العنف ضد المرأه انتهاك لقوانين الشرعية الدولية والقانون الانساني الدولي



رزاق حمد العوادي
2008 / 1 / 19

عرفت اتفاقية البلدان الامريكية العنف ضد المراة " اي فعل او سلوك بدافع يتعلق بنوع الجنس ، يفضي الى وفاة او اذى او معاناة المراة جسديا او جنسيا او نفسيا في الحياة العامة او الخاصة وتشمل حق احترام حياتها وسلامتها البدنية والعقلية والاخلاقية " كما عرفتها الامم المتحدة بان العنف ضد المراة اي فعل عنيف تدفع اليه عصبية الجنس ويترتب عليه اذى للمراة ومعاناة سواء كان بالاهمال او الحرمان او يتخذ طابع بدنيا او نفسيا او جنسيا او الانتهاكات من جانب الجماعات المسلحة وكذلك عنف الدولة التي تقوم به افراد الشرطة او اي عنف يصدر من اية جهة سياسية او دينية ...."
وعلى ضوء الاسس الواردة اعلاه بداءت الدول تفكر في وضع الاتفاقيات التي تحد من هذه الانتهاكات وكان ذلك عام 1992 عندما وضعت لجنة القضاء على التميز ضد المراة نصوصا دولية اعتبرت فيه العنف ضد المراة شكلا من اشكال التمييز .
وفي عام 1993 اعتمدت الجمعية العامة اعلان القضاء على اشكال التمييز ضد المراة ولحق بها البروتوكول الاضافي للاتفاقية 1979 الذي تضمن اعطاء حق الشكوى لضحايا العنف ضد النساء والذي اعتمد بقرار الجمعية العامة 54/ 4 والمؤرخ في تشرين اول 1999واعتبر نافذا في 22/ كانون الاول (2000) وبلغ عدد الدول الاطراف 51 دولة وقد الزم البروتوكول الدول الاطراف بالتعهد بالاعتراف بتلقي الشكاوي المقدمة من المراة او نيابة عنها او مجموعة افراد وفقا لما ورد في المادة 2 والمادة 4 والمادة 12 وهذا يدل على الاعتراف الدولي باللجنة الخاصة بالقضاء على التمييز ضد المراة فيما يتعلق بتلقي الرسائل .
1- الشرعية الدولية لحقوق الانسان بما فيها حق النساء
*ان الشرعية الدولية لحقوق الانسان ومنها ميثاق الامم المتحدة كما ورد في الديباجة " نحن شعوب الامم المتحدة ان تؤكد من جديد ايماننا بالحقوق الاساسية للانسان وبكرامة الفرد وقدره لما للرجال والنساء والامم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية .
*كما ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 المادة (7) اكدت ان الناس جميعا سواء امام القانون وهم متساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تميز كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من اي تميز ينتهك هذا الاعلان .
*وقد توسع العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي اعتمد 1966 واصبح نافذ المفعول 1976 وبلغ عدد الدول الاطراف 147 دولة ؛اكد في المادة 2 على تعهد كل دولة طرف بان تتخذ بمفردها او عن طريق المساعدة والتعاون الدوليين ، ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي والتدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد كما ان المادة (5) اكدت على عدم اهدار اي حق من الحقوق والحريات المعترف بها في هذا العهد .
*اما العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المعتمد في عام 1966 والنافذ في 1976 وبلغ عدد الدول الاطراف 149 دولة فان هذه الاتفاقية اكدت في المادة (2) على احترام هذه الحقوق لجميع الافراد وايضا المادة (14) الناس سواسية امام القضاء .
*كما ان البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد بقرار الجمعية لعام 1966 والنافذ في 23 اذار 1976 وبلغ عدد الدول الاطراف 104 دولة اكد على الالتزام الدول واختصاص اللجنة في استلام الرسائل المقدمة من الافراد الداخلين في ولاية تلك الدولة اي حق التشكي وقد الحق به البروتوكول الاختياري الثاني الخاص بالغاءعقوبة الاعدام المعتمد من الجمعية في 1989 وبدا نفاذه في 1991 وبلغ عدد الدول الاطراف (49) دولة ويتضمن في المادة (1) لا يعدم اي شخص خاضع للولاية القضائية للدولة طرف في هذا البروتوكول .
2- اما القسم الاخر فهي المعاهدات والاتفاقيات

أ- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التميز العنصري النافذة في 4 كانون الاول 1969 وبلغ عدد الدول الاطراف 168 دولة وتضمن بان تشجب الدول الاعضاء التمييز العنصري وان تتعهد بانتهاج الوسائل المناسبة واورد الحقوق السياسية والحقوق الاجتماعية .
ب-اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللانسانية او المهينة المتخذة بتاريخ 1984 وبدا نفاذها 1987 وبلغ عدد الدول الاطراف 133 دولة وتضمن الزام الدول باتخاذ اجراءات تشريعية او ادارية او قضائية فعالة او اية اجراءات لمنع اعمال التعذيب ....الخ
3- صدر البروتوكول الاختياري لهذه الاتفاقية والذي اعتمد بقرار الجمعية 57/199 والمؤرخ في 18 كانون الاول 2002 ولم ينفذ لحد الان
4- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة المعتمدة في 1979 وتاريخ نفاذها 3 ايلول 1981 وبلغ عدد الدول الاطراف 173 دولة وتضمن التزام الدول باتخاذ التدابير السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية بما فيها التدابير التشريعية لكفالة حقوق المراة وتقدمها .... والحق بها البروتوكول الاختياري المعتمد في 54/4 لعام 1999 والنافذ في 22 كانون الاول عام 2000 وبلغ عدد الدول (51) دولة وتضمن عدة التزامات ومنها تلقي الرسائل من قبل المراة او من ينوب عنها او من مجموعات هم ضحايا انتهاكات تلك الدولة .

5-القانون الدولي الانساني لحقوق الانسان
العنف ضد المراة في حالات النزاعات الدولية او الداخلية فقد تناوله القانون الانساني الدولي المتمثل :-
أ‌- اتفاقيات جنيف الاربعة الصادرة في 1949 وبضمنها اتفاقية حماية الاشخاص المدنين وقت الحرب طبقا للقسم الثالث المادة(7) التي وضعت الضمانات الاساسية لمعاملة المدنين وحضر الافعال غير الانسانية التي ترتكب ومنها ممارسة العنف والقتل والتشويه وانتهاك الكرامة الشخصية وبوجه خاص المعاملة المهنية والمحطة لكرامة الانسان كماتناولت المادة (76)من الاتفاقية
" يجب ان تكون النساء موضع احترام خاص وان يتمتعن بالحماية ولا سيما ضد الاغتصاب والاكراه وضد اية صورة من صور خدش الحياء .
كما الزمت الدول الاطراف ان تتجنب قدر المستطاع اصدار احكام بالاعدام على الحوامل
وقد تناول البروتوكول الاضافي الملحق باتفاقيات جنيف والذي اعتمد في المؤتمر الدبلوماسي في 8/ حزيران /1977 ويبدا نفاذه في 7 كانون الاول 1978 وبلغ عدد الدول الاطراف 156 دولة وهو بروتوكول خاص بالمنازعات غير الدولية وتناولت نصوصه خاصة الفصل الثاني (المعاملة الانسانية م (4)الضمانات الانسانية لجميع الاشخاص الذين لا يشتركون بصورة مباشرة في الاعمال العدائية.
ويجب ان يعاملوا معاملة انسانية دون اية تميز وهنا لابد من الاشارة الى ان نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي اعتمد في مقر الامم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعنى بانشاء المحكمة في روما 17 تموز 1998 وبدا تنفيذ في 1/تموز 2002 وبلغ عدد الدول الاطراف (90) دولة وقد ادرج في المادة(7) فقرة (ز) مفهوم الجرائم ضد الانسانية (الاغتصاب او الاستعباد او الاكراه على البقاء او الحمل القسري وتشكل هذه الاتهامات جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية .
بعد هذا العرض الموجز لمفهوم العنف ضد المراة والاتفاقيات الدولية بداء بالشرعية الدولية لحقوق الانسانية والاتفاقيات الانسانية الدولية هنا لابد من الاشارة الى دور المنظمات المجتمع المدني في العراق ودورها الفاعل في تفعيل هذه الاتفاقيات اذا ما علمنا بان العراق قد انظم لاكثر هذه الاتفاقيات واصبحت نصوصها جزءا من القانون الداخلي وفقا لاتفاقيات فينا بشان المعاهدات لعام 1969 المادة (26) و(27) .
ماالعمل لتفعيل دور المنظمات المجتمع المدني العراقية النسوية ؟
كما لاحظنا فان الاهتمام الدولي الخاص بحماية حقوق الانسان وحرياته والتزام الدول الاطراف في الاتفاقيات الخاصة بمنع العنف ضد المراة اصبحت التزاما دوليا بموجب اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لعام 1969 المادة 26 والمادة 27 وملزمة ايضا بموجب احكام المادة 102 من ميثاق الامم المتحدة لان التصديق والانظمام لهذه المعاهدات يعتبر جزء من القانون الداخلي وفقا للنظام القانوني العراقي الوارد في قانون النشر رقم 66/77 وعليه فان دور المنظمات النسوية ينطلق من الاسس التالية :-
• رغم حداثة العمل لهذه المنظمات ورغم حجم المشكلة المتمثلة بالعنف ضد النساء في المجتمع العراقي و اسبابه الفعلية يجب ان تتخذ هذه التنظيمات النسوية قرارات فاعلة ومؤثرة من خلال الكشف عن السياسات العامة التي تتبناها الحكومة حيال حقوق المراة وحرياتها والعنف الذي يقع عليها لابل والكشف عن حوادث الانتهاك سواء ورد الانتهاك خلافا للاتفاقيات الدولية التي اشرنا اليها او انتهاك نصوص الدستور العراقي الواردة في المواد (14)(18)(29)(38)(41) او الانتهاكات الواردة في القوانين العراقية ومنها قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وقانون الاحوال الشخصية 188 لـ959 والقانون المدني رقم 40 اـ951 وغيرها من القوانين .
• لابد من وضع ستراتيجية لعمل المنظمات النسوية العراقية تنطلق من تحليل الواقع المأساوي للعنف ضد المراة وعلى ضوء دراسات سياسية واجتماعية وقانونية وتحديد الاطار العام لهذه المشاكل وفقا لعواملها المساعدة والعقبات التي تعترضها ، وتحديد الفئات المستهدفة وكيفية الوصول اليهم والتعامل معهم والتثقيف القانوني على حقوق المراة الواردة في القوانين الدولية والداخلية وبلورة رؤية مشتركة لجميع هذه المنظمات لبناء مجتمع متحضر يقوم على مساحات واسعة لحقوق الانسان وحرياته وتفعيل دور المراة في كافة المجالات التنموية والسياسية واشتراكها في العمل اذا ما علمنا بان( 5، 2) الى( 3) مليون امراة بين مطلقة وارملة وملاحظة ودراسة التقارير الدولية بهذا الصدد كما ورد في تقرير الامم المتحدة بشان حقوق الانسان في العراق و الصادر لـ2006
• تبني حملة اعلامية مؤثرة وفاعلة واستخدام وسائل التثقيف الاعلامي بجميع صورها مع الاستعانة بالوسائل الاعلامية الاخرى وفق مخطط يقوم على اساس المشكلة المتعلقة بالعنف ضد المراة واسبابه القانونية او الاجتماعية او سياسية او دينية واعداد الخطط والدراسات بموجب رؤىء بعيدة المدى وبروح يسودها مبدا المواطنة والشعور بالمسؤولية والسعي الدؤب لتنظيم الحشد الجماهيري لمعالجة هذه المشكلة لا ان يقتصر العمل على عقد ندوات او ورش عمل وان كان لابد منها ولكن التوجه نحو اصحاب المشكلة الحقيقية في القرى والمدن والارياف لكي يكون التاثير اكثر فعالية ويعطي ثماره وهو العمل الميداني .
• العمل من خلال الضغط الجماهيري على ضرورة المشاركة في اتحاذ القرارات وتحديد الدور الفاعل لعمل النساء في السلطات الثلاث لمواجهة المخاطر التي تتعرض لها المراة وبكافة الاشكال ورغم ان اكثر البرلمانيات في مجلس النواب لا يتمتعن بالاستقلالية لانه عملهن يخضع للمحاصصة والطائفية والحزبية بعيدا عن الاهداف التي انتخبت او عينت في البرلمان بموجبها لذلك دورهن يكاد يكون معدوما في هذا الاتجاه وتبقى القواعد والمعايير الدولية المشار اليها ليست ذات اثر قانوني فعال لحماية المراة من التعسف وعدم المساواة وانتهاك لحقوقها ما لم تتلقى من دعم قانوني من النظام الدولي والاقليمي وانشطة الامم المتحدة للاطلاع بدور اساسي في هذا المجال ودعم من قبل الحكومات الاطراف في تلك الاتفاقيات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية باعتبار حماية هذه الحقوق والنهوض بها هي مهمة وطنية يجب ان تتحملها تلك الحكومات وتلك المنظمات ومن خلال وضع تشريعات ملائمة وسلطة قضائية مستقلة مع التاكيد على الضمانات واليات العمل للنهوض بهذه المهمة .