ولاية الرجل الى أين تصل بنا؟



هلا الكلابي
2007 / 12 / 15

نقرأ ونسمع دائما بقصص فتيات يعانين دائما من تسلط أولياء أمورهن وذلك لعدم موافقتهم على تزويج هؤلاء الفتيات رغبة منهم في الاستفادة منهن ماديا إذا كن موظفات أو لمجرد أن (الولي) لم يقتنع بالمتقدم للزواج. وبعضهم يرفض لمجرد معرفته أن ابنته أو أخته هي من اختارت هذا الشخص أو ذاك.
تسلط هذا المخلوق الذكري أو (الولي) يمتد إلى أن البعض من الرجال يعتبر أن المرأة التي تعيش في منزله ما هي إلا جزء من متاعه وله الأحقية أن يفعل بها ما يشاء. فيمنعها من الخروج أو العمل.. إلى غير ذلك من التصرفات التسلطية الأخرى.
كل هذه القصص وتلك تتعلق بـ(دكتاتورية) ما يسمى بالولي حتى بات هذا الولي في بعض الأحيان كمن يمسك (سوطا) مسلطا على المرأة المسكينة ولا يستطيع أحد أن يساعدها للخروج من محنتها.
بالفعل إن ولاية الرجل المطلقة على المرأة أدت إلى التمادي في سلب أبسط حقوقها ككائن حي وهو الزواج والتمتع بأجمل لحظات حياتها, لا لشيء إلا لأن الأهلية في القبول تشترط (الولي) الذي يرفض فلانا وفلانا لأسباب عرفية وقبلية وربما لأسباب مادية.
يؤلمني ذلك كثيرا لأن معاناة تلك المرأة القابعة تحت رحمة سوط (الولي) تمثل شريحة كبيرة في مجتمعنا يغفل عنهن الكثيرون منا. فلا مستمع لهن ولا منقذ لهن من براثن هذا (الولي).
أتساءل هل يوجد في القرآن الكريم دليل قطعي على أهلية ( الولي ) المطلقة؟. بل على العكس, فالقرآن لم يذكر ما ينقص أهلية المرأة في ولاية أمرها. والدليل كان واضحا على المساواة بين الجنسين إذ قال جل جلاله (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر).
وفي آية القوامة يقول عز وجل "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" وهنا الآية واضحة وصريحة رغم اختلاف العلماء على مفهوم القوامة فيها.
فهل يعقل أن ولاية الرجل على المرأة ولاية مطلقة في جميع الأزمنة والعصور؟
في وقتنا الحالي متطلبات العمل متوفرة لدى المرأة كما هي لدى الرجل, وأغلب الأعمال أصبحت تتطلب قوة ذهنية وفكرية أكثر منها جسدية. ونذكر كيف أن المرأة أثبتت على مر الأزمنة تفوقها على الرجل. وفي عصرنا الحالي نرى الزوج والزوجة يعملان ويبذلان نفس المجهود تقريبا ويحصلان على قوت يومهما,بل وينفقان سويا لبناء منزل وأبناء.وحين عودتهما للمنزل تقف هنا أعمال الرجل ليتحول إلى سيد البيت الآمر الناهي (ولا أبخسه في هذا بل يستحق ذلك خاصة إن كان كفئا ويعامل زوجته وأبناءه بالحسنى). بينما يستمر عمل المرأة من إعداد للطعام وتربية للأولاد وتدريس.وتوفير سبل الراحة في البيت. بل إننا نسمع كثيرا عن أسر تكون معيلتها امرأة رغم وجود الرجل في البيت يعيش على أكتاف تلك العاملة. فهل في مثل تلك الحالة تستمر ولاية الرجل ؟
أما في حديث الرسول الكريم عليه أتم الصلاة والتسليم (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) فله مناسبة. وهي أنه حين بلغ الرسول الكريم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال هذا الحديث.وذهب فريق من أهل العلم أنه يشمل جميع النساء في جميع الولايات. ورأى فريق آخر أنه خاص بالخلافة دون غيرها من الولايات. وأنكر بعض المعاصرين صحة الحديث وأنه نسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وأنه حديث آحاد.
لست هنا بصدد تفسير الأحاديث فلست أهلا لها ,لكني أنقل آراء جمهور العلماء واختلافاتهم على مر العصور.
بعد ذلك أقول إن لدينا نماذج كثيرة مؤلمة تجسد ظلما للمرأة التي تولى عليها رجل لا يصلح حتى أن يكون وليا على نفسه.فما بالكم أن يكون وليا على امرأة نالت نصيبا من العلم والثقافة, وتريد أن تحيا حياة كريمة في ظل زوج تختاره هي بنفسها ولا يفرض عليها..هذا إن فرض أصلا ولم يمنع عنها.
قال الرسول عليه أتم الصلاة والتسليم(إنما النساء شقائق الرجال).
دعاء امرأة:
اللهم (حنن ورقق ) قلب (ولينا الشرعي)علينا. واجعله عونا لنا وليس علينا.