محمد حسين فضل الله يقلب الطاولة على رؤوس الرجال و«فقهاء الظلام»



حسين خليفة
2007 / 12 / 3

في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة أفتى العلامة السيد محمد حسين فضل الله فتاوى جريئة تعبر عن روح العصر، وترفض بعض الجوانب المظلمة في نظرة الدين عن المرأة التي كرسها بعض فقهاء السلاطين والتخلف.
فقد أكد سماحته بأن «إلى أن المرأة لا تزال ضحية للعنف الذي يمارس ‏ضدها على مستوى العالم كله»، ودعا إلى «رفع العنف عنها، سواء أكان عنفا جسديا أو ‏اجتماعياً أو نفسياً أو تربوياً أو داخل البيت الزوجي أو ما إلى ذلك».‏
وفي راي مثير للجدل قال: إن قوامة الرجل على المرأة لا تعني سيادة الرجل عليها، بل تعني تحميل الرجل ‏مسؤولية إدارة الأسرة التي لا بد أن لا يستبد بها، بل أن يتشارك مع الزوجة في كل الأمور ‏المشتركة بينهما كزوجين مضيفاً إن إقبال المرأة على العمل المنزلي والاضطلاع بأعبائه من خلال إنسانيتها وعاطفتها ‏وتضحيتها، في الوقت الذي لم يكلفها الإسلام ايا من ذلك، حتى فيما يختص بالحضانة وشؤونها، ‏واحترم عملها حتى افترض له أجراً ماديا، لا بد أن يدفع الرجل إلى تقدير التضحية التي تبذلها ‏المرأة في رعايته ورعاية الأسرة، فلا يدفعه ذلك إلى التعسف والعنف في إدارة علاقته بها.‏
ورأى سماحة السيد أن الإسلام اعتبر المرأة - في إطار الزواج - كائناً حقوقياً مستقلاً عن الرجل من ‏الناحية المادية فليس للرجل أن يستولي على أموالها الخاصة أو أن يتدخل في تجارتها أو ‏مصالحها التي لا تتعلق به كزوج أو لا تتعلق بالأسرة التي يتحمل مسؤولية إدارتها.‏
ويتابع فضل الله: يؤكد الاسلام انه لا ولاية لأحد على المرأة إذا كانت بالغة رشيدة مستقلة في إدارة ‏شؤون نفسها فليس لأحد أن يفرض عليها زوجا لا تريده، والعقد من دون رضاها باطل لا اثر ‏له.‏
إن أمثال هذه الرؤى تتيح للمرأة أن تخرج من ظلمات الآراء الفقهية الظالمة والتي تحرمها من التعليم والعمل وتخلق سدودا وحواجز بينها وبين الرجل، كما أنها تنجز مصالحة ـولو عابرة ـ بين التعاليم الإسلامية وضرورات العصر والتطور الذي شهدته الحياة الاجتماعية خلال أربعة عشر قرنا هي عمر الإسلام.
وهذه ليست المرة الأولى التي تخرج فيها من بين رجال الدين أصوات عقلانية ومتفهمة للتغيرات التي حدثت خلال هذه الحقبة الطويلة، فقد عرفت ساحة «الصراع الفقهي» حالات من الخروج من جوقة مرددي آراء ابن تيمية وحسن البنا وسيد قطب وبن لادن التكفيرية، مثل ما خرج به الترابي من السودان وحسن حنفي من مصر ومفتي الجمهورية الشيخ احمد حسون والدكتور محمد حبش اللذين يغلبان فكر التسامح والوسطية على فكر التطرف وإلغاء الآخر على الساحة الدينية، ويتعرضان لهجوم كبير من أوكار الظلام وعبادة الماضي.
إن هذه الأجواء تعيد التذكير بعصر التنوير الذي شهد ولادة فكر ديني منفتح في بدايات القرن المنصرم على يد أمثال الشيخ عبد الله العلايلي ومحمد عبده وجمال الدين الأفغاني وغيرهم.
فهل نشهد صحوة دينية معاكسة لصحوة التكفير والظلامية التي أنتجتها الرعاية الأمريكية الغربية لتيارات الإسلام السياسي في أواخر القرن المنصرم؟
ربما كانت هذه إرهاصات ولادة هكذا تيار لكن دونه الكثير من الأصوات القوية والمسيطرة في ساحة العمل الدعوي الإسلامي عبر الفضائيات التي تتاجر بموضوع الدعاة والشيوخ المنعزلين عن حركة التاريخ أو المرتبطين بمراكز قوى تستغل الدين لمصالحها الاقتصادية والسياسية.