إلى المرأة المسلمة (2)



محيي هادي
2008 / 2 / 8

قرأت التعليقات التي كُتبت تعقيبا على رسالتي الأولى: "إلى المرأة المسلمة". و في الحقيقة أنني فرحت بهذه التعليقات، لأنها جاءت من نسوة، على الرغم من اسلوبها التكفيري. فهذه التعليقات قد أشارت، و بوضوح، بأن الرسالة قد وصلت. إلا أنها دلت على أن المعلقات لم يتعبن أنفسهن من التحقق من صحة محتوى رسالتي، و بأنهن لم يمسكن يوما ابدا كتابا "مقدسا" يتهجم عليهن، أو أنهن قبلن بدونيتهن المكتوبة في هذا الكتاب أو ذاك. و إذا تصفحنا صفحات الانتريت نجد أن هناك نساء يعترفن بأنهن دونيات و ناقصات العقل. و لا أجد حرجا على مثل هؤلاء النسوة، و هل على المجنون و ناقص العقل حرج؟ لكن المسألة تختلف في تلك المرأة التي تقول عن نفسها إنها صاحبة عقل و كيان إنساني.

و ها أنا أشجعهن، إن لم يقرأن بعد، على الرجوع إلى كتاب -صحيح البخاري- ليجدن ما قرأت و كتبت. و كذلك بإمكانهن قراءة كتاب -نهج البلاغة-. و ليقرأن أيضا تفسيرات الرجال، مندوبي الله على الأرض، للقرآن. و هذه الكتب هي نموذج بسيط للكتب الاسلامية التي تطعن في كرامة المراة و كيانها الانساني.
و للعلم أن –صحيح البخاري- قد اعتبرته فئة من المسلمين بأنه "أصح كتاب بعد" القرآن، و أما بالنسبة لـ -نهج البلاغة- فإن هناك من يقول نفس الشيء المقال عن –صحيح البخاري-.

لنقرأ شيئا عما كتبه البخاري في صحيحه عن إهانة المرأة:

* أن النبي (ص) صلى بهم بالبطحاء الظهر ركعتين و العصر ركعتين تمر بين يديه المرأة و الحمار.
و لا تعني كلمة العنزة هنا، الحيوان المعروف.
* خرج علينا رسول الله (ص) بالهاجرة.....فصلى بنا الظهر و العصر و بين يديه عنزة، و المرأة و الحمار يمرون من ورائه.
* حدثنا اسماعيل بن خليل.....عن عائشة، أنه ذكر عندها ما يقطع الصلاة فقالوا يقطعها الكلب و الحمار و المرأة. قالت قد جعلتمومنا كلابا، لقد رايت النبي (ع) يصلي، و إني لبينه و بين القبلة، وأنا مضطجعة على السرير، فتكون لي الحاجة، فأكره أن استقبله فانسل انسلالا.
* قال النبي: "الشؤم في المرأة و الدار و الفرس"
* قال النبي: "إن كان الشيء في شؤم ففي الدار و المرأة و الفرس"
في الحقيقة هناك أحاديث كثيرة عن المرأة، يناقض بعضها بعضا و شأن هذه الأحاديث المتناقضة شأن الأحاديث الأخرى. إلا أن المسلمين و المسلمات يستسلمون لهذه الأحاديث و يعتقدون بها، أو ببعضها تبعا لكونهم من هذه الفئة أو من تلك.

و لنقرأ عما كتب في نهج البلاغة عن تحقير المرأة:

* المرأة شر كلها، و شر ما فيها أنه لا بد منه.
* غيرة المرأة كفر، و غيرة الرجل إيمان.
* الْمَرْأَةُ عَقْرَبٌ حُلْوَةُ اللَّسْبَةِ


قبل بضعة سنوات كتب إمام جامع –فيونخيرولا- في أسبانيا كتابا قال فيه أن الله قد حلل ضرب المرأة و عقابها، معتمدا في قوله على آية موجودة في القرآن تبيح للرجل "الفحل" ذلك. فما كان من السلطات الأسبانية إلا أن تقدمه للمحكمة. و على الرغم من أن هذا الإمام قد ذكر أن المترجم المغربي قد ترجم آراءه خطأ، محاولة منه بالكذب التخلص من السجن، إلا أنه حُكم بسنتين. لكن السلطات الأسبانية عرضت عليه التخلص من السجن إذا قبل حضور دروس تعلمه الانسانية و الآداب و احترام الآخرين. وافق هذا الإمام و هو خافض الراس على ذلك، و أنقذ نفسه من السجن.
و لكن هل ترك الامام اعتقاده بأنه يمكن ضرب المرأة؟ "العلم عند الله!!"

إن المشكلة المهمة التي تواجهها المجتمعات الاسلامية، إضافة إلى مشاكل أخرى، هي الجهل و الأمية، و النساء يواجهن بشكل أكبر بكثير هذه المشكلة، فنسبة الأمية تصل عند النساء إلى أكثر من تسعين بالمئة في بعض الدول الإسلامية. و نتيجة الجهل فإن المرأة تتعرض إلى أنواع كثيرة من الإهانات و المذلة. و قد يمكن لإمرئ ما "السكوت" أو "القبول" من إمرأة جاهلة تقبل بهذا الذل و الإهانات، إلا أنه يصبح صعبا جدا القبول بذلك من إمرأة متعلمة، و يصبح أكثر صعوبة إذا كانت المرأة قد أنهت مرحلتها الجامعية و دخلت معترك الحياة العملية.

و إذ أنا أتحدث عن الجامعات فلا بد لي أن أذكر أن المدارس كانت محرمة "دينيا" على أبناء المجتمعات الاسلامية، بكل فرقها، و بشكل خاص على النساء. كان جهلاء الدين يقولون عنها أنها تدرس الكفر و الإلحاد، عند تدرسيها كروية الأرض....إلخ. إلا أن العلم و مدارسه دحض جهل الجهلاء و أصبحت المدارس "الإلحادية" مرغوبة لكل الناس، رغم أنف هؤلاء الجهلاء. و أصبح الناس يدخلون مدارس العلم أفواجا، بما فيهم أبناء أولئك "المتدينين كلش" الذين حرموا على الغير الذهاب إلى المدارس. إن جهلاء الدين لم يحرموا المدارس لعرقلة التعليم و الإبقاء على الجهل لنشر "دينهم"، بل و شجعوا أيضا كل ما رؤوه من خرافات و خزعبلات في الدنيا، و اقتبسوها من هذا المكان و ذاك، و اعتبروها بأنها معجزات من معجزات الله. (إلههم بالطبع).

إنه إهانة للعقول أن يقبل أحدا كلمات ذل يقولها أناس، مهما كان هؤلاء الناس، و يجعلونها على أنها أمر من الخالق، و يضعونها على لسان هذا الشخص "المقدس" أو ذاك. إنه فعلا لمخجل أن يقبل فردا متعلما أو عاقلا أن تُهان أمه أو أخته أو ابنته، باعتبارها شر لا بد منه، أو أنها تبطل الصلاة، كالحمار و كالكلب، عند مرورها أمام رجل يصلي. و إنه لغباء مكعب أن تقبل أية إمرأة بذلك.

"دكتور الداء البينه منّه و بينه"، هكذا قال المرحوم عزيز علي.

إن التعليقات على رسالتي المذكورة أثبتت أن السقم موجود في تلك المرأة التي تقبل بأن تُهان و لا تستنكر هذه الإهانة، بل تعتبرها من أسس الدين. و أن من يُنبها على ذلك تعتبره "كافرا"، و الكفر براي التكفيرين "عقابه" القتل و نار الجحيم. فتعسا لهذا الفكر المعادي للإنسان. فبالتكفير يُقتل يوميا في العراق على أيدي فاشست الاسلام الوهابيين العشرات من أهلنا الشيعة. و على أيدي "المسلمين" "كلش" تقتل المئات من أهلنا الإيزيدين. أي دين هذا الذي يقتل الآخر. و أي دين هذا الذي يعتبر(خديجة) زوجة نبيه شر، و(فاطمة) زوجة إمامه شر، و (زينب) أخت إمامه شر. أحقا هذا دين الله أم دين الرجال الأشرار، أؤكد الأشرار، الذين وضعوا على لسان الغير كلمات تهين المرأة؟

لقد كتب محمود أبو رية، أحد شيوخ الأزهر، كتابا عنونه بـ - أضواء على السنة المحمدية- بيّن فيه كثيرا من الأحاديث المزيفة التي نسبت إلى النبي محمد. و الحقيقة أن الكتاب جدير بالقراءة، فهو جريء في مجتمع يؤمن بكل ما علق على شماعة النبي، مهما كان هذا الذي عُلق. و في هذا الكتاب و في -شيخ المضيرة- كتاب ثانٍ لهذا الشيخ المصري تم الحديث كثيرا عن أبي هريرة، ذلك الصحابي، الذي لم يصاحب النبي إلا قليلا، و الذي لم يقل كلمة إلا و أصبحت من قدسيات الاسلام. و أظن أن أبا هريرة "المسكين" قد أصبح أيضا شماعة لآخرين علقوا عليها أكاذيبهم و جعلوها أحاديثا نبوية مقدسة.
و لا اشك أبدا بأن كثيرا من الأقوال التي وضعت في فم الإمام علي هي أيضا قد اخترعت كما حدث لأحاديث النبي.
و مهما كانت هذه الأحاديث و الأقوال التي تعتدي على المرأة و تجعلها شر أو تشبهها بالحمار و بالكلب، فإنها أحاديث يجب أن ترفض، حتى و لو كان قائلها النبي او الإمام علي أو أي كان.

إن الأديان السابقة للاسلام قد نسخت بالاسلام، و أن التوراة و الانجيل و كتب مقدسة أخرى قد نسخها القرآن، و إن القرآن كذلك، بعظمة قدسيته، قد نسخ آيات و آيات لا تزال مكتوبة فيه، لأنها أصبحت لا تنفع، لا في الزمان و لا في المكان. فكيف بأقوال أقل قدسية من القرآن يجب أن تُحترم، و هذه الأقوال تسيء إلى هذا و ذاك؟

إن الحياة اليوم هي غير الحياة في الماضي، و إذا كانوا في الماضي قد حللوا العبودية ، مثلا، و التي لا تزال مشروعة في الاسلام و أنها لم تنسخ، فإن الحياة الآن تحرمها. مَن مِن المسلمين الساكنين في دول انسانية يستطيع أن يُجاهر و يتجرأ بأن له عبد أو جارية؟؟

إن المرأة الاسلامية يجب أن تحرر نفسها من عقدة الدونية، و بيدها الحل قبل غيرها.

لا إحترام لمن لا يحترم الآخرين!!! فكيف باحترام الذي يهين أمه و أخته و بنته و شريكة حياته.

أسبانيا
06/08/2008