كيف تتخلص المرأة العراقية من مظلوميتها؟



علي جاسم
2008 / 3 / 13

ممالاشك فيه ان المرأة العراقية عانت ومازالت تعاني من الاهمال المتعمد من قبل الدولة منذ تأسيسها ، وتعرضت للتهميش المقصود في كافة المستويات السياسية والثقافية والاجتماعية بالرغم من انها تمتلك جميع المقومات الملائمة التي تمكنها من اخذ مساحة اكبر في بناء الدولة، ولعبت الظروف المأساوية التي عاشها العراق دوراً مشبوهاً في تغيب دورها وطمس هويتها ومنعتها من ممارسة حقوقها المشروعة في الحياة اليومية،ولكن هذه الظروف لم تأثر على قدرتها في التعامل مع المعطيات الاجتماعية والاقتصادية لاسيما بعد انطلاق الحرب العراقية_الايرانية فمنذ انطلاقها وجدت المرأة العراقية نفسها امام مسؤوليات وتحديات كبيرة بعد ان اضطر الجميع لحمل السلاح واخلاء ميادين العمل لها لتكون بديل حقيقي للرجل في سد لقمة العيش ، وكذلك في سنوات الحصار التي اضاقتها طعم العوز والاحتياج وأجبرتها على طرق ابواب المهن والصناعات الشعبية بغض النظر عن مشاقها وصعبوتها فنجدها تعمل لساعات طويلة في الاسواق والمصانع وحتى خدمة المنازل التي لايكفي مردودها المادي لسد احتياجاتها المنزلية خصوصاً النساء الواتي ليس لهن معيل .
وبالرغم من المراحل السابقة اثبتت قدرة المرأة على الصمود امام الظروف الحياتية والمعيشية الصعبة من خلال مشاركتها الرجل في ميادين العمل اليومي وتأقلمها مع مستجدات الحياة السياسية والاجتماعية بكافة ظروفها وتداعياتها ، الا ان ذلك لم يشفع لها من التعرض الى عمليات تعذيب عشوائية على المستوين الجسدي والنفسي لانها من جانب فقدت محبيها واقربائها بسبب سياسة الطيش التي اتبعها النظام البعثي التي ادت الى ثلاثة حروب خاسرة راح ضحيتها ملاين العراقين بين ابن واخ واب وزوج ، ومن جانب اخر فانها تعاني من القسوة والعنف بسبب تسلط الرجل لاسيما في المجتمعات الفقيرة والتي لم تحصل على قدرها من التعليم، هذا هو الواقع المرير للمراة العراقية التي تحملت عبء كبير لسنوات طويلة .
واليوم هل حصلت المراة على حقوقها الشرعية ام انها مازالت مركونة على رف التهميش السياسي والاجتماعي ؟..ان الاجابة على هذا السؤال تحتاج الى متابعة دقيقة للسنوات الخمسة الماضية والتي نجد فيها ان المراة العراقية نالت النصيب الاكبر من المعاناة والتعب بسبب الارهاب ونقص الخدمات وارتفاع الاسعار وقلة المردودات المالية ، ولم تعطى الدور الحقيقي الذي يتناسب مع حجمها في المجتمع و اضيف لها الى جانب القهر الاجتماعي والتخلف والتهميش السياسي والثقافي مضايقات ومتعاب جديدة تتعلق بعمليات القتل العشوائي التي طالتها في مناطق مختلفة من العراق ،ففي محافظة البصرة قتلت اكثر من 140 مراة خلال العام الماضي بسبب التطرف الديني والتعصب ومازال مسلسل الاغتيال قائماً في حين العدد يزداد في اقليم كردستان الذي يتمتع بحرية واسعة ومناطق امنة فان عمليات الانتحار او القتل تزداد بشكل مخيف قد تصل وحسب الاحصاءات الى موت ثلاث نساء يومياً تحت مسمى غسل العار والشرف..وهذا يدلل على الماسي الحقيقة التي تعيشها المراة الان بالرغم من اجواء الديمقراطية التي يتمتع بها العراق والتي اعطتها مساحة عريض داخل البرلمان العراقي بلغت 25% من مقاعد المجلس وهذه النسبة لانجد لها نظير في المحيط العربي .
ان المراة العراقية عانت لسنوات طويلة من مظلومية الانظمة الحاكمة واستبدادها الا انها مازالت تعاني في زمن العراق الديمقراطي ولم يكن لمؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان والمنظمات النسوية دوراً يذكر في توفير ارضية خصبة تمكنها من اخذ مكانتها الحقيقة خصوصاً بعد فشل البرلمانيات داخل مجلس النواب من اعطاء المرأة حقوقها وعدم تمكنهن من رسهم هوية ثابته وواضحة للمرأة العراقية التي انهكتها الحياة في الامس واهدرت كرامتها اليوم في الاستجداء امام محطات تعبئة الوقود عندما تقف في طوابير طويلة بحثاً عن وقود يحميها من برودة الشتاء او وقوفها في الارصفة والاسواق الشعبية لتبتاع الخضار والاطعمة بحثاً عن لقمة العيش او في الشوارع والاشارات المرورية وهي تبيع كرامتها من اجل "250"دينار تعطى لها بمنية ، ينبغي على مؤسسات حقوق المراة والمنظمات الانسانية ان تلعب دوراً فعالاً في الدفاع عن اهم قضية انسانية وهي قضية المراة العراقية التي اصبحت حبيست الشعارات الانتخابية الرنانة التي تطلق باسم الديمقراطية والدفاع عن حقوقها المسلوبة.