البنت بتتعلم ليه؟



باسنت موسى
2008 / 2 / 14

تعليم الفتاة ظل لسنوات طويلة محل جدل وصراع داخل كثير من الأسر المصرية، فهناك مَن يرفض فكرة أن تتعلم الفتاة لأن هذا يعني أن تدخل وتخرج كما يقولون بحرية لا يقبلها المجتمع، والبعض الأخر يرى أن تعليم الفتاة مهم لكن لمرحلة بعينها ولتكن حتى المرحلة الثانوية وذلك إيماناً منهم أن التعليم لا تحتاجه الفتاة سوى لتتابع مذاكرة أبناءها في المستقبل، وبعيداً عن كل تلك الأراء فإن المؤسسات التنموية كمؤسسة "اليونيسيف" ترى أن زيادة عدد الفتيات الملتحقات بالتعليم داخل المجتمعات دليل على نمو تلك المجتمعات بشكل إيجابي في مجال التنمية البشرية. واليوم ومن خلال هذا التحقيق لن نسأل خبراء الاجتماع أو مراقبي التنمية البشرية عن الأسباب التي تدفع بالأسرة لتعليم أبنتها أو تدفع بالابنة لاستكمال ما دفعت إليه من قبل أسرتها وإنما سنسأل الفتاة ذاتها، فإلي المزيد.........


مريام 24سنة:- التعليم والحصول على الشهادة في مجتمعاتنا هو نوع من الوجاهة الاجتماعية. فالتعليم بكافة مراحلة لا يضيف لنا كأفراد أشياء إيجابية ملموسة في تفكيرنا أو نمط سلوكياتنا لكنه يضيف لنا في نهاية مشوارنا التعليمي شهادة مختومة بختم حكومي مما يجعلنا نشعر بالفخر. لذلك كله أنا تعلمت لا لشيء سوى رغبتي في أن أكون اجتماعياً جيدة وهذا سيجعلني أحصل على عريس جيد.

وداد 20 سنة :- أنا أحب التعليم وأشعر أنه الطريق الوحيد لكي أكون أفضل في حياتي بشكل عام، لذلك لن أكتفي بشهادة البكالوريوس التي سأحصل عليها بعد عامين لكن هذا ربما يعرضني لبعض المخاطر حيث أنني سأستنزف عمري في التحصيل الدراسي مما قد يعرضني لخطر تأخر الزواج كما أن التعليم يضيف لي كأنثى عدد من الأفكار التي ربما لاتجعلنى أقبل بزوج تقليدي. التعليم بالنسبة للفتاة متعة وإضافة نعم لكنه هم في ذات الوقت علينا كفتيات في مجتمعات تريدنا جاهلات أغبياء لنعيش سعداء.

ميرفت21سنة :- أتعلم لكي أساعد أبنائي في المستقبل، لكن العمل ليس من أسباب إكمالي للتعليم الجامعي فأنا أؤمن أن دوري سيكون زوجة وأم لأبناء ولا أخجل من أن أعترف بهذا الدور. فالرجل يتعلم ليعمل أما أنا أتعلم لكي أصبح مدرسة لأبنائي وعوناً لزوجي فقط ،لديّ مثال من حياتي يوضح تلك الرؤية حيث حصلت أنا في الثانوية العامة على مجموع أهلني للإلتحاق بكلية التجارة وفرح والديّ بهذا وقال لي " أهي شهادة وخلاص" وذلك لأنني كنت لا أرغب في أن أدرس التجارة لكن أخي عندما حصل على مجموع لم يؤهله لدراسة الهندسة كما كان يرغب قام والدي بإلحاقه بأحد الكليات الخاصة لأن التعليم بالنسبة لأخي أو لأي رجل مستقبله العملي الذي يتحدد من خلاله وضعه المالي والاجتماعي.

ماجدة 27 سنة :- أشعر أن التعليم لي كفتاة مهم جداً ليس لأن من خلاله أحصل على وظيفة أو أجني أموال أو أزداد ثقافة وإنما لأن التعليم يجعلني كامرأة أساهم بشكل غير مباشر في حل مشاكل مجتمعي فأنا كمتعلمة أدرك أن إنجاب الأطفال دون رابط أو فهم أمر يسيء لمجتمعي لذلك لن أنجب أكثر من طفلين فقط ،كما أنه من خلال التعليم أدركت أن كوني إمرأة ليس معناه أنه ليس لي حقوق عند الرجل كما تعتقد المرأة غير المتعلمة،بل أدرك أن لي حقوق على الرجل وسأساعده على أن يعترف بها ولو على مستوى زوجي فقط . لو أدركت كل فتاة أن تعليمها يمكن أن يساهم بشكل أو أخر في جعل مجتمعها أفضل حالاً في تقييمه لها كأنثى سنستطيع نحن النساء أن نغير كل ما نراه خطأ في حقنا الإنساني.

سميحة 20 سنة :- نشأت في أسرة شديدة الفقر وأمي كانت لا تقرأ ولا تكتب وهذا أثر في سلبياً بدرجة كبيرة، وعلى الرغم من أني لم أحصل على شهادات سوى الدبلوم الفني إلا أنني أدرك أن التعليم هو الوسيلة الوحيدة لأن يحمي الفرد ذاته مادياً في المستقبل فلا يتعرض للفقر المدقع، لأن التعليم يضيف له خبرة يبيعها لأصحاب الأعمال في صورة ساعات عمل ويحصل مقابلها على أموال تسنده بالحياة، وأنا الآن أخذ دورات تدريبية تدعمني في عملي وأتعلم الجديد لأجعل رئيسي بالعمل دوماً في حاجة لعمالتي لديه.
التعليم أيضاً يجعل المرأة أكثر فهماً فلا تعرض أبناءها للخطر فنتيجة جهل أمي توفي أثنين من أخوتي وهم صغار نتيجة جعلها بالكثير من الأشياء العلمية السليمة التي تتعلق برعاية الطفل فتعاملت معنا بفطرة لأتناسب حاضرنا ولم تؤثر في شخصياتنا بأي شيء إيجابي.

تلك كانت أراء مجموعة من الفتيات المصريات وكل منهن رأت التعليم وأهميته في حياتها من منظورها الخاص للحياة وما ينبغي أن يُحدد فيها من أولويات، لكن يبدو أن المرأة كأنثى يفرض عليها المجتمع شكل إجتماعى بعينه للنجاح في الحياة وهذا الشكل ربما يجعلها تنظر للتعليم ليس على كونه هدف أساسي لحياتها تكتسب من خلاله ما يبنيها كإنسانه تحيا في عالم يحتاج لأفراد مُعَدين بشكل جيد لتحدياته الخطيرة في بعض الأحيان.
التعليم في مجتمعاتنا كنظام يعاني من الكثير من العيوب حيث أصبح يخرج أفواه تردد وعقول فارغة، التعليم لدينا أصبح هدفاً للجميع رجالاً ونساء للحصول على شهادة ورقية فقط وإن كان هذا خطر بالنسبة لكل أبناء المجتمع فأنه أكثر خطورة بالنسبة للمرأة لأن الرجل ربما يمكنه التعلم من الحياة لأنه يتحرك فيها بحرية لكن المرأة لا يمكنها أن تختبر وتجرب بالحياة بسهولة في مجتمعاتنا المغلقة. لذلك ندعو كل إمرأة تخشى أن تختبر الحياة بتجارب حقيقية غير التعليم قد تضيف لها أن تتأمل مقولة كينيث ووكر التي تقول " أننا نتعلم من المهد إلي اللحد أن نستبدل قيمة أنفسنا بالقبول الاجتماعي وتكامل شخصياتنا وأرواحنا بالتكيف الأخلاقي" أي أن ثمن الحصول على الأمن والقبول الاجتماعي ضياع أنفسنا فهل نقبل كنساء بهذا الثمن ؟؟