غارة نسائية : المبدعة وأنيابهم



اسماء محمد مصطفى
2008 / 4 / 7

لأن نجاح المرأة يغيظ المتخلفين والحاسدين واصحاب الاخيلة المريضة والنيات السيئة ورافضي النجاح الانثوي فقد قاموا بتحريف المقولة السائدة المعروفة (وراء كل رجل عظيم إمرأة اعظم منه ) الى ( وراء كل إمرأة ناجحة كتف رجل ) !!
فقد وضع هؤلاء المرضى المتخلفون المرأة الموهوبة والمبدعة في دوائر اتهاماتهم وتشكيكاتهم الواهية ، إذ يرفضون ( وعن قصد ) الاقتناع او الاعتراف بمقدرة المرأة على التفوق الى درجة تجتاز بها تفوق الرجل ، لذا فهم يلصقون نجاحها برجل او مجموعة رجال ! إذ نسمع اولئك الحجريين يتفوهون بالحماقات حينما تقدم المرأة إنجازاً معيناً في ميدان عملها ، ومن قبيل تلك الحماقات : لم تنجز العمل وحدها بل ساعدها فلان ( الذكر ) ، أو قام فلان ( الذكر ) بالعمل بدلاً عنها .. و .. غير ذلك من الأقوال المجحفة التي يطلقها الفاشلون من كلا الجنسين .
لست اغفل النظر عن بعض النساء اللواتي يستغلن انوثتهن ويتسلقن على الاكتاف من اجل تحقيق نجاح يصنعه لهن الآخرون .. الآخرون الذين غالباً ما تحلو لهم لعبة خداع الناس وهم يصنعون من هذه او تلك اكاذيب قد لاتستمر طويلاً ، فلربما تزول الاكتاف لظرف أو لآخر ، وتنكشف حينذاك حقيقة البالونات وهي تنفجر لمجرد وخزة إبرة .
ولكن بعيداً عن المتسلقات ، أجد من المهم إنصاف المرأة الموهوبة التي تبذل كل طاقاتها من اجل أن تحقق لنفسها ولمجتمعها ولوطنها شيئاً تفخر به ويُسَجل في تأريخها الشخصي .. هذه المرأة التي تتحدى كل المتاعب المحيطة بها من اجل ان تعيل اسرتها او نفسها في عالم صعب مادياً من ناحية ، ومن اجل ان تحقق نجاحاً معنوياً من ناحية اخرى .. هذه المرأة التي تقدم عصارة روحها وفكرها من اجل الابداع ، يصبح ( امتيازها وتميزها محنة )! في عين زميل مغتاظ أو زميلة ادنى منها نجاحاً ..
انصفوها .. انصفوا المرأة الموهوبة الصادقة التي لاتحتاج الى ( كتف رجل ) إلاّ للحب وليس لشيء آخر ..
إنصفوها وكفاكم لغواً ، واصلحوا مقولتكم ( الخرافية ) ، وإنفضوا عن رؤوسكم غبار التخلف ، واستبدلوا انيابكم بأسنان بشرية اعتيادية ، فالأنياب لابد أن تنكسر أمام صدق المرأة المبدعة ، وعند ذاك تدوس المرأة عليها وتسحقها بقدميها ..
إنصفوها ، وإسألوا انفسكم ألا يوجد رجال يصعدون على أكتاف النساء؟

(2) الحب يأتي دائماً :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الحب يأتي دائماً ..
كتبها في أول السطر .. على أول صفحة من كتاب القلب .
قال لها :
ـ إحفظيها حكمة .. حكمة تمسح دموعك إذا ماغاب قلبي عنك ذات مساء خريفي حزين .
تساءلت :
ـ لماذا يغيب قلبك في أجمل الفصول ؟!
لم يجب .. وغاب .. نسي أن يكتب لها كلمة ما قبل غيابه في الأفق .. صارت اول صفحة من القلب سوداء .. سوداء بحبر تلك الكلمة .
***
ظهر رجال كثيرون كتبوا على الصفحات المتبقية من كتاب قلبها كلمات أسموها حكماً .. ربما هي نبض الجنون ..
قالت إنّ كلَّ رجلٍ منهم أعلمها بسرٍ من اسرار الرجال ، لكن أياً منهم لم يعرف سرها ..
إنها إمراة صقلتها العصور ، وعلمتها التجربة أن تكون شهرزاد التي لاتذبَح بخنجر شهريار ..
لم تشأ أن تذبحهم ، لكن قدرهم قادهم الى إمرأة يسكنها مضاد للحب .
حملت خنجر شهريار ، لتحمي قلبها من الانكسار ومن سلطان تلك الجملة التي قيل إنها حكمة : الحب يأتي دائماً ..
كانت جراحهم تئن في قلبها ، فتبكي جراحها ، وتوقظ كابوس أول انكسار اصابها بيد رجل الحكمة الاولى ، حتى إذا ما مرّت سنوات طوال على غيابه، وتفتتت ملامح وجهه في ذاكرتها ، عادت خطواته لتلصق شظايا ملامحه في عينيها .
ـ كأني عبثاً أحاول البحث عن عيني تلك المرأة الفقيرة الى الحكمة .
قال لها ذلك حين جمعهما مساء خريفي آخر .. حاول الرجل أن يدون اعترافاً على ماتبقى من صفحات غير مملوءة بالكلمات :
ـ عدت ، لأنني احببتك فعلاً ، وحين رأيتك اكتشفت إنّ عليّ أن أبدأ قصة حب جديدة مع إمرأة أخرى هي انت .
لكن شهرزاد أغتالت كلماته قبل ان يكتبها ، وأوصدت أذنيها عن سماع حكاياته ، فسكت عن الكلام المباح .. وحولته الى مرآة لخنجرها ..
ومازالت آخر صفحة من كتاب قلبها بيضاء ..
بلا كلمات ..
بلا سطور ..
لكن فيها ألف حكمة وحكمة .. لأنّ الحب لايأتي دائماً ..