كيف تحيا امرأة بلا رجل فى مجتمعات الذكورة ؟؟



باسنت موسى
2008 / 1 / 27

في مجتمعات الرجل بها كظل الحائط يصبح أمر الحصول عليه ضرورة حتمية وفقدانه أكبر أزمة يمكن أن تواجهها المرأة في الحياة، ونحن اليوم ومن خلال هذا التحقيق تحدثنا لمن يواجهون تلك الأزمة من النساء منهم الأرامل ممن فقدوا وجود الرجل بالموت والمطلقات أصحاب التجارب غير السعيدة مع الرجال فتنازلوا بإرادتهم عن وجود هؤلاء الرجال بحياتهم إضافة للعازبات من الفتيات اللاتي تعدين سن الزواج. لنعرف من خلال روايتهم أبعاد معاناة المرأة عندما تعيش بلا رجل أو تضطرها الظروف لذلك
. ع 45 مطلقة تقول: طوال حياتي كنت أعرف أن الزواج أمر مهم بحياتي ليس يس لأنه سيضيف لي على المستوى الإنساني ويشبع حاجتي للحب والاستقرار وإنما لأنني من خلاله سأحصل على رجل وهذا مهم لذلك كانت اختيارتي للزواج تقوم على هذا الأساس فقط وبالتالي كان الفشل حليفي في ثلاث زيجات متوالية، وجدت الرجل الذي رغبت طوال عمري في الحصول عليه رمز للقسوة والاستغلال المادي والجسدي لي، لذلك قررت بعد الزيجة الثالثة أن أتوقف عن البحث عن وجود رجل وأن أتحمل معاناتي كامرأة تعيش بلا رجل في مجتمع قاسى جداً على المرأة حيث أنني الآن يُنْظر لي بحذر من الزوجات فيخشون أن أخطف أزواجهم كما أن الرجال لا يقدمون لي أنا وأبني خدمة أو مساعدة ما دون أن ألمح بعيونهم رغبة في أن أرد المقابل بطريقة دنيئة، يعتقد كثيرون لأنني بلا رجل، أنني بلا حماية أو كرامة ويمكن لمن يريد أن يفترسني بسهولة
ك 38 سنة أرملة تقول: توفى زوجي بعد زواج دام أربعة عشر عام وأثمر عن عن ثلاثة أبناء، وعدم وجود زوجي أو بمعنى أدق رجل بحياتي جعلني أشعر بتخبط كبير في حياتي الخاصة وعلاقتي بالآخرين حيث أنني فقدت السيطرة على أبنائي لأنهم لا يخشونني بل كانوا يخشون والدهم فقط وبالتالي مستواهم الدراسي هبط بصورة كبيرة جداً كما أنني وجدت ذاتي لأول مرة بحياتي عليّ أن أتخذ قرارات سفينة حياتي مما جعلني مرتبكة خائفة طوال الوقت وأصابني هذا باكتئاب حاد، وشعر أبنائي ومن حولي بذلك وانتقدوا سلوكي ودعوني لتحمل مسؤولياتي الجديدة بشجاعة ولكن هذا شعوري وللأسف لا يمكنني التغلب عليه
.خ 52 أرملة تقول: توفى زوجي منذ أكثر من عشرين عام وكنت صغيرة في في العمر وليس لدى سوى طفل واحد لكنني أدركت أن بوفاته الحياة بمعناها الذي يحمل استمتاعاً انتهى بالنسبة لي، حيث أنني لا أخرج أو أستمتع بالمناسبات التي يستمتع بها كل البشر كالأعياد لأنني أرملة ينبغي أن ألزم منزلي حماية من القيل والقال، ولأنني من أسرة صعيدية فكانت إمكانية الزواج مرة أخرى أمر مستحيل وليس صعب فقط أي أن المجتمع والناس والتقاليد حكموا عليَّ بالموت عندما توفى زوجي ولم يسألني أحد هل ترغبين بالموت بتلك الطريقة ولهذا السبب؟؟؟
ح 44 مطلقة تقول: طلقت منذ أربعه سنوات ومنذ ذلك التاريخ وأخوتي تي الذكور يتخذون من أنفسهم محرك وحكم لحياتي على الرغم من أنهم لا ينفقون من أموالهم على بيتي وأولادي لكنها التقاليد التي ترى أنني بلا رجل أي بلا رقيب كما أنه لا يليق بناقصة عقل ودين مثلي كما يقولون أن تدير حياتها بمفردها، أشعر أنهم يراقبونني وكأن طلاقي من زوجي ليس لأنه رجل ظالم بل لأنني أرغب أن أفعل كل ما هو شائن!!!
ط 29 سنة تقول: منذ وفاة أب أبي وتحكم أعمامي بي وبأخوتي الفتيات وأنا أدرك جيداً كيف يمكن أن تعيش امرأة بلا رجل في مجتمع لا يحمي الضعفاء من النساء، وذلك كون بداخلي رؤية مختلفة حيث أنني لا أرغب في رجل لمجرد الحصول على لقب متزوجة بل أنني أرغب في أن يكون تعويضاً لفقداني حنان ومسؤولية الأب وحتى الآن ورغم بلوغي سن العنوسة كما يقولون لم أجد من الرجال من يحقق ذلك المعنى بحياتي، أعيش وحيدة بلا رجل مع أمي بعد زواج أخواتي والمجتمع يتعامل معي على أنني مسكينة ومريضة نفسياً وهذا ما يجعل برأيهم الرجال يبتعدون عني.
د / محمد عويضة أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة الأزهر يقول: الرجل والمرأة كلاهما يحتاج الآخر لإشباع الحاجات العاطفية والجنسية لكن في مجتمعاتنا وجود الرجل بحياة المرأة لا يحقق لها في الغالب تلك الاحتياجات السابقة وإنما يحقق لها شرعية البقاء بحرية في مجتمعات ذكورية بمعنى أن السيدة المتزوجة لا يستطيع أحد من أخواتها الذكور أو حتى والدها التحكم في حياتها أو سلوكياتها لأن هناك رجل مسئول عنها، بفقدان هذا الرجل لأي سبب طلاق أو وفاة تكون السيدة وسلوكياتها موضع اهتمام المحيطين فالجميع يرصد سلوكياتها وينتظر الخطأ، كما أن المرأة الوحيدة هي مطمع للكثير من الرجال الراغبين في استغلال وحدتها، المشكلة أن المجتمع في أحيانٍ كثيرة لا يسمح للمرأة بأن تبدأ حياتها من جديد إذا كانت أرملة أو مطلقة بل يدعوها للموت والانزواء بعيداً وهذا غير سليم لأن المرأة هي التي ينبغي أن تحدد طبيعة حياتها بعد أي تجربة تمر بها.
أقول لكل رجل لا تتزوج امرأة لتقرر لها أنت فربما تختفي لأي سبب أنت يوم من حياتها وتحتاج هي بمفردها أن تدير سفينة الحياة، وأقول لكل سيدة فقدت زوجها بالموت أو طلقت تجربتك ليس معناها النهاية لك عليك البدء من جديد لأن انصياعك لرغبات المحيطين من حولك سيزيد من حدة شعورك بالوحدة أما الفتاة العازبة التي لم تجد رجل مناسب فلتنتظر فلا داعي لأن تدخلي رجل بحياتك إن لم يكن يحمل لكي اختلافا تحتاجينه.