يسعدني البقاء وحيدة



باسنت موسى
2007 / 12 / 30

سنوات عمرنا عندما تمر ونحن كنساء لم نصل بعد للعشرين من العمر نفرح بمرورها لأن كل عام سيضيف لنا ميزة جديدة فسنوات الدراسة ستصبح أقل كما أن أنوثتنا تزداد جمالا بعد الإنتهاء من مرحلة المراهقة، وربما تظل سعادتنا كما هي وإن كانت بدرجة أقل نوعا ما حتى نصل لمنتصف العشرينات، المشكلة تأتي بعد أن نعبر هذا المنتصف دون زواج وأسرة وأبناء حيث تفاجأ الفتاة بالسؤال الأشهر والأسخف لماذا لم تتزوجي حتى الأن؟ هذا السؤال لا ينطلق من أفواه أفراد الأسرة فقط وإنما من أفواه كل المحيطيين بالفتاة بشكل عام ممن يعرفونها ويهتموا بأمرها أو حتى من خلال من لا يعرفونها ولا تشكل حياتها لهم أقل درجة من الإهتمام.
وبما أنني إقتربت من مرحلة التساؤلات فلا بد أن أبدأ من الأن في وضع إجابات مقنعة.
نعم لا بد أن تكون مقنعة. فلنقل بداية أن هناك وكما تقول الدراسات والبحوث والكلام الكبير اللي بنسمعه أن هناك نسبة كبيرة من الفتيات غير المتزوجات بالمجتمع المصري ممن هم في سن الزواج وهؤلاء الفتيات يطلق عليهم بالتعبير الشعبي "عوانس" وبتعبير المثقفين يطلق عليهم "نساء وحيدات"، وأنا أفضل تعبير المثقفين "وحيدات" ليس لكوني أفهم معنى عانس ولكن لأنني أشعر أنه تعبير يحملني مسؤولية البقاء بلا أسرة بشكل سلبي، فعدم حصولي على زوج وفق هذا المصطلح معناه أنني أحمل صفات سلبية مثل الكأبة أو عدم القدرة على التواصل مع الرجل في علاقة كالزواج أو أنني لا أملك مشاعر قوية من الحب والعطاء بصورة تجعلني أفيض بشكل سخي على أسرة وأطفال وزوج.
لكن هؤلاء مخطئين في تصورهم فليس من لا تحصل على زوج هي من تحمل كل تلك الصفات السلبية لأن الحصول على رجل لمجرد كونه زوج ليس بالأمر الصعب على أي فتاة تريد حياة تقليدية تلعب هي فيها دور امرأة الظل ويلعب هو دور الإحتواء الحنون المتخفي في سلطة الحب الحديدية القيد الحريرية المظهر، لكن الحصول على رجل ليكون زوج وحبيب وصديق وشريك وداعم للحياة هذا هو الصعب أو لنقل المستحيل في زمن اليوم ليس لأسباب مادية فقط وإنما لأسباب عديدة أخرى منها أن المنتج المعروض من شباب اليوم به الكثير من الخاسر غير النافع لحياة حقيقية وبالتالي لا يجود الزمن كثيرا على مثل تلك النوعية من الفتيات الراغبات في حياة غير تقليدية برجال كثيرين لتختار وربما تجد رجل واحد مناسب لها بعد طول انتظار وعذاب لكن تجده جاء في وقت متأخر من العمر مثلا مما يجعله غير مناسب ليس من منظورها وإنما من منظور من حولها وينتهي بها الحال لإعادة البحث من جديد.
من خبرتي المحدودة نوعا ما بالرجال إكتشفت أنهم أنواع متعددة سأذكر منهم ما عرفته حتى الآن:-
** نوع يغرق المرأة بالعبارات الرومانسية الجميلة والإطراء المبالغ فيه وهؤلاء حقيقة يؤثروا في أي امرأة وأنا منهم لكن تأثيرهم يمتد لدقائق وما أن أصرف وجهي عن هذا المغني الجميل الكلمات أجد ذاتي نسيته وربما نسيت اسمه أيضا لذلك هذا الرجل لا يمنحني ما يجعلني أرتبط به، فما يعطيني إياه لا يؤثر في داخلي ويجعل قلبي ينبض وعقلي يضيء بحب له.
** نوع يعتبر أن الخداع وسيلة المرأة التي يصفها بالذكاء، فعندما أتحدث له صراحة عما ينبغي أن نضعه خطوطا عريضة للحياة ينظر لي بعين متهكمة قائلا لماذا تتحدثي هكذا؟؟ حركيني كما تشائين بأنوثتك بحبك لي دون الجلوس والحديث ووضع الخطوط هذا الرجل يريدني أن ألعب من وراء الستار أصمم وأخطط وأدفعه لما أخطط له وطريقته لا تنفعني فأن أريد من يخطط معي للحياة وليس من أخطط له أنا فالحياة ليست مؤامرة أريد للرجل أن يقع فيها.
** نوع مغرور لا يملك أدنى مقومات الثقة بالنفس يفرح بالزواج بمن حققت بحياتها نجاح بقدر معقول ويظل بهذا الفرح لحين ما يتزوجها وتتحول لجزء من ممتلكاته ويصبح هدم نجاحها هدفه الأساسي تحت شعار واجبات الزوجة ورعاية الأسرة ومثل هذا النوع قابلته أيضا ويسعد جزئيا بنشاطي الصحفي لكن يقول لي هذا لتشغلي وقتك الآن لكن بعد زواجنا سيختلف الأمر أتدركي ذلك!! أقول في عقلي نعم عزيزي أدرك ما تقوله ولكنني أدرك أيضا أنني لن أتحمل وحدي وعلى حساب عملي مسؤوليات الأسرة التي أوجدها أنا وأنت وينبغي نحن معا ندفع ثمن بقاءها وليس أنا فقط.
** هناك أمر عجيب لا أعرف ما مدى صحة أن أعممه كسلوك لكن كل ما أعرفه أنني لمسته في كثير من الشباب الصغير العمر أنهم لا يحملون حنانا حقيقيا لفتاتهم التي يحبونها على العكس من الرجل الأكبر سنا الناجح الواثق بذاته فهو عندما يحب يحمل نوعا مختلف من الحنان وقدرا عاليا من العطاء قد لا نجده في الشاب الصغير.
تلك هي الأنواع التي اكتشفتها بالرجال حتى الآن وجميعهم لا يصلحون لأن أربط أسمي باسم أحد منهم ليكون شريك حياتي طوال العمر وسأظل على أفكاري حتى لو بلغت سن الثمانيين، فالبقاء بلا أسرة وأطفال حتما ليس بأمر جيد ولكن ثمن الحصول عليهم دون اختيار سليم وفق ما أراه من مبادئ تناسبني كامرأة أقل من ثمن الحصول عليهم بشكل غير سليم. وبالنهاية يسعدني جدا أن أبقى وحيدة.