ما بين عهدي الصمت والكلام؟!



علياء الانصاري
2008 / 2 / 14

في حين من الزمن، كتبت مقالة (البرلمانية) تعبيرا عن أحاسيسي كإمرأة عراقية انتخبت نفرا من مواطني هذا الوطن ليكونوا صوتي في بناء الحياة.

وانفردت (البرلمانية) بكثرة الردود التي وصلتني وغزارة التعليقات وتنوعها فامتدت من الرسائل الالكترونية الى مكالمات هاتفية وتعليقات مباشرة، وللامانة فقد أنفردت ميسون الدملوجي من مجمل البرلمانيات العزيزات بقراءة المقالة والرد عليها ردا أفرحني وجعلني اشعر بالزهو لان هناك من سمعت صوتي وكلفت نفسها عناء الرد، وأجد نفسي مدينة لها وأنا أكتب هذه المقالة بالاحترام!!

ولكن يبدو ان تأثير (البرلمانية) مازال قائما!!

فقبل أيام تلقيت أقسى تعليق جاءني من سيدة فاضلة، اكاديمية مثقفة فحواه: (لماذا نتحدث عن البرلمانيين دوما؟ ماذا كنت فاعلة لو كنتِ مكانهم؟ عندما تصلين الى ما وصلوا اليه... ستصبحين مثلهم)؟!

منذ ذلك اليوم وانا اتساءل مع نفسي: لماذا عندما نقيّم واقعنا ونطرح الافكار يتهمنا الاخرون: (عندما تصبحون في مكانهم تكونون مثلهم؟)، يا ترى لماذا لا نكون في مكانهم ولا نصبح مثلهم؟!

هل هي مقولة هارون الرشيد : (الملك عقيم)؟!

أم هي ثقافتنا التي كونت منظومتنا الفكرية والثقافية وصاغت سلوكياتنا بالشكل الذي نشتكي منه اليوم؟!

لماذا نرفض حتى مجرد فكرة المناقشة فيما يقوم به المسؤول، وفيما اذا فعلنا ذلك ستتكسر اسئلتنا وهي ترتطم بجدار التبريرات الكونكريتي: (البرلمانيون مقيدون، ليس بأيديهم شيء، هناك قوى اكبر منهم تتحكم،...)، لذلك لن اكتب اليوم عن الارهاب والنفط والكهرباء والسياسة وعن قوانين مصيرية استهلكت ردحا من الزمن لم يصوت عليها في حين تم التصويت على رواتب اعضاء البرلمان وتقاعدهم في الجلسات الاولى وبحضور الغالبية، لن اتحدث عن هذا لاني مواطنة بسيطة لا أفهم في هذه الامور، بل سأقترح – كحق مشروع – على من يقرأ أو يسمع من البرلمانيين جملة من الافكار راودت مخيلتي ردحا من الزمن يمتد تأريخه الى اول جلسة أقسم فيها البرلمانيون على الوفاء للعراق وخدمة شعبه.

يا ترى هل البرلمانيون عاجزون عن مشاريع صغيرة تخدم مدنهم كأن يقدم اعضاء البرلمان من محافظة بابل – مثلا – راتبهم لشهر واحد او نصف الراتب او ربعه او 10% منه لمشروع صغير يخدم محافظتهم، كمعمل صغير لتشغيل الارامل، او معمل لتشغيل العاطلين وفي قياسات الربح والخسارة فهم الرابحون (البرلمانيون) من الناحية المعنوية بما يكسبوه من محبة الناس وثقتهم ومن الناحية المادية ستكون لهذه المشاريع ارباحاً تعود على اصحابها بالنفع الكبير.

وربما يقدم اعضاء اخرون لمحافظة اخرى مبلغا معينا من رواتبهم لانشاء صندوق لدعم المشاريع الصغيرة لاعمال تجارية تعطى للنساء فاقدات المعيل او الشباب العاطل على ان يسترد المبلغ بأقساط من الارباح التي سيجنيها المستقرض. وآخرون في مكان آخر ينشأون صندوقا لدعم الطلبة الفقراء في الجامعات، وآخرون يبنون ملجأ للايتام فاقدي الابوين، ضحايا العنف الطائفي ووو....

اتمنى ان لا تكن كلماتي هذه جزءاً من موضة هذا العهد – عهد ما بعد السقوط -، موضة اطلاق الحرية للتعبير عن الرأي والكلام لمن يريد بعد ان كمم الخوف أفواهنا سني ما قبل السقوط، فمن جملة ما يتفضل به المسؤول علينا سماحه لنا بالتعبير عن آرائنا، فأصبحنا أمة نتكلم ولا يوجد من يسمعنا بعد أن كنا امة اذا همست يسمع همسها واذا حلمت سُئلت عن أحلامها فأجادت فن الصمت.