل يتم استخدامه بشكل قسري لممارسة فوقية تشبه عادة البدو في الغزو....

"القيم" الاجتماعية على ما يبدو ماتزال ترى في الجنس قيم إذلال، فالمسألة مع فتاة القطيف لا ترتبط فقط بمتعة مارسها المغتصبون، بل هم أيضا انتقموا بشكل أو بآخر من الفتاة و "صديقها" إن صحة الروايات.

هناك عنف متعدد الأطراف ينال الفتاة منه النصيب الأكبر، وهناك حالة من القيم الاجتماعية المرتبطة على ما يبدو بعصبية ما قبل الدولة أو القانون، فيصبح القضاء خاضعا لحالة عمومية يتم فيها الحديث عن "الزني" قبل الحديث عن الاعتداء، ويتم فيها المساواة بين حرية الأفراد والنزوات المريضة، فمسألة فتاة القطيف ليست فضيحة أخلاقية، بل معبر حقيقي عن التناقض ما بين بعض القيم الاجتماعية وطبيعة العصر الذي نعيشه.

ليس هناك مبرر اليوم للبحث في "المغزى" القضائي للأحكام الصادرة ضد هذه الفتاة، فنحن نعرف سلفا أن المحاكم التي أصدرت العقويات لا تمت إلى قوانين حقوق الإنسان بشيء، ونعرف أيضا أن تحفظات عدد من الدول العربية بشأن الميثاق الدولي لحقوق الإنسان لم تكن موجهة ضد الحقوق السياسية بل ضد الحريات الفردية وعلى الأخص المرأة..

وعندما ننفي "النموذج" عن هذه الفتاة، فلأننا نعرف أن قضيتها لا تتعلق بالجغرافية التي تعيش فيها، أو بالطريقة الوحشية التي عبرها "اغتصابها"، فالاعتداء مهما كان نوعه يبقى يحمل نفس السمة، سواء كان "جريمة شرف" أو "اغتصاب" أو حتى "التستر" بالفضيلة لحجب المرأة عن الحياة أو عن حريتها. ففتاة القطيف ليست نموذجا وبإمكاننا رؤيتها يوميا في كل ما يحيط بنا، وعلى الأخص في الطريق التي يتعامل فيها الإعلام مع المرأة، فالفضائات تملك "معرضا" من النساء يحيلها إلى زمن "الجواري".

لا أحد سيحمل "إثم" ما حدث لفتاة القطيف لأنها في النهاية صورة لضرورات ثقافية نحتاجها، قبل أن تكون حدثا يهاجمنا، أو يداهمنا، فالاغتصاب في كثير من الأحيان لا يكون جسديا، وله تعبيرات أخرى.

مع الاعتذار من "فتاة القطيف"

نضال الخضري

27/11/2007


هل فوجئت؟!! كان حادثا يحمل لحظات اطول من العمر، فعندما يتم "اغتصاب" فتاة، تتحول الدنيا ‘لىمساحة مجهولة لا يعبث فيها الذكور، بل يرسمون خربشة في

هل فوجئت؟!! كان حادثا يحمل لحظات اطول من العمر، فعندما يتم "اغتصاب" فتاة، تتحول الدنيا الى مساحة مجهولة لا يعبث فيها الذكور، بل يرسمون خربشة في وحل، بينما تبقى الأنثى كما هي قابلة للعشق والجنس والتفكير و... "الاغتصاب"...

هي حادثة مفاجئة على ما اتوقع... فرغم أن أصحاب الوجوه المستطيلة ترصدوا... وتابعوا... لكن قلب الأنثى غالبا ما يتجاهل كل عملية المتابعة بعد أن اعتاد الملاحقة من زمن التحول لـ"مجتمع زراعي"... لكنني أفهم من التفاصيل التي قرأتها حولك "فتاة القطيف" أنني:

- مازلت أحمل هم وجودي كأنثى مستباحة حتى من القضاء.

- وأن الصور التي ترفع من الحرية للمرأة إلى "تمكينها" أو "مساواتها" ستبقى خارج الثقافة الاجتماعية مادام هناك اغتصاب وجرائم شرف وحجب للأنثى.

- واستغرب كيف يغضب البعض من "حجب المواقع" بينما الأنثى محجوبة بحكم وجودها، وبحكم ذكورية الهواء الذي تتنفسه.

- أتعلم أن "الإناث" في العالم مازلن يقفن على حدود الكون يحاولن التغير، لكن الإرث الثقافي على ما يبدو مازال يقف عنيدا، وربما خائفا، من رؤية بياض "أنثى" أو قدرتها على خلق "فتنة" للعالم!!!

لم تكن التفاصيل مهمة بالنسبة لي لأنني أدرك أن "عاصفة الصحراء" لم تكن من فعل القوات الأمريكية في الخليج، بل هي موجودة في قلب كل واحد فينا، ذكورا وإناثا، فنحن قادرون على تفجير الغضب ضد الحب والجنس، وضد الحرية التي نحلم بها، ونستطيع سحق الرغبات وتحويلها من طقس خصب إلى اغتصاب جماعي...

هل قرأ أحد المغتصبين قصيدة نزار قباني التي لم أعد أذكر منها سوى:

كنا ثمانية إذا...

نتقاسم امرأة جميلة...

وكان الليل ينعينا وتنعينا الرجولة...

هذه القصيدة المنسية ... أو المكتوبة من زمن اعتقدنا أنه سيقودنا إلى ثقافة كالفضاء نسبح فيه ونحلم كل لحظة بكواكب جديدة، لكننا اكتشفنا أننا محاصرات بغطاء أصفر من الرغبة في الاغتصاب، ومن عادات القنص... لكننا إناث... إناث... قادرات على نقل ما نريده رغم الاغتصاب...
!
ازدواجية العنف!
بسام الكعبي

كنعان أون لاين
27/11/2007


هل تكفي صفعة يتيمة مفاجئة على الوجه الناعم لتتخذ الشابة الجميلة والمثقفة قرارها بالانفصال عن زوجها، وتحمل طفلتها الوحيدة وتغادر بيت الزوجية بلا رجعة؟ لم تنتظر "فاتن" التي يشغلها كثيراً موضوع العنف ضد النساء، وقتاً طويلا للاجابة على السؤال بل أقدمت على خطوة جريئة:"المسألة لا علاقة لها بحجم الأذى بل بفكرة الاعتداء: ذكر يمارس العنف بمستويات مختلفة وأنثى تستجيب صاغرة. هذه المعادلة لا تروق لي حتى أتجنب الغرق بدمي كما غرقت جارتي زينب".

وصلت "زينب" مستشفى محلي يقطر من رأسها دم متفجر، حاول الأطباء جهدهم لكنها لفظت تحت بصرهم أنفاسها الأخيرة. اعتقل زوجها خالد سيّد، ولدى مواجهته بقتل زوجته عمداً مع سبق الاصرار، أجاب بأعصاب باردة: "ليس للدولة شأن بالحادث، لقد قمتُ بتأديب زوجتي وهو حق لكل زوج، وأعترفُ أنني أحبها ولم أقصد قتلها". استيقظ خالد على صراخ طفله، طلب من زوجته اسكاته، لكنها فشلت وطالبته بالهدوء تجنباً للتوتر، وأعتبر ردها "قلة أدب" وطحن رأسها. قد تكون زينب "محظوظة" أكثر من قريبتها "هند" التي تعرضت لاعتداء زوجها بتهمة ملاطفته ودياً بطريقة "غير معتاد عليها ومخلة بالآداب ومهينة لرجولته". نقلها الود "الزائد عن حاجته" فاقدة الوعي إلى قسم العناية المكثفة! المفارقة أن غضب أقلية من الرجال وفرحهم يتحول عنفاً ضد النساء.

اضطهاد المرأة ظاهرة تاريخية قديمة،عبرت مراحل مختلفة واتخذت أشكالا متعددة فرضتها طبيعة المجتمعات ومستوى ثقافتها ومدى تورطها بالنزاعات. تفيد الدراسات المتخصصة أن امرأة واحدة من كل ست نساء تتعرض للعنف الجسدي أو النفسي، وحسب منظمة "اليونيفيم" الدولية فان ثلث نساء العالم يتعرضن للعنف بأشكال مختلفة، فيما أعلنت بيانات الأمم المتحدة أن ما يقارب المليون امرأة يتعرضن سنوياً للاستغلال عبر تجارة الرق الأبيض.

في ضوء اتساع رقعة هذه الظاهرة وتزايد النشاط النسوي والحقوقي ضدها، اعترفت الأمم المتحدة عام 1999 رسمياً باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة وتوجته في الخامس والعشرين من نوفمبر، وسجلت وثائقها أن العنف الذي يستهدف النساء يعتبر خرقاً فاضحاً لحقوق الانسان.

ناضلت النساء، بمساندة المؤيدين لحقوقهن، على مدار عشرين عاماً حتى انتزعن يوماً دولياً لمناهضة العنف، فقد نظمت مدافعات عن حقوق المرأة عام 1981 سلسلة تظاهرات احتجاجاً على خطف ثلاث راهبات في جمهورية الدومنيك بأمريكا اللاتينية وقتلهن، وأصبح يوم اختطافهن رمزاً للمقاومة. بعد ثماني سنوات على انتظام الاحتجاجات، أطلق مسلح النار باتجاه متظاهرات في مونتريال الكندية، حصد رصاصه الغادر أرواح أربع عشرة بريئة، واعترف القاتل أنه نفذ جريمته كرهاً بالنساء المناديات بحقوقهن! عام 1993 عُقد مؤتمر فيينا الدولي لحقوق الانسان، ووضع المؤتمرون قضايا المرأة لأول مرة على لائحة القضايا العالمية، واتسعت رقعة النضال العالمي بمواجهة العنف الأسري المتزايد، واستجابت الأمم المتحدة باعلانها يوماً رسمياً عالمياً لمناهضة العنف بحق النساء.

يوم الأحد المقبل، تعلن القوى المناهضة للعنف حملتها العالمية للقضاء على الظاهرة، وتجنيب النساء ويلات التنكيل. في بلادنا تفتتح المنظمات النسوية في الضفة وغزة مؤتمراتها الصحفية لاعلان برنامج حملاتها الاعلامية التي تتواصل حتى العاشر من شهر ديسمبر القادم متزامنة مع السنوية الستين لاصدار الاعلان العالمي لحقوق الانسان. لا شك أن المرأة الفلسطينية تواجه عنفاً غير مسبوق تحت الاحتلال العسكري، وتتعرض أيضاً لعنف داخلي يصعب تجاهله أو غض الطرف عنه. ازدواجية العنف من مصدرين مختلفين رغم تفاوت حجمهما، بات يتطلب انهاء العنف المجتمعي بحق المرأة الفلسطينية وبكل أشكاله، ذلك أن امرأة هشه مسلوبة الارادة ومعنفة لا تمتلك مقومات المقاومة أو حتى تربية جيل للمقاومة.
"فتاة القطيف" و"جرائم قتل النساء"

عريب الرنتاوي

27/11/2007


تزامن نشر التقرير الصادر عن صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة "اليونيفيم" حول "جرائم قتل النساء في الأردن خلال السنوات 2000- 2003"، مع احتدام الجدل في المملكة العربية السعودية حول "فتاة القطيف" التي تعرضت للاغتصاب على يد سبعة رجال، ثلاثة منهم اغتصبوا صديقها أيضا، حيث نالت الضحية (الضحيتان) أحكاما لا تقل قسوة عن الأحكام التي خرج بها الجناة.

تقرير "الحالة الأردنية" يضج بالمعلومات المفجعة عن الضحايا والجناة على حد سواء، حيث يرتكب سنويا ما معدله خمسا وعشرين جريمة بدواعي الشرف، تشكل قرابة 13 بالمائة من إجمالي جرائم القتل والشروع فيه التي تعرض على المحاكم، وغالبا ما يتلقى الجناة أحكاما مخففة بفعل "تعاطف القانون والقضاة على حد سواء مع الجاني" في مثل هذه الأحوال، وبفعل أقدام ذوي الضحايا عن إسقاط حقوقهم الشخصية غالبا، الأمر الذي يشجع على الاستمرار في القتل والشروع فيه.

أما حكاية "فتاة القطيف" التي شغلت اهتمام الرأي العام والصحافة في السعودية، فتدور في الأساس حول المفارقة التي جعلت القاضي ينسى أصل الجريمة، ويحكم على الضحية بتسعين جلدة بتهمة اقتراف "خلوة غير شرعية"، لكأن الفتاة لا يكفيها ما أصابها من "خربان بيوت" على يد سبعة من قطاع الطرق، حتى جاءتها "العقوبة الثانية" المترتبة على صعودها في سيارة مع شاب غريب ومن غير "محرم" ؟!.

وإذا كان نظامنا القضائي في الأردن بحاجة لمراجعة في هذا المجال، بعد أن أخفقت محاولات تعديل مادة "العذر المخفف"، أو المادة 340 من قانون العقوبات، والتي أصبح رقمها 198 بعد التعديل الأخير، فإن النظام القضائي السعودي بحاجة لـ"بيريسترويكا" على هذا الصعيد، حيث أوردت الصحف السعودية في معرض السجال حول "فتاة القطيف" أحكاما متناقضة، حصل بموجبها "متحرشون" في الأسواق على أحكام بالسجن الطويل والجلد المبرح، فيما مغتصبي الفتيات والصبيان بالقوة وتحت ضغط السلاح، حصلوا على أحكام مخففة، ودائما بحجة "العذر المخفف" ؟!.

في التجربتين، الأردنية والسعودية (الأكثر فداحة)، تدفع النساء ضحايا الاعتداء وجرائم الشرف الثمن مضاعفا، بفعل تخلف القوانين وسيادة نظرة اجتماعية لا تقرر سلوك الجناة وحدهم، بل وتتحكم بهذه الدرجة أو تلك، بسلوك المجتمع والجهاز القضائي والسلك الشرطي.

فتاة القطيف والقانون السعودي الى اين ؟؟؟؟

الدكتورة كاترين ميخائيل

عراق الغد
27/11/2007


مارس 2006 اختطفت هذه الشابة اليانعة من قبل سبعة رجال وبعدها اعتقل الجميع اولهم الضحية وبعدها سبعة شباب الذين فعلو فعلتهم الوحشية مع هذه المسكينة . وبعدها صدر قرار الحكم بجلد الضحية مائتي جلدة والحكم ستة اشهر في السجن . اتسأل كم مخالفة قانونية في القانون الجنائي السعودي ؟

1- عقوبة المجني عليها اقسى واشد من عقوبة الجاني . في كل قوانين العالم يقف ميزان العدل القانوني مع الضحية الا في بلد يقودوه رجال الدين الذين يحافظون على المركز الديني المقدس ويخالفون ما يذكر في جميع الكتب المقدسة التي تطالب بميزان العدل . كل هذا يجري امام اعين ومساهمة رجالات القانون السعودي .

2- عقوبة الجاني خفيفة جدا مع العمل الاجرامي الذي قامو به الشباب ضد الطفلة اليانعة .

3- طرد محامي دفاع الضحية من وظيفته لانه عضو ناشط في مجال حقوق الانسان وطالب بحقوق الضحية .

4- القضاء السعودي ضرب عرض الحائط كل المعاهدات والاتفاقات الدولية التي تصدر من اعلى الهيئات الدولية وعلى رأسها الامم المتحدة .

5- في كل دساتير العالم هناك حق للضحية والفريق المدافع عنها لان هذه الانسانة دمرت حياتها ولم تنسى هذا الحادث طوال حياتها اذا عاشت . غير المستبعد ان تقتل من ذويها بحجة عزل العار . بمعنى اخر لم تملك حتى حقوق الضحية التي يجب ان توفر لها العلاج والدعم المعنوي والمادي والحماية من اي طرف يحاول ان يوصل الاذى اليها .

6- هل بوجد دستور و قانون لدى دولة السعودية ؟ وعلى اي اسس يعتمد هذا الدستور وهذا القانون؟ والسؤال الذي يليه هل يعتبر القانون السعودي هناك عدالة في القانون السعودي والمفهوم في كل الشرائع الدينية والاعراف الاجتماعية هو الميزان . هل في السعودية يوجد مقياس اخر للعدالة وليت العائلة المالكة الغارقة بكل ملذات العالم المقبولة والمحرمة توضح لنا عن مقياسها للعدالة ؟ . ميزان العدالة في السعودية مختفي لقرون طويلة . الم يفكر القانون السعودي ورجاله الغارقين بالمحسوبية والمنسوبية حان الوقت للتعامل مع ميزان العدالة ؟

حان الوقت للقيام بحملات تضامن مع المراة السعودية . منذ قرون هي مسلوبة الحرية . يعتبر القانون السعودي المراة ناقصة عقل ودين . ولهذا السبب يجري التعامل معها كانسان من الدرجة الثالثة وينقسم المجتمع السعودي الى ثلاثة طبقات , الطبقة الاولى طبقة العائلة المالكة والرجال منهم فقط . الطبقة الثانية هم عامة الشعب , الطبقة الثالثة هي المراة السعودية علما انها تكمل الجزء الاول والثاني الذي ذكرته .

لااعتب على رجال الدولة عامة بقدر ما اعتب على رجال القانون وعلى كل الدراسات القانونية التي بقي الفكر القبلي يسيطر عليها وكل شئ تربطه بالعادات والتقاليد دون ان تعير اهمية لعجلة التطور العالمي . وضمن التكنلوجية الحديثة لم تستطيع هذه الدول ان تخفي عيوبها مثلما كان يحصل سابقا . المراة السعودية هي غنية ماديا لكنها افقر الفقراء محرومة من كل ما اسمه حرية الفرد ,حرية الفكر , حرية التعبير عن رايها , حرية التعلم , حرية العمل , حرية الحياة الفردية , مثلا لحد الان لاتستطيع المراة في السعودية ان تقود سيارة , تملك ثروة هائلة لكنها لاتستطيع ان تتصرف بها , ماقيمة هذا الراسمالي بلا حرية التصرف به ؟

وعليه يتطلب النهوض بحملة اعلامية وعالمية ضد حكومة السعودية وحادثة القطيفة ستكون مفتاح لهذه الحملة ويحتاج الاتي :

1- الاخذ بيد المراة السعودية ودعمها للنهوض من زمن السبات وموالكبة حركة النساء الحضارية العالمية .

2- القيام بحملة من قبل رجال القانون وخاصة محامين بلا حدود والمطلبة بتغير القوانين واخراج هذه الفئة من الفكر القبلي المتعجرف . واخراج القانون من سيطرة العائلة المالكة وتثقفيف الشعب وعلى رأسها النساء السعوديات ورفع شعار " لااحد فوق القانون "

3- تشجيع النساء السعوديات ممن هن صاحبات الاعمال الحرة وصاحبات رأس المال لتاسيس منظمات المجتمع المدني وعلى راسها المنظمات النسوية لتشجيع المراة السعودية لدراسة القانون اولا وثانيا ممارسة مهنة المحاماة .

4- المطالبة من الامم المتحدة وخاصة" يونيفيم " المنظمة المختصة بقضايا المراة . لعقد مؤتمر نسوي في السعودية باسم" القطيفة الضحية المعلنة " وطلب من الحكومة السعودية والجامعات السعوديات الحضور لهذا المؤتمر لمناقشة اولا الامراض الذي يعيشها المجتمع السعودي :

اولا الطلاق والزواج , ثانيا العنف المنزلي والعنف الخارجي ثالثا التحدث عن المناهج الدراسية في السعودية .

5- المطالبة من كل وسائل الاعلام وتوظيف الفن والادب السعودي للحديث عن حاثة الطفلة القطيفة .

المرأة العربية و القوى الداخلية الكابحة

إن اختراقات عظمى تحدث في الأوساط النسائية لصالح الدعارة والرقيق الأبيض الذي ينتشر بدعم من نظم سياسية و قوى مجتمعية متسعة ، و ثمة ظاهرة ملفته في الوسط النسائي العمومي ربما في العالم الراهن كله و هي : تراجع الحركات التحررية النسائية لصالح إعادة النساء إلى " أجسادهن " عبر وظيفتين اثنتين.

أما أولهما: فتتمثل في تحويل هؤلاء إلى مسوُّق و مسـوًٌق في السوق السلعية العولمية المتناغمة مع المجتمعات الاسـتهلاكية و من ضمنها المجتمعات العربية الراهنة .

أما الوظيفة الثانية فتقوم على إدخال النساء مجدداً في عالم " الحريم" بما ينطوي عليه من عناصر الدونية الحقوقية و الثقافية و السياسية و الاقتصادية و غيرها مع ترويضهن بقوة متجددة على الانصياع للأولوية الذكورية و جعل العنف إحدى و سائل هذا الترويض و لعل جرائم الشرف مثال على ذلك سواء ظهر ذلك بالقتل أو بالاحتقار أو انتقاص الحقوق الأساسية ، ويلاحظ ان الجريمة التي تعادل جرائم الشرف تلك إن لم تزد عليها خطراً و انحطاطاً إنما هي ذلك " القانون" الذي يسكت عليها معتبراً إياها حالة من حالات التقاليد التي يمكن أن " تهز" بلداً إذا جرى خرقها و استفزازها.

لقد مرت عقود طويلة بل قرون على الأعمال التنويرية و المساواتية التي أنجزها علماء و مفكرون و مصلحون في العالم ومازال الأمر دون الأهداف التي وضعها هؤلاء ، إنها تراجع كبير بالاعتبار النوعي عن منظومات حقوق الإنسان التي شارك العالم في إنتاجها و من شأن هذا أن يطرح أسئلة معقدة و شائكة تحيلنا إلى مراحل سابقة من انتهاك حقوق الإنسان عموماً و المرأة على نحو خاص.

و مع التأكيد على وجود مجموعات كبيرة من دعاة الحرية و المساواة فيما بين البشر و في معظم العالم إلا أن الاتجاهات الظلامية تتعاظم هنا و هناك مما يدعو إلى شحذ الهمم للوقوف في وجه من يقود تلك الاتجاهات، سواءاً جاؤوا من نظم سياسية أو من مجموعات بشرية تسعى إلى سد الأفق التاريخي و لابد أن يكون هذا حافزاً أمام القوى المدنية الديمقراطية لمواجهة هذا الاستحقاق الكبير.